"
كان مالِكُ بنُ نُوَيرةَ قد صانَعَ سَجاحَ حينَ قَدِمَت من أرضِ الجزيرةِ، فلمَّا اتَّصَلت بمُسَيلِمةَ الكَذَّابِ، ثمَّ ترحَّلَت إلى بلادِها، نَدِمَ مالِكٌ على ما كان من أمرِه، وتلَوَّم في شأنِه، وهو نازِلٌ بمكانٍ يقالُ له: البِطاحُ، فقَصَدَها خالدٌ بجُنودِه وتأخَّرت عنه الأنصارُ، وقالوا: إنَّا قد قَضَينا ما أمَرَنا به الصِّدِّيقُ، فقال لهم خالِدٌ: إنَّ هذا أمرٌ لا بدَّ مِن فِعْلِه، وإنَّه لم يأتِني فيها كتابٌ، وأنا الأميرُ وإليَّ تَرِدُ الأخبارُ، ولستُ بالذي أجبُرُكم على المسيرِ، وأنا قاصِدٌ البِطاحَ، فسار يومينِ ثمَّ لَحِقَه رسولُ الأنصارِ يَطلُبون منه الانتِظارَ، فلَحِقوا به، فلمَّا وَصَل البِطاحَ وعليها مالِكُ بنُ نُوَيرةَ، بَثَّ خالِدٌ السَّرايا في البِطاحِ يَدْعونَ النَّاسَ، فاستقبَلَه أمراءُ بني تميمٍ بالسَّمعِ والطَّاعة، وبَذَلوا الزكَواتِ، إلَّا ما كان من مالكِ بنِ نُوَيرةَ؛ فإنَّه متحيِّرٌ في أمرِه، مُتَنَحٍّ عن النَّاسِ، فجاءته السَّرايا فأسَروه وأسَروا معه أصحابَه، واختَلَفت السَّرِيةُ فيهم؛ فشَهِدَ أبو قتادةَ -الحارثُ بنُ ربعيٍّ الأنصاريُّ- أنَّهم أقاموا الصَّلاةَ، وقال آخرون: إنَّهم لم يؤذِّنوا ولا صَلَّوا، فيقالُ: إنَّ الأُسارى باتوا في كُبولِهم في ليلةٍ شديدةِ البردِ، فنادى منادي خالدٍ: أنْ أَدْفِئوا أَسْراكم، فظَنَّ القومُ أنَّه أراد القَتلَ، فقتلوهم، وقَتَل ضرارُ بنُ الأزوَرِ مالِكَ بنَ نُوَيرةَ، فلمَّا سَمِعَ الدَّاعية خرجَ وقد فرَغوا منهم، فقال: إذا أراد اللهُ أمرًا أصابه، ودخل خالِدٌ على أبي بكرٍ فاعتَذَر إليه فعَذَره وتجاوزَ عنه ما كان منه في ذلك، ووَدَى مالِكَ بنَ نُوَيرةَ. "
كان مالِكُ بنُ نُوَيرةَ قد صانَعَ سَجاحَ حينَ قَدِمَت من أرضِ الجزيرةِ، فلمَّا اتَّصَلت بمُسَيلِمةَ الكَذَّابِ، ثمَّ ترحَّلَت إلى بلادِها، نَدِمَ مالِكٌ على ما كان من أمرِه، وتلَوَّم في شأنِه، وهو نازِلٌ بمكانٍ يقالُ له: البِطاحُ، فقَصَدَها خالدٌ بجُنودِه وتأخَّرت عنه الأنصارُ، وقالوا: إنَّا قد قَضَينا ما أمَرَنا به الصِّدِّيقُ، فقال لهم خالِدٌ: إنَّ هذا أمرٌ لا بدَّ مِن فِعْلِه، وإنَّه لم يأتِني فيها كتابٌ، وأنا الأميرُ وإليَّ تَرِدُ الأخبارُ، ولستُ بالذي أجبُرُكم على المسيرِ، وأنا قاصِدٌ البِطاحَ، فسار يومينِ ثمَّ لَحِقَه رسولُ الأنصارِ يَطلُبون منه الانتِظارَ، فلَحِقوا به، فلمَّا وَصَل البِطاحَ وعليها مالِكُ بنُ نُوَيرةَ، بَثَّ خالِدٌ السَّرايا في البِطاحِ يَدْعونَ النَّاسَ، فاستقبَلَه أمراءُ بني تميمٍ بالسَّمعِ والطَّاعة، وبَذَلوا الزكَواتِ، إلَّا ما كان من مالكِ بنِ نُوَيرةَ؛ فإنَّه متحيِّرٌ في أمرِه، مُتَنَحٍّ عن النَّاسِ، فجاءته السَّرايا فأسَروه وأسَروا معه أصحابَه، واختَلَفت السَّرِيةُ فيهم؛ فشَهِدَ أبو قتادةَ -الحارثُ بنُ ربعيٍّ الأنصاريُّ- أنَّهم أقاموا الصَّلاةَ، وقال آخرون: إنَّهم لم يؤذِّنوا ولا صَلَّوا، فيقالُ: إنَّ الأُسارى باتوا في كُبولِهم في ليلةٍ شديدةِ البردِ، فنادى منادي خالدٍ: أنْ أَدْفِئوا أَسْراكم، فظَنَّ القومُ أنَّه أراد القَتلَ، فقتلوهم، وقَتَل ضرارُ بنُ الأزوَرِ مالِكَ بنَ نُوَيرةَ، فلمَّا سَمِعَ الدَّاعية خرجَ وقد فرَغوا منهم، فقال: إذا أراد اللهُ أمرًا أصابه، ودخل خالِدٌ على أبي بكرٍ فاعتَذَر إليه فعَذَره وتجاوزَ عنه ما كان منه في ذلك، ووَدَى مالِكَ بنَ نُوَيرةَ. "
الأقسام الرئيسية
الأكثر مشاهدة من نفس التصنيف
الرأي الأخر
0