أعوز الصبر فهل لي من طريق


يتأدى بي إلي ركنٍ وثيق


أعوز الصبر وأضناني الهوى


مذ جفاني ذلك الظبي الرشيق


ففؤادي يتلظى حرقاً


وجفوني سفحٌ ما تستفيق


آه من قلبي وعيني فهما


أحوجا أمري إلى هذا المضيق


وأنا بينهما ممتحنٌ


بئس والله رفيقاي رفيق


كلما أضرم أذرت أدمعاً


فأنا بين حريقٍ وغريق


وغلى الله شكاتي منهما


كلفاني شططاً مالا أطيق


بالغضا نحن وهم حلوا العقيق


أين من وادي الغضا بطن العقيق


لهم عهد دموعي أن ترى


ما أقاموا ابلعقيقين عقيق


كلما بكيتهم قالوا: الغريق


أو تنفّست لهم صاحوا: الحريق


ولقد أذكر عهدي بالحمى


إنه والله بالذكرى خليق


ذاك غذ غصن الشباب مونق


لين المعطف فينانٌ وريق


يا سقى الله عشيات الحمى


فلقد كانت من العيش أنيق


نتعاطي أكؤس الحب على


وجه دهرٍ بالمسرات طليق


نصل السكر إلى السكر ولا


نتقي قول عدوٍّ وصديق


وإذا ما عذلوا قلنا لهم


نحن عاهدنا الهوى لا نفيق


من شرابٍ يدع الشيخ إذا


ذاقه في سلخ هذار فتيق


وإذا طالعتها ارتبست فا


م تتحقق: أحريق أم رحيق


فهي في الكاس العقيق ولها


حببٌ تحسبه درّاً فليق


ويرى الساقي إذا أترعها


ملأ الكأس من الراس سحيق


بين غزلانٍ يعاطون الهوى


ويعاطون رفيقاً عن رفيق


ذاك إذ مصطفانا سقط اللوى


ومشانينا على رمل الشفيق


لم يرعنا روحة الركب ولا


رحلة الحيّ ولا ظعن الفريق


هكذا كنّا إلى أن نعقت


عقب الدهر وللدهر نعيق


فاستجرنا منه بالمولى الذي


هو في عدّ مواليه الرفيق


وتظلّمنا إليه منه إذ


يشتكي العبد إلى المولى الرفيق


مجددين الله مرجوع الورى


ناصر الإسلام مولانا الشفيق


من له الهيبة والأنس معاً


والندى المطلق والرأي الزنبق


دانت الدنيا وأهلوها له


ولقد كان بهذاك حقيق


ورث السؤدد عن آبائه


وهم صيابة المجد العريق


لم يدنّس بطشه إيعاده


لا ولا إحسانه وعدٌ مذيق


قل لمن رام مدى رتبته


عد عنها فهي في قلّة نيق


خور المنية تعتاقك أن


ترتقي في ذلك الطود الزليق


زحمة الفى على سدتة


زحمة الوفد على البيت العتيق


هتف الجود بهم فازدحموا


من ذرى أرعن أوفجّ عميق


وإذاما ابتدروا قابلهم


بمحياً ذي رواءٍ وبريق


يضع المعروف في موضعه


ويرى المنكر مما لا يليق


لا يجازي المكر علماً أنه


سيء المكر بأهليه يحيق


منصب عالٍ ومجد باسق


ونهىً ناهٍ وكفّ لا تليق


كلّ هذاك وزهد خشن


وتقى غالٍ وإخفات صفيق


هاهو الزهد يقيناً لا الذي


حدثوه عن جنيدٍ وشقيق


هو عن مقدرةٍ باطشةٍ


والذي حدثت عن ضرٍّ وضيق


إنما الزهد هو العفة لا


جبة زرقاء أو رأسٌ حليق


انظروا بالله في أحواله


هل لما يأتيه في الدنيا مطيق


قطعت هيبته أعداءه


بحسام في يد الدهر ذليق


وحصى الخذف إذا رامى بها


رضحت مثل صخور المنجنيق


المعالي والمساعي هذه


فاحتفظها الأبنيات الطريق


مجد دين الله هذي دعوة


غرفت من حافتي طبعٍ رفيق


لم يقاس الكد في صنعها


دأب من ليس له بلة ريق


ورعاها الشيح والبهمى معاً


فيض طبعٍ لم يماطلها العليق


لزم الياء قبيل القاف في


كل بيتٍ منه بالصنع الدقيق


هزة الأحباب فيها والعدى


لهم فيها زفير وشهيق


فتقبلها فقل أحسنت كي


يكتسي خداي من نور الشقيق


ليس أحسنتك أحسنت الورى


فبأسحنتك يبتاع الدقيق


وابق واسلم ما تجلّى لامرئ


فرق ما بين صهيل ونهيق