logo logo

مجلة شهرية عربية عالمية , مجلة البيلسان

أهلا بكم

العنوان : شارع

Call: 960-963-963 (Toll-free)

[email protected]
شعراء العصر العباسي

قصيدة أَسفَرَ عَن بَهجَتِهِ الدَهرُ الأَغَرْ الشاعر ابن وكيع التنيسي

أَسفَرَ عَن بَهجَتِهِ الدَهرُ الأَغَرْ


وَاِبتَسَمَ الرَوضُ لَنا عَنِ الزَهَرْ


أَبدى لَنا فَصلُ الرَبيعِ مَنظَراً


بِمِثلِهِ تُفتَنُ أَلبابُ البَشَرْ


وَشياً وَلكِن حاكَهُ صانِعُهُ


لا لِاِبتِذالِ اللُبسِ لكِن لِلنَظَرْ


عايَنَهُ طَرفُ السَماءِ فَاِنثَنى


عِشقاً لَهُ يَبكي بِأَجفانِ المَطَرْ


فَالأَرضُ في زِيِّ عَروسٍ فَوقَها


مِن أَدمُعِ القَطرِ نِثارٌ مِن دُرَرْ


وَشيٌ طَواهُ في الثَرى صِوانُهُ


حَتّى إِذا مَلَّ مِنَ الطَيِّ نَشَرْ


أَما تَرى الوَردَ كَخَدّيْ كاعِبٍ


راوَدَها فَاِمتَنَعَت مِنهُ ذَكَرْ


كَأَنَّما الخَمرُ عَلَيهِ نَفَضَت


صِباغَها أَو هِيَ مِنهُ تُعتَصَرْ


أَخجَلَهُ النَرجِسُ إِذ جادَلَهُ


فَاِحمَرَّ مِن فَرطِ حَياءٍ وَخَفَرْ


قالَ لَهُ العَينُ وَما الخَدُّ لَها


مُوازِناً في عُظمِ قَدرٍ وَخَطَرْ


ماذا الَّذي يُرجى لِخَدٍّ بَهيجٍ


مُستَحسَنٍ صاحِبُهُ أَعمى البَصَرْ


فَاِحمَرَّ مِن حُجَّتِهِ إِذ ظَهَرَت


وَالحَقُّ لا يُدفَعُ يَوماً إِن ظَهَرْ


وَاِنظُرْ إِلى النارَنجِ في بَهجَتِهِ


يَلوحُ في أَفنانِ هاتيكَ الشَجَرْ


مَثَلَ دَنانيرِ نُضارٍ أَحمَرٍ


أَو كَعَقيقٍ خُرِطَتْ مِنهُ أُكَرْ


وَاِنظُرْ إِلى المَنثورِ في مَيدانِهِ


يَرنو إِلى الناظِرِ مِن حَيثُ نَظَرْ


كَجَوهَرٍ مُختَلِفٍ أَلوانُهُ


أَسلَمَهُ سِلكُ نَظامٍ فَاِنتَثَرْ


كَأَنَّ نَورَ الباقِلاءِ إِذ بَدا


لِناظِريهِ أَعيُنٌ فيها حَوَرْ


كَمِثلِ أَلحاظِ اليَعافيرِ إِذا


رَوَّعَها مِن قانِصٍ فَرطُ الحَذَرْ


كَأَنَّهُ مَداهِنٌ مِن فِضَّةٍ


أَوساطُها بِها مِنَ المِسكِ أَثَرْ


كَأَنَّها سَوالِفٌ مِن خُرَّدٍ


قَد زَيَّنَت بَياضَها سودُ الطُرَرْ


وَاِنظُر إِلى الأَطيارِ في أَرجائِهِ


إِذا دَعا الثاكِلُ مِنها وَصَفَرْ


كَأَنَّها تَصفِرُ في رِياضِها


سِربُ قِيانٍ فَوقَ بُسطٍ مِن حِبَرْ


فَاِنهَض إِلى اللَهوِ وَلَذّاتِ الصِبا


لامَكَ مَن يَعذِلُ فيها أَو عَذَرْ


فَقَلَّما يُغنيكَ مَن يَعذِلُ في


ما تَشتَهي حَتّى تُواريكَ الحُفَرْ


فَكَيفَ هِجرانُ اللَذاذاتِ وَلَم


يَبدُ نَهارُ الشَيبِ في لَيلِ الشَعَرْ


وَالنُسكُ في عَصرِ الصِبا كَأَنَّهُ


مِن قُبحِهِ خَلعُ عِذارٍ في الكِبَرْ


يا لائِماً يَعذِلُني في طَرَبي


حَسبُكَ قَد أَكثَرتَ مِن هذا الهَذَرْ


أَعرِفُ فَضلَ العَقلِ إِلّا أَنَّهُ


لِعَيشِ مَن آثَرَهُ عَينُ الكَدَرْ


الجَهلُ يَنبوعُ مَسَرّاتِ الفَتى


وَالعَقلُ يَنبوعُ الهُمومِ وَالفِكرْ


فَاِجسُر عَلى ما تَشتَهي جَهالَةً


ما فازَ بِاللَذاتِ إِلّا مَن جَسَرْ


وَاِشرَب عُقاراً لَو أَصابَت حَجَراً


لَطارَ مِن خِفَّتِهِ ذاكَ الحَجَرْ


عَدُوَّةَ الحُزنِ الَّذي ما ظَفَرَت


قَطُّ بِهِ إِلّا أَساءَت في الظَفَرْ


لَو رامَ أَن يُجيرَهُ مِن كَيدِها


صَرفُ الزَمانِ الحَتمُ يَوماً ما قَدَرْ


أَرَقَّها الدَهرُ إِلى أَن شاكَلَت


مِن رِقَّةٍ شِعرَ جَميلٍ وَعُمَرْ


خَفِيَّةَ الحيلَةِ في جِسمِ الفَتى


تُحدِثُ في الجِسمِ دَبيباً وَخَدَرْ


كَأَنَّما الأَوطارُ فيها جُمِّعَت


فَلَيسَ في العَيشِ لَجافيها وَطَرْ


لا سِيِّما مِن كَفِّ ظَبيٍ لَم يُشَن


بِفَرطِ طولٍ لا وَلا فَرطِ قِصَرْ


لَهُ سِهامٌ مِن لِحاظٍ صُيَّبٍ


كَأَنَّما يَرمينَ عَن قَوسِ القَدَرْ


مُزَنَّرٍ شَكَّكَني في دينِهِ


حَتّى أَحَلتُ الكُفرَ فيمَن قَد كَفَرْ


لِأَنَّهُ كَالحورِ في تَصويرِهِ


وَالحورُ لا يُسكِنُها اللَهُ سَقَرْ


لَو لَم يَكُن زُنّارُهُ في وَسطِهِ


يُمسِكُ ضَعفَ الخَصرِ مِنهُ لَاِنبَتَرْ


وَبانَ مِنهُ نِصفُهُ عَن نِصفِهِ


لكِنَّهُ جاءَ لَهُ عَلى قَدَرْ


إِن قُلتُ يَحكي قَمَراً عَنَّفَني


عَقلٌ لَهُ أَعدَمَهُ عِندَ القَمَرْ


أَنّى يُوازيهِ وَهذا ناطِقٌ


وَذاكَ إِن خوطِبَ لَم يَنطِق حَصَرْ


يا لَكَ مِنهُ مَنظَراً أَشهى إِلى


قَلبِيَ مِن جَنَّةِ عَدنٍ أَو أَسَرّْ


يا طيبَ ذي الدُنيا لَنا مَنزِلَةً


لَو لَم نَكُن نُزعَجُ مِنها بِسَفَرْ