logo logo

مجلة شهرية عربية عالمية , مجلة البيلسان

أهلا بكم

العنوان : شارع

Call: 960-963-963 (Toll-free)

[email protected]
شعراء العصر المملوكي

قصيدة مَا بعد فقدك لي أنس أرجيه الشاعر صلاح الدين الصفدي

مَا بعد فقدك لي أنس أرجيه


وَلَا سرُور من الدُّنْيَا أقضيه


إِن مت بعْدك من وجد وَمن حزن


فَحق فضلك عِنْدِي من يُوفيه


وَمن يعلم فِيك الْوَرق أَن جهلت


نواحها أَو تناسته فتمليه


إِمَّا لطافة أنفاس الرياض فقد


نسيتهَا غير لطف كنت تبديه


وَأَن ترشفت عذب المَاء اذْكُرْنِي


زلاله خلقا قد كنت تحويه


يَا راحلاً فَوق أَعْنَاق الرِّجَال وأجفان الملائك تَحت الْعَرْش تبكيه


وذاهباً سَار لَا يلوي على أحد


وَالذكر ينشره واللحد يطويه


وماضياً غفر الله الْكَرِيم لَهُ


باللطف حاضره مِنْهُ وباديه


وَبَات بالحور والرضوان مشتغلاً


إِذْ أَقبلت تتهادى فِي تلقيه


حَتَّى غَدا فِي جنان الْخلد مبتهجاً


وَالْقلب بالحزن يفنى فِي تلظيه


لهفي على ذَلِك الشَّخْص الْكَرِيم وَقد


دَعَاهُ نَحْو البلى فِي الترب داعيه


وحيرتي فِيهِ لَا تقضي عَليّ وَلَا


تقضي لواعجها حَتَّى أوافيه


أجْرى الأسى عبراتي كالعقيق وَقد


اصم سَمْعِي وأصمى الْقلب ناعيه


يَا وَحْشَة الدَّهْر فِي عين الْأَنَام فقد


خلت وُجُوه اللَّيَالِي من مَعَانِيه


ووحشة الدَّهْر أَن تنثر ملاءته


وَلم تطرز حواشيها أمالية


يَا حَافِظًا ضَاعَ نشر الْعلم مِنْهُ إِلَيّ


أَن كَاد يعرفهُ من لَا يُسَمِّيه


صان الرِّوَايَة بِالْإِسْنَادِ فامتنعت


ثغورها حِين حاطتها عواليه


واستضعفت بارقات الجو أَنْفسهَا


فِي فهم مشكلة عَن أَن تجاريه


حفظت سنة خير الْمُرْسلين فَمَا


أَرَاك تمسي مضاعاً عِنْد باريه


لله سعيك من حبر تبحر فِي


علم الحَدِيث فَمَا خابت مساعيه


وَهل يخيب معَاذ الله سعى فَتى


فِي سنة الْمُصْطَفى أفنى لياليه


يَكْفِيهِ مَا خطه فِي الصُّحُف من مدح النني


يَكْفِيهِ هَذَا الْقدر يَكْفِيهِ


عز البُخَارِيّ فِيمَا قد أُصِيب بِهِ


مَاتَ الَّذِي كَانَ بَين النَّاس يدريه


كَأَنَّهُ مَا تحلى سمع حاضره


بِلَفْظِهِ عِنْد مَا يرْوى لآليه


رِوَايَة زانها مِنْهُ بِمَعْرِِفَة


مَا كل من قَامَ بَين النَّاس يرويهِ


يَا رحمتاه لشرح التِّرْمِذِيّ فَمن


يضم غربته فِينَا ويؤويه


لَو كَانَ أمهله دَاعِي الْمنون إِلَى


أَن تَنْتَهِي فِي أَمَالِيهِ أمانيه


لَكَانَ أهداه روضاً كُله زهر


أنامل الْفِكر فِي مَعْنَاهُ تجنيه


من للقريض فَلم أعرف لَهُ أحدا


سواهُ رقت بِهِ فِينَا حَوَاشِيه


مَا كَانَ ذَاك الَّذِي تَلقاهُ ينظمه


شعرًا وَلكنه سحر يعانيه


يهز سامعه حَتَّى يخيل لي


كأس الحميا إدارتها قوافيه


وَمن يمر على القرطاس رَاحَته


فينبت الزهر غضاً فِي نواحيه


مَا كل من خطّ فِي طرس وسوده


بالحبر تَغْدُو بِهِ بيضًا لياليه


وَلَا تخل كل من فِي كَفه قلم


إِذا دَعَاهُ إِلَى معنى يلبيه


هَيْهَات مَا كَانَ فتح الدّين حِين مضى


وَالله إِلَّا فريداً فِي معاليه


كم حَاز فضلا يَقُول الْقَائِلُونَ لَهُ


لَو حازك اللَّيْل لابيضت دياجيه


لَا تسْأَل النَّاس سلني عَن خلائقه


لتأْخذ المَاء عني من مجاريه


مَاذَا أَقُول وَمَا للنَّاس من صفة


محمودة قطّ إِلَّا ركبت فِيهِ


كَالشَّمْسِ كل الورى يدْرِي محاسنها


وَالْكَاف زَائِدَة لَا كَاف تَشْبِيه


سقى الْغَمَام ضريحاً قد تضمنه


صوباً إِذا انهل لَا ترقى غواديه


وباكرته تحيات نوافحها


من الْجنان تحييه فتحييه