logo logo

مجلة شهرية عربية عالمية , مجلة البيلسان

أهلا بكم

العنوان : شارع

Call: 960-963-963 (Toll-free)

[email protected]
الجغرافيا

التعرية Denudation or Erosion

التعرية Denudation or Erosion

مقدمة :

التعرية عملية نحت السطح ونقل مواده من مكان إلى آخر وإرسابها فى مكان جديد، ومن ثم تمر عملية التعرية بثلاثة مراحل، وبالتالى تختلف اختلافاً واضحاً عن التجوية التى تفكك الصخر ولكن لا تحرك موادها، مما يعنى أن هذه العملية تعنى الهدم والبناء، وبالتالى يستخدم كثير من الكتاب تعبير Denudation  للدلالة على الهدم والبناء، بينما يعنى تعبير Erosion  النحت والهدم فقط، وتتمثل عوامل التعرية فى خمسة عوامل هى  المياه الجارية ، المياه الجوفية ، الرياح ، الأمواج ، الجليد.

أولاً: المياه الجارية : Running Water

إننا فى حياتنا نعتمد اعتماداً كبيراً على المياه الجارية، ومع ذلك فإن مصدرها حير الإنسان لعدة قرون؛ فحتى قبل القرن السادس عشر لم يكن معروف مصدر المياه الجارية سواء من الجريان السطحى أوالمياه الجوفية، واللذان يتلقيان مياههما من الأمطار أو ذوبان الثلوج. ويتدفق الجريان السطحى Run off أساساً فى فراشات واسعة رقيقة عبر الأرض تسمى التدفق الفرشى Sheet Flow، إن كمية المياه التى تجرى سطحياً بهذه الطريقة لابد أن تكون أكثر مما يتسرب إلى باطن الأرض اعتماداً على قدرة التسرب Infiltration Capacity فى التربة.

تتحكم عدة عوامل في طاقة التسرب منها :

1– كثافة ومدة التساقط.

2– حالة الرطوبة السابقة بالتربة.

3- نسيج التربة.

4-  إنحدار الأرض.

5– طبيعة الغطاء النباتى.

وعندما تتشبع التربة يبدأ التدفق الفرشى كطبقة لا يزيد سمكها عن ملليمترات قليلة، وبعد أن تتدفق المياه فى فرشة رقيقة غير محددة لمسافة قصيرة، تتطور إلى تيارات خيطية وقنوات متناهية الصغر تسمى مسيلات Rills تلك التى تحمل المياه لمجارى أكبر تسمى الجداول Gullies، وتتجمع هذه الجداول وتكون روافد Branches أو مجارى Streams وهى أكبر من الجداول ولكنها أقل من النهرRiver .

تدفق المجرى : Streamflow

تتدفق المياه بطريقتين: أولهما تدفق صفحى Laminar Flow وثانيهما تدفق عنيف Turbulant Flow، وعندما تكون الحركة صفحية تتدفق جزيئات المياه فى ممرات مستقيمة وتكون موازية للقناة، وتتحرك جزيئات الماء بثبات أسفل المجرى بدون اضطرابات، وبالعكس عندما يكون التدفق عنيف تتحرك المياه فى نمط شاذ ومشوش ويتميز غالبا بالدوامات. إن سرعة المجرى عامل أولى ويحدد نوع التدفق إما صفحى أو عنيف، ويكون التدفق الصفحى محتمل فقط عندما تتحرك المياه ببطء جداً خلال قناة ملساء.

إما إذا زادت سرعة القناة وأصبحت خشنة، يتغير التدفق الصفحى إلى تدفق عنيف، وتكون حركة المياه فى المجرى سريعة وتتدفق بعنف، وأن حركة التدفق العنيف متعددة الاتجاهات ومؤثرةً جداً فى نحت قناة المجرى وفى حفظ الرواسب معلقة فى الماء وتنتقل إلى الجزء الأدنى من المجرى، وتأخذ المياه المتدفقة طريقها إلى البحر تحت تأثير الجاذبية، وتتدفق المجارى البطيئة بسرعة أقل من كيلو متر واحد/ ساعة، بينما المجارى السريعة تزيد سرعتها عن 30 كيلو متر/ ساعة، وتقاس بسرعة من خلال محطات قياس فى مواضع عديدة على طول المجرى ثم تأخذ متوسطات، وذلك لأن معدل حركة المياه فى المجرى غير منتظم على طول المجرى.

عندما يكون المجرى مستقيم تزيد السرعات فى المركز تحت السطح مباشرة حيث يقل الاحتكاك، بينما تحدث السرعات الدنيا حيث يوجد أعلى احتكاك ، والشكل رقم (32) يوضح تأثير قطاع المجري علي سرعة التيار، وعندما تكون قناة المجرى ملتوية أو منحنية فإنه لا يوجد التدفق الأسرع فى الوسط، أكثر من ذلك يتغير نطاق السرعة القصوى نحو الجانب الخارجى من كل ثنية، ويلعب هذا التغير جزءاً هاماً فى نحت قناة المجرى على هذا الجانب.

إن قدرة المجرى على نحت ونقل المواد تتوقف مباشرة على سرعة تياره، وحتى التغيرات الطفيفة فى سرعة التيار يمكن أن تقود إلى تغيرات هامة فى حمولة الرواسب التى تستطيع المياه نقلها، حيث توجد عوامل عديدة تحدد سرعة المجرى وتتحكم فى قدرته على النحت، وتشمل هذه العوامل ما يلى :1– انحدار المجرى.                    2– التصريف.

3– شكل وحجم خشونة القناة.

 1- انحدار المجرى : Gradient of Channel

يعتبر انحدار المجرى واحداً من أهم العوامل التى تتحكم فى سرعة المجرى، أو ما يعرف بميل قناة المجرى Slope of Stream Channel، ويعبر عن الانحدار كسقوط رأسى للمجرى فى مسافة ثابتة. ويتغير الانحدار نوعا من مجرى إلى آخر، كما يتغير من مكان إلى آخر على طول مسار المجرى الواحد، فمثلاً يبلغ الانحدار فى الجزء الأدنى من نهر المسيسبى حوالى 10 سم/ كيلو متر أو أقل، ولكن بعض روافده الجبلية يبلغ انحدارها 40 متراً / كيلو متر، أى حوالى 400 مرة أو أكثر من المنطقة القريبة من المصب، وبالتالى فإنه مع زيادة الانحدار تزيد قدرة  تدفق المجرى، فلو تساوى مجريان فى كل الخصائص باستثناء الانحدار فأكثرهم انحداراً أكثرهم سرعة.

2ـ شكل وحجم وخشونة القناة:

إن شكل المقطع العرضى للمجرى يحدد كمية المياه التى تحتك بجوانبه، ومن ثم تؤثر فى مقاومة الاحتكاك، إن المجرى الفعال هو ذلك الذى يكون محيطه أقل بالنسبة لمقطعه العرضى، ففى الشكل رقم (22) يوجد نموذجين لمقطعين عرضيين متساويين فى المساحة، ولكن الشكل شبه الدائرى تحتك مياهه مع القاع والجانبين بنسبة أقل، وبالتالى تنخفض به نسبة الاحتكاك، ونتيجة لذلك إذا تساوت كل العوامل الأخرى فإن المجرى شبه الدائرى تتدفق المياه به بمعدل أسرع من المجري الآخر.

ويؤثر حجم وخشونى المجرى أيضاً فى كمية الاحتكاك، فالزيادة فى حجم المجرى يقلل نسبة المحيط بالنسبة لمساحة المقطع العرضى، ولذلك تزيد فاعلية التدفق، إن تأثير الخشونة واضح ؛ حيث أن نعومة المجرى تزيد التدفق المنتظم، بينما المجرى غير المنتظم الممتلئ بالجلاميد يُولد اضطرابا فى الجريان ويعوق حركة المياه إلى الأمام نتيجة شدة الاحتكاك.

2– التصريف: Discharge

تصريف المجرى هو كمية المياه المتدفقة التى تمر بنقطة معينة فى زمن محدد، وتقاس هذه الكمية بالمتر المكعب كل ثانية، ويتم التعرف على التصريف من المعادلة التالية:

التصريف (متر3 / ثانية) = عرض المجرى ( بالمتر ) × عمق المجرى × سرعة المياه ( متر / ثانية).

 يتميز تصريف كل الأنهار بعدم الثبات على مدار العام، وذلك نتيجة تفاوت فترات المطر أو ذوبان الثلوج إلى جانب وجود فترات جفاف، وعندما يحدث التغير فى التصريف يصاحبه تغيرات فى عرض وعمق المجرى، ويزداد تدفق المياه فى المجرى، كما تتغير العوامل المتعلقة بهذه التغيرات، أى أنه كلما زاد حجم المجرى تقل نسبة احتكاك المياه بجوانبه وقاعه، ويعنى ذلك زيادة معدل التدفق أى زيادة سرعة المياه.

القطاع الطولى للمجرى:

إن دراسة المقطع الطولى Longitudinal Profile مهمة فى التعرف على طبيعة المجرى، ويمتد هذا المقطع من المنابع العليا للنهر Headwaters  إلى مصبه Mouth ، حيث تنصرف مياه النهر إلى حيز مائى آخر (بحيرة – بحر – محيط)،  يقل انحداره المقطع الطولى كلما تقدمنا من المنبع إلى المصب، ويأخذ هذا المقطع الشكل المقعر من أعلى إلى أسفل على الرغم من كثرة العوائق التى تصادف النهر فى مساره، وأن التصريف يزداد بالاتجاه نحو المصب طالما كانت توجد روافد تغذى المجرى  الرئيسى للنهر، بينما تبدأ نسبة التصريف فى الانخفاض إذا لم توجد روافد كما هو الحال فى نهر النيل بعد العطبرة، بينما نجد أن نهر الأمازون نهر كثير الروافد فيرفده حوالى 1000 رافد على طول مساره البالغ  حوالى 6500 كم من المنابع وحتى المصب.

كما تضاف للنهر فى المناطق الرطبة كميات إضافية من المياه تأتى عن طريق المياه الجوفية، وزيادة التصريف بهذه الطرق تساعد على زيادة اتساع المجرى وعمقه وسرعة المياه به، وأن الزيادة الملحوظة فى متوسط السرعة فى الجزء الأدنى من المجرى يتعارض مع الانطباعات البديهية التى ترى أن المجارى المائية في المنابع العليا عنيفة وهائجة، وأن الأنهار فى الأراضى المنخفضة فى الأجزاء الأدنى منها واسعة وهادئة، ففى المجارى الجبلية السرعات هائلة ولحظية، ولكن المياه تتحرك رأسياً وجانبياً وإلى أعلى لذلك فإن متوسط سرعة تدفق المياه ربما يكون أقل فى الأنهار الواسعة الهادئة.

فى مناطق المنابع حيث يكون الانحدار شديد جداً تتدفق المياه فى قنوات صغيرة نسبياً تغطي الجلاميد قاعها غالباً، مما يسبب احتكاكاً كبيراً يقلل من الحركة بإرسال المياه فى كل الاتجاهات، حتى أنه قد تتغلب الحركة إلى الخلف على الحركة إلى الأمام، ومع التقدم فى اتجاه المصب يقل حجم المواد الموجودة على قاع المجرى، مما يقلل من مقاومة التدفق ويزيد اتساع وعمق المجرى مما يؤدى إلى زيادة التصريف، ومما تقدم نرى أنه توجد علاقة عكسية بين الانحدار والتصريف؛ فحيث يكون الانحدار شديد يكون التصريف قليل، وعندما يكون الانحدار ضعيف يكون التصريف كبير، ويمكن أن يتم التعبير عنها بطريقة أخرى، حيث يمكن أن يحفظ المجرى سرعته العالية بالقرب من المصب حتى ولو كان انحداره أخفض من منطقة المنابع، وذلك راجع إلي أن القنوات أكبر والقاع أملس وبالتالى التصريف أضخم.

مستوى القاعدة : Base Level

ذكر جون وسلى بوويل 1875 أنه يوجد حد سفلى يتوقف عنده نحت المجرى يسمى مستوى القاعدة Base Level ، ومستوى القاعدة ضرورى لفهم فاعلية المجرى، أى أن مستوى القاعدة يحدد أخفض عمق يمكن أن ينحت المجرى قناته إليه؛حيث أنه يمثل مصب المجرى فى البحر أو البحيرة أو المحيط أو فى رافد آخر، وربما يفسر مستوى القاعدة حقيقة أن غالبية قطاعات المجارى ذات انحدارات ضعيفة بالقرب من المصبات، لأن المجارى تقترب من الارتفاع الأدنى الذى لا تستطيع أن تنحت أعمق منه، وقد قسم بوويل مستوى القاعدة إلى قسمين هما:

1– مستوى القاعدة الرئيسى: Grand Base Level

2- مستوى القاعدة المحلى أو المؤقت:Local or Temporary

Base Level

ويمثل مستوى القاعدة الرئيسى مستوى سطح البحر وهو بذلك مستوى قاعدة نهائى Ultimate Sea Level، أما مستوى القاعدة المحلى أو المؤقت فيشمل مستوى سطح البحيرات، وطبقات الصخر شديدة المقاومة والمجارى الرئيسية كمستويات قاعدة للروافد، وتحدد هذه المستويات قدرة كل المجارى عند ارتفاع محدد، فمثلاً عند دخول أحد الأنهار إلى بحيرة تقترب سرعته سريعاً من الصفر وتتلاشى قدرته على النحت، فالبحيرة هنا مستوى قاعدة لأنها منعت النهر من النحت، وهو مستوى قاعدة محلى أو مؤقت، لأنه يمكن أن تنصرف مياه البحيرة وبالتالى يتغير مستوى القاعدة فيما بعد.

وبالمثل تمثل الصخور شديدة المقاومة عند حافة الشلال مستوى قاعدة محلى أو مؤقت، وإذا ما حدث تغير فى مستوى القاعدة سوف يسبب عدم انتظام فى نشاطات المجرى، وعندما يبنى سد على المجرى البحيرة الذى تتكون خلفه ترتفع مستوى قاعدة المجرى، ويقل انحدار المجرى نحو المنبع من البحيرة، مما يخفض سرعته ومن ثم قدرته على حمل الرواسب ويحدث الترسيب، وتستمر عملية الترسيب حتى يأخذ المجرى انحداراً كافياً جديداً يساعد على حمل الرواسب.

على الجانب الآخر إذا انخفض مستوى القاعدة إما نتيجة عملية رفع الأرض أو انخفاض فى مستوى البحر، يبدأ النهر فى تعديل مستوى قاعدته، بأن يضيف طاقة زائدة للنحت السفلى فى القناة حتى تتوافق مع مستوى القاعدة الجديد، ويبدأ النحت بالقرب من المصب، ويستمر النحت التراجعى حتى ينتظم قطاع المجرى على طول مساره.

نحت المجرى : Stream Erosion

تنحت المجارى قنواتها برفع الجزيئات المفككة بالنحت Abrasion وبالإذابة Dissolution مع أن بعض النحت ينتج عن إذابة صخر الأساس القابل للذوبان ومفتتات القناة، وتحدث معظم إذابة المواد فى المجرى بتدفق المياه الجوفية، وعندما تتدفق المياه عنيفة وتلف فى دوامات، وإذا كانت الدوامة قوية بدرجة كافية فإنها تستطيع أن تزيح المفتتات من القناة وترفعها إلى المياه المتحركة، وبهذه الطريقة تقوم قوة المياه الجارية بنحت المواد المفككة على قاع وجوانب المجرى، وكلما كانت التيارات قوية عملت على زيادة رفع المواد المفككة، وفى بعض الحالات يتم ضغط المياه إلى الشقوق ومستويات سطوح الانفصال بين الطبقات بقوة كافية لانتزاع ورفع قطع صخرية من قاع القناة.

ومن الظاهرات الشائعة ببعض قيعان الأنهار، والتى تنشأ بفعل البرى عندما تدور الحبيبات بسرعة فى الدوامات الحفر الوعائية Potholes؛ حيث تعمل الحركة الدائرية لحبيبات الرمل والحصى علي أن تثقب قيعان المجرى في شكل حفرة برميلية، وتظل تتسع هذه الفجوات حتى تصل إلى عدة مترات ومع تلاحم هذه الحفر تعمق قاع المجرى بنفس القدر .

نقل الرواسب بالمجارى :

تعتبر الأنهار أهم عمل من عوامل نحت الأرض ، ليس فقط لأنها تملك القدرة على تخفيض مجاريها؛ لكن لأن لها القدرة على نقل كميات هائلة من الرواسب التى جهزتها التجوية، وإن كانت التعرية بالمياه الجارية فى قناة المجرى تستطيع توفير كميات هائلة للنقل، ولكن أكثر هذه الكميات هى التى توفرها التجوية، وتُنتج التجوية كميات هائلة من المفتتات التى تُنقل إلى المجرى بالتدفق الفرشى أو الانهيارات الأرضية وعن طريق المياه الجوفية، ويتم نقل حمولات الرواسب فى المجارى بأربع طرق هى:

1– الحمولة الذائبة                            2– الحمولة العالقة

3– الحمولة القافزة                            4– حمولة القاع

1– الحمولة الذائبة: Dissolved Load

إن الجزء الأعظم من الحمولة الذائبة المنقولة بواسطة معظم المجارى المائية تضيفها المياه الجوفية للمجرى، فبينما تترسب المياه خلال الأرض فإنها تكتسب مركبات ملحية ذائبة، وعندما تتسرب المياه نحو الأعماق خلال الشقوق ومسام الصخر الأصلى فإنها تذيب مواد معدنية إضافية، وأن كثيراً من هذه المياه الغنية بهذه المعادن تجد طريقها إلى المجارى المائية. ليس لسرعة مياه المجرى دور مؤثر على قدرة المجرى على حمل حمولته الذائبة، وفى أى وقت فإن المادة الذائبة تدخل إلى المجرى فى أى مكان مهما تكن السرعة.

تتنوع المادة المحمولة فى المحلول بدرجة كبيرة وتعتمد على عدة عوامل مثل المناخ والوضع الجيولوجى...إلخ، ويتم تقدير كمية  المواد الذائبة بالنسبة للماء بالجزيئات الملحية / مليون جزئى من الماء، وإن كانت بعض الأنهار تصل نسبة المواد الذائبة بها إلى حوالى 1000 جزء / مليون جزئى ماء، فإن المتوسط العالم لكل الأنهار فى العالم يتراوح ما بين 115ـ 120 جزء / مليون جزء من الماء، وأنه تقدر كمية المواد المعدنية الذائبة التى تصل إلى المحيطات كل عام بحوالى 4 بليون طن مترى.

2– الحمولة العالقة : Suspended Load

تمثل الحمولة العالقة معظم المواد التى تحملها معظم الأنهار وليست كل الأنهار، والحقيقة أن سحابة الرواسب العالقة المرئية فى الماء هى الجزء الأعظم وضوحاً فى حمولة المجرى، وتُحمل بهذه الطريقة جزيئات الرمل والغرين والصلصال، ولكن أثناء فترة الفيضان يمكن أن تُحمل جزيئات أكبر حجما، وأيضا أثناء الفيضان يزداد مجموع كمية المادة المحمولة فى الحمولة العالقة بصورة واضحة.

يمكن التحكم في كمية المادة المحمولة كحمولة عالقة ونمطها بعاملين هما: سرعة المياه وسرعة الراسب Settling Velocity لكل حبة من الرواسب، ويتم تحديد سرعة الراسب بالسرعة التى تسقط بها الحبيبة خلال السائل الساكن، حيث أنه كلما كبرت الحبيبات كلما زادت السرعة التى تنزل بها إلى قاع المجرى، وبالإضافة إلى الحجم فإن الشكل وجاذبية الجزيئات المحددة تؤثر فى سرعة الراسب، فالرواسب مسطحة الحبيبات تغوص فى الماء أكثرُ بطئاً من الحبيبات الكرويةأو المستديرة، وتنزل الحبيبات الأكثر كثافة نحو القاع بمعدل أسرع من الحبيبات الأقل كثافة، وكلما كانت سرعة الراسب أبطأ كان ذلك بسبب اضطراب مائى قوى، ويؤدى ذلك إلى زيادة الفترة التى تبقاها الحبيبات فى الماء حتى يمكن أن تصل إلى المصب.

3– الحمولة القافزة:Saltation

إن الفارق بين الحمولة القافزة وحمولة القاع طفيف جداً، وعادة ما تكون المفتتات القافزة أصغر حجماً من مفتتات حمولة القاع، فتؤدى دوامات المياه إلى رفعها ودفعها إلى الأمام، ثم تسقط على القاع مرة ثانية وتتكرر هذه العملية وتزداد مع زيادة الدوامات الناتجة من العوائق على قاع المجرى.

4– حمولة القاع : Bed Load

يتكون جزء من حمولة المجرى من المواد الصلبة من تلك الرواسب الكبيرة التى لا يستطيع المجرى حملها كحمولة عالقة، وتتحرك هذه المفتتات الخشنة على قاع المجرى فى شكل حمولة القاع، وكلما زادت عملية النحت السفلى للمجرى زاد فعل حمولة القاع أهمية، وتتحرك المفتتات المكونة لحمولة القاع على طول القاع بالتدحرج، و لكنها ليست مثل الحمولة العالقة والذائبة التى تتحرك بثبات فهى تتحرك إذا كانت قوة المياه كافية لتحريك المفتتات الأكبر على القاع.

ولا تزيد كمية حمولة القاع عن 10 ٪ من جملة حمولة النهر، على الرغم من أنها تمثل حوالى 50 ٪ من جملة حمولة بعض الأنهار، كمثال يقدر أن 750 مليون طن من المفتتات يحملها نهر المسيسبى إلى خليج المكسيك كل عام منها حوالى 67 ٪ حمولة عالقة ، وحوالى 26 ٪ حمولة ذائبة ، والباقى وقدره 7 ٪ عبارة عن حمولة القاع، وأن معظم هذه الحمولة يتم نقلها أثناء فترة الفيضان ولذلك فمن الصعب قياس هذه الكميات بدقة.

عملية الترسيب النهرى: Deposition of Streams

عندما تبطئ سرعة المجرى تقل مقدرته على الحمل ويبدأ فى إلقاء مفتتات الرواسب فى ترتيب وتصنيف محدد من حيث الحجم، وعندما يهبط تدفق المجرى إلى أقل من سرعة حمل الرواسب تبدأ الرواسب فى الهبوط إلى القاع، وبالتالى تترسب المفتتات تبعاً للحجم، وتسمى هذه العملية التصنيف Sorting، وفيها ترسب المفتتات متساوية الحجم معاً، وتسمى عملية ترسيب المواد المصنفة جيداً بالأنهار بالإرساب النهرى Alluvium، وتنقسم هذه الرواسب إلى عدة أنواع هى:

1– رواسب المجرى.            2- رواسب السهل الفيضى.

3– رواسب مصب المجرى ( الدالات).

1– رواسب المجرى: Channel Deposits

بينما ينقل النهر الرواسب نحو البحر تترسب بعض المواد بقناة المجرى، وتتركب معظم رواسب المجرى غالباً من الرمل والحصى والمكونات الأخشن التي تتخلف معظمها عن حمولة القاع، وتعرف هذه الرواسب فى هذه الحالة بالحواجز Bars ، ويمكن أن تتكون حواجز الرمل والحصى فى مواضع كثيرة؛ كمثال تشيع هذه الحواجز عندما يتدفق المجرى فى سلسلة من الانحناءات تسمى المنعطفات Meanders، فبينما يتدفق المجرى حول الثنية تزيد سرعة المياه على الجانب الخارجى مما يقود إلى نحت هذا الجانب، وفى نفس الوقت تبطئ المياه على الجانب الداخلى للثنية مما يؤدى إلى حدوث الإرسابات على هذا الجانب.

وبينما تتكون هذه الرواسب على الجانب الداخلى للثنية فإنها تسمى حواجز رأسية Point Bars ، وتتكون الحواجز من الحصى والرمل فى شكل هلالى، وأحياناً يُرسب المجرى مواد على قاع قناته وعندما تتراكم هذه الرواسب بسمك كاف لسد القناة فإنها تجبر المجرىعلي الانقسام ويتحول إلى عدة ممرات، ومن ثم تنتج شبكة مجارى معقدة تلتقى وتتشعب تشق مساراتها بين الحواجز، وتسمى المجارى المضفرة Braided Streams، ويحدث هذا تحت حالات عديدة هى :

1- إذا دخلت الروافد الأشد انحداراً والمتدفقة بعنف إلى المجرى الرئيسى، ربما تترسب حمولة قاعها الصخرية عند نقاط الالتقاء، بسبب نقص السرعة فجأة.

2- ربما تضاف حمولة زائدة عندما تتدفق المفتتات من السفوح العارية فجأة إلى المجرى أثناء هطول الأمطار الغزيرة.

3- ربما تحدث الحمولة الزائدة فى نهاية المجارى الجليدية، عندما تنصرف الرواسب المنحوتة بفعل الجليد إلى المجارى المائية الذائبة من الجليد.

تتكون المجارى المضفرة عندما يحدث نقص مفاجئ فى الانحدار أو نقص فى التصريف المائى، أو عندما يترك المجرى متعدد الروافد المنطقة الرطبة ويدخل منطقة جافة تقل بها أعداد الروافد، فى هذه الحالة يؤدى نقص الماء بالتبخر والتسرب إلى نقص التصريف.

2– رواسب السهل الفيضى: Flood Plain Deposits

يعتبر السهل الفيضى ذلك الجزء من الوادى الذى تغمره مياه الفيضان، وأن معظم المجارى يحيطها السهل الفيضى من الجانبين، ويتفاوت اتساع السهل الفيضى ما بين مترات قليلة إلى كيلو مترات عديدة، وتتكون بعض الرواسب الفيضية Alluvium التى تغطى السهل الفيضى من رمال خشنة وحصى، والتى ترسبت أساساً كرؤوس حواجز تكونت فى المنعطفات التى غيرت أماكنها عبر قاع الوادى، بينما تتكون باقى رواسب السهل الفيضى من رمال ناعمة وغرين وصلصال، والتى تنتشر عبر السهل الفيضى عندما ترتفع مياه الفيضان لتطغى على السهل الفيضى.

ويتميز السهل الفيضى بعدة مظاهر من أهمها الجسور الطبيعية Natural Levees  التى تحيط بمجرى النهر، وأهم ما يميزها الارتفاع بعض الشىء عن سطح الوادى المستوى، والتى يتم تكوينها فى فيضانات متتابعة فى سنوات كثيرة، عندما يتدفق المجرى فوق جانبيه إلى السهل الفيضى، فإن المياه تتدفق فوق السطح كفرشة عريضة وتقل سرعة المياه بوضوح وتترسب الجزيئات الأخشن من الحمولة العالقة فى نطاقين محيطين بالمجري، بينما تنتشر كميات من الرواسب الأنعم فوق سطح الوادى.

3– الدالات : Delats

ظاهرة من الظاهرات التى تتكون من الروسب النهرية، وتنشأ عندما تقل فجأة كفائة النهر على النقل لانصرافه إلى جسم مائى مثل البحيرات والبحار والمحيطات، فعند دخول المياه إلى داخل البحيرة أو البحر فإنها تتوقف، وبالتالى يلقي التيار المائى ما به من رواسب.

 تتعدد أنواع الدالات طبقاً للاختلافات فى أشكال خطوط الشاطىء والتنوعات فى طبيعة وقوة نشاط الأمواج وطبيعة حوض التصريف ويوضح الشكل رقم (33) أنواع الدالات والتى تتمثل فيما يلى :

1– دالات الرؤوس (النتوءات): Cuspate Deltas

لا يستطيع المجرى الصغير أن يكون عدد هائل من الأفرع فى دلتاه فى وقت واحد، لأن الأفرع المستقلة تفقد كثيراً جداً من قوتها على النقل، وعملية نشأة فرع جديد عادة تؤدي إلى هجـرة فـرع قديم، وإذا وجد فرع واحد نشط فقط، فإنه يبنى نفسه فى داخل البحر فى شكل جسر طبيعى حتى يصل إلى التوازن بين الإزالة وإمداد الرواسب، من هذه النقطة يتم حمل كل الرواسب الإضافية التى تصل إليها بعيداً بواسطة الأمواج والتيارات البحرية، ولانحراف الأمواج عند مصب الدلتا تأثير فى تحويل الرواسب إلى الجوانب الخارجية للجسور الطبيعية وترسبها، وهنا يظهر الجسر الطبيعى على شكل مثلث رأسه عند المصب، ويمثل هذا النموذج من الدالات دلتا نهر التيبر ودلتا نهر أومبرون على الساحل الغربى لإيطاليا.

2– الدالات المجنحة:Wingrd Deltas

وتنشأ هذه الدالات إذا بنى مجرى رأس الدلتا جسره الطبيعى بعيداً فى داخل البحر حتى أن التحول الجانبى وتراكم الراسب بفعل الأمواج لا يصل إلى الساحل، بل تتكون حواجز على جانبى المصب، وتمتد هذه الحواجز موازية للساحل وتنتهى فى البحر بشكل خطاف ينحنى فى اتجاه اليابس، وتنتمى إلى هذا النوع دلتا نهر الإبرو فى شمال شرق أسبانيا في داخل خليج ليون، وتمثل دلتا نهر البو فى شمال البحر الإدرياتى على الساحل الشرقى لإيطاليا ودلتا نهر الدانوب فى البحر الأسود نماذج دالات مركبة من دالات الرؤوس والدالات المجنحة.

3– دالات قدم الطائر: Bird’s Foot Deltas

يتكون هذا النوع من الدالات عندما تبنى أفرع الدلتا المتعددة عدد من الجسور الطبيعية داخل مياه البحر، ولذلك يظهر حدها فى شكل يشابه أصابع قدم الطائر، ويمكن أن نطلق عليها الدالات الإصبعية، ولا تنحنى مثل الدالات المجنحة سواء بفعل الترسيب الجانبى أو بفعل الأمواج والتيارات البحرية؛ حيث تتطور هذه الدالات إذا كانت حمولة المجرى كبيرة جداً، وتأثير كل من الأمواج والتيارات البحرية ضعيف عليها، وبالتالى يسود عمل المجرى وتكون الدلتا بعيدةً جداً عن التوازن الديناميكى، ولا تكثر هذه الدالات على سواحل البحار لأنه من النادر أن يتغلب فعل المجرى لكى تتكون مثل هذه الدالات.

ويمثل هذا النوع من الدالات الجزء المتقدم من دلتا المسيسبى، ويتقدم فرعين من الدلتا داخل مياه خليج المكسيك أحدهما نحو الجنوب الغربى والآخر نحو الجنوب، ويمتد فرعين أصغر فى اتجاه الشرق، ويملك كل منهما مناطق إرساب ضخمة على كل جانب، وقد تكونت هذه الدلتا من تراكم كميات ضخمة من الرواسب التى حملها النهر من مساحة واسعة فى حوض التصريف، ويمثل الجزء النشط من هذه الدلتا جزءاً صغيراً، والذى يأخذ شكل شبه دائرى نصف قطره حوالى 120 كم، والذى يمتد من مصب نهر أتشا فالايا والفرع القديم فى الغرب، وحاجز سلسلة جزر تشاندلر فى الشرق.

4– الدالات المقوسة: Arcuate Deltas

أكثر أنواع الدالات المتوازنة فى شكلها وأكبر أنواعها من حيث الحجم، وتتطور عن دالات إصبعية عندما تمتد الأفرع المستقلة إلى داخل البحر حتى يصل نموها للوضع الذى يسمح للعوامل البحرية من الأمواج والتيارات البحرية أن تصل إلى المصب وتحرك الرواسب جانبياً وأن تترسب لتكون حواجز، وتحجز خلفها لاجونات Lagoons مفتوحة، كما توجد هذه اللاجونات أيضاً بين أفرع الدلتا، وقد تستمر الحواجز بين الأفرع بينما تنفصل اللاجونات عن البحر لتصبح بحيرات دلتاوية Delta Lakes، ومع توالى الفيضانات تقل ملوحة مياه البحيرات التى تمتلىء بالرواسب تدريجياً، وتأخذ الحواجز الموصلة بين مصبات أفرع الدلتا الشكل المقوس؛ ولذا تسمى بالدالات المقوسة.

وتمثل دلتا نهر النيجر فى داخل خليج غينيا بغرب إفريقيا أكمل نموذج للدلتا المقوسة، فهى تتكون من عدد هائل من الأفرع التى تمتد مصباتها لأكثر من 200 كم داخل مياه الخليج، وقد تطورت أكثر أفرعها فى الشرق بالقرب من ميناء بورت هاركورت كمصبات نهرية؛ حيث يلاحظ أن تأثير التيارات المدية أكثر أهمية من النقل النهرى (الفيضى). كما توصف دلتا النيل كدلتا مقوسة فى الشكل وفى عدد من البحيرات التي توجد علي ساحلها الشمالي، ولكن لا يوجد لها سوى فرعين فقط هما فرع رشيد وفرع دمياط، وتنتأ منها رؤوس دالات صغيرة مثل رأس دمياط ورأس البرلس ورأس رشيد.

5– دالات المصبات الخليجية: Estuarine

يمثل المصب الخليجى مصب النهر، و يبدو متسع فى اتجاه البحر بسبب تعاقب التيارات المدية فى اتجاه البحر واليابس، وتعتمد قوة التيارات المدية فى المصب الخليجى The Estuary أساساً على المعدل المدى ومن أمثلة هذه المصبات الخليجية مصب نهر الألب ونهر الأمز والويزر فى ألمانيا ونهر سكليد فى بلجيكا ونهر التيمز بإنجلترا، وتسمى الدالات التى ترتبط بهذه المصبات بدالات المصبات الخليجية، وتوجد لهذه الدالات عدة أفرع تصل إلى البحر كمجارى بشواطىء متوازية ،وتنحني الشواطىء نحو البحر بتأثير المد.

يملك نهر الأمازون دلتا مصب خليجى واسعة بأفرع ربما يزيد عرض هذا المصب الخليجى عن 10كم، كما ترتبط دلتا الراين بهذا النمط من الدالات، ومع انها تغيرت صناعياً، وتمتلك دلتا المصب الخليجى لنهر كلورادو عند الطرف الشمالى لخليج كليفورنيا معدل مد ربيعى كبير لأكثر من 7 أمتار، وفي الغالب تتطور بعض أفرع الدلتا كمصب نهرى خليجى، بينما الأفرع الأخرى فى نفس الدلتا ذات شواطىء متوازية على طول المسار حتى المصبات. وتشمل دلتا نهر الأورنيكو أفرع مصبات خليجية متطورة من جزئها الشرقى حيث ينفتح على الأطلنطى مما يُعرضه إلى أمواج الرياح التجارية الشمالية الشرقية ويوجد معدل مدى يصل إلى 2 متر، بينما أجزائها الوسطى والغربية على خليج باريا محمية بجزيرة ترنداد.

تتكون دالات المصبات الخليجية بطريقتين: إما من خلال تدمير دلتا سابقة عندما تنحنى فى اتجاه البحر بواسطة نحت التيارات المدية أو كشكل بنائى خلال إرساب الحواجز فى مصبات خليجية مفتوحة واسعة، ويرفع الإرساب المستمر على الحواجز أسطوحها ويقلل تكرار طغيان المد المرتفع، ويتطور الغطاء النباتى وتصبح الحواجز جزراً تقسم المصب الخليجى إلى أفرع متعددة، كما أن الدلتا المقوسة يمكن أيضاً أن تأخذ شكل دلتا مصب خليجى، وإذا فقد فرع الدلتا الذى ينقل حمولة ضخمة هذه الوظيفة لفرع آخر  فإن سبب ذلك هو أنه يتأثر بالنحت المدى الزائد.

الأودية النهرية: Stream Valleys

إن الأودية أهم الأشكال الأرضية الشائعة على سطح الأرض، وفى الحقيقة توجد فى عدد كبير لا يمكن حصره إلا فى منطقة محددة، وقبل القرن التاسع عشر كان يعتقد أن الأودية نشأت بواسطة أحداث فجائية والتى فصّلت الأرض إلى أجزاء وكونت أحواض تتدفق فيها المجارى، لكننا الآن نعرف أن المجارى هى التى تكون أوديتها بنفسها، ويمكن أن تقسم الأودية إلى نوعين عامين هما: أودية ضيقة (V)، وأودية واسعة ذات سطوح مستوية .

أولاً: الأودية الضيقة: Narrow Valleys

فى بعض المناطق الجافة؛ حيث يكون النحت السفلى Downcuttig سريعاً بينما تكون التجوية بطيئة، تتكون أودية ضيقة تشبه حرف (v)، كما يتضح من الصورة رقم (11)، وفى بعض الحالات عندما تكون الصخور شديدة المقاومة يظهر الوادى فى شكل خانقى ذو حوائط رأسية، وعلى أية حال فإن معظم الأودية حتى الضيق فإن قاعه يكون أكثر اتساعاً عند فتحته العليا، وسوف لا تتحقق هذه الخاصية للوادى إذا كانت المجارى المائية داخل الأودية هى المسؤولة فقط عن نحت الوادى.

 تتشكل جوانب معظم الأودية أساساً بسبب التجوية والتدفق الفرشى والانهيارات الأرضية، وتشير الأودية الضيقة على شكل حرف V إلى سيادة عمل المجرى فى النحت السفلى للوصول إلى مستوى القاعدة، وتعرف هذه المرحلة باسم مرحلة الشباب، والتى تتميز بعدة ظاهرات هى:

1– الشلالات: Waterfalls

مواضع فى النهر يشتد فيها الانحدار وتزداد سرعة تيار المياه؛ بحيث تسقط فيها المياه فى وضع رأس كما يتضح من الصورة رقم (11)، وتزداد قدرة المياه على النحت فى صخور القاع فيما يعرف باسم غرفة الغطس،  يحدث النحت التراجعى فى اتجاه أعالى النهر فى مقدمة صخور الشلال، وتعود نشأة الشلالات إلى عدة عوامل تتعلق بطبيعة الصخور التى يقطعها النهر فى منطقة الشلال وهى :

1- وجود حواجز صخرية أفقية أو مائلة قليلاُ فى اتجاه أعالى النهر فوق صخور لينة، مثل شلالات نياجرا على نهر سانت لورانس فى قطاعه الممتد بين بحيرتى إيرى وأنتاريو.

2- عند انحدار نهر من حافة مرتفعة باتجاه أراضى سهلية منخفضة، تظهر عدة مساقط مائية مثل شلالات نهر زائير، وشلالات أغورابى على نهر الأورانج فى هضبة جنوب إفريقيا، وفى جبال الإبلاش.

3- شلالات مناطق الصدوع Faults، ومنها شلالات نهر الزمبيرى فى مجموعة شلالات فيكتوريا ومجموعة شلالات الحافة بالقرب من دلتا النهر.

4- شلالات الأودية المعلقة Hanging Valleys بالأودية الجليدية،.

5- تظهر بعض الشلالات فى المناطق التى تتعرض فيها الأودية النهرية لطفوح لافية تعترض طريق النهر مثل القواطع الرأسية وغيرها.

2– الجنادل والمسارع: Cataracts and Rapids

تظهر المسارع فى قطاع النهر عندما يشتد انحدار المجرى نتيجة ضيق المجرى بسبب طبيعة الصخور التى يتركب منها قاع مجرى النهر، بينما تتكون الجنادل عند وجود كتل صخرية مقاومة لعملية التعرية فى داخل مجرى النهر، وتنقسم هذه الجنادل من حيث أسبابها إلى نوعين:

الأول: ويرجع إلى التباين فى درجة صلابة الصخورRock Hardness التى يقطعها المجرى النهرى، وتظهر هنا طبقة من الصخور الصلبة الأكثر مقاومة لعمليات التعرية المائية وتبرز فوق مستوى قاع النهر بحيث يتغير عندها الانحدار، وهنا تتكون مسارع مع الجنادل.

الثانى: عندما تظهر كتل صخرية صلبة بارزة وسط مجرى النهر، فى شكل جزر صخرية من الصخور النارية، ويمثله مجموعة الجنادل الموجودة فى الجزر الصخرية البارزة فى نيل أسوان، وإذا زاد عدد الجزر الصخرية يضيق المجرى وربما تظهر هنا أيضا المسارع المائية. وهذا ما يجعلنا نربط دائماً بين كل من الجنادل والمسارع، وتكثر هذه الظاهرة مثل المساقط المائية فى الأودية الضيقة على شكل حرف V فى مناطق المنابع العليا للنهر.

3– الحفر الوعائية: Potholes

تسمى أيضا بالحفر المستديرة وتتكون فى قيعان المجارى النهرية، عند تكون الدوامات التى تؤدى إلى دوران المفتتات الصخرية من الرمال الخشنة والحصى فى حركة دائرية تؤدى إلى تكوين حفر مستديرة تدور المفتتات داخلها، ويزيد عمقها واتساعها إلى أن تتصل بعض الحفر مع بعضها، فيساعد ذلك على زيادة تعميق المجرى، وتبدأ هذه الحفر نتيجة وجود الشقوق والفواصل الصخرية فى قاع المجرى، وتساعد على دوران المياه فيها بما فيها من مفتتات، فتعمل على نشأة هذه الحفر واتساعها .

4– منعطفات الشباب :

عندما يزيد عمق النهر نتيجة لعمليات النحت الرأسى النشط؛ فإن النهر يلتوى ويدور حول العقبات الصخرية الصلبة، ويسود النحت على الجوانب المقعرة من الانحناءات، وينتهى الأمر بتكون نتوءات أوبروزات تتعاقب على كلا جانبى المجرى فى شكل متداخل، وغالباً ما تظهر الجوانب المقعــرة كجـروف نهرية River Cliffs، بينما يظهر على الجانب الآخر المحدب الذى لا يتعرض للنحت سفوح إرسابية منخفضة تعرف بالسفوح المستقرة.

5– الخوانق: Canyons

تمثل هذه الخوانق جزءاً من النهر أو بعض المنابع العليا، ويتميز بأنه ذو جوانب شديدة الانحدار وعميق جداً بالنسبه لاتساعه، ويتكون الخانق عندما يتغلب النحت الرأسى على النحت الجانبى، خاصة فى الصخور الصلبة، وبالتالى تبقى جوانب الخانق قائمة شديدة الانحدار بدون انهيار، أو حيث تقل الأمطار فيقل فعل عوامل التجوية فى جوانبه، ومن ثم يكون تراجعها بطىء، وتكثر هذه الخوانق فى المناطق الجبلية مثل جبال الهيمالايا وخانق نهر كلورادو الذى يبلغ طوله حوالى 500 كم وعمقه حوالى 1.9 كيلو متر.

ثانياً: الأودية الواسعة: Wide Valleys

عندما يحفر المجرى قناته قربياً من مستوى القاعدة، فإنه يقترب من حالة التعادل ويقل وضوح النحت السفلى، وعند هذه النقطة ينتقل الكثير من طاقة المجرى من جانب إلى آخر، أى يبدأ المجرى فى التثنى وربما يرجع ذلك إلى قلة الانحدار، ونتيجة لزيادة التثنى فإن الوادى ينحنى بسبب نحت النهر لأحد شواطئه وبعد ذلك الشاطىء الآخر، ومن ثم يبدأ ظهور سطح الوادى المستوى (السهل الفيضى) والذى تغمره المياه فى أثناء ارتفاع المياه فى الفيضان.

ولأن النهر يُكون سهله الفيضى فى هذه الفترة أو المعروفة بمرحلة النضج ـ عن طريق النحت الجانبى، فإنه يسمى لذلك سهل فيضى نحتى Erosional Flood Plain، بينما عندما يتحول السهل الفيضى من النحت إلى الإرساب يتكون سهل فيضى رسوبى Depositional Flood Plain ، ومن الظاهرات التى ترتبط بتوسعة الوادى ما يلى :

1– المنعطفات: Meanders

فى هذه المراحل تتدفق المجارى النهرية فوق السهول الفيضية، سواء سهول النحت أو سهول الإرساب فى شكل منحنيات تسمى المنعطفات Meanders، وهى مشتقة من نهر فى غرب تركيا هو نهر ميندرز والذى يتميز مجراه بالتثنى. وأن يتثنى النهر حتى تنمو الثنية وتكبر، ويحدث النحت على الجانب الخارجى للمنعطف حيث تزداد سرعة وعنفوان المياه، وتتم عملية تقويض الجانب الخارجى خاصة فى أثناء فترات ارتفاع المياه، ونتيجة التقويض يأخذ هذا الجانب شكل جرف شديد الانحدار مما يعرضه للانزلاق، ولسيادة النحت والتقويض على هذا الجانب يسمى الشاطىء المنحوت Cut Bank.

معظم المفتتات المنحوتة من الجانب المقعر بواسطة المجرى تتحرك فى اتجاه المصب، ثم ترسب سريعاً كرؤوس حواجز فى نطاق انخفاض السرعة على الجوانب الداخلية من المنعطفات، وفى هذه الأثناء تهاجر المنعطفات جانبياً، بينما تحافظ على مستوى المقطع العرضى، وذلك بالنحت فى الجانب الخارجى والارساب فى الجانب الداخلى (الجانب المحدب).

2– الثنيات المتعمقة: Incised Meanders

توجد هذه الثنيات المتعمقة فى مجرى شديد التثنى فوق سهل فيضى فى وادى واسع، كما يمكن أن توجد فى حالات خاصة فى أودية ضيقة وشديد الانحدار، وتتطور مثل هذه الظاهرات فى سهل فيضى لأحد المجارى التى اقتربت نسبياً من مستوى القاعدة أى أن انحدارها طفيف، مما يجعل المجرى يترنح يميناً ويساراً، وتختلف عن المنعطفات التى تتكون فى مرحلتى النضج والشيخوخة، وإنما تظهر فى قطاعات الأودية فى مرحلة الشباب تحيطها حافات شديدة الانحدار نحو المجرى علي كلا الجانبين، وذلك عكس ما هو عليه الحال في الثنيات الفيضية التي يشتد انحدارها في الجانب المقعر ويتدرج علي الجانب المحدب.

3- المدرجات النهرية:  Stream Terraces

تعتبر المدرجات النهرية بقايا سهول فيضية سبقت السهل الفيضي الحالي، وتظهر علي الهوامش الخارجية للوادي تحف بالسهل الفيضي، وقد تحدث إما بسبب حدوث تغيرات في مستوى القاعدة، الذي لا يمكن أن ينحت النهر دونه، أو بسبب ما تشهده المنطقة من تغيرات مناخية، فمثلاً تغير مستوى القاعدة بالانخفاض يؤدى إلي تحول النهر من الإرساب إلي النحت حتى يصل إلي مستوى القاعدة الجديد، مما يؤدى إلي انخفاض سهله الفيضي إلي المستوى الجديد، ولكن النهر لا يستطيع أن يزيل كل السهل الفيضى، بينما تبقي بعض الأجزاء علي جوانب السهل الفيض الحالى هي التي تعرف بالمدرجات    Terraces أو المصاطب  Benches، الصورة رقم (13).

4- البحيرات المقتطعة Ox-bow Lakes:

تتكون هذه البحيرات فوق السهل الفيضي الواسع المستوى القريب من مستوى القاعدة، الذي يترنح عليه المجرى في منعطفات كبيرة، نتيجة أن تيار النهر بطئ لا يستطيع التغلب علي العقبات التي تعترضه فيدور حولها في منعطفات كبيرة، وإذا ما اقترب الجانبان المقعران فيما يعرف بعنق المنعطف  فإن تيار المياه العنيف يمكنه قطع هذا العنق خاصة في فترة الفيضان، وبالتالي تمر المياه من العنق بدلا من الدوران في الثنية، فتتحول الثنية إلي بحيرة هلالية أو ما يسمي بالمنعطف المنقطع، وذلك بعد أن ينشأ سد رسوبي يفصل بين المجرى الجديد والبحيرة الهلالية.

 

الأقسام الرئيسية

الرأي الأخر
0