logo logo

مجلة شهرية عربية عالمية , مجلة البيلسان

أهلا بكم

العنوان : شارع

Call: 960-963-963 (Toll-free)

[email protected]
الجغرافيا

التعرية الجليدية Glacial Erosion

التعرية الجليدية Glacial Erosion

عندما يحدث تساقط على المرتفعات العليا أو فى العروض العليا، فإن المياه لا تأخذ طريقها إلى البحر فوراً، وبدلاً من ذلك تتحول إلي جزءٍ من الثلاجات الجليدية. ومع أن الجليد فى النهاية يذوب ويسمح للمياه بالتدفق إلى البحار؛ فإن المياه يمكن أن تخزن كثلاجات جليدية بالأطنان لمئات بل حتى لآلاف السنين. إن الثلاجة Glacier كتلة جليدية سميكة تنشأ على اليابس من تراكم واندماج وإعادة تبلر الثلج Snow، ولكي تكون الثلاجات عوامل تعرية فإنها يجب أن تتحرك حتي تنجز عملها، مثل المياه الجارية والمياه الجوفية والرياح والأمواج كعوامل ديناميكية تنحت وتنقل وترسب، ومع أن الثلاجات الجليدية توجد فى كثير من أجزاء العالم فإن غالبيتها يوجد فى مناطق منعزلة.

وتتمثل الثلاجات فى الأنواع التالية :

1– الأودية (الأنهار) الجليدية: Valley (Alpine) Glaciers

توجد آلاف من الثلاجات الجليدية الصغيرة نسبياً؛ حيث تتدفق فى تلك الأودية التى كانت مشغولة أصلاً بالمجارى المائية، ولكنها لا تشبه الأنهار التى تدفقت سابقاً فى هذه الأودية، فالثلاجات تتقدم ببطء ربما سنتيمترات قليلة فقط كل يوم، وبسبب ثباتها تسمى كتل الجليد المتحركة بالأودية أو الأنهار الجليدية، كما يتضح من الصورة رقم (14)، إن كل ثلاجة مجرى جليدى يحده حوائط صخرية شديدة الانحدار، ويتحرك فيه الجليد إلى أدنى الوادى من مركز التراكم بالقرب من جزئه الأعلى.

 وتشبه الأودية الجليدية الأنهار فى أنها يمكن أن تكون طويلة أو قصيرة واسعة أو ضيقة منفردة أو لها روافد. ولكن عموماً فإن عرض الأنهار الجليدية صغير بالمقارنة بأطوالها، فمثلاً يمتد بعضها لكيلو متر واحد بينما يستمر بعضها الآخر لعشرات الكيلو مترات.

2– الفرشات الجليدية: Ice Sheets

على العكس من الأودية الجليدية توجد الفراشات الجليدية على مساحات واسعة جداً، حيث يعمل الإشعاع الشمسى السنوى المنخفض الذى يصل إلى القطبين على خلق تراكمات جليدية ضخمة فى المناطق القطبية، وإن كانت فراشات الجليد واسعة الانتشار فى الماضى إلا أنها تتمثل فى منطقتين على سطح الأرض الآن هما:

1- منطقة جرينلند التى تغطيها فرشات جليدية عظيمة تشغل مساحة 1.7 مليون كيلو متر مربع أو حوالى 80 ٪ من هذه الجزيرة الواسعة، وهى تقع فى المنطقة القطبية الشمالية.

2– توجد بالقطب الجنوبى أقصى فراشات الجليد سمكاً وضخامة، فيصل سمكها إلى حوالى 4300 متر وتغطى مساحة تزيد عن 13.9 مليون كيلو متر2، وبسبب أحجام هذه الظاهرات الضخمة تسمى غالبا بفرشات الجليد القارية، وتمثل المساحات التى تشغلها حوالى 10  ٪ من مساحة اليابس.

هذه الكتل الهائلة تتدفق فى كل الاتجاهات من مركز أو أكثر من مراكز تراكمات الثلوج، وتغطي هذه الكتل كل المناطق التضاريسية العالية تماماً، وعادة تظهر التغيرات الحادة فى الطبوغرافية تحت الثلاجات كتموجات خفيفة نسبياً على سطح الجليد، وتؤثر الاختلافات التضاريسية على تصرف فرشات الجليد؛ خاصة بالقرب من حوافها، وبالتدفق الهادىء فى اتجاهات محددة وخلق نطاقات حركة أوسع وأبطىء.

يتدفق الجليد إلى الخلجان على طول الأجزاء الساحلية لأنتاركيتكا، وتكون ظاهرات تسمى الأرصفة الجليدية، في  كتل ضخمة ومسطحة نسبياً من الجليد الطافى، والتى تمتد إلى البحار من الساحل ولكنها تبقى متصلة باليابس على طول جانب أو أكثر، وهى سميكة على اليابس ورقيقة على مياه البحر، وتدعم فرشات الجليد هذه الأرصفة وأيضاً يغذيها سقوط الثلج وتجمد مياه البحر فى قواعدها، وتبلغ مساحة أرصفة الجليد فى أنتاركتيا أكثر من 1.4 مليون كيلو متر مربع، وأكثر هذه الأرضية رصيف روس ورصيف فيتشنر.

3– أنواع أخرى من الثلاجات الجليدية:

من هذه الأنواع الغطاءات الجليدية والتى تغطى بعض الجبال والهضاب المرتفعة، وهى تشبه الفرشات الجليدية ولكنها أصغر بكثير منها، وتحدث فى مناطق عديدة مثل أيسلندا وعدد من الجزر الكبيرة فى المحيط المتجمد الشمالى، وغالباً تُغذى الغطاءات الجليدية والفرشات الجليدية الجداول الجليدية الصغيرة Outlet Gglaciers، وتتدفق هذه الألسنة الجليدية الصغيرة لأسفل الأودية خارجة من هوامش هذه الكتل الجليدية الضخمة، إن الألسنة أودية جليدية تمثل طرق لحركة الجليد أوفرشات الجليد من المرتفعات إلى البحر، وعند تقدمها إلى المحيطات تنتشر لتُكون أرصفة جليدية طافية، وبعد ذلك تتكسر لتتكون منها الجبال الجليدية Ice Bergs.

وتشغل الثلاجات السفحية الأراضى المنخفضة الواسعة عند قواعد الجبال شديدة الانحدار، وتتكون عندما ينبثق نهر جليدى أو أكثر من الحوائط المحددة للأودية الجبلية، وينتشر الجليد المتقدم ليكون فرشات واسعة، وتتفاوت أحجام هذه الثلاجات السفحية بدرجة عظيمة.

تكون الجليد :

إن الثلج Snow هو المادة الخام التى ينشأ منها الجليد فى الثلاجات، لذلك تتكون الثلاجات الجليدية فى المناطق التى تسقط بها الثلوج بكميات كبيرة فى الشتاء أكثر مما يذوب فى الصيف. ولكى تتكون الثلاجة يجب أن يتبدل الثلج إلى جليد، فعندما تبقى درجات الحرارة تحت درجة التجمد يتتابع التساقط الثلجى وتتغير البلورات السداسية الدقيقة لتراكم الزغب الثلجى، ولأن الهواء يترسب فى الفراغات بين البلورات، فإنه تتبخر أطراف البلورات ويتكثف بخار الماء الناتج بالقرب من مراكز البلورات، وبهذه الطريقة تصغر الزهور الثلجية وتصبح أكثر سمكاً وأكثر كروية وتختفى الفراغات المسامية.

وبهذه العملية يتم طرد الهواء ويتبلر الزغب الثلجى إلى كتلة أكثر كثافة من الحبيبات الصغيرة وتصبح فى متانة الرمل الخشن، ويسمى هذا الثلج الحبيبى المتبلر "الثلج الجليدى Firn"  والذى يوجد فى نهاية فصل الشتاء، ومع إضافة ثلج جديد يزداد الضغط على الطبقات السفلى ويؤدى ذلك إلى اندماج حبيبات الجليد فى الأعماق وربما يزيد سمك الجليد عن 50 متر، وبذلك يصبح الوزن كافى لدمج حبيبات الثلج الجليدى إلى كتل صلبة ذات بلورات جليدية متشابكة.

حركة الثلاجة الجليدية:

يشار إلى حركة الجليد عموماً بالتدفق، وأن الطريقة التى يتدفق فيها الجليد معقدة وتأخذ نمطين هما:

1: التدفق اللدن Plastic Flow: ويشمل الحركة خلال الجليد، وأن الجليد مادة صلبة قابلة للتكسر لأن الضغط عليه كافى بسبب وزن الجليد الكبير نتيجة سمكه البالغ حوالي 50 متراً. ولأن الحمولة تزداد يبدأ الجليد فى التدفق كمادة لدنة، ويحدث هذا التدفق بسبب تركيب جزيئات الجليد؛ حيث يتكون الجليد من طبقات من الجزيئات متكدسة واحدة فوق الأخرى، والتماسك بين الطبقات أضعف منه داخل الطبقة الواحدة نفسها، ولذلك يُزيد الضغط قوة التماسك بين الطبقات، وتبقى الطبقات سليمة وتنزلق الواحدة فوق الأخرى.

2: وهو أن ميكانيكية حركة الجليد تتكون من كتلة جليدية منزلقة على الأرض، ولأن بعض الثلاجات الجليدية توجد في المناطق القطبية حيث يتجمد الجليد على صخر الأساس الصلب، فإنه يعتقد أن معظم الثلاجات الجليدية يتحرك بعملية الانزلاق، وكذلك تسمى بعملية الانزلاق القاعدى Basal Slip، وفى هذه العملية تتصرف المياه كأداة هيدروليكية أو مزلاق يساعد الجليد فى الانزلاق فوق الصخر، ويظل الجليد يحتفظ بالمياه السائلة وذلك طبقاً للحقيقة التى تقول "أنه مع زيادة الضغط تنخفض درجة ذوبان الجليد"، ولذلك ربما توجد المياه الذائبة فى أعماق الثلاجات الجليدية حتى ولو كانت درجة الحرارة تحت الصفر المئوى.

كما توجد عوامل أخرى تساعد على وجود المياه الذائبة فى أعماق الثلاجات، مثل درجات الحرارة الناتجة من التدفق اللدن (أى من عملية الاحتكاك)، والحرارة المضافة من الأرض وبإعادة تجمد المياه الذائبة التى تتسرب من أعلى إلى أسفل. وعلى العكس الطبقة العليا من الجليد ليست تحت ضغط كافى لخلق تدفق لدن، وأن الجليد فى هذا النطاق قابل للتكسر ويسمى لذلك "نطاق التكسر Zone of Fracture"، ويُحمل الجليد فى نطاق التكسر على ظهر الجليد السفلى Pig - Back .

معدلات حركة الجليد:

إن حركة الثلاجات ليست ظاهرة بوضوح للمراقب العابر مثل حركة تدفق المجارى المائية، إذا راقبنا تحرك النهر الجليدى فإنه يتحرك مثل حركة المياه فى النهر، ولكن الجليد لا يتحرك فى الوادى إلى أسفل بمعدل متساوى لأن الاحتكاك مع سطح صخر القاع يبطء حركة الجليد فى قاع الثلاجة الجليدية والاحتكاك مع جوانب الوادى كذلك يبطء هذه الحركة على جانبيها، ويؤدى ذلك إلى زيادة الحركة فى مراكز الثلاجة الجليدية.

يختلف متوسط السرعة من ثلاجة لأخرى، فبعضها يتحرك ببطء شديد حتى أنه يمكن أن تنمو الأشجار والحشائش على المفتتات الموجودة فوق سطح الثلاجة، بينما يتحرك بعضها بمعدلات مرتفعة تصل إلى عدة مترات كل يوم. يتميز تقدم بعض الثلاجات بفترات حركات سريعة جدا تسمى التدفق الجليدى Surges، وإن الثلاجات التى لها مثل هذه الحركات ربما تتدفق بسرعة عادية، ثم تسرع لفترة قصيرة قبل أن ترتد إلى السرعة العادية مرة أخرى، وتصل معدلات السرعة فى فترات التدفقات الجليدية لأكثر من 100 مرة قدر معدل السرعة العادية. وتشير الأدلة إلى أن كثير من الثلاجات الجليدية تنتمى إلى نمط التدفق الجليدى.

موازنة الثلاجة الجليدية:

يتكون الجليد فى نطاقات التراكم Zone of Accumulation، ويُحدد إطاره الخارجى بخط الثلج Snow-Line، ويتغير ارتفاع هذا الخط بدرجة عظيمة تبعاً للمناخ الذى يوجد فيه، فمثلاً فى المناطق القطبية يتوافق خط الثلج الدائم مع مستوى سطح البحر، بينما فى المناطق المدارية لا يوجد خط الثلج الدائم إلا فوق المرتفعات غالباً وعلى ارتفاع يزيد عن 4500 متر. وفي المناطق الأعلى من خط الثلج فى نطاق التراكم تزيد إضافة الثلوج سمك الثلاجات وتعزز حركاتها، ويوجد نطاق الفقد الجليدى  Zone of Wastage أسفل نطاق التراكم، ومن ثم يوجد فقد نهائى للثلاجة فى هذا النطاق لأن كل الثلج الذي تراكم في الشتاء السابق يذوب، ويوضح الشكل رقم (38) هذه النطاقات.

 

إلى جانب الذوبان فإن الثلاجات تفقد كتل جليدية ضخمة تنكسر وتنفصل من مقدمة الثلاجات فى عملية تسمى الانفصال الجليدى  Calvin، والذى يخلق جبال جليدية فى الأماكن التى تصل إليها الثلاجات سواء كانت بحاراً أو بحيرات. ولأن جليد الجبال الجليدية أقل كثافة قليلاً من كثافة مياه البحار فإنه يطفو فوق المياه بنسبة لا تزيد عن 20 ٪ من حجم الجبل الجليدى بينما الجزء الغاطس منه يصل إلى 80 ٪ ، وتوجد هذه الظاهرة على جوانب أنتاركيتا التى تنفصل من الأرصفة الجليدية، ويصل طول بعض هذه  الجبال إلى عدة كيلو مترات وسمكها إلى حوالى 600 متر، وتمثل هذه الجبال التى تنفصل من جزيرة جرينلند خطراً داهماً على الملاحة فى الجزء الشمالى من المحيط الأطلنطى الذي يضم أهم طرق التجارة العالمية.

سواء كانت هوامش الثلاجات متقدمة أو متراجعة أو تبقى ثابتة فإن ذلك يعتمد على الموازنة الجليدية، والموازنة الجليدية هى التوازن أو نقص التوازن بين التراكم عند الطرف الأعلى للثلاجة والخسارة عند الطرف الأدنى لها، وتسمى هذه الخسارة بالتلاشى Ablation، وإذا زاد تلاشى التراكم  تتقدم مقدمة الثلاجة حتى ولو توازن العاملين.

 إذا زادت درجة الحرارة ومالت إلى الدفء زاد التلاشى وإذا كان نقص سقوط الثلوج قل التراكم ومن ثم تتراجع مقدمة الجليد، أما إذا تراجعت نهاية الثلاجة قل امتداد نطاق الفقد الجليدى، ولذلك سوف نصل إلى التوازن الجليدي بين التراكم والفقد وسوف تثبت مقدمة الجليد حتى ولو تقدمت هوامش الثلاجة أو تراجعت أو ثبتت وسوف تستمر الثلاجة فى التقدم للأمام، وفى حالة الثلاجة المتراجعة يتقدم الجليد للأمام، ولكنه ليس كافى لتعويض التلاشى.

النحت الجليدى والأشكال الأرضية المرتبطة به:

تنحت الثلاجات الجليدية كميات ضخم، ويظهر ذلك عند الطرف النهائى للنهر الجليدى؛ حيث تتراكم كميات من المواد الصخرية متنوعة الأحجام عندما يذوب الجليد، وتدل كل هذه الشواهد على أن الجليد ينحت وينزع الصخر من قاع وحوائط الوادى ويحملها إلى الجزء الأدنى منه، وسوف لا تسمح القدرة الهائلة للجليد على استقرار المفتتات بالنهر الجليدى مثل الحمولة التى تنقلها المجارى المائية أو الرياح، لأن الأنهار الجليدية تستطيع أن تحمل كتل ضخمة لا تستطيع عوامل النحت الأخرى أن تحملها، وعلى الرغم من أن الأنهار الجليدية الآن ذات أهمية محدودة كعوامل نحت، فإن كثير من الهيئات الأرضية التى تغيرت بالثلاجات الجليدية يعود معظمها إلي عصر الجليد الذى يرجع إليه الكثير من فعل الجليد. وتقوم الثلاجات الجليدية بعملية نحت للأرض بطريقتين هما الهدم Plucking والبرى Abrasion:

الأول: بينما تتدفق الثلاجة فوق سطح صخر القاع الممزق تقوم بتفكيك ورفع كتل الصخر وتدمجه فى الجليد، وتسمى هذه العملية "عملية الهدم Plucking "، والتى تتم عندما تخترق المياه الذائبة شقوق وفواصل صخر القاع تحت الثلاجة ثم تتجمد، فيُولد الماء المتمدد عند تجمده قوة ضغط هائلة تخلع الصخور المفككة، ولذلك تتنوع حمولة الرواسب فى الوادى الجليدى.

الثانية: أما الطريقة الثانية فى النحت الجليدى فهى عملية البريAbrasion، لأن الجليد وحمولته من شظايا الصخر عندما ينزلق فوق سطح صخر القاع يعمل مثل السنفرة فإنه ينعم ويصقل السطح تحته، بينما يسمى الصخر المسحوق تحت الجليد بدقيق الصخر Rock Flour، وزيادة كمية الدقيق الصخري تؤدى إلى تعكر المياه الذائبة من الجليد لتكون مجرى مائى، وتدل على زيادة فعل الطحن الناتج عن الجليد.

عندما يحتوى الجليد فى قاع الثلاجة الجليدية على شظايا صخرية كبيرة تتكون أخاديد Grooves أو خدوش طولية Long Scratches على صخر القاع تسمى الحزوز الجليدية Glacial Striations، تبين هذه الأخاديد اتجاه الجليد، كما يمكن القول أن فعل الحت الجليدى لا ينتج أخاديد فى كل وقت، حيث أنه توجد سطوح صخرية تتحرك عليها الثلاجة الجليدية مصقولة جدا، ولكن حمولتها ناعمة جدا.

كما توجد عوامل نحت أخرى تزيد معدل النحت الجليدى، ولكن مع تنوع عوامل النحت الجليدى فإنها كلها تحكمها أربعة عوامل هى:

1- معدل حركة الثلاجة الجليدية.

2- سمك الجليد المتحرك فى الوادى الجليدى.

3- شكل ووفرة وصلابة الشظايا الصخرية التى يحتوى عليها الجليد فى قاعدة الثلاجة.

4- مدى مقاومة الصخور السطحية تحت الثلاجة الجليدية للنحت.

ومن خلال هذه العوامل كلها أو بعضها واختلافها من وقت لآخر ومن مكان لآخر تتنوع المظاهر والتأثيرات ودرجات تعديل الأشكال الأرضية فى مناطق الثلاجات الجليدية، حيث تختلف جداً تأثيرات التعرية بين الأودية الجليدية والفرشات الجليدية، فمثلاً النهر الجليدى يتحرك فيه الجليد إلى أسفل الوادى، ومن ثم يبرز التفاوت فى هيئة الأرض الجبلية بخلق حوائط خانقية شديدة الانحدار وخلق قمم شديدة الانحدار مما يجعل الأرض أكثر تضرساً، على العكس فإن فراشات الجليد القارية تسحق التضاريس، ومن ثم تخفف أكثر ما تبرز التفاوتات التضاريسية التى تصادفها.

تتمثل الأشكال الأرضية الناتجة عن الثلاجات الجليدية فيما يلى:

 1– الأودية الجليدية :

يظهر في الوادى الجليدى عدداً من الظاهرات الجليدية اللافتة للنظر، فالوادى الجليدى مظهر مثير تأخذ الثلاجات الجليدية فيه ممرات أقل مقاومة لأنها تتبع مسارات أودية نهرية سابقة، بينما يخلق الوادى النهرى واديه بنفسه، فقبل حدوث الثلاجات الجليدية تكون الأودية الجبلية خفيفة وعلى شكل حرف V حيث تكون المجارى النهرية فوق مستوى القاعدة ولذلك تنحت نحتاً سفلياً، بينما فى أثناء الثلاجات الجليدية تتحول الأودية الضيقة إلى أودية واسعة وعميقة وتعرف بالغور الجليدى Glacial Ttrough كما يتضح من الشكل رقم (39)، وإلى جانب ما يحدث من تعميق وتوسيع للوادى تحدث له إطالة أيضاً، لأنه عندما يتدفق الجليد فى الوادى فى داخل الانحناءات الحادة تزيل قوته النحتية الكبيرة النتوءات الأرضية الممتدة فى الوادى، وينتج عن هذه العملية جروف مثلثة الشكل تسمى النتوءات المبتورة Truncated Spurs.

أ– الوادى الرئيسى والأودية المعلقة:

تعتمد شدة النحت الجليدى جزئياً على سمك الجليد، وتسمى الثلاجة الرئيسية الوادى الجليدى الرئيسى، والتى تحفر أوديتها أعمق من روافد الثلاجة الأصغر حجماً، وتظهر هذه الروافد معلقة عندما تتراجع الثلاجة إلى الوادى الرئيسى، وتسمى كذلك بالأدوية المعلقة Hanging Valleys، ولذلك عندما تشغلها روافد نهرية بعد ذوبان الجليد تتكون مساقط مائية هائلة.

ب – البحيرات المتكررة Paternoster Lakes :

 داخل الوادى الجليدى وفى اتجاه منابعه نصادف سلسلة من المنخفضات محفورة فى صخر القاع على أرضية الوادى والتى نشأت بفعل الاقتلاع وتصقل بفعل قوة الحت الجليدى، وعندما يذوب الجليد تمتلىء هذه المنخفضات بالمياه وتتحول إلي بحيرات تعرف باسم البحيرات المتكررة، وتظهر حواجز فى قاع الوادى تفصل بين هذه البحيرات التى تلى كل منها الأخرى .

جـ – الحلبات Cirques :

بينما توجد عند رأس الوادى الجليدى ظاهرة مميزة ومهيبه كما يتضح من الشكل رقم (39) تسمى الحلبة Cirques وهى منخفضات تشبه السلطانية ذات حوائط شديدة الانحدار من ثلاثة جوانب ومفتوحة فى اتجاه أدنى الوادى، وتعتبر الحلبة نقطة نمو الثلاجة البؤرية عند طرف الوادى الجليدى التى يتراكم فيها الثلج ويتكون الجليد، وتبدأ الحلبات كأجزاء شاذة فى جوانب الجبل والتى تطول بتجوية الصقيع الوتدية وبالاقتلاع الذى يحدث على الجوانب وتعمق بالثلاجات. وبعد أن تذوب الثلاجات يتحول حوض الحلبة إلى بحيرة صغيرة تسمى بحيرة حلبية صغيرة Tarn .

د – الممرات الجبلية: Cols

أحياناً عندما يوجد واديان جليديان على الجوانب المتقابلة من خط تقسيم المياه، تزال حافة تقسيم المياه بين حلباتهما عندما يوسع فعل الصقيع والاقتـلاع كل منهما، وعنـدما تحـدث هذه العمليـة يتشابـك الحوضـان الجليديان بخلق فجوة أو ممر بين كل منهما، وتسمى هذه الظاهرة الفج أو الممر الجبلى a Col  ومن أمثلة هذه الممرات الجبلية ممر سانت جوتثارد فى جبال الألب بسويسرا وممر تيوجا بسلسلة جبال سيرانيفادا بكاليفورنيا وممر بيرثود فى جبال الروكى بكلورادو.

هـ – الفيوردات : Fiords

ظاهرات ترتبط بالأحواض الجليدية وتعتبر خلجان صغيرة للبحر ذات جوانب شديدة الانحدار وتوجد فى العروض العليا التى تجاور فيها الجبال المحيطات، وهى الأجزاء الغارقة من الأودية الجليدية بعد أن ارتفع مستوى سطح البحر بعد عصر الجليد. وربما يزيد عمق الفيورد عن 1000 متر، ولا يكون مستوى سطح البحر هو مستوى القاعدة بالنسبة للأودية الجليدية كما هو معروف بالنسبة لعمل الأنهار النحتى لأن الأودية الجليدية يمكن أن تحفر قيعانها أخفض من مستوى سطح البحر؛ حيث تستطيع الثلاجة الجليدية التى يبلغ سمك الجليد بها حوالى 300 متر أن تعمق قاع واديها تحت مستوى سطح البحر بحوالى 250متر، وذلك قبل أن ينتهى النحت السفلى لها ويبدأ الجليد فى الطفو فوق الماء، وتكثر هذه الظاهرة على سواحل النرويج وكلومبيا البريطانية بغرب كندا وجزيرة جرينلند ونيوزيلندا وشيلى والألسكا.

2- النتوءات والقرون الجبلية: Aretes and Horns

تكثر هذه الظاهرة فى الجبال الشاهقة مثل جبال الروكى وجبال الألب وكثير من الجبال الأخرى، والتى حفرت الأودية الجليدية أجزاؤها العليا لتكون الأحواض الجليـدية والحلبـات والبحيـرات المتكـررة وغيرها من الظاهرات إلى جانب هذه النتوءات والقرون الجبلية، والنتوءات Aretes حافات شفرية حادة متعرجة وهى كلمة مشتقة من الكلمة الفرنسية حد السكين، أما القرون Horns فقمم هرمية حادة ناتئة فوق الجبال، ويمكن أن تنشأ كلا الظاهرتان من نفس العملية، فالصورة المكبرة للحلبات تدل علي أنها ناتجة عن الاقتلاع وفعل الصقيع، وفى حالة القمم الصخرية المعروفة بالقرون Horns، فإن المسئول عن نشأتها مجموعة من الحلبات حول قمة جبلية عالية منفردة، وتنتج عندما تتسع الحلبات وتتقارب وتترك بينها قرن منعزل، ومن أمثلة هذه القرون قمة جبل ماترهورن بسويسرا. ويمكن أن تتكون النتوءات Aretes بنفس الطريقة باستثناء أن الحلبات لا تتجمع حول نقطة ولكن توجد فقط على الجوانب المتقابلة لخط التقسيم، وعندما تنمو الحلبات يقل الحد الفاصل بينهم إلى حاجز ضيق مثل حد السكين، ويمكن أن تتكون النتوءات بطريقة أخرى فعندما يوجد واديان جليديان متوازيان تتكون النتوءات عندما تضيق الحواجز الفاصلة بين الألسنة الجليدية المتحركة نتيجة توسيع الثلاجات لأوديتها المتجاورة.

3– الصخور الغنمية: Roches Moutonnees

فى كثير من هيئات الأرض الجليدية خاصة حيث تعدل فرشات الجليد القارية التضاريس، يحفر الجليد تلال انسيابية صغيرة نشأت من هضاب صخر قاعدية مدورة، وتسمى مثل هذه الهضاب الصخور الغنمية، والتى تتكون عندما يلطف البرى الجليدى السفوح اللطيفة الموجهة للفرشات الجليدية، بينما الاقتلاع يزيد الجانب العكسى انحداراً عندما يجتاز الجليد الهضبة، كما يتضح من الشكل رقم (40)، وتشير الصخور الغنمية إلى اتجاه تدفق الجليد، لأن السفح المنحدر بلطف هو الذى تأتى منه تدفقات الجليد فى الفرشات الجليدية.

الإرساب الجليدى : Glacial Deposits

تلتقط وتنقل الأودية الجليدية حمولة ضخمة من المفتتات عندما تتقدم ببطء نحو اليابس، وفى النهاية ترسب هذه المواد عندما يذوب الجليد، فى المناطق تلعب الرواسب الجليدية دوراً هاماً فى تشكيل الهيئة الأرضية الطبيعية، فمثلاً فى المناطق المغطاة بفرشات الجليد القاري فى عصر الجليد، نادراً ما كانت توجد صخور قاعـدية مكشوفة لأن إرسابات الجليد كانت ذات سمك يتراوح بين عشرات أو يزيد عن آلاف المترات فى شكل غطاء كامل فوق التضاريس، وأن تأثير هذه الإرسابات عموماً كان تقليل التضاريس المحلية ولذلك يسوى الطبوغرافية الأرض. ويلاحظ أن التربة والمفتتات الصخرية التى تغطى أجزاء من أوربا ترجع إلى إرسابات العصر الجليدى تكونت من انتقال هذه الرواسب بالاندفاع إلى مناطق ترسيبها، وأن المجروفات السطحية الجليدية Glacial Drifts تشتمل على كل الرواسب الناتجة عن أصل جليدى ولا يهم كيف وأين وفى أى شكل ترسبت.

إن واحداً من مظاهر انجراف الرواسب التى فرشتها عوامل النحت الأخرى، هى أن الرواسب الجليدية تتكون أساساً من مفتتات صخرية مجواه ميكانيكياً وليست مجواة كيميائياً قبل ترسيبها، وقد قسم الجيولوجيون الانجراف الجليدى Glacial Drifts إلى نوعين مميزين هما:

1- المواد التى يرسبها الجليد مباشرة فى النهر الجليدى تسمى الطفل الجليدى Ttill.

2- الرواسب التى ترسبها المياه الذائبة من الجليد تسمى المجروفات الطباقية Statified Drift .

وفيما يلى نتعرف على الأشكال الأرضية الناتجة عن كل نوع .

أولاً: الأشكال الأرضية الناتجة عن الطفل الجليدى:

يترسب الطفل الجليدى عندما يذوب جليد النهر الجليدى، ولا يستطيع الجليد أن يصنف الرواسب كما تفعل المياه الجارية والرياح، وكذلك تتميز رواسب الطفل الجليدى بأنها خليط غير مصنف فى أحجام مختلفة، وتظهر كثير من أجزاء هذه الرواسب مخدوشة ومصقولة نتيجة لجرها على طول النهر الجليدى، وتتميز بأنها تختلف عن باقى الرواسب التى تنتج عن تدفق المفتتات أو انزلاق الصخور التى تنتج عن الانهيارات الأرضية.

تسمى الجلاميد التى توجد فى الطفل الجليدى أو على سطح الأرض بالصخور الضالة، وتختلف عن صخور القاعدة أسفلها، مما يدل على أنها منقولة من مصدر خارج المنطقة المحيطة بها، ومع أن الموضع الأصلى لكثير من الصخور الضالة غير معروف فإن بعضها معروف أصله، وفى كثير من الحالات نقلت الصخور الضالة لأبعد من 500 كيلو متر من منطقة اشتقاقها الأصلية وفى حالات قليلة نقل بعضها إلى أكثر من 1000 كيلو متر.

وتظهر الصخور الضالة ناتئة فى المراعى والحقول الزراعية فى كثير من المناطق التى تعرضت لفعل الجليد، وفى الحقيقة أخليت هذه الصخور الضخمة من بعض الأماكن الزراعية وكومت لعمل سياجات وحوائط لحفظ الحقول، ويعتبر هذا عمل روتينى متجدد كل عام لأنه تظهر صخور ضالة مكشوفة جديدة كل ربيع؛ حيث يرفع الصقيع فى فترة الشتاء هذه الصخور الضالة إلى السطح بعد أن يزيل المفتتات الناعمة من فوقها.

وتتمثل رواسب الطفل الجليدى فى عدد من الظاهرات من أهمها ما يلى:

1- الركامات النهائية والسفلى: Ground and Moraines

وتعتبر الركامات أعظم الأشكال الأرضية الناتجة عن الإرساب الجليدى، وأول من استخدم هذا التعبير هم الفلاحين الفرنسيين للإشارة إلى الركامات وحواجز المفتتات الموجودة بالقرب من هوامش الثلاجات الجليدية فى جبال الألب الفرنسية، أما الآن فإن هذا التعبير واسع الاستخدام للدلالة على عدد من الأشكال الأرضية التى تتركب من الطفل الجليدى.

يعتبر الركام النهائى End Moraine حافة طفل جليدى تتكون فى نهاية النهر الجليدى، وتترسب مثل هذه الأشكال الأرضية الشائعة نسبياً عندما تتحقق حالة التوازن بين تلاشي وتركم الجليد، أى أن الركام النهائى يتكون عندما يذوب الجليد ويتبخر بالقرب من نهاية النهر الجليدى بمعدل يساوى تقدم النهر الجليدى للأمام، ومع أن نهاية النهر الجليدى ثابتة الآن، فإن الجليد يستمر فى التدفق للأمام، وكلما تقدم يعطي إمدادات من الرواسب بشكل مستمر لأن الجليد كلما تقدم للأمام يذوب ويتساقط الطفل الجليدى وينمو الركام النهائى، وعندما تبقى مقدمة الجليد طويلة ثابتة سوف تطول الحافة.

وفى النهاية وعندما يزيد التلاشى عن التغذية، تبدأ مقدمة النهر الجليدى فى التراجع إلى منابعه العليا، ولكن على أية حال تستمر إمدادات الرواسب إلى نهاية النهر الجليدى رغم تراجع مقدمة الجليد إلى الخلف، وبهذه  الطريقة تترسب كميات ضخمة من الطفل الجليدى عندما يذوب الجليد مكونة سهل مموج منثور عليه صخور، إن هذه الطبقة المموجة بلطف من الطفل الجليدى والتى رُسبت بينما تتراجع مقدمة الجليد تسمى الركام السفلى Ground Moraine. ويمتلك الركام السفلى تأثير فى ملىء البقع المنخفضة وسد المجارى القديمة مما يعوق وجود نظام محدد للتصريف، ومثال ذلك منطقة شمال البحيرات العظمى التى توجد بها طبقات طفل جليدى حديثة تظهر الأرض بسببها فى شكل تصريف مستنقعى.

عندما يحدث تراجع للنهر الجليدى إلى نقطة توازن جديدة بين التلاشى والإمداد، ومن ثم يتكون ركام نهائى جديد، ومن ثم يمكن أن يتكرر الركام النهائى والركام السفلى مرات كثيرة قبل أن يتلاشى النهر الجليدى تماماً، كما نجد أن أبعد حد للركام النهائى يمثل أقصى تقدم للجليد في النهر الجليدي، وبسبب ذلك يمكن أن يسمى الركام النهائى Terminal Moraine بينما تسمى الركامات النهائية التى تتكون عند تراجع الجليد فى النهر الجليدى الركامات المتقهقرة Recessional Moraines، ويتشابه النوعان ولا يختلفان إلا فى موضع ترسيبهما.

2– الركامات الجانبية والوسطى: Laterl and Medial Moraines

تكون الأنهار الجليدية نمطين من الركامات التى تحدث فقط فى الأودية الجبلية، أولهما هو المعروف بالركام الجانبى a Lateral Moraines والتى يتضح من الصورة رقم (15)، وكما عرفنا من قبل فإن النهر الجليدى عندما يتقدم إلى أسفل الوادى ينحت الجليد جوانب الوادى بشكل فعال، وبالإضافة إلي ذلك تضاف كميات ضخمة من المفتتات إلى سطح النهر الجليدى، وعندما يسقط الدبش Rubble أو ينزلق من الأجزاء الأعلى على حوائط الوادى ويتجمع على حواف الجليد المتحرك وعندما يذوب الجليد فى النهاية تُلقى هذه المفتتات على جوانب الوادى، وتمثل هذه الحواف من الطفل الجليدى الموازى لجوانب الوادى الركامات الجانبية.

إن النمط الثانى للركامات التى توجد داخل النهر الجليدى هى الركامات الوسطى Medial Moraines كما يتضح من الصورة رقم (15) وتتكون الركامات الوسطى عندما يلتحم نهران جليديان ليكونا مجرى جليدى واحد؛ حيث أن الطفل الجليدى الموجود على جوانب كل نهر جليدى تتحد لتكون خط داكن من المفتتات خلال النهر الجليدى الجديد الواسع، وإن خلق هذه الخطوط الداكنة خلال المجرى الجليدى دليل واضح على أن النهر الجليدى يتحرك، لأن الركام لا يمكن أن يتكون إن لم يكن الجلـيد يتدفق إلى أسفل الوادى، كما يمكن أن يوجد أكثر من ركام أوسط فى الوادى الرئيسى عندما تتحد الروافد النهرية الجليدية معاً لتشكل نهر واحد.

3– الكثبان الجليدية: Drumlins

إن الركامات ليست الأشكال الأرضية الوحيدة التى يرسبها النهر الجليدى؛ حيث توجد فى بعض المناطق التى تغطيها الفرشات الجليدية القارية، كما توجد أشكال أرضية جليدية متنوعة مثل تلك التلال المتوازنة المستطيلة المسماة بالكثبان الجليدية Drumlins، ومن أمثلتها تل بونكر فى بوسطن، وهى تلال انسيابية متقاربة مركبة من الطفل الجليدى، ويتراوح ارتفاعها بين 15 ـ 50 متراً، وربما يصل طولها إلى حوالى كيلو متر، ويظهر جانبه الذى يتقدم منه الجليد شديد الانحدار، بينما جانبه الذى يمتد مع اتجاه حركة الجليد طويل وقليل الانحدار.

ولا توجد الكثبان الجليدية كأشكال أرضية منعزلة، ولكن توجد فى مجموعات تسمى حقول الكثبان الجليدية؛ مثل حقل دوتشيستر شرق نيويورك ويقدر بأنه يضم حوالى 10 آلاف كثبان، ومع أن تكوين الكثبان الجليدية غير مفهوم تماماً، فإن شكلها الانسيابى يشير إلى أنها تتشكل فى نطاق تدفق لدن خلال نهر جليدى نشط، ويعتقد أن كثير من الكثبان الجليدية تنشأ عندما يتقدم النهر الجليدى فوق مجروف رسوبى ويعيد تشكيل هذه المواد. 

ثانياً: الأشكال الأرضية الناتجة عن المجروفات الطباقية:

يصنف المجروف الطباقى طبقاً لحجم ووزن المفتتات، ولأن الجليد ليس قادر على هذا التصنيف فإن هذه المواد لم يتم ترسبها مباشرة بواسطة الأنهار الجليدية كما يحدث فى الطفل الجليدى، ولكن هذا التصنيف يعكس أن هذه المواد رسبت بفعل المياه الذائبة من الجليد، وتتكون تراكمات المجروفات الطباقية من الرمل والحصى والتى تعتبر حمولة قاع ـ لأن الدقيق الصخرى الناعم يبقى عالقاً ـ ولذلك يُحمل عموماً لمسافة بعيدة عن النهر الجليدى بواسطة المجارى الناتجة من المياه الذائبة وتنقسم هذه التكوينات إلى ما يلى:

1– سهول الغسل والقطارات الركامية:

Plains Outwash Plains and Valley

فى نفس الوقت الذى تتكون فيه الركامات النهائية، فإن المياه الذائبة من الجليد تسقط من فوق الطفل الجليدى وتجرف بعض المواد من مقدمة الحافة المكونة من مفتتات غير مصنفة، وتنبثق المياه الذائبة من الجليد لتكون مجارى سريعة الحركة نعمتها المواد العالقة، كما تحمل حمولة قاع ضخمة أيضاً، وبينما تترك المياه الذائبة النهر الجليدى فإنها تتحرك إلى مستوى سطح مستو نسبياً وتفقد سرعتها سريعاً، وكنتيجة لذلك كثيراً من حمولة قاعه تُرسب وتبدأ المياه الذائبة فى الترنح لتكون نمط معقد من القنوات المصنفرة، بهذه الطريقة يتم بناء سطح واسع مركب من مجروف طباقى مجاور لحافة معظم الركامات النهائية فى اتجاه أسفل المجرى، وعندما يتكون هذا النهر مرتبطاً بفرشة جليدية فإنه يسمى سهل الغسل Outwash Plain ، وعندما يرتبط بالوادى الجليدي يسمى قطار الركام Valley Train.

إن سهول الغسل وقطارات الأودية غالباً ترتبط بها أحواض أو منخفضات تعرف بالقدور الجليدية Kettles، تحدث هذه القدور الجليدية فى رواسب الطفل الجليدى أيضاً، وتتكون القدور الجليدية عندما تصبح كتل الجليد الراكدة مدفونة كلياً أو جزئياً فى المجروف، وفى النهاية تذوب تاركة خلفها حفر فى الرواسب الجليدية، ومع أن معظم القدور الجليدية لا يزيد قطرها عن 2 كيلو متر، فإن بعضها يزيد قطره عن 10 كيلو متر، وبالإضافة إلي ذلك فإن العمق فى معظم القدور يقل عن 10 متر، ويصل بعضها إلى 500 متر، وفى كثير من الحالات تملىء المياه فى النهاية هذه الحفر المنخفضة وتكون بركة أو بحيرة.

2 – رواسب التماس الجليدى : Ice - Contact Deposits

عندما تنكمش نهاية النهر الجليدىعند نقطة محددة يتوقف التدفق ويركد الجليد، تتدفق المياه الذائبة من الجليد الراكد فوق أو خلال أوفوق قاعدة الجليد الساكن الذى يلى المجروف الطبقى وحينئذ يذوب الجليد فى القاعدة وتُترك الرواسب الطباقية فى شكل تلال أو مدرجات أو حافات مثل هذه الرواسب تسمى التماس الجليدى وتصنف على أساس شكلها.

عندما ينشأ عن المجروف الطباقى تماس جليدى فى شكل كومة أو تل ذو جوانب شديدة الانحدار؛ فإنه يسمى تل ركامى a Kame ، وتمثل بعض التلال الركامية أشكال رسوبية رسبتها المياه الذائبة فى ثغرات أو منخفضات خلال أو على قمة الجليد، وتنشأ الأخرى كدالات أو مراوح فيضية تكونها مجارى المياه الذائبة بعيداً عن الجليد، وأخيراً عندما يذوب الجليد الراكد تنهار هذه التراكمات المتنوعة من الرواسب لتكون أكوام معزولة غير منتظمة.

عندما يشغل جليد الثلاجة الوادى كله ربما تنشأ على طول جوانب الوادى مدرجـات ركاميـة Kame Terraces،وهذه المظاهر عموماً كتل ضيقة من المجروف الطباقى تُلقى بين الثلاجة وجانب الوادى بواسطة المجارى التى تُلقى المفتتات على طول هوامش كتل الجليد المنكمشة. أما النوع الثالث من رواسب التماس الجليدى؛ فهى حافات طويلة ضيقة متعرجة تتركب أساساً من الرمل والحصى، ويصل ارتفاع بعضها أكثر من 100 متر وطولها أكثر من 100 كيلو متر، بينما أبعاد معظمها أقل من ذلك بكثير، وتعرف هذه الحواف بالكثبان الطولية الجليدية Eskers، وقد رسبتها مجارى المياه الذائبة المتدفقة خلال أو من فوق أو تحت كتلة جليد الثلاجة الراكد والساكن

الأقسام الرئيسية

الرأي الأخر
0