العوامل المؤثرة في السواحل:
يجب أن نأخذ في الاعتبار أن عمليات الجيومورفولوجيا الشاطئية هي التي تحدد أشكال السواحل، ولا تشتمل هذه العمليات فقط علي النحت والنقل والترسيب بالموج، بل أيضاً علي عمليات شبه جوية مثل التجوية والانهيارات الأرضية على الجروف.
تتحكم الأمواج وحركات المد والتيارات البحرية في العوامل الأوقيانوغرافية والمناخية لكونها عوامل نحت وارساب بحرية. إن مظاهر دورة الغلاف الجوي الأرضية مهمة جدا، حيث تسيطر على اتجاه وقوة الريح التي تسبب الأمواج والتيارات البحرية. يؤثر المناخ على معدل التجوية على الجروف ويسيطر جزئياً على العامل الحيوي في البيئات الساحلية، بينما تؤثر العوامل الجيولوجية على الاتجاه العام لخط الساحل بما به من قطاعات الجروف وانحدارات الشاطئ الأمامي، كما يتحكم نوع الصخر في نمط رواسب البلاج المحلية. تشتمل العوامل الاحيائية biotic علي الغطاء النباتي، الذي يلعب دوراً مهماً في كل من مناطق الكثبان الرملية وفي بيئات الطاقة المنخفضة مثل مستنقعات المنجروف والملاحات. تتميز العديد من خطوط السواحل المدارية بوجود الكائنات الحية والمرجانية البانية للشعاب المرجانية. يمثل الإنسان أيضاً عامل أساسي في الجيومورفولوجيا الساحلية، حيث يؤثر على العمليات الساحلية من خلال مشاريع الصيانة، وأعمال الحماية الساحلية,، ونشاطات قضاء أوقات الفراغ من تريض واصطياف وما يسببه من تلوث.
يعتبر عامل تغير مستوي البحر أحد أهم عوامل جيومورفولوجية الساحل لما له من دور في تحديد أصل الأشكال الأرضية الناتجة عن النحت و الارساب، والتي من الصعب أن ننسبها للعمليات الساحلية الحالية، وتحدث تغيرات مستوي البحر نتيجة العوامل التالية :
(أ) تغيرات أرضية (عالمية) في مستوى البحر، كما حدث أثناء تعاقب فترات الجليد وانحصاره في عصر البلايوستوسين.
(ب) التغيرات التكتونية في مستوى الأرض هبوطاً وارتفاعاً، وقد تعرف بحركة الضغط التوازنى المتساوية والتي تعدلها حمولة الرواسب، كما في حركة الضغط التوازنى الرأسي بالثلاجة الجليدية،والتي تنتمي إلي حركة ميل واسعة النطاق أو حركة بنائية ترتبط بالطي.
كان مستوى البحر فيما مضي أعلى مما هو عليه الآن، وخلف ظاهرات ناتئة، والتي تتمثل في: الشواطئ والأرصفة المرفوعة وخطوط الجروف المتخلفة. أو أخفض من وضعه الحالي وترك ظاهرات أخرى مغمورة (غارقة)، وتتضمن: الشروم )أودية نهرية غارقة) و الفيوردات والغابات الغارقة، بينما غالباً ما توجد في المناطق التي أثرت فيها سلسلة استعادة التوازن الأرضي المعقدة شواطئ مرفوعة تعكس تفاعل أسباب توازن القشرة الأرضية وتغير مستوي البحر معاً. وجد أعلي الشواطئ المرفوعة في بريطانيا في ستيرلنج علي ارتفاع +37 مترا فوق مستوي البحر الحالي، وقد تكون منذ حوالي 13,000 سنة مضت، عندما كان مستوي البحار علي سطح الأرض عند ارتفاع -50 مترا تقريبا عما هو عليه الآن، يعني ذلك أن هذا الشاطئ في ستيرلنج قد ارتفع حوالي 87 مترا منذ 13,000 سنة مضت.
ما زال يحدث تغير في مستوي البحر. على ضوء أدلة تسجيل مقياس المد حول العالم؛ حيث وجد أن مستوى البحر مازال يرتفع خلال الخمسون سنة الماضية بمعدل 1-2 مليمتر/سنة. تحدث أسرع معدلات التغير في مستوي البحر بمناطق تشوهات القشرة الأرضية، تلك المناطق التي توجد بها التصدعات، مثال علي ذلك في شمال غرب أوروبا بمنطقة الرصيف البلطي، أحول بحر البلطيق وبحر الشمال ما زالت معدلات الارتفاع في حدود 10 مليمتر / سنة.
عمليات خط الشاطئ:
أ- الأمواج:
تعتبر الأمواج إلى حد بعيد أكثر العوامل أهمية في تعديل خط الشاطئ، تنشأ الأمواج في معظم الأحوال بفعل الرياح و القليل منها بفعل الزلازل؛ حيث تسحب الرياح جزيئات الماء علي السطح فتبدأ حركات دائرية صغيرة في الماء، تظهر هذه الحركات أكبر قطراً بالقرب من السطح ويقل قطرها بالعمق (الشكل رقم 48). توجد إزاحة قليلة للماء لكن الموجة نفسها تتحرك أسرع داخل البحر في اتجاه الريح وتزيد حركتها مع التقدم. تتحكم في حجم الموجة ثلاثة عوامل هي: سرعة الريح، مدة الريح، والمسافة التي تقطعها الموجة. ستتولد الموجات الأكبر حتما نتيجة رياح قوية ممتدة لمسافة كبيرة كتلك التي تهب علي سطوح المحيطات. تكون الأمواج التي تصل إلي الساحل بعد أن تقطع مسافات طويلة فوق سطح المحيط موجة مد swell بينما أمواج الرياح المحلية تعتبر موجة بحر ( موجة عادية).
تتعرض الأمواج أيضاً للتكسر عندما تقترب من الساحل؛ وحيث تقترب موجات مائلة من شاطئ مستقيم الجر الاحتكاكى بقاع البحر يجعل الأمواج تتكسر في شكل موازي للشاطئ تقريباً، أما إذا كان الساحل متعرج تشغله رؤوس بحرية وخلجان، فإن الرؤوس تواجه الأمواج أولاً، وتتكسر هذه الأمواج بشكل مركز على الرؤوس البحرية وتقل كثيرة داخل الخلجان.
عندما تصل الأمواج إلي المياه الضحلة بالقرب من الساحل، يعدل قاع البحر أبعاد الموجة ، مع أن فترة الموجة الزمنية (T) لا تتغير إلا أن سرعتها تقل، و لهذا يقصر طول الموجة (L) ويزداد ارتفاعها(H) ، ويزيد معدل شدة انحدار الموجة (H /L) مما يؤدي إلي تكسرها. في منطقة تكسر الأمواج تتخطى قوة الموجة الشاطئ وتأخذ شكل زحف موج swash، يعود الزحف في شكل تدفق فرشي أو تيار رجعي rip- current فيما يعرف بارتداد الموج أو انحسار الموج back-swash. إن انحدار الموجة الشديد يخلق أمواج بانية أو تدميرية، يظهر معدل انحدار الأمواج البانية منخفض؛ بينما الأمواج التدميرية لها معدل انحدار عالي نسبياً.
ب- حركات المد:
تبدأ حركات المد المحيطة بفعل جاذبية الشمس والقمر، ويمكن توقع مواعيدها ومستويات ارتفاعاتها التي تتفاوت من المستوى العالي "المدّ الأعلى spring tides"، عندما تصطف الأجرام الثلاث: الأرض والقمر والشمس علي خط واحد، والمستوي المنخفض "الجزر المحاقي neap tides"، عندما يكون القمر والشمس في اتجاهات متعارضة مع بعضها (الشكل رقم 49). إن أكثر تأثير المد أهمية أنه يسيطر على الفعل الرأسي للموجة، أي أنه كلما كان تفاوت المد كبير جعل ذلك منطقة الشاطئ واسعة؛ وكلما كان صغير تركزت طاقة الموجة في منطقة ضيقة. يمكن أن يتفاوت المد محلياً طبقاً لشكل الساحل: فيحدث المد الأعلى في العالم بالمسطحات المائية الضيقة كما في المصبات الخليجية estuaries، مثل قناة بريستول وخليج فاندي Fundy ؛ حيث يصل أقصى ارتفاع للمد إلي ما يزيد عن 15 متر. يمكن أن تُزيد الرياح علي الشاطئ ارتفاع المد محليا؛ حيث تندمج مع تأثيرات انخفاض الضغط، الذي يسبب ارتفاع إضافي أيضا في مستوى سطح المحيط ، وينتج عن ذلك اندفاع للعاصفة التي تغمر الساحل، وقد حدث ذلك في جنوب بحر الشمال في عام 1953، مما أدي إلي خسائر في الأرواح وغمر بحري وتعرية واسعة الانتشار في شرق إنجلترا وغرب هولندا.
ج- التيارات البحرية:
تتكون التيارات البحرية من عدّة أنواع، وهي عبارة عن أي حركة دائرية أساساً لكتلة مائية تكونها الريح في البحار المفتوحة وتمثل أهمية كبيرة غير مباشرة للجيومورفولوجيا الساحلية (الشكل رقم (50)، لأنهم يمثلوا سيطرة رئيسية على مصدر طاقة الشّاطئ الأمامي والتي تؤثر على أبعاد الموجة، وامداد الراسب، والعامل الحيوي في المناطق الساحلية. تنشأ التيارات المدّية لأن المد ينحسر ويتدفق، و يكون عادة بقويّة كفاية لتحريك الرواسب في ماء المصبّات الخليجية. قد تخلق الرياح المحليّة التيارات في الخلجان والمصبّات الخليجية وعلى طول الشاطئ. لم تلقي التيارات في الدراسات الساحلية ومنذ فترة طويلة إلا قدر ضئيل من الأهمية، مع أنهم أكثر فعّالية في تشكيل طوبوغرافيا قاع البحر من تعديل الشواطئ. على عكس المعتقدات السابقة الحركة الشاطئية الطولية لمكونات الشاطئ لا تتأثر بالتيارات لكن لفعل الموج.