أولاً : القوى الباطنية البطيئة :
وتعتبر من أهم هذه الظاهرات التى تدل على عدم استقرار القشرة الأرضية، ومن ثم تنقسم إلى نوعين أساسيين حسب اتجاه القوى المسببة لها هى:
1 – قوى أفقية ينشأ عنها انثناء الصخور الرسوبية وطيها تؤدى إلى تكوين السلاسل الجبلية الالتوائية، وتسمى بالقوى الداخلية المكونة للجبال.
2- قوى رأسية إلى أعلى أو إلى أسفل، والتى تؤدى إلى رفع الكتل القارية أو خفضها دون مستوى سطح البحر، وتمثل النطاقات الساحلية أحسن المناطق التى يعتمد عليها فى تحديد مراحل ارتفاع أو انخفاض سطح الأرض بالنسبة لمنسوب سطح البحر، وتعتبر هذه القوى أهم القوى المكونة للقارات.
أولاً: الالتواءات: Folds
حركات انثناء بعض طبقات القشرة إلى أعلى أو أسفل، نتيجة تعرضها لضغوط جانبية، ويحدث الالتواء فى طبقات الصخور الرسوبية بسبب مرونتها النسبية عندما تكون الطبقات حديثة التكوين، بينما لا تنثنى الصخور الصلبة مثل الصخور النارية والمتحولة، لأن شدة صلابتها تمنعها من الانثناء إلا بدرجات محدودة مع ارتفاع الحرارة، فإن طبقات الصخور الرسوبية إذا ما تعرضت لشدة الضغوط إلتوت أو تجعدت، إما نتيجة قوى الضغط الجانبى من اتجاهين متضادين، أو قوى الضغط من اتجاه واحد على أن يقابلها من الجهة الأخرى كتلة صلبة ثابتة، مما يؤدى إلى عدم التحرك أمام هذا الضغط الجانبى.
وعندما تنثني طبقات الصخور الرسوبية، فإنها تتجعد إما إلى أسفل لتكون ثنايات مقعرة Syndines، أو إلى أعلى لتكون ثنايات محدبة Anticlines، ويتكون الإلتواء من أجزاء، هى أجزاء الطية علي النحو التالي:
– طول الطية: امتداد الطية على طول خط المضرب strike - line .
2- عرض الطية: المسافة بين الطبقات الملتوية folded فى اتجاه الميل ويتفاوت العرض تفاوتاً كبيراً للغاية ما بين عشرات الكيلو مترات وعدة سنتيمترات.
3- سطح محور الطية: المستوى أو السطح الذى يقسم الطية إلى قسمين متماثلين تقريباً، ويكون أحياناً سطح منحنى، ويمكن تحديده بخطوط المضرب وذلك بمقدار واتجاه ميله.
4- محور الطية: الخط الناتج عن تقاطع مستوى المحور مع سطح الطبقة الملتوية ولكل طية عدد من المحاور قد تكون فى وضع رأسى أو مائل أو أفقية الامتداد.
5– جناحا الطية limbs: الطبقات المائلة على جانبى سطح المحور.
6- قمة الطية: نقطة تمتد على مستوى أعلى منسوب من الطية المحدبة، وتوجد لكل طبقة من الطبقات المكونة للطية قمة.
7 – خط القمم: الخط الذى يصل بين نقطة القمة فى أعلى الطية.
8 - قاع الطية: نقطة أدنى منسوب للطية المقعرة ويوجد قاع لكل طبقة من طبقات الطية المقعرة.
عندما تتعرض الطبقات لضغوط أقوى من حدود مرونتها elastic-limit فإنها تتشكل ببطء فى صورة إلتواءات تأخذ أشكالاً مختلفة على حسب قوة الضغط واتجاهه وسمك الطبقات ونظامها وقوة مقاومتها، وتباين المقاومة من طبقة إلى أخرى أو من موضع إلى آخر، ولذلك فقد قسمت الطيات عموماً إلى عدة أنواع أهمها :
1 – الطية وحيدة الميل : Monocline
طية يشتد ميل الطبقات فى جانب واحد من جانبيها، مع بقاء الطبقات أفقية تقريباً أو مائلة ميلاً غير واضح فى جانبها الآخر، ومن ثم يحدث تغير فى قيمة زاوية الميل، ومن أمثلة هذه الطية بالأراضى المصرية ما ذكره صبرى محسوب عام 1993م طية منطقة أبو سمرة وجروف ساحل السيرة على ساحل البحر المتوسط قرب رأس الضبعة والتى تأخذ اتجاها عاما نحو الشمال الشرقى.
2– الطية المنتظمة أو المتماثلة: Symetrical Fold
يتساوى ميل الطبقات على كلا طرفى الطية، سواء كان الالتواء طية محدبة أو طية مقعرة، كما تظل طبقاتها محافظة على نظامها الأصلى، يتساوى الجناحان في هذه الطية، ومحورها عمودى على سطح الأرض.
3- الطية المائلة أو غير المنتظمة: Asymetrical Fold
تميل الطبقات في هذا النوع من الطيات بزاوية ميل أكبر نوعاً ما عن زاوية ميل الجانب الآخر، وبالتالى فإن أحد جناحى الطية أطول من الجانب الآخر.
4ـ الطية المقلوبة: Oerturned Fold
ويشتد ميل طبقات أحد جناحى الطية بحيث تزيد زاوية هذا الميل عن 90 5 درجة، ويكون هذا الجناح أقصر بكثير من الجناح الآخر، ويمثل محورها زاوية حادة مع المستوى الأفقى.
5ـ الطية المستلقاة: Rcumbent Fold
يستلقى أحد الجناحان على سطح الأرض تماماً ويختفى تحت الجانب الآخر، ولذلك يختل ترتيب الطبقات فى الجانب الأسفل بحيث تقع الطبقات الحديثة تحت الطبقات الأقدم منها، ويظهر محورها فى شكل زاوية حادة مع المستوى الأفقى.
6– الطية الزاحفة: Nappe
الغطاء الصخرى الزاحف الذى يمثل الجانب العلوى من طية مستلقاة زاد عليه الضغط الشديد، مما أدى إلى انفصاله عن بقية الطية والتزحزح بعيد عنها، حيث يؤدى زيادة الضغط الجانبى إلى تصدع الطية (انفصالها) عند محورها، وفصل جانبها الأعلى عن جانبها الأسفل ويظهر محورها موازى لسطح الأرض.
7– الطية المركبة: Cmposite Fold
طية كبيرة تضم بداخلها ثنيات صغيرة نسبياً، وهى تتكون عندما تتعرض منطقة شاسعة سبق أن تكونت بها مجموعة من الطيات للانثناء مرة أخرى ، وقد تشغل الطية من هذا النوع عدة آلاف من الكيلو مترات المربعة، و تشتهر باسم الطيات الكبرى أو الإقليمية، بعضها طيات محدبةGeoanticline تأخذ شكل المروحة فى بعض الأحيان، وبعضها طيات مقعرة Geosyncline.
8– الطية المنحدرة: Ptching Fold
يظهر محور الطية مائلاً علىالاتجاه الأفقى لا أفقياً سواء من ناحية واحدة أو من ناحيتين، ويطلق على الزاوية التى يصنعها المحور مع الاتجاه الأفقى اسم زاوية الانحدار.
تغير وضع الطيات وانعكاس التضاريس :
عندما تظهر الطيات المختلفة على سطح الأرض، فإن عوامل التجوية وعوامل التعرية؛ وبالأخص المياه الجارية والجليد والرياح تؤدى إلى تسوية سطحها بالتدريج، حيث أنها تعمل باستمرار على نحت وتعرية الأجزاء الظاهرة من الطيات المحدبة، ونقل مفتتاتها إلى الطيات المقعرة فينخفض سطح الطيات المحدبة ويرتفع سطح الطيات المقعرة. مع مرور الزمن يميل سطح المنطقة كلها إلى الاستواء، وتستغرق هذه العمليات أزمنة طويلة جدا قد تصل إلى عشرات الملايين من السنين، خاصة إذا كانت الطيات المحدبة كبيرة الحجم مثل المكونة للجبال الشاهقة، والتى تتميز صخورها بالصلابة الشديدة، وبعد أن
تتم تسوية سطح المنطقة فإن عوامل التعرية لا تتوقف عن نقل المواد الصخرية من أماكن الطيات المحدبة وترسيبها في أماكن الطيات المقعرة، وفى النهاية تتحول مناطق الطيات المحدبة إلى أحواض منخفضة، وتتحول مناطق الطيات المقعرة إلى هضاب مرتفعة نسبياً، وتسمى هذه الظاهرة باسم ظاهرة انعكاس التضاريسConversion of Relief وهى ظاهرة قليلة الحدوث، ولا توجد إلا فى مناطق الجبال الالتوائية القديمة التى مر على تكوينها مئات الملايين من السنين، مثل مناطق الجبال الموجودة فى شمال غرب أوربا، ومن أمثلة هذه الظاهرة فى مصر منخفض البحرية الذى يقع فى منطقة طية محدبة وتحول الآن إلي منخفض.
ومهما يحدث من تغير فى مظاهر سطح الطيات أو ما نسميه انعكاس التضاريس، فان الاستدلال على وجود الطيات المحدبة أو الطيات المقعرة، يظل أمراً ميسوراً بواسطة الجيولوجيين الذى يمكنهم أن يحددوا أنواع الطيات، على أساس ميل طبقات الصخور وترتيبها الزمنى حتى أنه من الممكن إعادة تصور الشكل الذى كانت عليه الطية قبل أن تختفى معالمها الظاهرة نتيجة تعرضها للنحت والتعرية.
الحركات الالتوائية الكبرى خلال العصور الجيولوجية :
إن حركات الطى الكبرى التى تعرضت لها قشرة الأرض خلال العصور الجيولوجية المتعاقبة، من أهم نتائج العوامل التكتونية التى أدت إلى تكون الأشكال التضاريسية الكبرى، وأهمها الجبال الإلتوائية التى تمتد فى شكل سلاسل ضخمة فى مختلف القارات، وقد ظهرت هذه الجبال خلال ثلاث مراحل أساسية، فى كل منها تعرضت قشرة الأرض لحركات تكتونية عنيفة، نتج عنها هذه الجبال الإلتوائية، كما صاحبها نشاط بركانى وخروج كميات كبيرة من اللافا، هذا إلى جانب حدوث عدد كبير من الصدوع فى بعض المناطق حيث صاحبت الصدوع الإلتواءات.
وقد حدثت الحركات الثلاثة فى فترات جيولوجية متتابعة، كان يفصل بين كل منها فترة من الهدوء النسبى والاستقرار فى قشرة الأرض، كانت فترات الهدوء تستمر لعدة ملايين من السنين، حدثت الحركة الأولى منذ أكثر من 300 مليون سنة، وفى خلال هذه الفترة الزمنية الطويلة لم تتوقف عوامل التجوية والتعرية عن تغيير معالمها وإزالة أجزاؤها المرتفعة، مما أدى إلى تحولها إلى تلال قليلة الارتفاع أو سهول تحاتية، بل إنه قد حدث انعكاس للتضاريس فى بعض أجزاءها .
كما تعرضت بعض المناطق الأخرى لحركات تكتونية جاءت بعد ذلك فعاد إليها ارتفاعها مرة أخرى أي استعادت شبابها من جديد، أما الحركة الثانية والتى حدثت فى نهاية الزمن الأول أى منذ أكثر من 200 مليون سنة، فإنه مازالت أجزاء منها تحافظ على ارتفاعها مثل جبال الإبلاش، بينما تحول بعضها الآخر إلى تلال وسهول تحاتية أيضاً مثل تلال مرتفعات الكاب فى جنوب غرب إفريقيا.
أما جبال الحركة الثالثة والتى حدثت منذ ما يقرب من 25 مليون سنة، والتى لم يتوقف بها النشاط حتى الآن، فإنها مازالت تحافظ على ارتفاعها، لأن عوامل التعرية لم تجد الوقت الكافى لإزالة مرتفعاتها أو حتى التقليل من ارتفاعاتها، حتى أنها تعتبر أعظم النطاقات الجبلية فى الوقت الحاضر، وهى التى تسمى بالحركة الألبية نسبة لجبال الألب فى أوربا الشكل رقم (18)، والحركات الإلتوائية هى:
1– الحركة الكاليدونية:Calidonian Movement
وتعود تسميتها بهذا الاسم إلى مرتفعات كاليدونيا فى شمال اسكتلندا، والتى تنتمي إليها، حدثت الحركة فى أواسط الزمن الجيولوجى الأول فى عصرى السيلورى والديفونى، ومن أشهر المرتفعات التى تنتمى لها مرتفعات شمال إسكتلندا ومرتفعات اسكندنياوه، وتكونت مرتفعات جبال الإبلاش بأمريكا الشمالية فى نهاية هذه الحركة، ولكن اكتمالها لم يتم إلا في فترة الحركة الهرسينية، وتوجد كذلك عند الأطراف الجنوبية للكتلة الكندية كما هو فى الحوض الأعلى لنهر يوكن، كما توجد فى الجانب الشرقى من جزيرة جرينلند، وتتمثل فى أمريكا الجنوبية فى الحافة الشرقية لهضبة البرازيل .
ولا يقتصر وجودها فى آسيا على الأطراف الجنوبية لكتلة سيبيريا، بل توجد أيضاً بقايا التواءات كاليدونية فى جبال سايان وبالقرب من بحيرة بيكال، أما فى قارة إفريقيا فتتمثل الإلتواءات الكاليدونية فى مرتفعات جورارة فى الصحراء الكبرى وتمتد من الشمال إلى الجنوب فى غرب القارة.
2- الحركة الهرسينية: Hercynian Movement
تعرف فى بريطانيا وغرب فرنسا بالحركة الفارسيكية وحدثت فى الجزء الأخير من الزمن الجيولوجى الأول خاصة فى عصرى الفحمى والبرمى، مما يعني أنها بدأت بعد ان انتهت الحركة الكاليدونية بعشرات الملايين من السنين، وتوجد إلى الجنوب منها تقريباً فى كل القارات، ولأنها أحـدث فإنها أكـثر ارتفـاعاً منها، هذا إلى جانب تعرضها فيما بعد فى عصور لاحقة إلى حركات رفع جديدة، وتوجد أهم المرتفعات التى تنتمي لها فى جنوب أيرلندا وجنوب ويلز وجنوب انجلترا، وجبال غرب أوربا ووسطها مثل هضبة فرنسا الوسطى وهضبة بوهيميا، وجبال السوديت والفوج والغابة السوداء، وبعض مرتفعات أسبانيا وجبال أورال، وتوجد فى آسيا فى جبال أرمينيا وبعض جبال آسيا الصغرى، وجبال إقليم بيكال وجبال ضنجان وتيان شان، وبعض مرتفعات الصين مثل جبال تسن لن، كما توجد فى مرتفعات أرخبيل الملايو وبعض جزر إندونيسيا مثل جزيرة جاوه وجزيرة بور ينو.
وتتمثل فى معظم جبال الألب الشرقية فى استراليا على طول الساحل الشرقى وفى بعض جهات جزر نيوزيلندة، أما فى قارة أمريكا الشمالية فتعتبر جبال الإبلاش ممثلاً رئيسياً لهذه الإلتواءات، وتتمثل فى أمريكا الجنوبية فى القسم الجنوبى لجبال الإنديز، في المنطقة الواقعة بين بتاجونيا وسهل البمباس في دولة الأرجنتين، بينما تمثلها فى إفريقيا جبال الكاب فى جنوب غرب القارة، وكذلك الإلتواءات الهرسينية فى هضبة مراكش وجبال أطلس الصغرى والأجزاء الشمالية من الصحراء الكبرى.
3– الحركة الألبية:Alpine Movement
أحدث الحركات الإلتوائية التى أصابت القشرة الأرضية، ولذلك فجبالها أعظم جبال العالم من حيث الامتداد والارتفاع، ومازالت ترتفع حتى الآن لقرب مدة حدوثها حيث بدأت فى أواخر الزمن الجيولوجى الثانى وبلغت أوجها فى منتصف الزمن الثالث، وأن عوامل التجوية والتعرية لم تؤثر فيها بالقدر الذى يخفضها، ونجد أنها لم تحدث كلها فى وقت واحد بل تقسم إلى ثلاثة أقسام حسب العصر الذى حدثت فيه، فالجبال الألبية القديمة التى نشأت فى أواخر الزمن الثانى وأوائل الزمن الثالث، وجبال الألب المتوسطة التى نشأت فى أواسط الزمن الثالث، ثم جبال الألب الحديثة التى نشأت فى أواخر الزمن الثالث ومازالت مستمرة حتى الآن .
ويمكن القول أن الإلتوءات الألبية ظهرت على هذا النحو من الضخامة والارتفاع نتيجة الإرسابات الهائلة التى تراكمت فى البحار الجيولوجية القديمة ولفترة طويلة، هذا بالإضافة إلى أن هذه الإلتواءات حدثت نتيجة ضغوط شديدة واسعة المدى، كما حددت الجبال الهرسينية اتجاه السلاسل الجبلية الألبية فى كثير من المناطق؛، حيث حددت هذه الجبال القديمة إتجاه جبال الألب فى أوربا وكذلك فى آسيا، مثل اتجاه سلاسل جبال الهيمالايا والتي ساعدت كتلة الصين القديمة على انحرافها نحو الجنوب إلى كل من بورما والملايو.
تمتد سلاسل جبال الألب فى شكل نطاقين أولهما نطاق حلقة النار الممتد على طول جانبى المحيط الهادى فى كل من الأمريكتين وأقواس الجزر الأسيوية والاسترالية، أما النطاق الثانى فهو نطاق جبال الألب فى جنوب أوربا وجبال وسط آسيا، ويمتد فى شكل نطاق عرضى من أقصى غرب أوربا عند خليج بكساى في غرب أسبانيا حتى جزر الهند الشرقية حيث يتصل بالنطاق الأول فى هذه الجزر في داخل إندونيسيا.
ويشمل النطاق الأول جبال غرب الأمريكتين، متمثلاً فى جبال الروكى والسلاسل الساحلية بأمريكا الشمالية، وسلاسل جبال الإنديز فى أمريكا الجنوبية، وجبال جزر السواحل الشرقية لآسيا مثل جزر الفلبين واليابان، أما النطاق الثانى فيشمل جبال الألب والسلاسل المتصلة بها فى أوربا وجبال أطلس فى إفريقيا، ويواصل امتداده نحو الشرق ليشمل أهم السلاسل الجبلية المرتفعة فى آسيا الصغرى والقوقاز وإيران وأفغانستان، وسلاسل جبال هيمالايا وامتدادها فى بورما والملايو وجزر إندونيسيا وجزر سواندا.
ثانياً : الانكاسارات: Faults
تؤدى كثير من الحركات الأرضية إلى حدوث الصدوع المختلفة الأحجام والاتجاهات فى مختلف أنواع الصخور، وتحدث الصدوع بسبب قوى رأسية vertical forces، وقوى أفقية تنتج أساساً عن حدوث ضغط Compression أو شد tension تتعرض له الصخور، والصدوع تشققات فى القشرة الأرضية تتعرض الصخور على جوانبها للتزحزح فى موازاة سطح الصدع surface of fracture ، وإن كانت تحدث فى كل أنواع الصخور لكنها اكثر وضوحاً فى الصخور الرسوبية، وعادة ما تتراوح الإزاحة ما بين ملليمتر واحد وعدة كيلو مترات.
ويكون الصدع أو الانكسار مصحوباً فى الغالب بانزلاقات جانبية فى الطبقات، وينقطع امتدادها فتظهر الطبقات الصخرية على أحد جانبيه فى مستويات مختلفة عنها على الجانب الآخر، وعلى الرغم من أن حركات الانزلاق فى أغلب الصدوع تكون من أعلى إلى أسفل أو العكس، إلا أنها قد تكون فى بعض أنواعها فى اتجاه جانبى، وإنه يصعب فى الحقيقة تحديد أى الجانبين قد استقر فى موضعه وأى منهما قد تحرك، ويصعب كذلك تحديد ما إذا كان الجانبان قد تحركا سوياً بشكل غير متماثل أو متساو.
ويطلق على السطح الذى تعرضت الصخور على طول امتداده للإزاحة displacement " مستوى التصدع " أو سطح الصدع fault plane " وعادة ما تغطيه المفتتات الصخرية الناتجة عن تفتت وسحق الصخور أثناء انزلاق الكتل على مستوى الصدع، والذى قد يمتد امتدادا رأسياً أو مائلاً.
أجزاء الصدع :
ينقسم الصدع إلى عدة أجزاء نتعرف عليها وأهمها ما يلى :
1 – سطح الصدع:Plane Fault
السطح الذى يحدث فيه الانفصال والإزاحة وتنزلق على طوله طبقات الصخور، و يتكون من حائطين إذا كان مائلا: أحدهما الحائط المعلق Hanging Wall وهو كتلة الصخور الملاصقة لسطحه العلوى/ والثانى الحائط السفلى Foot Wall وهو الكتلة الملاصقة لسطحه السفلى.
2– رمية الصدع:Throw of Fault
المسافة الرأسية التى يتغير بها منسوب الطبقات على جانبى الصدع، وتتراوح بين بضع سنتيمترات إلى مئات من الأمتار، كما يطلق على المسافة التى يتحركها أحد الجانبين إلى أسفل باسم الرامية السفلية Down Throw ، أما المسافة التى يتحركها إلى أعلى فتعرف باسم الرامية العلوية Up Throw .
3– ميل الصدع: Dip of Fault
الزاوية المحصورة بين سطح الصدع والمستوى الأفقى، كما يمكن حساب ميل الصدع كذلك على أساس الزاوية المحصورة بين سطحه والمستوى الرأسى، ويطلق على هذه الزاوية تعبير رمية الصدع.
4– الزحف الجانبى:Heave of Fault
المسافة الأفقية التى زحفتها الطبقات على جانبى الصدع.
5– الحافة الصدعية: Fault Scarp
الحافة الصخرية التى تمثل الجزء الظاهر من سطح الصدع.
أنواع الصدوع :
نتيجة تنوع القوى والعوامل التى تتدخل فى عمليات التصدع، فإن الصـدوع تتنوع هى الأخرى، وعلى ذلك يمـكن تقسيمها إلى عدة أنـواع أهمها، كما يتضح من الشكل رقم (20) على النحو التالى:
1– الصدع العادى : Normal fault
أكثر الأنواع وجوداً و يحدث غالباً بسبب الشد العنيف، ولذلك فإنه يعرف أيضا بصدع الشدNormal fault ، ويتميز باتساع المنطقة المتأثرة به نتيجة لانزلاق حائطه المعلق وحائطه السفلى، ويتوقف مقدار هذا الاتساع على عاملين هما مقدار زاوية ميل الصدع ومقدار رميته، والمعتاد أن رمية جانبه المعلق إلى أسفل، بينما رمية جانبه السفلى إلى أعلى.
2– الصدع المعكوس :Reverse fault
يحدث نتيجة تعرض المنطقة لضغط جانبى شديد، ولذلك فإنه يعرف" بصدع الضغط " ورمية حائطه المعلق إلى أعلى بينما رمية حائطه السفلى إلى أسفل، ويترتب على ذلك نقص المسافة الأفقية لمنطقة التصدع، وهذا عكس ما ينجم عن الصدع العادى، وينقسم الصدع العادي إلى قسمين:
أ– الصدع الاندفاعى العلوى:
ينشأ عندما تندفع الكتلة الصخرية المرتكزة على الحائط العلوى إلى أعلى مع ثبات الحائط السفلى.
ب– الصدع الاندفاعى السفلى:
ينزلق الحائط السفلى إلى أسفل مع بقاء الحائط العلوى ثابتاً، وقد يحدث الصدع المعكوس نتيجة لتعرض الطيات النائمة ذات المستوى المحورى الأفقى لضغوط شديدة تتجاوز مرونة الصخر، مما يجعله يتصدع على طول المستوى المحورى للطبقة.
3– الصدع الدورانى:Rotational Fault
ينشأ بفعل حركات دورانية كصدع تمزق، وينقسم إلى عدة أنواع منها المفصلى والمنزلق، ويحدث إذا تحركت الصخور بشكل دائرى حول محور أفقى أو رأسى، وتواكب هذا النوع من الصدوع هزات زلزالية، ولكنه على أى حال قليل الحدوث.
4– الصدع الأفقى (التمزق):Tear Fault
يختلف عن كل من الصدع العادى والصدع المعكوس، فى أن حركات الزحف فيه لا تكون من أسفل إلى أعلى أو العكس بل تكون غالباً فى اتجاه أفقى، ويحدث الزحف الأفقى نتيجة لتعرض منطقتين متجاورتين من التركيب الصخرى لضغوط أفقية من اتجاهين متضادين، فقد يؤدى ذلك إلى تمزق هذا التركيب وزحف جزء منه زحفاً أفقياً فى اتجاه مضاد لزحف جزئه الآخر مما يعني زحفهما في اتجاهين متضادين.
5– الصدوع السلمية:Step Fault
مجموعة من الصدوع المتوازية التى ترمى كلها فى اتجاه واحد، وتؤدى إلى ظهور الأرض بشكل درجات السلم، ويستوى فى ذلك إن كانت الصدوع عادية أو معكوسة، وتظهر فى شكل عدد متقارب من الصدوع فى منطقة ما، بحيث تقسم إلى كتل متوازية، ويكون اتجاه هبوط أو سقوط الحائط العلوى إلى أسفل بالنسبة للحائط السفلى، وينتج عن حركات رأسية تؤدى إلى هبوط أو رفع للكتل الصخرية بشكل تدريجى.
6– الصدع الزاحف:Overthrast Fault
مرحلة تالية للصدع المعكوس، ويحدث نتيجة لتزايد الضغط الجانبى بدرجة تؤدى إلى زحف الحائط المعلق فوق الحائط السفلى، وفى هذه الحالة تختفى بعض الطبقات الأحدث تحت الطبقات الأقدم، وقد يحدث الصدع الزاحف نتيجة لزيادة الضغط الجانبى على إحدى الطيات المستلقية، حيث تؤدى هذه الزيادة إلى تصدعها، وإذا استمر تزايد الضغط فقد يؤدى إلى زحف الجانب الأعلى لهذه الطية وانفصاله تماماً عن جانبها الأسفل، ويعرف الجانب الزاحف باسم الناب Nappe أو الغطاء الصخرى الزاحف، ويؤدى استمرار الضغط الجانبى أحياناً إلى زحف الغطاء الصخرى عشرات الكيلو مترات، وهى عملية بطيئة تستغرق مئات الألوف من السنين.
7– الصدع القافز (هورست):Horst
ينشأ بسبب ارتفاع كتلة صخرية يحدها صدعان من الجانبين لهما ميل كبير، ويحدث ذلك إما بسبب رفع الكتلة إلى أعلى أو بسبب هبوط الجانبين إلى أسفل، فتظهر الكتلة الوسطى مرتفعة.
8– الصدع الأخدودى:Graben
منخفض تركيبي تحيط به صدوع عادية أو معكوسة ذات زوايا ميل كبيرة، وتظهر على سطح الكتل القارية أو فوق قيعان الأحواض المحيطية، ومن أشهر هذه الأخاديد: الأخدود الإفريقى العظيم، والذى يمثل البحر الأحمر جزءاً منه، ويمتد هذا الأخدود لمسافة 7200 كيلو متر منها 5600 كيلو متر فى قارة إفريقيا، وكذلك صدع وادى الرين فى ألمانيا وغيرها.
الأدلة على وجود الصدوع:
يمكن التعرف على أدلة وآثار حدوث صدع فى منطقة كما التالى:
الخدوش:
تظهر الخدوش أحياناً نتيجة احتكاك الكتلة الصخرية المنزلقة بالصخور المقابلة على السطح الصدعى، وتشبه إلى حد كبير تلك الخدوش وحزوز التعرية الجليدية على جوانب الوادى الجليدى، ومن خلال الخدوش يمكن تحديد اتجاه الكتلة الصخرية المنزلقة، ويتم ذلك عن طريق تحريك اليد فى الاتجاه من السطح الخشن إلى السطح الناعم، وتوجد الخدوش فى الغالب فى حالة السطوح الصدعية ذات الزحزحة الأفقية المحدودة.
2– البريشيا التكتونية:Tectonic Berccia
يختلف هذا النوع من البريشيا عن تلك التى تنتج عن التجوبة الميكانيكية، والتى تتراكم فى أقدام السفوح فى شكل مخاريط هشيم Screes، بينما تظهر البريشيا التكتونية فى شكل كومة من المفتتات غير المنتظمة، مما يدل على حدوث زحزحة للطبقات فوق سطح الصدع، وتتباين أحجام حبيباتها ما بين دقيقة مثل الصلصال إلي كبيرة الحجم كالجلاميد.
3– منطقة القص:Shearing Zone
منطقة من الشقوق المتقاربة توجد على الصدوع، وتمتد موازية لبعضها البعض وتسمى بمنطقة القص الجيولوجى، وتتعرض المنطقة للنحت بمعدل أسرع من غيرها من المناطق الأخرى نتيجة شدة تمزقها، وغالباً ما تترسب فيها بعض الرواسب المعدنية مثل النحاس والرصاص نتيجة مرور المحاليل المعدنية خلال الشقوق والكسور، ويكثر وجودها فى صحراء مصر الغربية حيث توجد حافات تمثل امتداد لعروق الجبس والكالسيت وغيرها من المتبخرات الصخرية.
4 - سحب الطبقات :
يحدث تغير فى اتجاه ميل الطبقات أو فى خطوط المضرب على طول سطح الصدع، ويدل وجود ميل مفاجئ للطبقات المتوازية على احتمال وجود صدع فى الطبقة، كما قد يؤدى الصدع إلى حدوث زحزحة للطبقات الرسوبية، مما يؤدى إلى تكرار صورة بعضها أو اختفاء بعضها الآخر.
أهمية الصدوع في تشكيل سطح الأرض:
تعتبر الصدوع في حد ذاتها مظهراً من المظاهر التضاريسية الهامة، وهي ذات أشكال متباينة كما سبق القول، وإلي جانب ذلك فإنها مسئولة عن تكوين بعض الظاهرات التضاريسية المعروفة ومنها:
1-الأودية الصدعية :Grabrn of Rift Valley
وتحدث نتيجة وجود صدعان متوازيان أو أكثر وهبوط الأرض بينهما، ويصاحب هذا الهبوط ارتفاع الأراضى علي الجانبين الخارجيين، وأشهر هذه الأودية الصدعية في العالم الأخدود الإفريقي العظيمAfrican Great Rift Valley، و يبلغ طوله حولي 7200كم منها حوالي 5600كم بالأراضى الإفريقية والباقي في بلاد الشام، الشكل رقم (21)، ويبدأ من جنوب بحيرة مالاوى (نياسا) في شرق إفريقيا، ويأخذ اتجاهه نحو الشمال حتى شمال هذه البحيرة، وفي بداية هضبة البحيرات من الجنوب يتفرع إلي فرعين أحدهما غربي وتقع فيه بحيرة تنجانيقا التي تتصل بنهر الكنغو وبحيرة كيفو وإدوارد وألبرت والبحيرتان الأخيرتان متصلتان بنهر النيل .
أما الفرع الشرقي ويمتد في اتجاه شمالي شرق بحيرة فيكتوريا، و يمتد فيه عدد من البحيرات الصغيرة حتى نصل إلي بحيرة رودلف أكبر بحيرات هذا القطاع، ثم يغير الوادى الصدعى اتجاهه شمال بحيرة رودلف في اتجاه شمالي شرقي، فيقسم هضبة إثيوبيا إلي هضبتين هما هضبة الحبشة في الشمال الغربي وهضـبة الصومال في الجـنوب الشرقي ويضم هذا القطاع خليج عدن، ثم يغير الصدع اتجاهه ليتمشى مع البحر الأحمر وخليج عدن والبحر الميت وغور الأردن وسهل البقاع بلبنان، وينتهى فى سهل الغور بجنوب سوريا. ويعتبر وادى نهر الراين بين مرتفعات الفوج والغابة السوداء مثالاً واضحاً لهذه الأودية الصدعية.
2- الهضاب الصدعية: Horsts
تنتج عن ارتفاع الأرض بين صدعين متوازيين، أو يحدث هبوط الأرض علي الجانيين الخارجيين، أى أن الحركات التي تسببها تكون عكس الحركات التي تكون الأودية الصدعية، وربما توجد سلسلة من الهضاب والأودية الصدعية متجاورة في منطقة واحدة علي حسب عدد الإنكسارات التي تحدث فيها، ومن أمثلة هذه الهضاب الصدعية منطقة الفوج والغابة السوداء وهضبة بوهيميا في وسط أوربا.
3- الحافات الصدعيةFault Scarps:
الحافات التي تتكون نتيجة لرمية الصدع سواء إلي أسفل أو إلي أعلى؛ حيث يظهر القسم الأعلى من سطح الصدع بشكل حافة يختلف ارتفاعها علي حسب مقدار رمية الصدع، وتتوقف شدة انحدارها علي مقدار زاوية ميل الصدع، وبعد ظهور هذه الحافات فإنها تتعرض لكل من عوامل التجوية وعوامل التعرية المختلفة، فتتراجع وتفقد كثيراً من معالمها نتيجة تآكلها، وتتراكم الرواسب عند قاعدة الحافة في شكل مخاريط هشيم Screesأو مراوح فيضية Allavial fans .