"توجيه نبوي لنوع العلاقة مع حكام السوء
قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنه يُستعمل عليكم أمراء، فتَعْرفون وتُنكرون، فمن كره فقد برئ، ومن أنكر فقد سَلِم، ولكن مَن رَضِي وتابع))[1].
أهمية هذا الحديث والقياس عليه:
هذا الحديث أوَّلاً فيه معجزة ظاهرة للرسول صلى الله عليه وسلم بالإخبار بالمستقبل، كما نص على ذلك الإمام النووي في شرحه[2]، وتكمُن أهميَّته في حاجة المسلم إليه، وإلى الاهتداء بإرشاده إذا ابُتلي بمُعايشة أزمنة هؤلاء الحكام والأمراء، الذين أخبر عنهم النبي صلى الله عليه وسلم وهو صَفْعةٌ في وجه علماء السلطان، الذين لا يُشيعون بين الناس وطلبة العلم إلا شعار (طاعة ولي الأمر)، ويتعمَّدون ترك تقييد الطاعة بقيدين: أحدهما: يتعلَّق بالحاكم، والآخر: فيما يُطاع فيه؛ فأما ما يتعلَّق بالحاكم أو المسؤول فأن يكون من المسلمين، غيرَ مرتكبٍ لأحد نواقض الإسلام، والثاني: أن تكون الطاعة في المعروف.
ولأمانة فقهائنا الأبرار السابقين فقد بوَّبوا بمثل هذه العناوين: باب (وجوب الإنكار على الأمراء فيما يخالف الشرع)؛ وباب (وجوب معصية الأمير في المعصية)؛ وباب (السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية)، وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم بيَّن أحوال التصرُّف مع الأمير أو الحاكم عندما نعرف منه ونُنكر، فكيف يكون الحال مع مَن نَبَذَ الشريعة وهَدَم الإسلام، واستبدل بحكم الله قوانينَ وضعيةً، واستعلى بالعلمانية واستهزأ بالدين والتديُّن، ونشَر الفساد وأشاع الفاحشة، أو هو نفسه عميل للكفار والقُوى الأجنبية العدوَّة للإسلام والمسلمين؟!! اللهم، عونَك.
في اللغة:
مَن كرِه فقَد برِئ: أي: مَن كره المنكر من الأمير أو الحاكم، فقد برئ من إثمه وعقوبته، قال الإمام النووي: هذا في حق مَن لا يستطيع إنكارَه بيده ولا لسانه.
ومن أنكر فقد سَلِم: أي: مَن أظهر الإنكار على الحاكم لظُلمه أو فِسْقه، فقد سَلِم من المؤاخذة والمساءلة من رب العالمين.
ولكنَّ مَن رضي وتابع: قال النووي: معناه: ولكن الإثم والعقوبة على من رضي وتابع.اهـ، وهو تعبير ذو دلالة مهمَّة: إن كان في إثم الرضا بأعماله، أو كان في إثم متابعته ومشايعته، والترويجِ له ولعهده السياسي.
فهذا الحديث الصحيح أصلٌ في رسم علاقة صحيحة شرعية مع الحكام، الذين يقع منهم ظلم، وتظهر منهم تصرفات منكرة في الشرع، فضلاً عن الحكام المتنكِّرين للدين، والمحاربين للدعوة، والمبدِّلين للشريعة، إنها علاقة قائمة على عدم الرضا، ورفض المتابعة العمياء، ثم ترتقي إلى إنكار القلب وكراهية الحال، لمن لا يستطيع تغيير المنكر بلسانه ويده، أو إلى الإنكار والسعي للتغيير لمن قدر على ذلك.
وبذلك يربِّي الرسول صلى الله عليه وسلم أمَّته على الوعي والنقد، والموقف الإيجابي للسعي نحو الأحسن، وليس على التَّبَعية المفضية إلى السلبية، وتركِ الأمور تسير من سيِّءٍ إلى أسوأ، ولا يكون لها دور إلا التصفيق والمشايعة للباطل.
[1] حديث صحيح، رواه الإمام أحمد في مسنده في عدة مواضع (26528 و26577 و26606 و26607 و26728)، والإمام مسلم في صحيحه (1854)، في كتاب: الإمارة، باب: وجوب الإنكار على الأمراء فيما يخالف الشرع، والترمذي في جامعه (2367) في: أبواب الفِتَن، وأبو داود في سننه (4727) في كتاب: السنّة، عن أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها.
[2] 12/ 243.
"
قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنه يُستعمل عليكم أمراء، فتَعْرفون وتُنكرون، فمن كره فقد برئ، ومن أنكر فقد سَلِم، ولكن مَن رَضِي وتابع))[1].
أهمية هذا الحديث والقياس عليه:
هذا الحديث أوَّلاً فيه معجزة ظاهرة للرسول صلى الله عليه وسلم بالإخبار بالمستقبل، كما نص على ذلك الإمام النووي في شرحه[2]، وتكمُن أهميَّته في حاجة المسلم إليه، وإلى الاهتداء بإرشاده إذا ابُتلي بمُعايشة أزمنة هؤلاء الحكام والأمراء، الذين أخبر عنهم النبي صلى الله عليه وسلم وهو صَفْعةٌ في وجه علماء السلطان، الذين لا يُشيعون بين الناس وطلبة العلم إلا شعار (طاعة ولي الأمر)، ويتعمَّدون ترك تقييد الطاعة بقيدين: أحدهما: يتعلَّق بالحاكم، والآخر: فيما يُطاع فيه؛ فأما ما يتعلَّق بالحاكم أو المسؤول فأن يكون من المسلمين، غيرَ مرتكبٍ لأحد نواقض الإسلام، والثاني: أن تكون الطاعة في المعروف.
ولأمانة فقهائنا الأبرار السابقين فقد بوَّبوا بمثل هذه العناوين: باب (وجوب الإنكار على الأمراء فيما يخالف الشرع)؛ وباب (وجوب معصية الأمير في المعصية)؛ وباب (السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية)، وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم بيَّن أحوال التصرُّف مع الأمير أو الحاكم عندما نعرف منه ونُنكر، فكيف يكون الحال مع مَن نَبَذَ الشريعة وهَدَم الإسلام، واستبدل بحكم الله قوانينَ وضعيةً، واستعلى بالعلمانية واستهزأ بالدين والتديُّن، ونشَر الفساد وأشاع الفاحشة، أو هو نفسه عميل للكفار والقُوى الأجنبية العدوَّة للإسلام والمسلمين؟!! اللهم، عونَك.
في اللغة:
مَن كرِه فقَد برِئ: أي: مَن كره المنكر من الأمير أو الحاكم، فقد برئ من إثمه وعقوبته، قال الإمام النووي: هذا في حق مَن لا يستطيع إنكارَه بيده ولا لسانه.
ومن أنكر فقد سَلِم: أي: مَن أظهر الإنكار على الحاكم لظُلمه أو فِسْقه، فقد سَلِم من المؤاخذة والمساءلة من رب العالمين.
ولكنَّ مَن رضي وتابع: قال النووي: معناه: ولكن الإثم والعقوبة على من رضي وتابع.اهـ، وهو تعبير ذو دلالة مهمَّة: إن كان في إثم الرضا بأعماله، أو كان في إثم متابعته ومشايعته، والترويجِ له ولعهده السياسي.
فهذا الحديث الصحيح أصلٌ في رسم علاقة صحيحة شرعية مع الحكام، الذين يقع منهم ظلم، وتظهر منهم تصرفات منكرة في الشرع، فضلاً عن الحكام المتنكِّرين للدين، والمحاربين للدعوة، والمبدِّلين للشريعة، إنها علاقة قائمة على عدم الرضا، ورفض المتابعة العمياء، ثم ترتقي إلى إنكار القلب وكراهية الحال، لمن لا يستطيع تغيير المنكر بلسانه ويده، أو إلى الإنكار والسعي للتغيير لمن قدر على ذلك.
وبذلك يربِّي الرسول صلى الله عليه وسلم أمَّته على الوعي والنقد، والموقف الإيجابي للسعي نحو الأحسن، وليس على التَّبَعية المفضية إلى السلبية، وتركِ الأمور تسير من سيِّءٍ إلى أسوأ، ولا يكون لها دور إلا التصفيق والمشايعة للباطل.
[1] حديث صحيح، رواه الإمام أحمد في مسنده في عدة مواضع (26528 و26577 و26606 و26607 و26728)، والإمام مسلم في صحيحه (1854)، في كتاب: الإمارة، باب: وجوب الإنكار على الأمراء فيما يخالف الشرع، والترمذي في جامعه (2367) في: أبواب الفِتَن، وأبو داود في سننه (4727) في كتاب: السنّة، عن أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها.
[2] 12/ 243.
"
الأقسام الرئيسية
الأكثر مشاهدة من نفس التصنيف
الأحاديث القصار 200 حديث من الصحيحين
2022-06-20
بين الرأي والشرع
7/18/2022
روعة الانتصار سرها (الآن)
7/18/2022
اقتضاء الصلاح الإصلاح
7/18/2022
الرأي الأخر
0