علاقة الأرض بالشمس
توجد علاقة دائمة ومستمرة بين الأرض والشمس، ويرجع للشمس الفضل فى كافة صور الحياة على سطح الأرض، لأنها المصدر الرئيسى للطاقة الظاهرة والكامنة، التى تعمتد عليها جميع الأنشطة الحيوية على سطح الأرض، فيرجع الفضل لحرارة وضوء الشمس فى تعديل أشكال التضاريس علي سطحها، وما ينتج عنها من أنواع التربة، إلى جانب تأثيرها الواضح فى المناخ، وبالتالى فإنها تؤثر فى أنواع النبات والحيوان، والتى تمثل الغذاء المولد لطاقة البشر المحركة لكل أشكال النشاط على سطح الأرض، كما أن بقايا بعض النباتات والحيوانات تستخدم كمصادر للطاقة مثل الفحم والبترول والغاز الطبيعى.
وتعتبر الطاقة هى العامل المشترك المؤثر فى كل أشكال البيئة الجغرافية على سطح الأرض، وإن اختلفت أشكالها إلا أن مصدرها الأساسىهو الشمس، وعلى ذلك فالاختلاف بين بيئة جغرافية وأخرى على سطح الأرض، يعود إلى الفارق فى نصيب كل منها من الطاقة الشمسية التى تتلقاها. ويتوقف قدر هذه الطاقة على العلاقة بين الأرض والشمس، والتى نلاحظها فى توالى الليل والنهار والتفاوت فى طول كل منهما، وعملية تتابع الفصول وإختلاف حرارة كل فصل، ومايترتب على ذلك من التنوع المناخى والنباتى والحيوانى وأوجه النشاط البشرى، ويتوقف ذلك على دورتي الأرض اليومية والسنوية.
أ – الدورة اليومية للأرض:
تدور الأرض حول محورها الوهمى كل 24 ساعة، حيث تدور الأرض حول محورها أمام الشمس بسرعة لا تزيد عن 29.76 كم/ ثانية، في دورة عكس عقارب الساعة إذا مانظرنا إلى الأرض من نقطة تعلو القطب الشمالى، ومن ثم تدور أمام الشمس من الغرب إلى الشرق، فيما يعرف بحركة الشمس الظاهرية اليومية، حيث تشرق الشمس على المناطق الشرقية من الأرض، ويترتب على هذه الدورة ما يلى :
1 – تعاقب الليل والنهار: عندما تكون الشمس مواجهة لجزء من سطح الأرض يكون هذا الجزء نهاراً، وعند اختفاء الشمس عنه يكون ليلاً، وذلك لأن أى موقع على سطح الأرض لكى يعود على نفس الوضع أمام الشمس يستغرق ذلك 24 ساعة أى ليل ونهار كاملين، وفى هذه الظروف تبدو الشمس كما لو كانت تشرق من جهة الشرق، ثم ترتفع فى السماء حتى تعلو أشعتها السمت وقت الزوال، ثم تبدأ فى الأفول التدريجى بعد الظهر وحتى الغروب.
2- قوة الطرد المركزى: أى دوران الأرض حول نفسها وقد أدت تلك القوة إلى انبطاح الأرض عند قطبيها وانبعاجها عند منطقة استوائها, نتيجة وصول قوة الطرد المركزى إلى أقصي حد لها عند القطبين، وكان يمكن أن تؤدى تلك القوة إلى تطاير أجزاء من الأرض فى الفضاء نتيجة سرعة دورانها، ولكن قوة الجاذبية التى تزيد عن قوة الطرد المركزى بحوالى 289 مرة منعت ذلك، ولا يشعر الإنسان بقوة الطرد المركزي نتيجة انتظام دوران الأرض وقوة الجاذبية.
ب – الدورة السنوية للأرض:
تدور الأرض حول الشمس عكس عقارب الساعة أيضا، فى مدار شبه بيضاوى ، ويعني ذلك ان المسافة بين الأرض والشمس غير ثابتة طول العام علي الرغم من وقوع الشمس في المركز (365.25 يوماً)، فتبعد الأرض عن الشمس 152 مليون كم فى الصيف الشمالى، خاصة فى الرابع من يوليو، وعلى بعد 147 مليون كم فى الشتاء الشمالى، خاصة فى الثالث من شهر يناير، إن مدار الأرض حول الشمس يمر بكل من مركزى الأرض والشمس معا، ويسمى بمستوى الفلك ( أو مستوى الخسوف والكسوف عند الفلكيين )، ويصنع مدار الأرض هذا مع محورها زاوية مقدارها 66.5 5.
ويميل محور الدوران عن الخط العمودى على مستوى الفلك الواصل بين القطبين بزاوية مقدارها 23.5°، وتظل تحافظ على هذا الميل دائما، مما يعنى أن محور الأرض ذو اتجاه ثابت مهما كان موقع الأرض من الشمس، ونتيجة ميل هذا المحور وثبات الميل واستدارة الأرض، ودورانها حول نفسها وحول الشمس، ووجود الشمس فى مركز المدار البيضاوى للأرض، توجد آثار جغرافية بالغة الأهمية، ويمكن أن نلخص هذه الآثار فيما يلى:
1 – تعاقب الفصول على مدار السنة:
ينتج عن دوران الأرض فى مدارها حول الشمس تعاقب الفصول الأربع, وميل محورها مع بقائه ثابتاً فى اتجاه واحد بزاوية قدرها 23.5 5 على الإتجاه العمودى لمستوى الفلك، ويؤدى هذان العاملان ما يعرف بهجرة الشمس الظاهرية ما بين المدارين، وعليه تتعامد الشمس مرة كل سنة على مدار السرطان فى 21 يونيو، وهو يوم الانقلاب الصيفى، وتتعامد فى نهاية رحلتها نحو الجنوب على مدار الجدى فى 22 ديسمبر وهو يوم الانقلاب الشتوى.
وفى أثناء تعامد الشمس على مدار السرطان يكون القطب الشمال فى أقرب وضع منها، بينما يكون القطب الجنوبى فى أبعد وضع لها، ويكون الفصل صيفاً فى شمال خط الاستواء، بينما يكون شتاءاً فى جنوب خط الاستواء ، وتتعامد الشمس فى حركتها الظاهرية بين المدارين مرتين على كل العروض الواقعة بينهما، ومن ثم تتعامد على خط الاستواء فى يومى 21 مارس و 23 سبتمبر، وهذا ما يعرف بالاعتدالين.
2- اختلاف طول الليل والنهار:
يتوقف تتابع الليل والنهار على كروية الأرض ودورانها حول محورها أمام الشمس مرة كل يوم، فلو كان محور الأرض عمودياً على مستوى فلكها حول الشمس، لكان طول الليل والنهار متساويان على مدار السنة فى كل مكان على سطحها، ويأتى اختلاف طول الليل والنهار نتيجة ميل محور دوران الأرض (23.5 5) فى كل العروض باستثناء المنطقة الاستوائية، التى يتساوى فيها طول الليل والنهار تقريبا على مدار السنة، بينما يزيد طول النهار فى الصيف بعيداً عن هذه المنطقة الاستوائية، ويزيد طول الليل عن النهار فى الشتاء.
ويأتى أطول نهار وأقصر ليل فى السنة فى يوم الانقلاب الصيفى 21 يونيو، وأقصر نهار وأطول ليل فى يوم الانقلاب الشتوى 22 ديسمبر، ويتزايد هذا الفرق بالبعد عن المنطقة الاستوائية والاقتراب من القطبين، أما فى الاعتدالين (الربيع والخريف) فتتعامد الشمس على دائرة الاستواء، فيتساوى طول الليل والنهار فى كل العروض، ويبلغ طول كل منها 12 ساعة، ويتم ذلك فى 21 مارس و 23 سبتمبر.