"علماء الصومال الذائدون عن مراتع الفتنة
أعان الله فضيلة شيخ بشير أحمد صلاد ورفاقه في هيئة علماء الصومال.. وسدد المولى جهودهم الرامية إلى الإصلاح، فإن البلاد الصومالية اليوم على مشارف خطر لم يتهددها من قبل؛ فالهرج قد بدرت بوادره، والعدو الذي خطط له يرقب الساحة وقد أخذ الأهبة واستعد للتدخل، بل شرع فيه، والعامة قد أنهكتها الحرب وبدأ يدب إليها السأم، كانت الأسرة تتعزى أثناء قتال الإثيوبيين ومن قبلهم الغربيين إن سقط منها قتيل باحتسابه شهيدًا ? وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ? [آل عمران: 169].
أما اليوم فكيف يحتسب أحدهم من قتل على يد إسلامي يريد قتل من يراه العامي إسلاميًّا آخر! مهما قلت لـ (تبرر) فالعامة لا يميزون - بحمد الل ه- شقشقات المختلفين، ولا يقبلون بفطرهم شبهاتهم التي يسوغون بها قتال بعضهم بعضًا، ولايعدون ماهم فيه جهادًا... وحق لهم.
وإذا فقد المجاهدون دعم الشعب المؤيد للشريعة اليوم، أو أحدثوا بصنيعهم فيه شرخًا عميقًا قد يفضي إلى انقسام في المجتمع فسوف تدخل البلاد في فتنة لا مخرج لها منها إلاّ أن يتداركها أرحم الراحمين برحمته.. وما أسهل تحكم الأعداء فيهم بعدها، فتلكم سنة الله في المتنازعين.
إن المتأمل لاختلاف الإسلاميين في الصومال، وحال الفرقاء فيه يجد أن جهود هيئة علماء الصومال في الإصلاح هي التي يقضي بصحتها الشرع، ويملي صوابها العقل.
والواجب على الإخوة في الصومال أن يلتفوا حول علمائهم وأن يطيعوا أمرهم، فالله تعالى قد أمر بالرد إلى أهل العلم، وأوجب على العامة سؤالهم، ? فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ? [النحل: 43]، وجل الإسلاميين إلى أي جهة انتسبوا ليسوا من أهل العلم بل عليهم سؤال أهل العلم والصدور عن قولهم!
ومن القبيح أن يتقمص كل عامي من المتنازعين شخصية العالم فيقول بلسان حاله: أنا أعلم، ويقول مخالفه: أنا أعلم! ألا فليعلما أن العلماء كذلك يعلمون! وأن اتهام العوام وطلاب العلم علمهم وفهمهم وديانتهم وأمانتهم أولى من اتهامهم تلك في العلماء! وترك الاغترار يوجب لهم سماع العلماء ومعرفة ما عندهم وعرض ما يخالونه علومًا عليهم.. أما الإعراض عن نقاش العلماء وسماع ما عندهم فخطر نتائجه على الساحة مشهودة، بل على مر العصور.
وليعي الإخوة أن الخلاف في الفتن قد يكون بسبب اختلاف في الديانة بحكم مسائل شرعية كالاختلاف في حكم دخول البرلمان وفي حكم من أقسم على دستور غير شرعي، وفي حكم قتال من لم يدخل في سلطان ذي سلطان، وفي حكم الاستمرار في قتال من ابتدأ بالقتال، وقد يكون في شروط إنزال الأحكام والأسماء على معينين، وتحرير ذلك كله مردود إلى العلماء، ولاسيما إن كانت تترتب على الحكم أحكام عظام، تمس عموم الشعب الذين فرضهم الصدور عن أقول علمائهم.
إن الواجب على المسلم إزاء الفتنة بين المسلمين، السعي في الإصلاح، كما قال الله تعالى: ? وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ? [الحجرات: 9].
ومن المعلوم أن غالب قتال الفتنة لا يرضى الواقعون فيه - سواء كان الواقع ضاربًا بسيفه أو محرضًا برأيه مشاركًا بقوله - تسميته قتال فتنة، والشبهة المتكررة التي توجب ذلك هي أن الطائفة المقاتلة ترى أنها على الحق، وترى المخالف إما كافرًا أو مسلمًا لكنه أحدث ما يستوجب قتاله، وهكذا شأن جُلِّ المقتتلين في الفتن عبر تاريخ الإسلام كل يظن أنه على الحق، وأن ما معه من الحق من الظهور بمكان لا يخفى إلاّ على خفافيش البصائر! ولا عجب فغبار الفتنة يخيل إليهم أن الظلام حل لأنهم وسطه، أما البعيد عن الفتنة فلا يمكن أن يحجب عنه غبارها ضوء الشمس!
إخوة الإسلام:
إن الاقتتال في الفتن إنما ينجم جراء حق متنازع عليه، أو تأويل تتكئ عليه إحدى الطائفتين أو كلاهما، ويجهل كثير من المسلمين أن القتال قد يكون قتال فتنة وإن كان الحق مع طائفة دون الأخرى، أو كانت إحداهما أقرب له من الأخرى، فقد تعرض شبه لطائفة لا يجوز قتالها قبل أن تزال، وقتالها قبل زوال الشبهة قتال فتنة ولهذا قال الله تعالى: ? فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ? [الحجرات: 9].
وقد تزال الشبهة غير أن لا طاقة لصاحب الحق بقتال تفيء فيه الأخرى إلى أمر الله، والله إنما أوجب قتالًا تفيء فيه الأخرى إلى أمره، فإن لم يؤمن هذا فالواجب درء مفسدة القتال حتى لا تكون العاقبة إهراق الدماء المسلمة، دون حسم عسكري، ومن عَظَّم حرمة الدماء كما عظمها الشرع، علم أن كثيرًا من المصالح المتوهمة لا تعدل مفسدة إراقة الدماء المعصومة.. كيف وقد علم أن من عاقبة النزاع الفشل وذهاب الريح وتسلط الأعداء، ? وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ? [الأنفال: 46].
وإن مما يتوقع ويخشى إثر تفرق الإخوة في الصومال واقتتالهم إهلاك بعضهم بعضًا، وإضجار المسلمين في الصومال منهم لما يصيبهم جراء اقتتالهم، ثم تسليط العدو المكاشح الغربي أو الإثيوبي أو الإفريقي على بلادهم.. ولن يجدي حينها التلاوم ورمي الآخر بالتسبب، فاتقوا الله معاشر الإخوة، ولا توهنوا عرى الإسلام في البلاد بأيديكم، بتأويلات قد علمتم مخالفة علمائكم لكم فيها، أو اجتهادات لم تعرضوها على أهل النظر والتحقيق.
ولله كم من ركن للإسلام قد انصدع بالتأويل، منذ أن بدء في العصر الأول ثم لم يزل التأويل يأخذ مأخذه حتى قتل به عثمان، فأخذ بالزيادة والتولد حتى قتل به بين علي ومعاوية بصفين سبعين ألفًا أو أكثر من المسلمين، وقتل أهل الحرة بالتأويل، وقتل يوم الجمل بالتأويل من قتل، ثم كان قتل ابن الزبير ونصب المنجنيق على البيت بالتأويل، ثم كانت فتنة ابن الأشعث وقتل من قتل من المسلمين بدير الجماجم بالتأويل،.. ثم خروج أبي مسلم وقتله بني أمية وتلك الحروب العظام بالتأويل، ثم خروج العلويين وقتلهم وحبسهم ونفيهم بالتأويل، إلى أضعاف أضعاف ما ذكرنا من حوادث الإسلام التي جرها التأويل.
وما ضرب مالك بالسياط وطيف به إلا بالتأويل، ولا ضرب الإمام أحمد بالسياط وطلب قتله إلا بالتأويل، ولا قتل أحمد بن نصر الخزاعي إلا بالتأويل، ولا جرى على نعيم بن حماد الخزاعي ما جرى وتوجع أهل الإسلام لمصابه إلا بالتأويل، ولا جرى على محمد بن إسماعيل البخاري ما جرى ونفى وأخرج من بلده إلا بالتأويل، ولا قتل من قتل خلفاء الإسلام وملوكه إلا بالتأويل، ولا جرى على شيخ الإسلام عبدالله أبي إسماعيل الأنصاري ما جرى وطلب قتله بضعة وعشرين مرة إلا بالتأويل، ولا جرى على أئمة السنة والحديث ما جرى حين حبسوا وشردوا وأخرجوا من ديارهم إلا بالتأويل، ولا جرى على شيخ الإسلام ابن تيمية ما جرى من خصومه بالسجن وطلب قتله أكثر من عشرين مرة إلا بالتأويل.
فقاتل الله التأويل الباطل وأهله، وأخذ حق دينه وكتابه ورسوله وأنصاره منهم، فماذا هدموا من معاقل الإسلام وهدوا من أركانه وقلعوا من قواعده، ولقد تركوه أرق من الثوب الخلق البالي الذي تطاولت عليه السنون وتوالت عليه الأهوية والرياح، ولو بسطنا هذا الفصل وحده ما جناه التأويل على الأديان والشرائع وخراب العالم لقام منه عدة أسفار، وإنما نبهنا تنبيها يعلم به العاقل ما وراءه وبالله التوفيق[1].
فاتقوا الله أهل الصومال، وأصلحوا ذات بينكم، وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين، واصدروا عن دعوة علمائكم راضين.
[1] الصواعق المرسلة، لابن القيم 1/377-381.
"
أعان الله فضيلة شيخ بشير أحمد صلاد ورفاقه في هيئة علماء الصومال.. وسدد المولى جهودهم الرامية إلى الإصلاح، فإن البلاد الصومالية اليوم على مشارف خطر لم يتهددها من قبل؛ فالهرج قد بدرت بوادره، والعدو الذي خطط له يرقب الساحة وقد أخذ الأهبة واستعد للتدخل، بل شرع فيه، والعامة قد أنهكتها الحرب وبدأ يدب إليها السأم، كانت الأسرة تتعزى أثناء قتال الإثيوبيين ومن قبلهم الغربيين إن سقط منها قتيل باحتسابه شهيدًا ? وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ? [آل عمران: 169].
أما اليوم فكيف يحتسب أحدهم من قتل على يد إسلامي يريد قتل من يراه العامي إسلاميًّا آخر! مهما قلت لـ (تبرر) فالعامة لا يميزون - بحمد الل ه- شقشقات المختلفين، ولا يقبلون بفطرهم شبهاتهم التي يسوغون بها قتال بعضهم بعضًا، ولايعدون ماهم فيه جهادًا... وحق لهم.
وإذا فقد المجاهدون دعم الشعب المؤيد للشريعة اليوم، أو أحدثوا بصنيعهم فيه شرخًا عميقًا قد يفضي إلى انقسام في المجتمع فسوف تدخل البلاد في فتنة لا مخرج لها منها إلاّ أن يتداركها أرحم الراحمين برحمته.. وما أسهل تحكم الأعداء فيهم بعدها، فتلكم سنة الله في المتنازعين.
إن المتأمل لاختلاف الإسلاميين في الصومال، وحال الفرقاء فيه يجد أن جهود هيئة علماء الصومال في الإصلاح هي التي يقضي بصحتها الشرع، ويملي صوابها العقل.
والواجب على الإخوة في الصومال أن يلتفوا حول علمائهم وأن يطيعوا أمرهم، فالله تعالى قد أمر بالرد إلى أهل العلم، وأوجب على العامة سؤالهم، ? فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ? [النحل: 43]، وجل الإسلاميين إلى أي جهة انتسبوا ليسوا من أهل العلم بل عليهم سؤال أهل العلم والصدور عن قولهم!
ومن القبيح أن يتقمص كل عامي من المتنازعين شخصية العالم فيقول بلسان حاله: أنا أعلم، ويقول مخالفه: أنا أعلم! ألا فليعلما أن العلماء كذلك يعلمون! وأن اتهام العوام وطلاب العلم علمهم وفهمهم وديانتهم وأمانتهم أولى من اتهامهم تلك في العلماء! وترك الاغترار يوجب لهم سماع العلماء ومعرفة ما عندهم وعرض ما يخالونه علومًا عليهم.. أما الإعراض عن نقاش العلماء وسماع ما عندهم فخطر نتائجه على الساحة مشهودة، بل على مر العصور.
وليعي الإخوة أن الخلاف في الفتن قد يكون بسبب اختلاف في الديانة بحكم مسائل شرعية كالاختلاف في حكم دخول البرلمان وفي حكم من أقسم على دستور غير شرعي، وفي حكم قتال من لم يدخل في سلطان ذي سلطان، وفي حكم الاستمرار في قتال من ابتدأ بالقتال، وقد يكون في شروط إنزال الأحكام والأسماء على معينين، وتحرير ذلك كله مردود إلى العلماء، ولاسيما إن كانت تترتب على الحكم أحكام عظام، تمس عموم الشعب الذين فرضهم الصدور عن أقول علمائهم.
إن الواجب على المسلم إزاء الفتنة بين المسلمين، السعي في الإصلاح، كما قال الله تعالى: ? وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ? [الحجرات: 9].
ومن المعلوم أن غالب قتال الفتنة لا يرضى الواقعون فيه - سواء كان الواقع ضاربًا بسيفه أو محرضًا برأيه مشاركًا بقوله - تسميته قتال فتنة، والشبهة المتكررة التي توجب ذلك هي أن الطائفة المقاتلة ترى أنها على الحق، وترى المخالف إما كافرًا أو مسلمًا لكنه أحدث ما يستوجب قتاله، وهكذا شأن جُلِّ المقتتلين في الفتن عبر تاريخ الإسلام كل يظن أنه على الحق، وأن ما معه من الحق من الظهور بمكان لا يخفى إلاّ على خفافيش البصائر! ولا عجب فغبار الفتنة يخيل إليهم أن الظلام حل لأنهم وسطه، أما البعيد عن الفتنة فلا يمكن أن يحجب عنه غبارها ضوء الشمس!
إخوة الإسلام:
إن الاقتتال في الفتن إنما ينجم جراء حق متنازع عليه، أو تأويل تتكئ عليه إحدى الطائفتين أو كلاهما، ويجهل كثير من المسلمين أن القتال قد يكون قتال فتنة وإن كان الحق مع طائفة دون الأخرى، أو كانت إحداهما أقرب له من الأخرى، فقد تعرض شبه لطائفة لا يجوز قتالها قبل أن تزال، وقتالها قبل زوال الشبهة قتال فتنة ولهذا قال الله تعالى: ? فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ? [الحجرات: 9].
وقد تزال الشبهة غير أن لا طاقة لصاحب الحق بقتال تفيء فيه الأخرى إلى أمر الله، والله إنما أوجب قتالًا تفيء فيه الأخرى إلى أمره، فإن لم يؤمن هذا فالواجب درء مفسدة القتال حتى لا تكون العاقبة إهراق الدماء المسلمة، دون حسم عسكري، ومن عَظَّم حرمة الدماء كما عظمها الشرع، علم أن كثيرًا من المصالح المتوهمة لا تعدل مفسدة إراقة الدماء المعصومة.. كيف وقد علم أن من عاقبة النزاع الفشل وذهاب الريح وتسلط الأعداء، ? وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ? [الأنفال: 46].
وإن مما يتوقع ويخشى إثر تفرق الإخوة في الصومال واقتتالهم إهلاك بعضهم بعضًا، وإضجار المسلمين في الصومال منهم لما يصيبهم جراء اقتتالهم، ثم تسليط العدو المكاشح الغربي أو الإثيوبي أو الإفريقي على بلادهم.. ولن يجدي حينها التلاوم ورمي الآخر بالتسبب، فاتقوا الله معاشر الإخوة، ولا توهنوا عرى الإسلام في البلاد بأيديكم، بتأويلات قد علمتم مخالفة علمائكم لكم فيها، أو اجتهادات لم تعرضوها على أهل النظر والتحقيق.
ولله كم من ركن للإسلام قد انصدع بالتأويل، منذ أن بدء في العصر الأول ثم لم يزل التأويل يأخذ مأخذه حتى قتل به عثمان، فأخذ بالزيادة والتولد حتى قتل به بين علي ومعاوية بصفين سبعين ألفًا أو أكثر من المسلمين، وقتل أهل الحرة بالتأويل، وقتل يوم الجمل بالتأويل من قتل، ثم كان قتل ابن الزبير ونصب المنجنيق على البيت بالتأويل، ثم كانت فتنة ابن الأشعث وقتل من قتل من المسلمين بدير الجماجم بالتأويل،.. ثم خروج أبي مسلم وقتله بني أمية وتلك الحروب العظام بالتأويل، ثم خروج العلويين وقتلهم وحبسهم ونفيهم بالتأويل، إلى أضعاف أضعاف ما ذكرنا من حوادث الإسلام التي جرها التأويل.
وما ضرب مالك بالسياط وطيف به إلا بالتأويل، ولا ضرب الإمام أحمد بالسياط وطلب قتله إلا بالتأويل، ولا قتل أحمد بن نصر الخزاعي إلا بالتأويل، ولا جرى على نعيم بن حماد الخزاعي ما جرى وتوجع أهل الإسلام لمصابه إلا بالتأويل، ولا جرى على محمد بن إسماعيل البخاري ما جرى ونفى وأخرج من بلده إلا بالتأويل، ولا قتل من قتل خلفاء الإسلام وملوكه إلا بالتأويل، ولا جرى على شيخ الإسلام عبدالله أبي إسماعيل الأنصاري ما جرى وطلب قتله بضعة وعشرين مرة إلا بالتأويل، ولا جرى على أئمة السنة والحديث ما جرى حين حبسوا وشردوا وأخرجوا من ديارهم إلا بالتأويل، ولا جرى على شيخ الإسلام ابن تيمية ما جرى من خصومه بالسجن وطلب قتله أكثر من عشرين مرة إلا بالتأويل.
فقاتل الله التأويل الباطل وأهله، وأخذ حق دينه وكتابه ورسوله وأنصاره منهم، فماذا هدموا من معاقل الإسلام وهدوا من أركانه وقلعوا من قواعده، ولقد تركوه أرق من الثوب الخلق البالي الذي تطاولت عليه السنون وتوالت عليه الأهوية والرياح، ولو بسطنا هذا الفصل وحده ما جناه التأويل على الأديان والشرائع وخراب العالم لقام منه عدة أسفار، وإنما نبهنا تنبيها يعلم به العاقل ما وراءه وبالله التوفيق[1].
فاتقوا الله أهل الصومال، وأصلحوا ذات بينكم، وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين، واصدروا عن دعوة علمائكم راضين.
[1] الصواعق المرسلة، لابن القيم 1/377-381.
"
الأقسام الرئيسية
الأكثر مشاهدة من نفس التصنيف
الأحاديث القصار 200 حديث من الصحيحين
2022-06-20
بين الرأي والشرع
7/18/2022
روعة الانتصار سرها (الآن)
7/18/2022
اقتضاء الصلاح الإصلاح
7/18/2022
الرأي الأخر
0