«المندسين»... مصطلح أنظمتنا


إنضم
Jan 26, 2011
المشاركات
18,166
مستوى التفاعل
86
المطرح
الكويت
رسايل :

لو كنتُ يومًا سأسرق .. لسرقتُ أحزانك ..

يبدو أننا كعرب لم نعتد الثقة بقدرة شعوبنا على الثورة ورفض الظلم والاستغلال والاستعباد، ويبدو كذلك أننا عانينا من الريبة والتشكك في أي حراك غير اعتيادي لشعوبنا، بسبب الاستعمار والمؤامرات المتلاحقة على شعوبنا طوال قرون، حتى بتنا نصدق ادعاءات السلطات الاستبدادية بأن الحراك من صنع مندسين.
مع تسليمنا باختلاف وتفاوت ما حدث من ثورات في الدول العربية، إلا أن كثيراً منا نظر إليها باعتبارها مؤامرة، ومخططاً مشبوهاً، فالثورة المصرية نالت النصيب الأوفر عندما قيل انها ثورة بتخطيط أميركي إسلامي، وعندما وثبت الأحزاب الإسلامية إلى السلطة زاد اليقين بهذا المخطط، وعمدت الثورة المضادة إلى خلط الأوراق فاتهمت اليسار المصري بتقاضي مبالغ مالية من اسرائيل، وتردد وصف المندسين والمخربين لثورة الشعب المصري العظيم، والتي كان لها أثر كبير على مجمل الدول العربية.
كما اتهمت الثورة الليبية بأنها من فعل تنظيم القاعدة والغرب، وخاصة عندما تدخل حلف الناتو بحجة دعم الثورة وحماية الشعب الليبي، كما قال علي عبدالله صالح ان الثورة اليمنية حيكت في الغرف الاسرائيلية والأميركية، وقيل انها من صنع القاعدة والحوثيين، وقيل ان الثورة السورية مؤامرة غربية من أجل القضاء على المقاومة، وتم نسيان الشعوب وحقوقها المشروعة في الحرية والكرامة والديموقراطية.
والغريب أن بعض الأحزاب السياسية لم تعتمد في تحليلها على قدرة شعوبها على مكافحة الظلم، وركزت على الجزء وعممته، وركزت على التخريب والتشويه المتعمدين للثورات، وركزت على انتهاز اللصوص والعصابات للفوضى لتصف الثوار بالعصابات واللصوص.
ومما زاد من ربكة التحليل وتخبطه، تسلم الإسلاميين للحكم في تونس ومصر، ووجود بعض الإسلاميين في بقية الدول المنتفضة والثائرة، فرأى البعض المشهد في سكونه واستاتيكيته، ولم يروه في حركته الجدلية كما يفترض العلم، واعتبروا كل نتائج الثورات نهائية بينما جميع الثورات لم تحقق أهدافها بعد، حتى أن مثقفينا لم يراجعوا الثورات في التاريخ ليستخلصوا منها العبر.
وتنسى بعض الأحزاب السياسية صراعها الأساسي مع السلطة والأنظمة والمخططات الأميركية والغربية والاسرائيلية، وتحصر صراعها مع القوى الإسلامية، والذي يجب أن تواجه مخططاته الرامية لتقويض الدولة المدنية والتضييق على الحريات الشخصية والانقلاب على المكتسبات الديموقراطية وإن كانت منقوصة.
فما نالته الثورات من اتهامات أكثر مما نالته الأنظمة الاستبدادية وحكامها، كما أن البعض عزا موقفه بسبب عدم ثقته بما تبثه بعض الفضائيات العربية، بل سمعت كلاماً مضحكاً يؤكد أن مشاهد القتل والدمار في سورية صورت في استديوات قطرية وهي ليست مشاهد حقيقية.
إن المناضل من أجل الاصلاح والتغيير لا ييأس ولا يحبط، ولا يتأثر بالعراقيل والصعوبات، ولكنه يتسلح بالأمل وبثقته بأن الشعوب قادرة على احداث التغيير الذي لن يأتي بين ليلة وضحاها، كما يدرك بفكره الثاقب أن الأنظمة لن تتنازل عن مصالحها بسهولة، وستبحث عن ألف وسيلة لتفكيك وحدة الشعوب واضعاف الروح المعنوية للمناضلين والثوار.
 
أعلى