«ساعة ونص».. فى حضرة ميلودراما مصرية

{*B*A*T*M*A*N*}

مشرف

إنضم
Sep 21, 2011
المشاركات
23,222
مستوى التفاعل
80
المطرح
دمشق
بعد نجاح فيلمى «كباريه» و«الفرح» أصبح لدينا هذه النوعية من السينما التى تقدم قصص شخصيات متعددة بشكل مكثف فى قالب ميلودرامى يستلهم حكايات شديدة الواقعية، هى تجربة وقف وراءها الكاتب أحمد عبد الله والمنتج أحمد السبكى ومعهما المخرج سامح عبد العزيز لتقديم سينما مختلفة عن السائد تستخدم البطولة الجماعية والميلودراما الأخلاقية التى تلامس هوى بعض الجمهور.
فى فيلم «ساعة ونص» نرى امتدادًا فنيًّا لأسلوب فيلمى «الفرح» و«كباريه» بلمسات مخرج آخر هو وائل إحسان، هناك لمحات متميزة فى التصوير والمؤثرات لكنها تتعثر فى زحام القصص والشخصيات، نرى نفس ملامح الأفلام السابقة بحشد عدد أكبر من الممثلين، وجرعة أكبر من الميلودراما والبكاء والحزن، فى الحقيقة إننا أمام جرعة مكثفة ومفرطة من الحكايات البشرية شديدة الكآبة تبدأ منذ اللحظات الأولى للفيلم وتنتهى بنهايته، هناك فروق بالطبع منها أننا لسنا أمام قصة درامية تحركها طبيعة المكان كفيلم «كباريه» ولسنا أمام موقف تدور حوله الشخصيات مثل فيلم «الفرح»، نحن أمام حكايات مبعثرة ململمة من هنا وهناك، بعضها مبتور إطارها رحلة قطار، زمن الفيلم ٩٠ دقيقة تتقاسمه نحو ٢٥ شخصية لكل منها وقت لا يتجاوز ٣ دقائق وبضعة ثوان لا أكثر ليرسم فيها الممثل والسيناريو ملامح الشخصية وخلفيتها وأبعاد أزمتها، ويفشل الفيلم غالبًا فى تحقيق هذه المعادلة الصعبة فيعتمد على الحوارات المكثفة على حساب الصورة، ويبرز أداء بعض الممثلين وقدرتهم على إضفاء عمق وإحساس عالٍ ومكثف فى مشهد واحد.​
نرى لمحات الأداء التمثيلى المتميز فى هذا المشهد العبقرى بين إياد نصار وكريمة مختار، الجامعى الذى تضطره الظروف لبيع كتب بلا قيمة عن خطابات الحب، ويلتقى بتلك الأم الأمية البسيطة التى تركها ابنها مع ورقة تطلب ممن يقرأها الذهاب بها إلى أى دار مسنين، ونجح أيضا ماجد الكدوانى فى كسر حالة الأداء المأساوى للممثلين بلمحات ساخرة قدمها فى شخصية الشرطى الذى يصطحب شابا متهما بتقبيل صديقته الأجنبية فى الطريق العام، هو يمثل السلطة المتزمتة، لكن لا مانع عنده فى أن يعرض صورة شقيقته العانس على الشاب لعل وعسى.​
حالات أخرى يقدمها الفيلم فى اجتهاد لتقديم قصص مبتورة شديدة الحزن والإحباط للمزايدة على مواد الفيلم التعيس، منها قصة مؤلف الأغانى محمود البزاوى والمغنى الشاب، وكلاهما يبحث عن فرصة فى فرح تم إلغاؤه، أو عامل السكة الحديد الكهل أحمد بدير الذى تخونه زوجته الشابة، أو الأم هالة فاخر التى تحاول رفع معنويات ابنها المريض نفسيا بوعود لن تتحقق، أو الصديقان محمد رمضان وكريم محمود عبد العزيز العائدان من ليبيا مفلسين أحدهما يموت على القطار بعد نوبة كلى، هناك لمسات اجتهاد للممثلين أو براعة حوار، لكن دون أن تصنع قطع الفسيفساء الدقيقة المعبرة لوحة كبيرة متنوعة الألوان ومتناقضة فى مساحة الضوء والظلال، الحالة الواحدة الرتيبة للفيلم منذ البداية للنهاية صنعت نوعًا من التسطيح الميلودرامى، المشاهد لا يصل تدريجيا إلى حالة التأثير الميلودرامى لأنه ببساطة محاصر منذ البداية بالفواجع والمواجع والمآسى، يحدث كل هذا برعاية إخراج زاعق يضع المشاهد فى حالة من الأحداث المؤلمة المتلاحقة وموسيقى ياسر عبد الرحمن الحزينة ذات الصوت العالى الذى لا يترك للمشاهد فرصة للتأمل.
 
أعلى