سبارتاكوس
بيلساني سنة ثالثة
![](https://albailassan.com/vb/images/stars/3.gif)
![](https://albailassan.com/vb/images/stars/3.gif)
![](https://albailassan.com/vb/images/stars/3.gif)
![{ سبارتاكوس , مو عالخــط }](https://albailassan.com/vb/images/statusicon/user-offline.png)
- إنضم
- Sep 8, 2008
- المشاركات
- 661
- مستوى التفاعل
- 6
- المطرح
- محل مافي بنت حلوة
![{الجنسية , syria}](https://albailassan.com/vb/images/flags/syria.gif)
[font="] طفولتي[/font][font="] [/font]
[font="][/font]
[font="] [/font][font="][/font]
[font="] [/font][font="]يبدو وكأن[/font][font="] [/font][font="]القدر تعمد اختيار براوناو موقعاً لاولد فيه : فتلك المدينة الصغيرة تقع على الحدود[/font][font="] [/font][font="]بين دولتين سعينا نحن الجيل الجديد لتوحيدهما بكل ما لدينا من قوة[/font][font="].[/font]
[font="] [/font][font="]فلابد من[/font][font="] [/font][font="]عودة المانيا النمساوية للوطن الام ، وليس بسبب أي دوافع اقتصادية. بل وحتى ان الحق[/font][font="] [/font][font="]الاتحاد اضراراً اقتصادية، فلابد منه. دمائنا تطلب وطناً واحداً ، ولن تستطيع الامة[/font][font="] [/font][font="]الالمانية امتلاك الحق الاخلاقي لتحقيق سياسة استعمارية حتى تجمع اطفالها في وطن[/font][font="] [/font][font="]واحد. وفقط حين تشمل حدودنا آخر الماني، ولا نستطيع تامين رزقه، سنمتلك الحق[/font][font="] [/font][font="]الاخلاقي في احتلال اراض اخرى بسبب معاناة شعبنا. سيصير السيف اداة الحرث ، ومن[/font][font="] [/font][font="]دموع الحرب سينبت الخبز للاجيال القادمة. وهكذا يبدو لي ان هذه القرية الصغيرة كانت[/font][font="] [/font][font="]رمزاً للمسؤلية الغالية التي انيطت بي ، ولكن هنالك صورة بائسة اخرى تذكرنا تلك[/font][font="] [/font][font="]المدينة بها. فقبل مائة عام، كانت مسرحاً لكارثة ماساوية ستخلد في صفحات التاريخ[/font][font="] [/font][font="]الالماني. فحين انحطت الاوضاع الى اسوء حال ممكن تحت وطئة الاحتلال الفرنسي، استشهد[/font][font="] [/font][font="]جوهانا، بائع الكتب، في سبيل الوطن الذي احبه. وقد رفض التخلي عن شركائه وشجب الذين[/font][font="] [/font][font="]كانوا افضل منه في قدراتهم. وقد ابلغ احد ضباط الشرطة الالمان عنه الفرنسيين ، وبقى[/font][font="] [/font][font="]العار ملحقاً باسمه حتى الساعة[/font][font="]. [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]في هذه المدينة الصغيرة، المضيئة ببريق[/font][font="] [/font][font="]الشهادة في سبيل الوطن، والتي حكمتها النمسا وان كان دم شعبها المانياً ، عاش والدي[/font][font="] [/font][font="]في آواخر الثمانينات من القرن الماضي: وبينما كان والدي موضفاً حكومياً، رعت امي[/font][font="] [/font][font="]افراد الاسرة. ولم بيق حالياً في ذاكرتي سوى القليل عن هذا المكان لاننا سرعان ما[/font][font="] [/font][font="]رحلنا منه لبلدة باسو في المانيا[/font][font="]. [/font]
[font="] [/font][font="]وخلال تلك الايام كان التنقل مصيراً محتوماً[/font][font="] [/font][font="]على الموظف. وهكذا انتقل والدي مرة ثالثة الى لينز، وهناك اخيراً تمت احالته على[/font][font="] [/font][font="]التعاقد. ولكن ذلك لم يعن له الراحة ابداً. فمنذ طفولته كان لا يطيق البقاء في[/font][font="] [/font][font="]المنزل بلا عمل، وهرب في سن الثالثة عشر الى فيينا وتعلم حرفة وحصل على التجربة[/font][font="] [/font][font="]والنجاح قبل سن السابعة عشر، ولكنه ما قنع بكل هذا ، بل ان معاناة الاعوام الاولى[/font][font="] [/font][font="]دفعت للسعي وراء مستقبل افضل . وهكذا بحث على وظيفة حكومية، وبعد عشرين عاماً من[/font][font="] [/font][font="]الصراع الدؤوب ، عثر عليها. وهكذا حقق قسمه القديم ، وهو الا يعود لقريتة الصغيرة[/font][font="] [/font][font="]الا بعد ان يكون قد كون نفسه[/font][font="].[/font]
[font="] [/font][font="]حقق الرجل حلمه ، ولكن لا احد في القرية تذكر[/font][font="] [/font][font="]الطفل الذي هاجر ، بل وبدت له قريته غريبة تماماً ، وكانه يراها لاول مرة. واخيراً،[/font][font="] [/font][font="]وفي سن السادسة والخسين، بعد تقاعده، ما استطاع احتمال الفراغ، فاقتنى مزرعة وعمل[/font][font="] [/font][font="]في زراعتها كما فعل اجداده من قبل[/font][font="].[/font]
[font="] [/font][font="]وخلال تلك الفترة تكونت داخلي بوادر الشخصية[/font][font="] [/font][font="]الاولية. اللعب في الحقول، المشي الى المدرسة، وخصوصاً الاختلاط مع اصدقائي[/font][font="] [/font][font="]العنيفين الذي اقلقت علاقاتي معهم والدتي، كل هذه جعلتني من النوع النشط الذي لا[/font][font="] [/font][font="]يرتاح للبقاء في المنزل. وبالرغم من عدم تفكري بالحرفة المستقبلية، ما كانت عواطفي[/font][font="] [/font][font="]ابداً تتجه نحو المسير الذي اتخذه والدي لنفسة. اؤمن باني حتى آنذاك تمتعت بقدرات[/font][font="] [/font][font="]بلاغية مميزة ظهرت في شكل حوارات عنيفة مع زملاء الدراسة. بل وبت زعيماً لمجموعة[/font][font="]: [/font][font="]ونجحت في المدرسة بالفعل ، ولكني كنت شديد المراس. اشتركت في النشاطات الكنائسية ،[/font][font="] [/font][font="]واسكرتني عظمة هذه المؤسسة العريقة. وبدا لي القس مثالاً لما ينبغي ان اكونه، كما[/font][font="] [/font][font="]بدا لوالدي من قبل. ولكن الاخير فشل في التعامل مع قدرات ابنه البلاغية وما استطاع[/font][font="] [/font][font="]تصور مستقبل ممكن له، بل واقلقه هذا الوضع كثيراً[/font][font="]. [/font]
[font="] [/font][font="]هذا الحلم الكنائسي تخلى عني[/font][font="] [/font][font="]سريعاً ، بعد ان عثرت على بعض الكتب العسكرية التي وصفت العارك بين فرنسا والمانيا[/font][font="] [/font][font="]عام 1870 - 71. عشقت هذه النصوص ، وصارت الصرعات البطولية النشاط الفكري والخيالي[/font][font="] [/font][font="]الاساسي لكياني. ومنذ ذلك الوقت صرت اعشق كل ما له علاقة بالجنود. ولكن الاسئلة[/font][font="] [/font][font="]الصعبة بدأت تفرض نفسها على فكري : هنل هناك فوارق - بين الالمان الذين خاضوا تلك[/font][font="] [/font][font="]المعارك والاخرين؟ ولماذا لم تشترك النمسا فيها؟ ولماذا لم يطلب من والدي الاشتراك؟[/font][font="] [/font][font="]الا ننتمي جميعاً لذات الوطن؟ الا ننتمي سوية؟ بدأت هذه التساؤلات تشغل بالي لاول[/font][font="] [/font][font="]مرة. طرحت الاسئلة واجابوني بحذر قائلين ان الالمان غير المحظوظين لا ينتمون لذات[/font][font="] [/font][font="]الدولة التي اسسها بسمارك ، وكان هذا الوضع عسيراً على الفهم ، ثم قالوا لي ان[/font][font="] [/font][font="]الاوان قد حان للذهاب للمدرسة الثانوية[/font][font="].[/font]
[font="] [/font][font="]اكد والدي انه يرغب في ان اذهب لمدرسة[/font][font="] [/font][font="]خاصة لاعداد الموظفين. فهو - بسبب تجاربه الحياتية - ما راى طائلاً وراء المدارس[/font][font="] [/font][font="]العادية. كانت رغبته هي ان اصير موظفاً حكومياً مثله ، بل وافضل لانني كنت ساتعلم[/font][font="] [/font][font="]من اخطائه واستفيد من تجاربه ، لانه تصور استحالة ان ارفض السير على دربه، كان[/font][font="] [/font][font="]قراره واضحاً ، مؤكداً. معاناة عمر طويل ومشاق الحياة وهبته طبيعة متعسفة. وبدا له[/font][font="] [/font][font="]من المستحيل ان يترك الامر لابنه غير المجرب ، الغير قادر على احتمال المسئوليات[/font][font="]. [/font][font="]بل وتصور انه سيكون مذنباً ان لم يستخدم سلطته لتحديد مستقبله، وراى ان هذه مسؤولية[/font][font="] [/font][font="]تحتمها عليه الوظيفة الابوية[/font][font="].[/font]
[font="] [/font][font="]ومع ذلك سارت الامور بطريقة مغايرة: فقد رفضت[/font][font="] [/font][font="]الفكرة بشكل قاطع، وما كان عمري اكثر من احدى عشر سنة. ولم ينجح الترغيب او الترهيب[/font][font="] [/font][font="]كليهما في تغيير رايي. وكل مساعي والدي الذي قص علي قصصاً عن تجاربه في العمل ،[/font][font="] [/font][font="]راجياً ان اقنع به واحبه، ادت لنتائج عكسية. تثائبت واهناً اذ تصورت انني ساقضي[/font][font="] [/font][font="]العمر امام مكتب ، بدون ان يكون وقتي ملكاً لي، قاضياً حياتي في تحويل الدنيا الى[/font][font="] [/font][font="]فراغات يقوم احدهم بملأها في صورة طلب او وظيفة. واي افكار كان يمكن لمشهد كهذا ان[/font][font="] [/font][font="]يخلقه في نفس طفل طبيعي؟ الوظائف المدرسية كانت سهلة ، وامتلكت الوقت الحر لدرجة ان[/font][font="] [/font][font="]الشمس عرفتني اكثر من حيطان حجرتي. وحين يبحث اعدائي السياسيين في الماضي البعيد،[/font][font="] [/font][font="]ويعثرون على ما يؤكد ان هتلر كان طفلاً شقياً ، اشكر الله على انهم قد اعادوا لفكري[/font][font="] [/font][font="]ذكريات بعض تلك الايام السعيدة. الغابات والحقول باتوا حلبات الصراع التي قضيت فيها[/font][font="] [/font][font="]حياتي ، والمدرسة الجديدة لم تغير هذا الوضع ، وطالما كانت معارضتي الاساسية لفكرة[/font][font="] [/font][font="]والدي نظرية ، استطعنا التعايش سوياً. فقد احتفظت بارآئي الخاصة، وما خالفته بصوت[/font][font="] [/font][font="]مرتفع. ولكن - وفي سن الثانية عشر - بدأت اطمع في ان اصير رساماً. ومع ان والدي كان[/font][font="] [/font][font="]يشجع هذه الهواية، الا انه لم يتصور ابداً ان اسير في هذا[/font][font="] [/font][font="]الاتجاه[/font][font="].[/font]
[font="] [/font]
[font="] -"[/font][font="]رسام"؟[/font][font="][/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]تشكك حتى في عقلي ، وربما تصور انه لم يفهم ما[/font][font="] [/font][font="]اعنيه. ولكن بعد ان فهم ، عارض الفكرة بكل ما في طبيعته من عناد. "رسام! فقط بعد[/font][font="] [/font][font="]موتي. ولكنة اكتشف ان ابنه قد ورث منه ذات العناد. وهكذا بقي الحال زمناً طويلاً[/font][font="] . [/font][font="]وما كانت النتائج طيبة. فقد اصابت المرارة نفس الرجل الكبير، وما كان باستطاعتي[/font][font="] [/font][font="]الرضوخ له. وهكذا حين اكد استحالة دراستي للفن، قررت ايقاف الدراسة بشكل عملي،[/font][font="] [/font][font="]متصوراً انه حين سيرى فشلي الدراسي ، سيسمح لي بالسير في الاتجاه الذي اختاره. كانت[/font][font="] [/font][font="]نتائجي المدرسية آنذاك غير طبيعية: فكل ما له علاقة بالرسم جلبت فيه افضل النتائج،[/font][font="] [/font][font="]وفي الباقي اسوءها. ولكن انجازاتي كانت مميزة في حقلي الجغرافيا والتاريخ[/font][font="] [/font][font="]الالمانيين، لانني عشقت هاتين المادتين وكنت افضل التلاميذ فيهما ، وحين اتطلع لتلك[/font][font="] [/font][font="]المرحلة الان، بعد مرور السنوات الكثيرة، الاحظ حقيقتين هامتين: فاولاً ، صرت[/font][font="] [/font][font="]قومياً، وثانياً ، تعلمت معنى التأريخ. ففي دولة متعددة الاجناس كالنمسا ، كان من[/font][font="] [/font][font="]الصعب جداً ان يعرف الرء معنى الانتماء لالمانيا. فبعد العارك الفرنسية الالمانية،[/font][font="] [/font][font="]قل الاهتمام بالالمان في الخارج، ونساهم البعض تماماً. ومع ذلك، فلو لم يكن الدم[/font][font="] [/font][font="]الالماني طاهراً قوياً ، لما استطاع العشرة مليون الماني ترك بصمتهم واضحة جلية في[/font][font="] [/font][font="]دولة تتكون من اكثر من خمسين مليون نسمة، لدرجة ان الناس تصورت ان النمسا كانت دولة[/font][font="] [/font][font="]المانية مستقلة[/font][font="].[/font]
[font="] [/font][font="]القليلون ادركوا قسوة الصراع الوحشي الذي خضناه للحفاظ على[/font][font="] [/font][font="]اللغة الالمانية، المدارس الالممانية، والاسلوب الخاص للحياة: اليوم فقط، حين يحلم[/font][font="] [/font][font="]الملايين من الالمان بالعودة للوطن الام، ساعين على الاقل للحفاظ على لغتهم القوية،[/font][font="] [/font][font="]يدرك جل الناس صعوبة هذا الصراع، وربما يقدر بعضهم اهمية هؤلاء الافراد الذين حموا[/font][font="] [/font][font="]الوطن من الهجمات من الشرق، وحاربوا من اجل ابقاء اللغة المشتركة حين ما اهتمت[/font][font="] [/font][font="]الحكوات الالمانية الا بالمستعمرات البعيدة ، متناسية معاناة الالمان في الجوار[/font][font="]. [/font][font="]وحتى الاطفال اشتركوا في الصراع القومي: اذ رفضنا ترتيد الاغاني غير الالمانية،[/font][font="] [/font][font="]وارتدينا الثياب التقليدية ، بالرغم من التهديد والعقوبات. فمنذ طفولتي لم يعني[/font][font="] [/font][font="]شعور الوطنية أي شيء لي، بينما عنت المشاعر القومية كل شيء. وقد كانت دراسة[/font][font="] [/font][font="]التاريخ دافعاً قوياً لخلق الحس القومي، نظراً لعدم وجود تاريخ نمساوي مستقل. بل ان[/font][font="] [/font][font="]مصير هذه الدولة مرتبط بالممانيا لدرجة ان ظهور تاريخ نمساوي خاص يبدو مستحيلاً[/font][font="]. [/font][font="]فتقسيم المانيا لموقعين هو في حد ذاته جزء من التاريخ الالماني[/font][font="].[/font]
[font="] [/font][font="]ضرورة توحيد[/font][font="] [/font][font="]الالمان والنمساويين كانت نتيجة حلماً بقي في قلوب الجماهير بسبب تذكرها للتاريخ[/font][font="] [/font][font="]الذي كان بئراً لا ينضب. وخاصة في اوقات النسيان ، سما التاريخ فوق الثراء المرحلي[/font][font="] [/font][font="]وهمس الماضي للشعب باحلام المستقبل[/font][font="]. [/font]
[font="] [/font][font="]تعليم التاريخ في ما يسمى المدارس الثانوية[/font][font="] [/font][font="]لا يزال حتى اليوم في حال يرثى لها. والقلة من الاساتذة تفهم ان الهدف من دراسته[/font][font="] [/font][font="]ليس حفظ ارقام او تواريخ، مثل يوم معركة، او ساعة ميلاد زعيم، او حتى حين وصول ملك[/font][font="] [/font][font="]للسلطة. فمعرفة التاريخ تعني معرفة القوى التي تسبب النتائج المسماة احداثاً[/font][font="] [/font][font="]تاريخية. والمعرفة هي : القدرة على تذكر الاساسي ، ونسيان كل ما هو غير ضروري[/font][font="]. [/font]
[font="] [/font][font="]وقد يكون احد اهم اسباب تشكيل شخصيتي الحالية دراستي للتاريخ مع احد القلة[/font][font="] [/font][font="]الذين عرفوا هذه القواعد وراعوها في التدريس، الاستاذ ليوبلد بوتش. فقد كان ذلك[/font][font="] [/font][font="]الرجل العجوز خيراً متقناً لمادته، وتمتع ايضاً بقدرة بلاغية مميزة سحرت اللب[/font][font="] [/font][font="]وجعلتنا، ونحن نستمع لبعض قصصه، ننسى الحاضر، وكانه ساحر ياخذنا لعصور ماضية، عبر[/font][font="] [/font][font="]ضباب عشرات السنين، صانعاً من الاحداث التاريخية واقعاً معاشاً. وقد كنا من المحظو[/font][font="] [/font][font="]ظبن جداً لان هذا المدرس عرف كيف ينير الماضي بامثلة من الحاضر، وكيف يجلب من[/font][font="] [/font][font="]الماضي وقائع تلقي الضوء على الحاضر. ونتيجة لهذه القدرة فهم اكثر من غيره المصاعب[/font][font="] [/font][font="]التي نعانيها، واستغل مشاعرنا القومية لتقويمنا، مستنشداً باحساسنا بالشرف للانتماء[/font][font="] [/font][font="]للوطن. وبهذه الطريقة نجح في تهذيبنا بشكل افضل من أي اسلوب آخر ، هذا المدرس جعلني[/font][font="] [/font][font="]عاشقاً للتاريخ. وهكذا بت ثورياً بدون ان يسعى هو متعمداً لذلك. فمن يستطيع دراسة[/font][font="] [/font][font="]التاريخ الالماني مع استاذ كهذا بدون ان يكره الدولة التي كادت تدمر مصير[/font][font="] [/font][font="]الامة؟[/font][font="][/font]
[font="] [/font][font="]الم نعرف ان النمسا ما حملت للالمان سوى البغضاء؟ الم نشاهد افعالهم كل[/font][font="] [/font][font="]يوم؟ في الشمال والجنوب كان سم الدول الاخرى يدمر جسد وطننا ، وحتى فيينا تم[/font][font="] [/font][font="]تحويلها لمدينة لا المانية. فقد حاولت الاسرة الحاكمة جلب سكان البلاد الاخرى،[/font][font="] [/font][font="]وخصوصاً التشيك، بقدر الاستطاعة، وكان مقتل السيد فرانسز فوردناد، عدو الالمان[/font][font="] [/font][font="]الاول، على ايديهم دلالة على عدالة الرب الازلي[/font][font="].[/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]كانت الاثقال التي ناء[/font][font="] [/font][font="]بحملها الشعب الالماني هائلة ، اذ دفعوا المال والدم ، وبلا فائدة . ولكن ما اغضبني[/font][font="] [/font][font="]ادعاء ان كل هذا نتج عن علاقات متميزة بين المانيا والنمسا، تنج عنها ان الشعب[/font][font="] [/font][font="]الالماني تم تديره بموافقة من الحكومة الالمانية ذاتها . وكانت نتيجة هذا النفاق هو[/font][font="] [/font][font="]ازدياد الكرهية للحكومة الالمانية لدرجة الازدراء. ولكن حكام المانيا ما فقهوا كل[/font][font="] [/font][font="]هذا ، ومثل رجل اعمى، عاشوا بجوار الجثة متصورين في سكون الموت ماعة ميلاد حياة[/font][font="] [/font][font="]جديدة. وهذا التصور الخاطيء ادى للحرب العالمية الاولى والدمار الناتج عنها[/font][font="]. [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]ادركت في هذه الفترة ان الامة الالمانية ستبقى فقط لو تم تدمير النمسا، وما[/font][font="] [/font][font="]هو اهم ، ان الحس القومي يتعارض كلية مع مشاعر التبجيل للملك. عرفت ان هذه الاسرة[/font][font="] [/font][font="]الحاكمة لا هدف لها سوى اخماد نار الامة الالمانية. ومع ذلك احببت النمسا كجزء من[/font][font="] [/font][font="]الوطن الام[/font][font="]. [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]طبع التفكير التاريخي الذي تعلمته خلال هذه الايام ما هجرني[/font][font="] [/font][font="]ابداً بعد ذلك. بات التاريخ العالمي مورداً لا ينضب عرفت عن طريقه مغزى الاحداث[/font][font="] [/font][font="]المعاصرة. وهكذا تحولت باكراً الى سياسي ثائر[/font][font="].[/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]ما كان المسرح سيئاً في شمال[/font][font="] [/font][font="]النمسا. فقد شاهدت المسرحيات المحتلفة في سن الثانية عشر ، وبعض اعمال الاوبرا[/font][font="] [/font][font="]كذلك[/font][font="]. [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]كل هذه العوامل دفعتني لرفض العمل الذي اراد والدي اعدادي له . ايقنت[/font][font="] [/font][font="]انني لن استطيع الوصول للراحة النفسية في أي وظيفة حكومية. ساكون رساماً، ولن تقدر[/font][font="] [/font][font="]أي قوة في العالم على جعلي موظفاً[/font][font="]. [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]ومع ذلك ، تحولت مع مرور الاعوام الى حب[/font][font="] [/font][font="]المعمار اكثر من الرسم[/font][font="]. [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]وعلى كل حال ، فقد تدخل القدر، واصيب والدي[/font][font="] [/font][font="]بالجلطة، وانتهت رحلته الدنيوية، وتركنا جميعاً في حالة من الحزن العميق. لقد كان[/font][font="] [/font][font="]طموحه الاخير مساعدة ابنه حتى لا يعاني كما عانى ويكرر ذات الاخطاء. وان لم ينجح[/font][font="] [/font][font="]الا ان البذور التي زرعها لعبت دورها في خلق مستقبل لم يستطع هو - ولا انا- ادراكه[/font][font="] [/font][font="]آنذاك[/font][font="].[/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]وقد رغبت امي في ان استمر في الدراسة كما اراد والدي. ثم اصبت بمرض[/font][font="] [/font][font="]ساعدني على التغلب على هذا الصراع المنزلي. اذ اكد الطبيب انني لا استطيع البقاء في[/font][font="] [/font][font="]مكتب ، والح على ابتعادي عن المدرسة لعام كامل. وهكذا حققت لي الاقدار الهدف الذي[/font][font="] [/font][font="]سعيت له[/font][font="].[/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]وافقت امي مكرهة اخيراً على ان ادرس في المعهد الفني. كانت اسعد[/font][font="] [/font][font="]ايام العمر امامي - الا انها بقت احلاماً لان والدتي توفيت بعد وفاة والدي بعامين[/font][font="] [/font][font="]نتيجة لمرض قاتل اصابها على حين غرة. احترمت والدي، ولكنني احببت امي، وقد احزنني[/font][font="] [/font][font="]رحيلها كثيراً[/font][font="]. [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]وهكذا وجدت نفسي مضطراً لاتخاذ قرارات صعبة. الاموال[/font][font="] [/font][font="]القليلة المتبقية كانت قد اُنفقت في علاج امي، وما قدمته الحكومة للايتام ما كان[/font][font="] [/font][font="]كافياً حتى لشظف العيش . وهكذا كان امامي مسؤولية الاستقلال الاقتصادي[/font][font="]. [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]وضعت ثيابي القليلة في حقيبة ، وفي قلبي ارادة جديدة، واتجهت الى فيينا[/font][font="]. [/font][font="]مثل والدي، قررت ان انتزع من القدر مصيراً ميزاً ، وان اكون شيئاً خاصاً ، أي شيء ،[/font][font="] [/font][font="]باستثناء موظف حكومي[/font][font="]. [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]الفصل الثاني: اعوام الدراسة والمعاناة في[/font][font="] [/font][font="]فيينا[/font][font="] . . . [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]حين ماتت والدتي ، حدد القدر اجزاء كثيرة من مصيري المستقبلي[/font][font="] . [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]خلال الشهور الاخيرة من مرضها ، ذهبت الى فيينا لاجتياز الاختيار المبدأي[/font][font="] [/font][font="]لدخول المعهد الفني. كنت قد اعددت بعض اللوحات ، متاكداً من ان الامتحان سيكون في[/font][font="] [/font][font="]غاية السهولة . فقد كنت الافضل في الفصل في مجال الرسم دائماً ، ومنذ ذلك الوقت ،[/font][font="] [/font][font="]تقدمت قدراتي بسرعة، فاصابني الغرور[/font][font="] .[/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]ومع ذلك، شعرت بالمرارة لان قدراتي[/font][font="] [/font][font="]على الرسم الهندسي فاقت بكثير قدراتي كرسام. وكل يوم كان ولعي بالفنون المعمارية[/font][font="] [/font][font="]يتزايد - خصوصاً بعد رحلة لمدة اسبوعين قضيتها في فيينا في سن السادسة عشر. وقد كان[/font][font="] [/font][font="]هدف تلك المرحلة هو دراسة متحف الفن، وان وجدت نظراتي تتطلع اكثر لهيكل المتحف[/font][font="]. [/font][font="]فمنذ الصباح الباكر وحتى المساء، تجولت في الاروقة متابعاً كل ما يشغف فكري، وان[/font][font="] [/font][font="]كان جل اهتامي قد انصب على المتحف ذاته. لساعات وقفت اما مبنى الاوبرا، وبدا لي[/font][font="] [/font][font="]المكان ساحراً مثل قصور الف ليلة وليلة[/font][font="]. [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]والان كنت في المدينة الخلابة[/font][font="] [/font][font="]للمرة الثانية، منتظراً على احر من الجمر نتائج الامتحان. كنت متاكداً من النجاح[/font][font="] [/font][font="]لدرجة ان سقوطي اصابني بذهول مطبق. وجين تحادثت مع المسؤول، وطلبت منه التوضيح، اكد[/font][font="] [/font][font="]لي ان اللوحات التي قدمتها تشير الى عدم توافر الموهبة المطلوبة للرسم لدي، وان اكد[/font][font="] [/font][font="]ان مجال الرسم الهندسي هو الملائم لي ولم يصدق انني لم ادرسه البتة. مكتئباً تركت[/font][font="] [/font][font="]البنى، لاول مرة في حياتي غير عارف بما يجدر بي فعله[/font][font="]. [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]عرفت الان انه لابد[/font][font="] [/font][font="]لي ن دراسة الهندسة . وكان الطريق صعباً: فكل مارفضت دراسته خلال صراعي مع والدي[/font][font="] [/font][font="]بات ضرورياً. ما كان ممكناً دخول كلية الهندسة بدون الشهادة الثانوية. وهكذا بدا ان[/font][font="] [/font][font="]حلمي الفني لن يتحقق ابداً[/font][font="]. [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]حين عدت لفيينا مرة تالثة، بعد وفاة والدتي،[/font][font="] [/font][font="]كان الطموح والعناد قد عادا لي. قررت ان اصير مخططاً هندسياً ، وكل الصعاب كانت[/font][font="] [/font][font="]التحدي الذي لابد لي من اجتيازه. كنت مصمماً على مواجهة العقبات، وامامي صورة ابي،[/font][font="] [/font][font="]الذي بدأ حياته مصلحاً للاحذية ، وصعد بجهوده الخاصة الى موقع حكومي جيد. توفرت لدي[/font][font="] [/font][font="]امكانيات اكثر، وهكذا بدا ان الصراع سيكون اسهل، وما بدا لي آنذك سوء الحظ، امتدح[/font][font="] [/font][font="]اليوم كمساعدة القدر الحكيم. فبينما ازدادت معاناتي اليومية، ازدادت ارادة المقاومة[/font][font="] [/font][font="]داخل ذاتي وفي نهاية المطاف تفوقت على غيرها من العوامل . تعلمت خلال تلك الايام[/font][font="] [/font][font="]الشدة ، وتحولت من طفل مدلل الى رجل قُذف به الى قلب المعاناة والفقر المدقع. ومن[/font][font="] [/font][font="]ثم تعرفت على اولئك الذين سادافع عنهم في ايام مستقبلية[/font][font="].[/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]خلال تلك المرحلة[/font][font="] [/font][font="]ادركت وجود خطرين مدقعين يحيطان بالشعب الالماني، وهما اليهودية والشيوعية. ولا[/font][font="] [/font][font="]تزال فيينا، التي يتصورها الكثيرني مدينة اللذات البريئة، تجلب لذهني اسوء صور[/font][font="] [/font][font="]المعاناة الانسانية التي عرفتها لمدة خمسة اعوام اضطررت خلالها للعمل ، اولاً[/font][font="] [/font][font="]كمستاجر يومي، ثم كرسام[/font][font="]. [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]ما جلبته من مال ما كفى حتى لاشباع الجوع اليومي[/font][font="]. [/font][font="]كان الجوع صديقاً لي آنذاك، وما تركني للحظة، بل شاركني في كل شيء. كل كتاب اقتنيته[/font][font="] [/font][font="]، وكل مسرحية شاهدتها، جعلته اقرب الي. ومع ذلك، درست خلال تلك الايام اكثر من أي[/font][font="] [/font][font="]فترة اخرى. باستثناء زياراتي النادرة للاوبرا التي دفعت ثمنها جوعاً ، ما كان لدي[/font][font="] [/font][font="]أي لذة سوى القراءة. وهكذا خلال تلك الفترة قرات كثيراً وبعمق. كل وقت الفراغ[/font][font="] [/font][font="]المتاح لي بعد العمل قضيته في القراءة، وبهذه الطريقة جمعت خلال بضع اعوام المعارف[/font][font="] [/font][font="]التي تغنيني حتى الساعة[/font][font="] . [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]خلال تلك الاعوام، تكونت في ذهني صورة للعالم[/font][font="] [/font][font="]تبقى القاعدة التي استخدمها في كل قرار اتخذه ، وكل تصرف اقوم به. وانا اليوم مقتنع[/font][font="] [/font][font="]بان كل سلوكياتنا تنبع من آراء تنتج اثناء شبابنا. فحكمة النضوج تحوي الاراء[/font][font="] [/font][font="]الخلاقة التي ينتجها الفكر الشاب ولا يمكن تطويرها آنذاك، مضافاً لها الحذر الذي[/font][font="] [/font][font="]يتعلمه الانسان بالتجربة. وهذه العبقرية الشبابية ستكون الاداة الاساسية لخطط[/font][font="] [/font][font="]المستقبل، التي سيمكن تحقيقها فقط لو لم تدمرها تماماً حكمة النضج[/font][font="].[/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]كانت[/font][font="] [/font][font="]طفولتي مريحة، بلا قلق يذكر. كنت انتظر مجيء الصباح، بلا أي معاناة اجتماعية. فقد[/font][font="] [/font][font="]انتميت لطبقة الراسمالية الصغيرة ، وكنت لهذا السبب بعيداً عن الطبقات العاملة[/font][font="]. [/font][font="]وبالرغم من ان الفرق الاقتصادي بين الطبقتين كان محدوداً ، الا ان الفاصل بينهما[/font][font="] [/font][font="]كان شاسعاً . وقد يكون سبب العداء بين الطبقتين هو ان الموظف، الذي ما استطاع الا[/font][font="] [/font][font="]بصعوبة ترك الطبقات العاملة ، يخشى من العودة الى تلك الطبقة المحتقرة، او على[/font][font="] [/font][font="]الاقل ان يتصوره الناس جزءاً منها. هناك ايضاً الذكريات المخيفة للفقر، وانعدام[/font][font="] [/font][font="]المعايير الاخلاقية بين الطبقات المنحطة، وهكذا يخشى الراسمالي الصغير أي اتصال مع[/font][font="] [/font][font="]هذه الطبقة. وهذا الصراع عادة يدمر كل شعور بالرحمة. فصراعنا للبقاء يدر عواطفنا[/font][font="] [/font][font="]لاولئك الذين تخلفوا ورائنا[/font][font="]. [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]اشكر القدر الذي اجبرني على العودة لعالم[/font][font="] [/font][font="]الفقر والخوف، لان التجربة ازاحت عن عيوني غشاء نتج عن تربية الرأسمالية الصغيرة[/font][font="]. [/font][font="]عرفت الان معاناة الانسانية ، وتعلمت التفرقة بين المظاهر الفارغة والكائن الموجود[/font][font="] [/font][font="]في داخلها[/font][font="].[/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]كانت فيينا التي شاهدتها احدى اكثر مدن اوربا تخلفاً. الثراء[/font][font="] [/font][font="]الفاحش والفقر المدقع تجاورا. في مركز المدينة وحاراتها شعرت بنبض 52 مليوناً . اما[/font][font="] [/font][font="]المحكمة الفخمة والمناطق المجاورة لها، وخصوصاً المباني الحكومية،[/font][font="] [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]فجذبت[/font][font="] [/font][font="]لها الذكاء والثراء. وهذه المناطق كانت كل ما يوحد الشعوب المختلفة الموجودة في هذه[/font][font="] [/font][font="]الدولة. فالمدينة كانت العاصمة الثقافية والسياسية والاقتصادية. مجموعة مديرى[/font][font="] [/font][font="]الشركات العامة والخاصة، موظفي الحكومة، الفنانين، والمدرسين والمثقفين، عاشت في[/font][font="] [/font][font="]مواقع قريبة بجوار الفقراء، وواجهت جيوشاً من العمال كل يوم. خارج القصور المعروفة[/font][font="] [/font][font="]تشرد الاف من العاطلين، وفي ظلال اسوارها رقد من لا يملكون مسكناً[/font][font="]. [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]معرفة[/font][font="] [/font][font="]هذه الوضاع المزرية ودراستها لن يتم من مواقع عالية : لا احد ممن لم يسقطوا في[/font][font="] [/font][font="]اشداق هذه المعاناة يمكن له ان يفهم الآمها. ومن حاولوا دراستها من الخارج غرقوا في[/font][font="] [/font][font="]لغو الحديث والعاطفة ، وانا لا ادري ان كان تجاهل الاغنياء للفقير اكثر ضرراً من[/font][font="] [/font][font="]افعال اولئك الذين يدعون الشفقة عليه بتكبر وغرور. والنتيجة دائماً سلبية على كل[/font][font="] [/font][font="]حال، بينما تزداد الوضاع سوءاً. ولا يجدر بالفقير ان يرضى بصدقة بدلاً من ان تعاد[/font][font="] [/font][font="]له بعض حقوقه[/font][font="]. [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]لم اعرف الفقر من بعيد: بل ذقت طعم الجوع والحرمان، ولم[/font][font="] [/font][font="]ادرسه بطريقة موضوعية، بل خبرته داخل روحي. وكل ما استطيع فعله الان هو وصف المشاعر[/font][font="] [/font][font="]الاساسية، وذكر بعض ما تعلمته من هذه التجارب[/font][font="].[/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]لم يكن العثور على وظيفة[/font][font="] [/font][font="]صعباً ، نظراً لافتقاري للتجربة. وهكذا اضطررت للعمل كمساعد عامل او كعامل باجر[/font][font="] [/font][font="]يومي. حلمت بالهجرة الى امريكا. تحررت من الافكار القديمة عن الحرفة والمركز،[/font][font="] [/font][font="]المجتمع والتراث، وسعيت وراء أي فرصة متاحة، وتقبلت أي عمل، مدركاً ان أي عمل شريف[/font][font="] [/font][font="]لا يجلب العار لصاحبه. عرفت بسرعة ان العمل متوفر ويمكن الحصول عليه بسهولة، ولكن[/font][font="] [/font][font="]يمكن ايضاً بسهولة ان يفقده المرء. بدا لي ان عدم ضمان الوصول لرغيف العيش كل يوم[/font][font="] [/font][font="]كان اسوء ما عانيته[/font][font="]. [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]العامل المدرب لا يجد نفسه في الشارع بيسر مثل العامل[/font][font="] [/font][font="]غير المحترف، الا انه قد يواجه ذات المصير ايضاً. ولذلك ترى العمال يضربون عن[/font][font="] [/font][font="]العمل: مما يؤدي للاضرار باقتصاد المجتمع ككل[/font][font="]. [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]ذلك الفلاح الذي يهاجر الى[/font][font="] [/font][font="]المدينة، متخيلاً سهولة العمل، وقلة ساعاته، والاضواء الكهربائية الملونة، كان قد[/font][font="] [/font][font="]اعتاد على نوع من الضمان بخصوص لقمة العيش. ففي القرية، لن يترك عمله الا اذا ضمن[/font][font="] [/font][font="]لنفسه عملاً افضل منه. ونظراً لوجود حاجة دائمة للايدي العاملة في الفلاحة، تبقى[/font][font="] [/font][font="]امكانيات البطالة محدودة. ومن الخطأ تصور ان الفلاح الذي يهاجر للمدينة اكثر كسلاً[/font][font="] [/font][font="]من ذلك الذي يبقى في عقر داره. العكس هو الصحيح: فالمهاجر عادة يكون الاكثر صحة[/font][font="] [/font][font="]ونشاطاً. ولذلك لا يخاف من مواجهة الصعاب. هو يصل ايضاً للمدينة ومعه مدخراته[/font][font="]. [/font][font="]ولذلك لا يخاف ان لا يصل للوظيفة المرغوبة من اول يوم. ولكن الامور تزداد سوءاً ان[/font][font="] [/font][font="]عثر على وظيفة ثم فقدها. فالعثور على غيرها، خصوصاً في فصل الشتاء، سيكون شاقاً بل[/font][font="] [/font][font="]ومستحيلاً . ومع ذلك، سيعيش وستعاونه الفوائد الحكومية للعاطلين. ولكن، حين تنضب[/font][font="] [/font][font="]هذه الموارد مع مرور الوقت، ستبدأ المعاناة الحقيقية. سيتشرد الفتى الجائع في[/font][font="] [/font][font="]الشوارع، وسيبيع او يرهن ما يملك، وستسوء حال ثيابه، وينحط الى مستوى مادي وروحي في[/font][font="] [/font][font="]غاية التعاسة. فتتسمم روحه. وان فقد سكنه في الشتاء، وهو مايحدث كثيراً ، فستكون[/font][font="] [/font][font="]معاناته فظيعة. وفي نهاية المطاف، سيعثر على وظيفة اخرى، ثم تتكرر ذات القصة مرة[/font][font="] [/font][font="]ثانية وثالثة، وشيئاً فشيئاً يتعلم عدم الميالاة، ويصير التكرار عادة. وهكذا يتحول[/font][font="] [/font][font="]هذا الرجل النشيط سابقاً الى كسول يستخدمه الاخرين لمصالحهم. وقد عاش حياة البطالة[/font][font="] [/font][font="]لوقت طويل بدون ذنب حتى ما عاد بهمه طبيعة العمل الذي يقوم به، حتى ان كان هدفه[/font][font="] [/font][font="]تدمير القيم السياسية الثقافية الاجتماعية. وحتى ان لم تعجبه فكرة الاضراب، فلن[/font][font="] [/font][font="]يبالي بها. وقد شاهدت الاف القصص المشابهة للتي اقصها. وكلما شاهدت المزيد ، ازدادت[/font][font="] [/font][font="]كراهيتي للمدينة الكبيرة التي تمتص دماء الرجال وتدمرهم[/font][font="].[/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]فحين جاءوا فراداً،[/font][font="] [/font][font="]انتمى كل منه للمجتمع، وبعد اعوام، ما انتموا لاي شيء[/font][font="]. [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]وانا ايضاً عانيت[/font][font="] [/font][font="]وعثاء حياة المدينة: شعر جسدي بصعابها وامتصت روحي معاناتها. وقد شاهدت ايضاً ان[/font][font="] [/font][font="]التنقل السريع بين العمل والبطالة، وما ينتج عنه من تقلب اقتصادي، يدمر شعور الفرد[/font][font="] [/font][font="]باهمية الاقتصاد. بدا ان الجسد يعتاد على التبذير حين يتوفر المال، ويستحمل الجوع[/font][font="] [/font][font="]حين انعدامه. وبصراحة، ان الجوع يقضي على أي ارادة تسعى للتنظيم الاقتصادي حين[/font][font="] [/font][font="]يتوافر المال لانه يضع امام ضحيته المعذبة سراب الحياة السعيدة لدرجة ان الرغبات[/font][font="] [/font][font="]المريضة ستدمر أي قدرة على التحكم ساعة الوصول لاي موارد. وهكذا حين يصل الرجل[/font][font="] [/font][font="]للمال ينسى كل افكار تتعلق بالنظام والترتيب، ويعيش حياة البذخ ويسعى وراء اللذات[/font][font="] [/font][font="]الانية. وغالباً ما سيكون لهذا العامل زوجة واطفال وسيعتادون جميعاً على التبذير[/font][font="] [/font][font="]ثلاث ليال من الاسبوع، والجوع باقيه. وفي ساعات الظهيرة سيجلسون سوياً امام الصحون[/font][font="] [/font][font="]شبه الفارغة، منتظرين يوم وصول المرتب، متحدثين عنه، حالمين طوال ساعات الجوع بلذات[/font][font="] [/font][font="]التبذير[/font][font="]. [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]وهكذا يعتاد الاطفال منذ طفولتهم على هذه الاوضاع السيئة[/font][font="]. [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]وقد شاهدت هذه الاوضاع مئات المرات وتقززت منها اولاً، ثم فهمت حقيقة[/font][font="] [/font][font="]الماساة التي يعيشها هؤلاء الناس الذين باتوا ضحايا لظروف اجتماعية سيئة. وما كان[/font][font="] [/font][font="]اكثر بؤساً هو اوضاع السكن السيئة . بل انني اشعر بالغضب حتى هذه الساعة حين اتذكر[/font][font="] [/font][font="]الغرف الصغيرة والاكواخ الخشبية المحاطة بالقاذورات والاوساخ من كل جانب. وقد خشيت[/font][font="] [/font][font="]ذلك اليوم المرعب، حين سيخرج هؤلاء العبيد من اقفاصهم للانتقام من قسوة البشرية[/font][font="] [/font][font="]عليهم[/font][font="]. [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]والمسؤولون والاثرياء يتركون الامور تسير على مجاريها: وبدون أي[/font][font="] [/font][font="]تفكير يفشلون حتى في الشك بان القدر يخطط للانتقام من هذا الجور. اما انا فعرفت ان[/font][font="] [/font][font="]تحسين هذه الاوضاع ممكن بطريقتين: فلابد من وجود احساس عميق بالمسؤولية لخلق اسس[/font][font="] [/font][font="]افضل للتقدم ، ومعه ارادة وحشية تدمر كل ما سيقف في طريقها ويعوق تقدمها. وكما لا[/font][font="] [/font][font="]تركز الطبيعة جهودها في الحفاظ على ما هو موجود، بل تسعى لخلق اجيال ستقبلية افضل،[/font][font="] [/font][font="]سيكون من الضروري صناعة قنوات جديدة اكثر صحية منذ البداية[/font][font="]. [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]تجاربي[/font][font="] [/font][font="]المختلفة في فينا علمتني ان المشاريع الخيرية غير مفيدة ، والمطلوب تدمير الفوضى[/font][font="] [/font][font="]الاقتصادية التي تؤدي الى انحطاط الافراد الخلقي. بل ان عدم قدرتنا على استخدام[/font][font="] [/font][font="]الوحشية في الحرب ضد المجرمين الذين يهددون المجتمع سببها هو عدم تاكدنا من برائتنا[/font][font="] [/font][font="]التامة من الاسباب النفسية والاجتماعية لهذه الظواهر. شعورنا الجمعي بالذنب تجاه[/font][font="] [/font][font="]مآسي الانحطاط الاخلاقي يشل قدرتنا على اتخاذ اقل الخطوات قسوة في الدفاع عن[/font][font="] [/font][font="]مجتمعاتنا. وفقط حين نتحرر من سلطة عقدة الذنب هذه سنقدر على الوصول للقوة والوحشية[/font][font="] [/font][font="]والضروريين لتدمير الاعشاب الضارة والافكار المارقة[/font][font="]. [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]وبما ان النمسا كانت[/font][font="] [/font][font="]عملياً بلا قانون اجتماعي صالح، لم تكن الدولة قادرة على التعامل مع هذه الامراض[/font][font="] [/font][font="]البتة[/font][font="]. [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]ولا اعرف حتى الساعة ما ارعبني اكثر: هل كان سوء الاوضاع الاقتصادية[/font][font="] [/font][font="]لمن عرفت، ام انحطاطه الخلقي، ام الضعف الفكري؟[/font][font="][/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]تصور مثلاً هذا المشهد: في[/font][font="] [/font][font="]شقة تتكون من حجرتين سكنت اسرة عامل تتكون من سبع اشخاص. بين الاطفال الخمسة، كان[/font][font="] [/font][font="]هناك طفل في الثالثة، وهو السن الذي تتكون خلاله انطباعات الفرد الاولى. هناك بعض[/font][font="] [/font][font="]الموهوبين الذين يتذكرون هذه الانطباعات حتى ارذل العمر. مجرد ضيق الشقة وازدحامها[/font][font="] [/font][font="]لا يؤدي لخلق ضروف صحية ونفسية ملائمة للنمو. قد تحدث مثلاً خلافات بسيطة بين افراد[/font][font="] [/font][font="]كل اسرة، وعادة يذهبون كل الى حجرة مختلفة، وينتهي الامر. اما في شقة صغيرة، فكل[/font][font="] [/font][font="]سيرى نفسه في مواجهة الاخرين طوال الوقت. بين الاطفال، الخلاف شيء طبيعي، وهم ينسون[/font][font="] [/font][font="]اسبابه بسرعة. ولكن ان شاهد الاطفال الابوين في حال خصام دائم، تستخدم خلاله[/font][font="] [/font][font="]الالفاظ النابية، وربما العنف، فستكون النتائج سلبية. سيتصور الطفل العالم بطريقة[/font][font="] [/font][font="]تخيف من يقدر على تصورها. فقد تم تسميممه اخلاقياً، وما تغذى جسده كما ينبغي. ومن[/font][font="] [/font][font="]ثم يذهب هذا المواطن الصغير الى المدرسة. بعد صراع مضن، قد يتعلم القراءة والكتابة،[/font][font="] [/font][font="]اما الواجب المنزلي، فانجازه مستحيل. بل ان والديه سيقذعان المدرسة بابشع الالفاظ[/font][font="]. [/font][font="]كل ما سيسمعه الطفل لن يعلمه احترام مجتمعه. سيكره المدرسين وكل انواع السلطة. وحين[/font][font="] [/font][font="]يُطرد من المدرسة بعد ذلك، سيلاحظ الناس غبائه، وجهله ، وكذلك سوء اخلاقه. أي موقع[/font][font="] [/font][font="]سيستطيع هذا الشاب االيافع لوصول اليه في ظروف مثل هذه؟ كل ما لديه هو كراهية[/font][font="] [/font][font="]المجتمع والبشرية. وبعد هذا، في سن الخامسة عشر، سيبدأ ذات الحياة التي عاشها[/font][font="] [/font][font="]والده، فيذهب للخانات، ويعود متاخراً لمنزله، وينتهي به الامر في السجن[/font][font="]. [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]وكم من مرة غضب الرأسمالي اذ سمع العامل الفقير يقول انه لا يهتم سواء اكان[/font][font="] [/font][font="]المانياً ام لا، ما دام يجد الغذاء والكساء: فقدان الشعور القومي بهذه الطريقة[/font][font="] [/font][font="]فظيع. كم من الالمان في عصرنا يشعرون بالفخر ان تذكروا انجازات امتهم الثقافية[/font][font="] [/font][font="]والفنية؟ وهل يدرك المسؤولين ان الشعور بالفخر والعزة الوطنية لا يصل الا لقلة من[/font][font="] [/font][font="]افراد الشعب[/font][font="]. [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]لذلك لا بد من تحسين الاوضاع المعيشية ومن ان يركز التعليم[/font][font="] [/font][font="]على قيم اساسية تتفشى في اذهان الناس عبر التكرار[/font][font="]. [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]ولكن المانيا، بدلاً من[/font][font="] [/font][font="]الدفاع عن القيم القليلة الموجودة، تسعى لتدميرها. والفئران التي تبث سمومها في[/font][font="] [/font][font="]القلب والذاكرة تنجح في الوصول لغاياتها، بمساعدة الفقر والمعاناة: يوماً بعد يوم،[/font][font="] [/font][font="]في المسارح ودور السينما، نرى السم يُقذف على الجماهير، ثم يتحير الاثرياء عن اسباب[/font][font="] [/font][font="]انحطاط القيم الاخلاقية للفقراء، وانعدام الشعور الوطني بينهم[/font][font="]. [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]قضية خلق[/font][font="] [/font][font="]الشعور الوطني اذاً تعتمد على توفير ظروف ملائمة لتعليم الافراد لان اولئك الذين[/font][font="] [/font][font="]يتعلمون عن طريق الاسرة والمدرسة فقط هم الذين سيستطيعون تقدير الانجازات الثقافية[/font][font="] [/font][font="]والاقتصادية والسياسية لوطنهم لدرحة الانتماء لذلك الوطن. استطيع ان احارب فقط من[/font][font="] [/font][font="]اجل ما احب، واحب فقط ما احترمه، واحترم على الاقل ما اعرفه[/font][font="].[/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]ومع ازدياد[/font][font="] [/font][font="]اهتمامي بالقضايا الاجتماعية ، بدات اقرء المزيد عنها ، وفتح عالم جديد ابوابه لي[/font][font="].![أييييييييييه :65: :65:](/vb/images/smilies/rami112.gif)
[/font][font="]
[/font]
[font="][/font][font="] [/font][font="][/font]
[font="] [/font][font="]يبدو وكأن[/font][font="] [/font][font="]القدر تعمد اختيار براوناو موقعاً لاولد فيه : فتلك المدينة الصغيرة تقع على الحدود[/font][font="] [/font][font="]بين دولتين سعينا نحن الجيل الجديد لتوحيدهما بكل ما لدينا من قوة[/font][font="].[/font]
[font="] [/font][font="]فلابد من[/font][font="] [/font][font="]عودة المانيا النمساوية للوطن الام ، وليس بسبب أي دوافع اقتصادية. بل وحتى ان الحق[/font][font="] [/font][font="]الاتحاد اضراراً اقتصادية، فلابد منه. دمائنا تطلب وطناً واحداً ، ولن تستطيع الامة[/font][font="] [/font][font="]الالمانية امتلاك الحق الاخلاقي لتحقيق سياسة استعمارية حتى تجمع اطفالها في وطن[/font][font="] [/font][font="]واحد. وفقط حين تشمل حدودنا آخر الماني، ولا نستطيع تامين رزقه، سنمتلك الحق[/font][font="] [/font][font="]الاخلاقي في احتلال اراض اخرى بسبب معاناة شعبنا. سيصير السيف اداة الحرث ، ومن[/font][font="] [/font][font="]دموع الحرب سينبت الخبز للاجيال القادمة. وهكذا يبدو لي ان هذه القرية الصغيرة كانت[/font][font="] [/font][font="]رمزاً للمسؤلية الغالية التي انيطت بي ، ولكن هنالك صورة بائسة اخرى تذكرنا تلك[/font][font="] [/font][font="]المدينة بها. فقبل مائة عام، كانت مسرحاً لكارثة ماساوية ستخلد في صفحات التاريخ[/font][font="] [/font][font="]الالماني. فحين انحطت الاوضاع الى اسوء حال ممكن تحت وطئة الاحتلال الفرنسي، استشهد[/font][font="] [/font][font="]جوهانا، بائع الكتب، في سبيل الوطن الذي احبه. وقد رفض التخلي عن شركائه وشجب الذين[/font][font="] [/font][font="]كانوا افضل منه في قدراتهم. وقد ابلغ احد ضباط الشرطة الالمان عنه الفرنسيين ، وبقى[/font][font="] [/font][font="]العار ملحقاً باسمه حتى الساعة[/font][font="]. [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]في هذه المدينة الصغيرة، المضيئة ببريق[/font][font="] [/font][font="]الشهادة في سبيل الوطن، والتي حكمتها النمسا وان كان دم شعبها المانياً ، عاش والدي[/font][font="] [/font][font="]في آواخر الثمانينات من القرن الماضي: وبينما كان والدي موضفاً حكومياً، رعت امي[/font][font="] [/font][font="]افراد الاسرة. ولم بيق حالياً في ذاكرتي سوى القليل عن هذا المكان لاننا سرعان ما[/font][font="] [/font][font="]رحلنا منه لبلدة باسو في المانيا[/font][font="]. [/font]
[font="] [/font][font="]وخلال تلك الايام كان التنقل مصيراً محتوماً[/font][font="] [/font][font="]على الموظف. وهكذا انتقل والدي مرة ثالثة الى لينز، وهناك اخيراً تمت احالته على[/font][font="] [/font][font="]التعاقد. ولكن ذلك لم يعن له الراحة ابداً. فمنذ طفولته كان لا يطيق البقاء في[/font][font="] [/font][font="]المنزل بلا عمل، وهرب في سن الثالثة عشر الى فيينا وتعلم حرفة وحصل على التجربة[/font][font="] [/font][font="]والنجاح قبل سن السابعة عشر، ولكنه ما قنع بكل هذا ، بل ان معاناة الاعوام الاولى[/font][font="] [/font][font="]دفعت للسعي وراء مستقبل افضل . وهكذا بحث على وظيفة حكومية، وبعد عشرين عاماً من[/font][font="] [/font][font="]الصراع الدؤوب ، عثر عليها. وهكذا حقق قسمه القديم ، وهو الا يعود لقريتة الصغيرة[/font][font="] [/font][font="]الا بعد ان يكون قد كون نفسه[/font][font="].[/font]
[font="] [/font][font="]حقق الرجل حلمه ، ولكن لا احد في القرية تذكر[/font][font="] [/font][font="]الطفل الذي هاجر ، بل وبدت له قريته غريبة تماماً ، وكانه يراها لاول مرة. واخيراً،[/font][font="] [/font][font="]وفي سن السادسة والخسين، بعد تقاعده، ما استطاع احتمال الفراغ، فاقتنى مزرعة وعمل[/font][font="] [/font][font="]في زراعتها كما فعل اجداده من قبل[/font][font="].[/font]
[font="] [/font][font="]وخلال تلك الفترة تكونت داخلي بوادر الشخصية[/font][font="] [/font][font="]الاولية. اللعب في الحقول، المشي الى المدرسة، وخصوصاً الاختلاط مع اصدقائي[/font][font="] [/font][font="]العنيفين الذي اقلقت علاقاتي معهم والدتي، كل هذه جعلتني من النوع النشط الذي لا[/font][font="] [/font][font="]يرتاح للبقاء في المنزل. وبالرغم من عدم تفكري بالحرفة المستقبلية، ما كانت عواطفي[/font][font="] [/font][font="]ابداً تتجه نحو المسير الذي اتخذه والدي لنفسة. اؤمن باني حتى آنذاك تمتعت بقدرات[/font][font="] [/font][font="]بلاغية مميزة ظهرت في شكل حوارات عنيفة مع زملاء الدراسة. بل وبت زعيماً لمجموعة[/font][font="]: [/font][font="]ونجحت في المدرسة بالفعل ، ولكني كنت شديد المراس. اشتركت في النشاطات الكنائسية ،[/font][font="] [/font][font="]واسكرتني عظمة هذه المؤسسة العريقة. وبدا لي القس مثالاً لما ينبغي ان اكونه، كما[/font][font="] [/font][font="]بدا لوالدي من قبل. ولكن الاخير فشل في التعامل مع قدرات ابنه البلاغية وما استطاع[/font][font="] [/font][font="]تصور مستقبل ممكن له، بل واقلقه هذا الوضع كثيراً[/font][font="]. [/font]
[font="] [/font][font="]هذا الحلم الكنائسي تخلى عني[/font][font="] [/font][font="]سريعاً ، بعد ان عثرت على بعض الكتب العسكرية التي وصفت العارك بين فرنسا والمانيا[/font][font="] [/font][font="]عام 1870 - 71. عشقت هذه النصوص ، وصارت الصرعات البطولية النشاط الفكري والخيالي[/font][font="] [/font][font="]الاساسي لكياني. ومنذ ذلك الوقت صرت اعشق كل ما له علاقة بالجنود. ولكن الاسئلة[/font][font="] [/font][font="]الصعبة بدأت تفرض نفسها على فكري : هنل هناك فوارق - بين الالمان الذين خاضوا تلك[/font][font="] [/font][font="]المعارك والاخرين؟ ولماذا لم تشترك النمسا فيها؟ ولماذا لم يطلب من والدي الاشتراك؟[/font][font="] [/font][font="]الا ننتمي جميعاً لذات الوطن؟ الا ننتمي سوية؟ بدأت هذه التساؤلات تشغل بالي لاول[/font][font="] [/font][font="]مرة. طرحت الاسئلة واجابوني بحذر قائلين ان الالمان غير المحظوظين لا ينتمون لذات[/font][font="] [/font][font="]الدولة التي اسسها بسمارك ، وكان هذا الوضع عسيراً على الفهم ، ثم قالوا لي ان[/font][font="] [/font][font="]الاوان قد حان للذهاب للمدرسة الثانوية[/font][font="].[/font]
[font="] [/font][font="]اكد والدي انه يرغب في ان اذهب لمدرسة[/font][font="] [/font][font="]خاصة لاعداد الموظفين. فهو - بسبب تجاربه الحياتية - ما راى طائلاً وراء المدارس[/font][font="] [/font][font="]العادية. كانت رغبته هي ان اصير موظفاً حكومياً مثله ، بل وافضل لانني كنت ساتعلم[/font][font="] [/font][font="]من اخطائه واستفيد من تجاربه ، لانه تصور استحالة ان ارفض السير على دربه، كان[/font][font="] [/font][font="]قراره واضحاً ، مؤكداً. معاناة عمر طويل ومشاق الحياة وهبته طبيعة متعسفة. وبدا له[/font][font="] [/font][font="]من المستحيل ان يترك الامر لابنه غير المجرب ، الغير قادر على احتمال المسئوليات[/font][font="]. [/font][font="]بل وتصور انه سيكون مذنباً ان لم يستخدم سلطته لتحديد مستقبله، وراى ان هذه مسؤولية[/font][font="] [/font][font="]تحتمها عليه الوظيفة الابوية[/font][font="].[/font]
[font="] [/font][font="]ومع ذلك سارت الامور بطريقة مغايرة: فقد رفضت[/font][font="] [/font][font="]الفكرة بشكل قاطع، وما كان عمري اكثر من احدى عشر سنة. ولم ينجح الترغيب او الترهيب[/font][font="] [/font][font="]كليهما في تغيير رايي. وكل مساعي والدي الذي قص علي قصصاً عن تجاربه في العمل ،[/font][font="] [/font][font="]راجياً ان اقنع به واحبه، ادت لنتائج عكسية. تثائبت واهناً اذ تصورت انني ساقضي[/font][font="] [/font][font="]العمر امام مكتب ، بدون ان يكون وقتي ملكاً لي، قاضياً حياتي في تحويل الدنيا الى[/font][font="] [/font][font="]فراغات يقوم احدهم بملأها في صورة طلب او وظيفة. واي افكار كان يمكن لمشهد كهذا ان[/font][font="] [/font][font="]يخلقه في نفس طفل طبيعي؟ الوظائف المدرسية كانت سهلة ، وامتلكت الوقت الحر لدرجة ان[/font][font="] [/font][font="]الشمس عرفتني اكثر من حيطان حجرتي. وحين يبحث اعدائي السياسيين في الماضي البعيد،[/font][font="] [/font][font="]ويعثرون على ما يؤكد ان هتلر كان طفلاً شقياً ، اشكر الله على انهم قد اعادوا لفكري[/font][font="] [/font][font="]ذكريات بعض تلك الايام السعيدة. الغابات والحقول باتوا حلبات الصراع التي قضيت فيها[/font][font="] [/font][font="]حياتي ، والمدرسة الجديدة لم تغير هذا الوضع ، وطالما كانت معارضتي الاساسية لفكرة[/font][font="] [/font][font="]والدي نظرية ، استطعنا التعايش سوياً. فقد احتفظت بارآئي الخاصة، وما خالفته بصوت[/font][font="] [/font][font="]مرتفع. ولكن - وفي سن الثانية عشر - بدأت اطمع في ان اصير رساماً. ومع ان والدي كان[/font][font="] [/font][font="]يشجع هذه الهواية، الا انه لم يتصور ابداً ان اسير في هذا[/font][font="] [/font][font="]الاتجاه[/font][font="].[/font]
[font="] [/font]
[font="] -"[/font][font="]رسام"؟[/font][font="][/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]تشكك حتى في عقلي ، وربما تصور انه لم يفهم ما[/font][font="] [/font][font="]اعنيه. ولكن بعد ان فهم ، عارض الفكرة بكل ما في طبيعته من عناد. "رسام! فقط بعد[/font][font="] [/font][font="]موتي. ولكنة اكتشف ان ابنه قد ورث منه ذات العناد. وهكذا بقي الحال زمناً طويلاً[/font][font="] . [/font][font="]وما كانت النتائج طيبة. فقد اصابت المرارة نفس الرجل الكبير، وما كان باستطاعتي[/font][font="] [/font][font="]الرضوخ له. وهكذا حين اكد استحالة دراستي للفن، قررت ايقاف الدراسة بشكل عملي،[/font][font="] [/font][font="]متصوراً انه حين سيرى فشلي الدراسي ، سيسمح لي بالسير في الاتجاه الذي اختاره. كانت[/font][font="] [/font][font="]نتائجي المدرسية آنذاك غير طبيعية: فكل ما له علاقة بالرسم جلبت فيه افضل النتائج،[/font][font="] [/font][font="]وفي الباقي اسوءها. ولكن انجازاتي كانت مميزة في حقلي الجغرافيا والتاريخ[/font][font="] [/font][font="]الالمانيين، لانني عشقت هاتين المادتين وكنت افضل التلاميذ فيهما ، وحين اتطلع لتلك[/font][font="] [/font][font="]المرحلة الان، بعد مرور السنوات الكثيرة، الاحظ حقيقتين هامتين: فاولاً ، صرت[/font][font="] [/font][font="]قومياً، وثانياً ، تعلمت معنى التأريخ. ففي دولة متعددة الاجناس كالنمسا ، كان من[/font][font="] [/font][font="]الصعب جداً ان يعرف الرء معنى الانتماء لالمانيا. فبعد العارك الفرنسية الالمانية،[/font][font="] [/font][font="]قل الاهتمام بالالمان في الخارج، ونساهم البعض تماماً. ومع ذلك، فلو لم يكن الدم[/font][font="] [/font][font="]الالماني طاهراً قوياً ، لما استطاع العشرة مليون الماني ترك بصمتهم واضحة جلية في[/font][font="] [/font][font="]دولة تتكون من اكثر من خمسين مليون نسمة، لدرجة ان الناس تصورت ان النمسا كانت دولة[/font][font="] [/font][font="]المانية مستقلة[/font][font="].[/font]
[font="] [/font][font="]القليلون ادركوا قسوة الصراع الوحشي الذي خضناه للحفاظ على[/font][font="] [/font][font="]اللغة الالمانية، المدارس الالممانية، والاسلوب الخاص للحياة: اليوم فقط، حين يحلم[/font][font="] [/font][font="]الملايين من الالمان بالعودة للوطن الام، ساعين على الاقل للحفاظ على لغتهم القوية،[/font][font="] [/font][font="]يدرك جل الناس صعوبة هذا الصراع، وربما يقدر بعضهم اهمية هؤلاء الافراد الذين حموا[/font][font="] [/font][font="]الوطن من الهجمات من الشرق، وحاربوا من اجل ابقاء اللغة المشتركة حين ما اهتمت[/font][font="] [/font][font="]الحكوات الالمانية الا بالمستعمرات البعيدة ، متناسية معاناة الالمان في الجوار[/font][font="]. [/font][font="]وحتى الاطفال اشتركوا في الصراع القومي: اذ رفضنا ترتيد الاغاني غير الالمانية،[/font][font="] [/font][font="]وارتدينا الثياب التقليدية ، بالرغم من التهديد والعقوبات. فمنذ طفولتي لم يعني[/font][font="] [/font][font="]شعور الوطنية أي شيء لي، بينما عنت المشاعر القومية كل شيء. وقد كانت دراسة[/font][font="] [/font][font="]التاريخ دافعاً قوياً لخلق الحس القومي، نظراً لعدم وجود تاريخ نمساوي مستقل. بل ان[/font][font="] [/font][font="]مصير هذه الدولة مرتبط بالممانيا لدرجة ان ظهور تاريخ نمساوي خاص يبدو مستحيلاً[/font][font="]. [/font][font="]فتقسيم المانيا لموقعين هو في حد ذاته جزء من التاريخ الالماني[/font][font="].[/font]
[font="] [/font][font="]ضرورة توحيد[/font][font="] [/font][font="]الالمان والنمساويين كانت نتيجة حلماً بقي في قلوب الجماهير بسبب تذكرها للتاريخ[/font][font="] [/font][font="]الذي كان بئراً لا ينضب. وخاصة في اوقات النسيان ، سما التاريخ فوق الثراء المرحلي[/font][font="] [/font][font="]وهمس الماضي للشعب باحلام المستقبل[/font][font="]. [/font]
[font="] [/font][font="]تعليم التاريخ في ما يسمى المدارس الثانوية[/font][font="] [/font][font="]لا يزال حتى اليوم في حال يرثى لها. والقلة من الاساتذة تفهم ان الهدف من دراسته[/font][font="] [/font][font="]ليس حفظ ارقام او تواريخ، مثل يوم معركة، او ساعة ميلاد زعيم، او حتى حين وصول ملك[/font][font="] [/font][font="]للسلطة. فمعرفة التاريخ تعني معرفة القوى التي تسبب النتائج المسماة احداثاً[/font][font="] [/font][font="]تاريخية. والمعرفة هي : القدرة على تذكر الاساسي ، ونسيان كل ما هو غير ضروري[/font][font="]. [/font]
[font="] [/font][font="]وقد يكون احد اهم اسباب تشكيل شخصيتي الحالية دراستي للتاريخ مع احد القلة[/font][font="] [/font][font="]الذين عرفوا هذه القواعد وراعوها في التدريس، الاستاذ ليوبلد بوتش. فقد كان ذلك[/font][font="] [/font][font="]الرجل العجوز خيراً متقناً لمادته، وتمتع ايضاً بقدرة بلاغية مميزة سحرت اللب[/font][font="] [/font][font="]وجعلتنا، ونحن نستمع لبعض قصصه، ننسى الحاضر، وكانه ساحر ياخذنا لعصور ماضية، عبر[/font][font="] [/font][font="]ضباب عشرات السنين، صانعاً من الاحداث التاريخية واقعاً معاشاً. وقد كنا من المحظو[/font][font="] [/font][font="]ظبن جداً لان هذا المدرس عرف كيف ينير الماضي بامثلة من الحاضر، وكيف يجلب من[/font][font="] [/font][font="]الماضي وقائع تلقي الضوء على الحاضر. ونتيجة لهذه القدرة فهم اكثر من غيره المصاعب[/font][font="] [/font][font="]التي نعانيها، واستغل مشاعرنا القومية لتقويمنا، مستنشداً باحساسنا بالشرف للانتماء[/font][font="] [/font][font="]للوطن. وبهذه الطريقة نجح في تهذيبنا بشكل افضل من أي اسلوب آخر ، هذا المدرس جعلني[/font][font="] [/font][font="]عاشقاً للتاريخ. وهكذا بت ثورياً بدون ان يسعى هو متعمداً لذلك. فمن يستطيع دراسة[/font][font="] [/font][font="]التاريخ الالماني مع استاذ كهذا بدون ان يكره الدولة التي كادت تدمر مصير[/font][font="] [/font][font="]الامة؟[/font][font="][/font]
[font="] [/font][font="]الم نعرف ان النمسا ما حملت للالمان سوى البغضاء؟ الم نشاهد افعالهم كل[/font][font="] [/font][font="]يوم؟ في الشمال والجنوب كان سم الدول الاخرى يدمر جسد وطننا ، وحتى فيينا تم[/font][font="] [/font][font="]تحويلها لمدينة لا المانية. فقد حاولت الاسرة الحاكمة جلب سكان البلاد الاخرى،[/font][font="] [/font][font="]وخصوصاً التشيك، بقدر الاستطاعة، وكان مقتل السيد فرانسز فوردناد، عدو الالمان[/font][font="] [/font][font="]الاول، على ايديهم دلالة على عدالة الرب الازلي[/font][font="].[/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]كانت الاثقال التي ناء[/font][font="] [/font][font="]بحملها الشعب الالماني هائلة ، اذ دفعوا المال والدم ، وبلا فائدة . ولكن ما اغضبني[/font][font="] [/font][font="]ادعاء ان كل هذا نتج عن علاقات متميزة بين المانيا والنمسا، تنج عنها ان الشعب[/font][font="] [/font][font="]الالماني تم تديره بموافقة من الحكومة الالمانية ذاتها . وكانت نتيجة هذا النفاق هو[/font][font="] [/font][font="]ازدياد الكرهية للحكومة الالمانية لدرجة الازدراء. ولكن حكام المانيا ما فقهوا كل[/font][font="] [/font][font="]هذا ، ومثل رجل اعمى، عاشوا بجوار الجثة متصورين في سكون الموت ماعة ميلاد حياة[/font][font="] [/font][font="]جديدة. وهذا التصور الخاطيء ادى للحرب العالمية الاولى والدمار الناتج عنها[/font][font="]. [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]ادركت في هذه الفترة ان الامة الالمانية ستبقى فقط لو تم تدمير النمسا، وما[/font][font="] [/font][font="]هو اهم ، ان الحس القومي يتعارض كلية مع مشاعر التبجيل للملك. عرفت ان هذه الاسرة[/font][font="] [/font][font="]الحاكمة لا هدف لها سوى اخماد نار الامة الالمانية. ومع ذلك احببت النمسا كجزء من[/font][font="] [/font][font="]الوطن الام[/font][font="]. [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]طبع التفكير التاريخي الذي تعلمته خلال هذه الايام ما هجرني[/font][font="] [/font][font="]ابداً بعد ذلك. بات التاريخ العالمي مورداً لا ينضب عرفت عن طريقه مغزى الاحداث[/font][font="] [/font][font="]المعاصرة. وهكذا تحولت باكراً الى سياسي ثائر[/font][font="].[/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]ما كان المسرح سيئاً في شمال[/font][font="] [/font][font="]النمسا. فقد شاهدت المسرحيات المحتلفة في سن الثانية عشر ، وبعض اعمال الاوبرا[/font][font="] [/font][font="]كذلك[/font][font="]. [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]كل هذه العوامل دفعتني لرفض العمل الذي اراد والدي اعدادي له . ايقنت[/font][font="] [/font][font="]انني لن استطيع الوصول للراحة النفسية في أي وظيفة حكومية. ساكون رساماً، ولن تقدر[/font][font="] [/font][font="]أي قوة في العالم على جعلي موظفاً[/font][font="]. [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]ومع ذلك ، تحولت مع مرور الاعوام الى حب[/font][font="] [/font][font="]المعمار اكثر من الرسم[/font][font="]. [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]وعلى كل حال ، فقد تدخل القدر، واصيب والدي[/font][font="] [/font][font="]بالجلطة، وانتهت رحلته الدنيوية، وتركنا جميعاً في حالة من الحزن العميق. لقد كان[/font][font="] [/font][font="]طموحه الاخير مساعدة ابنه حتى لا يعاني كما عانى ويكرر ذات الاخطاء. وان لم ينجح[/font][font="] [/font][font="]الا ان البذور التي زرعها لعبت دورها في خلق مستقبل لم يستطع هو - ولا انا- ادراكه[/font][font="] [/font][font="]آنذاك[/font][font="].[/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]وقد رغبت امي في ان استمر في الدراسة كما اراد والدي. ثم اصبت بمرض[/font][font="] [/font][font="]ساعدني على التغلب على هذا الصراع المنزلي. اذ اكد الطبيب انني لا استطيع البقاء في[/font][font="] [/font][font="]مكتب ، والح على ابتعادي عن المدرسة لعام كامل. وهكذا حققت لي الاقدار الهدف الذي[/font][font="] [/font][font="]سعيت له[/font][font="].[/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]وافقت امي مكرهة اخيراً على ان ادرس في المعهد الفني. كانت اسعد[/font][font="] [/font][font="]ايام العمر امامي - الا انها بقت احلاماً لان والدتي توفيت بعد وفاة والدي بعامين[/font][font="] [/font][font="]نتيجة لمرض قاتل اصابها على حين غرة. احترمت والدي، ولكنني احببت امي، وقد احزنني[/font][font="] [/font][font="]رحيلها كثيراً[/font][font="]. [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]وهكذا وجدت نفسي مضطراً لاتخاذ قرارات صعبة. الاموال[/font][font="] [/font][font="]القليلة المتبقية كانت قد اُنفقت في علاج امي، وما قدمته الحكومة للايتام ما كان[/font][font="] [/font][font="]كافياً حتى لشظف العيش . وهكذا كان امامي مسؤولية الاستقلال الاقتصادي[/font][font="]. [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]وضعت ثيابي القليلة في حقيبة ، وفي قلبي ارادة جديدة، واتجهت الى فيينا[/font][font="]. [/font][font="]مثل والدي، قررت ان انتزع من القدر مصيراً ميزاً ، وان اكون شيئاً خاصاً ، أي شيء ،[/font][font="] [/font][font="]باستثناء موظف حكومي[/font][font="]. [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]الفصل الثاني: اعوام الدراسة والمعاناة في[/font][font="] [/font][font="]فيينا[/font][font="] . . . [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]حين ماتت والدتي ، حدد القدر اجزاء كثيرة من مصيري المستقبلي[/font][font="] . [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]خلال الشهور الاخيرة من مرضها ، ذهبت الى فيينا لاجتياز الاختيار المبدأي[/font][font="] [/font][font="]لدخول المعهد الفني. كنت قد اعددت بعض اللوحات ، متاكداً من ان الامتحان سيكون في[/font][font="] [/font][font="]غاية السهولة . فقد كنت الافضل في الفصل في مجال الرسم دائماً ، ومنذ ذلك الوقت ،[/font][font="] [/font][font="]تقدمت قدراتي بسرعة، فاصابني الغرور[/font][font="] .[/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]ومع ذلك، شعرت بالمرارة لان قدراتي[/font][font="] [/font][font="]على الرسم الهندسي فاقت بكثير قدراتي كرسام. وكل يوم كان ولعي بالفنون المعمارية[/font][font="] [/font][font="]يتزايد - خصوصاً بعد رحلة لمدة اسبوعين قضيتها في فيينا في سن السادسة عشر. وقد كان[/font][font="] [/font][font="]هدف تلك المرحلة هو دراسة متحف الفن، وان وجدت نظراتي تتطلع اكثر لهيكل المتحف[/font][font="]. [/font][font="]فمنذ الصباح الباكر وحتى المساء، تجولت في الاروقة متابعاً كل ما يشغف فكري، وان[/font][font="] [/font][font="]كان جل اهتامي قد انصب على المتحف ذاته. لساعات وقفت اما مبنى الاوبرا، وبدا لي[/font][font="] [/font][font="]المكان ساحراً مثل قصور الف ليلة وليلة[/font][font="]. [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]والان كنت في المدينة الخلابة[/font][font="] [/font][font="]للمرة الثانية، منتظراً على احر من الجمر نتائج الامتحان. كنت متاكداً من النجاح[/font][font="] [/font][font="]لدرجة ان سقوطي اصابني بذهول مطبق. وجين تحادثت مع المسؤول، وطلبت منه التوضيح، اكد[/font][font="] [/font][font="]لي ان اللوحات التي قدمتها تشير الى عدم توافر الموهبة المطلوبة للرسم لدي، وان اكد[/font][font="] [/font][font="]ان مجال الرسم الهندسي هو الملائم لي ولم يصدق انني لم ادرسه البتة. مكتئباً تركت[/font][font="] [/font][font="]البنى، لاول مرة في حياتي غير عارف بما يجدر بي فعله[/font][font="]. [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]عرفت الان انه لابد[/font][font="] [/font][font="]لي ن دراسة الهندسة . وكان الطريق صعباً: فكل مارفضت دراسته خلال صراعي مع والدي[/font][font="] [/font][font="]بات ضرورياً. ما كان ممكناً دخول كلية الهندسة بدون الشهادة الثانوية. وهكذا بدا ان[/font][font="] [/font][font="]حلمي الفني لن يتحقق ابداً[/font][font="]. [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]حين عدت لفيينا مرة تالثة، بعد وفاة والدتي،[/font][font="] [/font][font="]كان الطموح والعناد قد عادا لي. قررت ان اصير مخططاً هندسياً ، وكل الصعاب كانت[/font][font="] [/font][font="]التحدي الذي لابد لي من اجتيازه. كنت مصمماً على مواجهة العقبات، وامامي صورة ابي،[/font][font="] [/font][font="]الذي بدأ حياته مصلحاً للاحذية ، وصعد بجهوده الخاصة الى موقع حكومي جيد. توفرت لدي[/font][font="] [/font][font="]امكانيات اكثر، وهكذا بدا ان الصراع سيكون اسهل، وما بدا لي آنذك سوء الحظ، امتدح[/font][font="] [/font][font="]اليوم كمساعدة القدر الحكيم. فبينما ازدادت معاناتي اليومية، ازدادت ارادة المقاومة[/font][font="] [/font][font="]داخل ذاتي وفي نهاية المطاف تفوقت على غيرها من العوامل . تعلمت خلال تلك الايام[/font][font="] [/font][font="]الشدة ، وتحولت من طفل مدلل الى رجل قُذف به الى قلب المعاناة والفقر المدقع. ومن[/font][font="] [/font][font="]ثم تعرفت على اولئك الذين سادافع عنهم في ايام مستقبلية[/font][font="].[/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]خلال تلك المرحلة[/font][font="] [/font][font="]ادركت وجود خطرين مدقعين يحيطان بالشعب الالماني، وهما اليهودية والشيوعية. ولا[/font][font="] [/font][font="]تزال فيينا، التي يتصورها الكثيرني مدينة اللذات البريئة، تجلب لذهني اسوء صور[/font][font="] [/font][font="]المعاناة الانسانية التي عرفتها لمدة خمسة اعوام اضطررت خلالها للعمل ، اولاً[/font][font="] [/font][font="]كمستاجر يومي، ثم كرسام[/font][font="]. [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]ما جلبته من مال ما كفى حتى لاشباع الجوع اليومي[/font][font="]. [/font][font="]كان الجوع صديقاً لي آنذاك، وما تركني للحظة، بل شاركني في كل شيء. كل كتاب اقتنيته[/font][font="] [/font][font="]، وكل مسرحية شاهدتها، جعلته اقرب الي. ومع ذلك، درست خلال تلك الايام اكثر من أي[/font][font="] [/font][font="]فترة اخرى. باستثناء زياراتي النادرة للاوبرا التي دفعت ثمنها جوعاً ، ما كان لدي[/font][font="] [/font][font="]أي لذة سوى القراءة. وهكذا خلال تلك الفترة قرات كثيراً وبعمق. كل وقت الفراغ[/font][font="] [/font][font="]المتاح لي بعد العمل قضيته في القراءة، وبهذه الطريقة جمعت خلال بضع اعوام المعارف[/font][font="] [/font][font="]التي تغنيني حتى الساعة[/font][font="] . [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]خلال تلك الاعوام، تكونت في ذهني صورة للعالم[/font][font="] [/font][font="]تبقى القاعدة التي استخدمها في كل قرار اتخذه ، وكل تصرف اقوم به. وانا اليوم مقتنع[/font][font="] [/font][font="]بان كل سلوكياتنا تنبع من آراء تنتج اثناء شبابنا. فحكمة النضوج تحوي الاراء[/font][font="] [/font][font="]الخلاقة التي ينتجها الفكر الشاب ولا يمكن تطويرها آنذاك، مضافاً لها الحذر الذي[/font][font="] [/font][font="]يتعلمه الانسان بالتجربة. وهذه العبقرية الشبابية ستكون الاداة الاساسية لخطط[/font][font="] [/font][font="]المستقبل، التي سيمكن تحقيقها فقط لو لم تدمرها تماماً حكمة النضج[/font][font="].[/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]كانت[/font][font="] [/font][font="]طفولتي مريحة، بلا قلق يذكر. كنت انتظر مجيء الصباح، بلا أي معاناة اجتماعية. فقد[/font][font="] [/font][font="]انتميت لطبقة الراسمالية الصغيرة ، وكنت لهذا السبب بعيداً عن الطبقات العاملة[/font][font="]. [/font][font="]وبالرغم من ان الفرق الاقتصادي بين الطبقتين كان محدوداً ، الا ان الفاصل بينهما[/font][font="] [/font][font="]كان شاسعاً . وقد يكون سبب العداء بين الطبقتين هو ان الموظف، الذي ما استطاع الا[/font][font="] [/font][font="]بصعوبة ترك الطبقات العاملة ، يخشى من العودة الى تلك الطبقة المحتقرة، او على[/font][font="] [/font][font="]الاقل ان يتصوره الناس جزءاً منها. هناك ايضاً الذكريات المخيفة للفقر، وانعدام[/font][font="] [/font][font="]المعايير الاخلاقية بين الطبقات المنحطة، وهكذا يخشى الراسمالي الصغير أي اتصال مع[/font][font="] [/font][font="]هذه الطبقة. وهذا الصراع عادة يدمر كل شعور بالرحمة. فصراعنا للبقاء يدر عواطفنا[/font][font="] [/font][font="]لاولئك الذين تخلفوا ورائنا[/font][font="]. [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]اشكر القدر الذي اجبرني على العودة لعالم[/font][font="] [/font][font="]الفقر والخوف، لان التجربة ازاحت عن عيوني غشاء نتج عن تربية الرأسمالية الصغيرة[/font][font="]. [/font][font="]عرفت الان معاناة الانسانية ، وتعلمت التفرقة بين المظاهر الفارغة والكائن الموجود[/font][font="] [/font][font="]في داخلها[/font][font="].[/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]كانت فيينا التي شاهدتها احدى اكثر مدن اوربا تخلفاً. الثراء[/font][font="] [/font][font="]الفاحش والفقر المدقع تجاورا. في مركز المدينة وحاراتها شعرت بنبض 52 مليوناً . اما[/font][font="] [/font][font="]المحكمة الفخمة والمناطق المجاورة لها، وخصوصاً المباني الحكومية،[/font][font="] [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]فجذبت[/font][font="] [/font][font="]لها الذكاء والثراء. وهذه المناطق كانت كل ما يوحد الشعوب المختلفة الموجودة في هذه[/font][font="] [/font][font="]الدولة. فالمدينة كانت العاصمة الثقافية والسياسية والاقتصادية. مجموعة مديرى[/font][font="] [/font][font="]الشركات العامة والخاصة، موظفي الحكومة، الفنانين، والمدرسين والمثقفين، عاشت في[/font][font="] [/font][font="]مواقع قريبة بجوار الفقراء، وواجهت جيوشاً من العمال كل يوم. خارج القصور المعروفة[/font][font="] [/font][font="]تشرد الاف من العاطلين، وفي ظلال اسوارها رقد من لا يملكون مسكناً[/font][font="]. [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]معرفة[/font][font="] [/font][font="]هذه الوضاع المزرية ودراستها لن يتم من مواقع عالية : لا احد ممن لم يسقطوا في[/font][font="] [/font][font="]اشداق هذه المعاناة يمكن له ان يفهم الآمها. ومن حاولوا دراستها من الخارج غرقوا في[/font][font="] [/font][font="]لغو الحديث والعاطفة ، وانا لا ادري ان كان تجاهل الاغنياء للفقير اكثر ضرراً من[/font][font="] [/font][font="]افعال اولئك الذين يدعون الشفقة عليه بتكبر وغرور. والنتيجة دائماً سلبية على كل[/font][font="] [/font][font="]حال، بينما تزداد الوضاع سوءاً. ولا يجدر بالفقير ان يرضى بصدقة بدلاً من ان تعاد[/font][font="] [/font][font="]له بعض حقوقه[/font][font="]. [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]لم اعرف الفقر من بعيد: بل ذقت طعم الجوع والحرمان، ولم[/font][font="] [/font][font="]ادرسه بطريقة موضوعية، بل خبرته داخل روحي. وكل ما استطيع فعله الان هو وصف المشاعر[/font][font="] [/font][font="]الاساسية، وذكر بعض ما تعلمته من هذه التجارب[/font][font="].[/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]لم يكن العثور على وظيفة[/font][font="] [/font][font="]صعباً ، نظراً لافتقاري للتجربة. وهكذا اضطررت للعمل كمساعد عامل او كعامل باجر[/font][font="] [/font][font="]يومي. حلمت بالهجرة الى امريكا. تحررت من الافكار القديمة عن الحرفة والمركز،[/font][font="] [/font][font="]المجتمع والتراث، وسعيت وراء أي فرصة متاحة، وتقبلت أي عمل، مدركاً ان أي عمل شريف[/font][font="] [/font][font="]لا يجلب العار لصاحبه. عرفت بسرعة ان العمل متوفر ويمكن الحصول عليه بسهولة، ولكن[/font][font="] [/font][font="]يمكن ايضاً بسهولة ان يفقده المرء. بدا لي ان عدم ضمان الوصول لرغيف العيش كل يوم[/font][font="] [/font][font="]كان اسوء ما عانيته[/font][font="]. [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]العامل المدرب لا يجد نفسه في الشارع بيسر مثل العامل[/font][font="] [/font][font="]غير المحترف، الا انه قد يواجه ذات المصير ايضاً. ولذلك ترى العمال يضربون عن[/font][font="] [/font][font="]العمل: مما يؤدي للاضرار باقتصاد المجتمع ككل[/font][font="]. [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]ذلك الفلاح الذي يهاجر الى[/font][font="] [/font][font="]المدينة، متخيلاً سهولة العمل، وقلة ساعاته، والاضواء الكهربائية الملونة، كان قد[/font][font="] [/font][font="]اعتاد على نوع من الضمان بخصوص لقمة العيش. ففي القرية، لن يترك عمله الا اذا ضمن[/font][font="] [/font][font="]لنفسه عملاً افضل منه. ونظراً لوجود حاجة دائمة للايدي العاملة في الفلاحة، تبقى[/font][font="] [/font][font="]امكانيات البطالة محدودة. ومن الخطأ تصور ان الفلاح الذي يهاجر للمدينة اكثر كسلاً[/font][font="] [/font][font="]من ذلك الذي يبقى في عقر داره. العكس هو الصحيح: فالمهاجر عادة يكون الاكثر صحة[/font][font="] [/font][font="]ونشاطاً. ولذلك لا يخاف من مواجهة الصعاب. هو يصل ايضاً للمدينة ومعه مدخراته[/font][font="]. [/font][font="]ولذلك لا يخاف ان لا يصل للوظيفة المرغوبة من اول يوم. ولكن الامور تزداد سوءاً ان[/font][font="] [/font][font="]عثر على وظيفة ثم فقدها. فالعثور على غيرها، خصوصاً في فصل الشتاء، سيكون شاقاً بل[/font][font="] [/font][font="]ومستحيلاً . ومع ذلك، سيعيش وستعاونه الفوائد الحكومية للعاطلين. ولكن، حين تنضب[/font][font="] [/font][font="]هذه الموارد مع مرور الوقت، ستبدأ المعاناة الحقيقية. سيتشرد الفتى الجائع في[/font][font="] [/font][font="]الشوارع، وسيبيع او يرهن ما يملك، وستسوء حال ثيابه، وينحط الى مستوى مادي وروحي في[/font][font="] [/font][font="]غاية التعاسة. فتتسمم روحه. وان فقد سكنه في الشتاء، وهو مايحدث كثيراً ، فستكون[/font][font="] [/font][font="]معاناته فظيعة. وفي نهاية المطاف، سيعثر على وظيفة اخرى، ثم تتكرر ذات القصة مرة[/font][font="] [/font][font="]ثانية وثالثة، وشيئاً فشيئاً يتعلم عدم الميالاة، ويصير التكرار عادة. وهكذا يتحول[/font][font="] [/font][font="]هذا الرجل النشيط سابقاً الى كسول يستخدمه الاخرين لمصالحهم. وقد عاش حياة البطالة[/font][font="] [/font][font="]لوقت طويل بدون ذنب حتى ما عاد بهمه طبيعة العمل الذي يقوم به، حتى ان كان هدفه[/font][font="] [/font][font="]تدمير القيم السياسية الثقافية الاجتماعية. وحتى ان لم تعجبه فكرة الاضراب، فلن[/font][font="] [/font][font="]يبالي بها. وقد شاهدت الاف القصص المشابهة للتي اقصها. وكلما شاهدت المزيد ، ازدادت[/font][font="] [/font][font="]كراهيتي للمدينة الكبيرة التي تمتص دماء الرجال وتدمرهم[/font][font="].[/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]فحين جاءوا فراداً،[/font][font="] [/font][font="]انتمى كل منه للمجتمع، وبعد اعوام، ما انتموا لاي شيء[/font][font="]. [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]وانا ايضاً عانيت[/font][font="] [/font][font="]وعثاء حياة المدينة: شعر جسدي بصعابها وامتصت روحي معاناتها. وقد شاهدت ايضاً ان[/font][font="] [/font][font="]التنقل السريع بين العمل والبطالة، وما ينتج عنه من تقلب اقتصادي، يدمر شعور الفرد[/font][font="] [/font][font="]باهمية الاقتصاد. بدا ان الجسد يعتاد على التبذير حين يتوفر المال، ويستحمل الجوع[/font][font="] [/font][font="]حين انعدامه. وبصراحة، ان الجوع يقضي على أي ارادة تسعى للتنظيم الاقتصادي حين[/font][font="] [/font][font="]يتوافر المال لانه يضع امام ضحيته المعذبة سراب الحياة السعيدة لدرجة ان الرغبات[/font][font="] [/font][font="]المريضة ستدمر أي قدرة على التحكم ساعة الوصول لاي موارد. وهكذا حين يصل الرجل[/font][font="] [/font][font="]للمال ينسى كل افكار تتعلق بالنظام والترتيب، ويعيش حياة البذخ ويسعى وراء اللذات[/font][font="] [/font][font="]الانية. وغالباً ما سيكون لهذا العامل زوجة واطفال وسيعتادون جميعاً على التبذير[/font][font="] [/font][font="]ثلاث ليال من الاسبوع، والجوع باقيه. وفي ساعات الظهيرة سيجلسون سوياً امام الصحون[/font][font="] [/font][font="]شبه الفارغة، منتظرين يوم وصول المرتب، متحدثين عنه، حالمين طوال ساعات الجوع بلذات[/font][font="] [/font][font="]التبذير[/font][font="]. [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]وهكذا يعتاد الاطفال منذ طفولتهم على هذه الاوضاع السيئة[/font][font="]. [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]وقد شاهدت هذه الاوضاع مئات المرات وتقززت منها اولاً، ثم فهمت حقيقة[/font][font="] [/font][font="]الماساة التي يعيشها هؤلاء الناس الذين باتوا ضحايا لظروف اجتماعية سيئة. وما كان[/font][font="] [/font][font="]اكثر بؤساً هو اوضاع السكن السيئة . بل انني اشعر بالغضب حتى هذه الساعة حين اتذكر[/font][font="] [/font][font="]الغرف الصغيرة والاكواخ الخشبية المحاطة بالقاذورات والاوساخ من كل جانب. وقد خشيت[/font][font="] [/font][font="]ذلك اليوم المرعب، حين سيخرج هؤلاء العبيد من اقفاصهم للانتقام من قسوة البشرية[/font][font="] [/font][font="]عليهم[/font][font="]. [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]والمسؤولون والاثرياء يتركون الامور تسير على مجاريها: وبدون أي[/font][font="] [/font][font="]تفكير يفشلون حتى في الشك بان القدر يخطط للانتقام من هذا الجور. اما انا فعرفت ان[/font][font="] [/font][font="]تحسين هذه الاوضاع ممكن بطريقتين: فلابد من وجود احساس عميق بالمسؤولية لخلق اسس[/font][font="] [/font][font="]افضل للتقدم ، ومعه ارادة وحشية تدمر كل ما سيقف في طريقها ويعوق تقدمها. وكما لا[/font][font="] [/font][font="]تركز الطبيعة جهودها في الحفاظ على ما هو موجود، بل تسعى لخلق اجيال ستقبلية افضل،[/font][font="] [/font][font="]سيكون من الضروري صناعة قنوات جديدة اكثر صحية منذ البداية[/font][font="]. [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]تجاربي[/font][font="] [/font][font="]المختلفة في فينا علمتني ان المشاريع الخيرية غير مفيدة ، والمطلوب تدمير الفوضى[/font][font="] [/font][font="]الاقتصادية التي تؤدي الى انحطاط الافراد الخلقي. بل ان عدم قدرتنا على استخدام[/font][font="] [/font][font="]الوحشية في الحرب ضد المجرمين الذين يهددون المجتمع سببها هو عدم تاكدنا من برائتنا[/font][font="] [/font][font="]التامة من الاسباب النفسية والاجتماعية لهذه الظواهر. شعورنا الجمعي بالذنب تجاه[/font][font="] [/font][font="]مآسي الانحطاط الاخلاقي يشل قدرتنا على اتخاذ اقل الخطوات قسوة في الدفاع عن[/font][font="] [/font][font="]مجتمعاتنا. وفقط حين نتحرر من سلطة عقدة الذنب هذه سنقدر على الوصول للقوة والوحشية[/font][font="] [/font][font="]والضروريين لتدمير الاعشاب الضارة والافكار المارقة[/font][font="]. [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]وبما ان النمسا كانت[/font][font="] [/font][font="]عملياً بلا قانون اجتماعي صالح، لم تكن الدولة قادرة على التعامل مع هذه الامراض[/font][font="] [/font][font="]البتة[/font][font="]. [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]ولا اعرف حتى الساعة ما ارعبني اكثر: هل كان سوء الاوضاع الاقتصادية[/font][font="] [/font][font="]لمن عرفت، ام انحطاطه الخلقي، ام الضعف الفكري؟[/font][font="][/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]تصور مثلاً هذا المشهد: في[/font][font="] [/font][font="]شقة تتكون من حجرتين سكنت اسرة عامل تتكون من سبع اشخاص. بين الاطفال الخمسة، كان[/font][font="] [/font][font="]هناك طفل في الثالثة، وهو السن الذي تتكون خلاله انطباعات الفرد الاولى. هناك بعض[/font][font="] [/font][font="]الموهوبين الذين يتذكرون هذه الانطباعات حتى ارذل العمر. مجرد ضيق الشقة وازدحامها[/font][font="] [/font][font="]لا يؤدي لخلق ضروف صحية ونفسية ملائمة للنمو. قد تحدث مثلاً خلافات بسيطة بين افراد[/font][font="] [/font][font="]كل اسرة، وعادة يذهبون كل الى حجرة مختلفة، وينتهي الامر. اما في شقة صغيرة، فكل[/font][font="] [/font][font="]سيرى نفسه في مواجهة الاخرين طوال الوقت. بين الاطفال، الخلاف شيء طبيعي، وهم ينسون[/font][font="] [/font][font="]اسبابه بسرعة. ولكن ان شاهد الاطفال الابوين في حال خصام دائم، تستخدم خلاله[/font][font="] [/font][font="]الالفاظ النابية، وربما العنف، فستكون النتائج سلبية. سيتصور الطفل العالم بطريقة[/font][font="] [/font][font="]تخيف من يقدر على تصورها. فقد تم تسميممه اخلاقياً، وما تغذى جسده كما ينبغي. ومن[/font][font="] [/font][font="]ثم يذهب هذا المواطن الصغير الى المدرسة. بعد صراع مضن، قد يتعلم القراءة والكتابة،[/font][font="] [/font][font="]اما الواجب المنزلي، فانجازه مستحيل. بل ان والديه سيقذعان المدرسة بابشع الالفاظ[/font][font="]. [/font][font="]كل ما سيسمعه الطفل لن يعلمه احترام مجتمعه. سيكره المدرسين وكل انواع السلطة. وحين[/font][font="] [/font][font="]يُطرد من المدرسة بعد ذلك، سيلاحظ الناس غبائه، وجهله ، وكذلك سوء اخلاقه. أي موقع[/font][font="] [/font][font="]سيستطيع هذا الشاب االيافع لوصول اليه في ظروف مثل هذه؟ كل ما لديه هو كراهية[/font][font="] [/font][font="]المجتمع والبشرية. وبعد هذا، في سن الخامسة عشر، سيبدأ ذات الحياة التي عاشها[/font][font="] [/font][font="]والده، فيذهب للخانات، ويعود متاخراً لمنزله، وينتهي به الامر في السجن[/font][font="]. [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]وكم من مرة غضب الرأسمالي اذ سمع العامل الفقير يقول انه لا يهتم سواء اكان[/font][font="] [/font][font="]المانياً ام لا، ما دام يجد الغذاء والكساء: فقدان الشعور القومي بهذه الطريقة[/font][font="] [/font][font="]فظيع. كم من الالمان في عصرنا يشعرون بالفخر ان تذكروا انجازات امتهم الثقافية[/font][font="] [/font][font="]والفنية؟ وهل يدرك المسؤولين ان الشعور بالفخر والعزة الوطنية لا يصل الا لقلة من[/font][font="] [/font][font="]افراد الشعب[/font][font="]. [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]لذلك لا بد من تحسين الاوضاع المعيشية ومن ان يركز التعليم[/font][font="] [/font][font="]على قيم اساسية تتفشى في اذهان الناس عبر التكرار[/font][font="]. [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]ولكن المانيا، بدلاً من[/font][font="] [/font][font="]الدفاع عن القيم القليلة الموجودة، تسعى لتدميرها. والفئران التي تبث سمومها في[/font][font="] [/font][font="]القلب والذاكرة تنجح في الوصول لغاياتها، بمساعدة الفقر والمعاناة: يوماً بعد يوم،[/font][font="] [/font][font="]في المسارح ودور السينما، نرى السم يُقذف على الجماهير، ثم يتحير الاثرياء عن اسباب[/font][font="] [/font][font="]انحطاط القيم الاخلاقية للفقراء، وانعدام الشعور الوطني بينهم[/font][font="]. [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]قضية خلق[/font][font="] [/font][font="]الشعور الوطني اذاً تعتمد على توفير ظروف ملائمة لتعليم الافراد لان اولئك الذين[/font][font="] [/font][font="]يتعلمون عن طريق الاسرة والمدرسة فقط هم الذين سيستطيعون تقدير الانجازات الثقافية[/font][font="] [/font][font="]والاقتصادية والسياسية لوطنهم لدرحة الانتماء لذلك الوطن. استطيع ان احارب فقط من[/font][font="] [/font][font="]اجل ما احب، واحب فقط ما احترمه، واحترم على الاقل ما اعرفه[/font][font="].[/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]ومع ازدياد[/font][font="] [/font][font="]اهتمامي بالقضايا الاجتماعية ، بدات اقرء المزيد عنها ، وفتح عالم جديد ابوابه لي[/font][font="].
![أييييييييييه :65: :65:](/vb/images/smilies/rami112.gif)
![تصفيق :13: :13:](/vb/images/smilies/rami13.gif)
![أييييييييييه :65: :65:](/vb/images/smilies/rami112.gif)