أبشر بطول سلامة

{*B*A*T*M*A*N*}

مشرف

إنضم
Sep 21, 2011
المشاركات
23,222
مستوى التفاعل
80
المطرح
دمشق
يوما بعد يوم يزداد الناس حيرة بشأن ما يحدث فى مصر وتزداد علامات الاستفهام والتعجب أمام طبيعة الحكومة الجديدة ومهمتها وما إذا كانت قادرة على تحقيق أهداف «الثورة» أم عاجزة، ويبحثون عن إجابات فلا يجدون إلا ردودا من قاموس عابرى السبيل الذين لا ناقة لهم ولا جمل فيما يحدث هنا وهناك.
ولعل أسباب هذه الحيرة تكمن فى طبيعة التشكيل الوزارى لحكومة هشام قنديل الجديدة التى جمعت شخصيات لا علاقة لها بحرفة الحكم ومهنيته وصنعته State craft والتى تفترض أن الحكومة تنطلق من رؤية محددة لتحقيق أهداف معينة. غير أن قنديل وتلك هى المفاجأة صرح فور حلف اليمين أن حكومته سوف تنطلق من سياسات الذين سبقوه فى الحكم وكان هو أحد وزراء الحكومة الأخيرة. وربما أراد من هذا التصريح أن ينفى عن حكومته شبهة أنها سوف تلغى كل ما سبقها من سياسات مثلما هو معروف عن طبيعة الإدارة فى مصر. لكنه بهذا التصريح أساء إلى حكومته، ذلك أن الانطلاق من سياسات الحكومات السابقة معناه أننا بصدد استمرار حكم رأس المال الذى كان السادات بدأه بسياسة الانفتاح المعروفة والتخلى عن دور الدولة فى النشاط الاقتصادى والرعاية الاجتماعية وهى السياسة التى التزم بها مبارك بكل إخلاص حين سيطر على حكوماته رجال الأعمال المرتبطون بالسوق الرأسمالية العالمية باسم «الاقتصاد الحر» الذى أصبح فى بلدنا «النهب الحر» وكان من أسباب ثورة يناير.
وفى هذا الخصوص ليس شرطا أن يكون وزراء حكومة قنديل أصحاب رأسمال حتى نقول أنها حكومة رأسمالية تابعة، فمثلا لم يكن مصطفى النحاس الذى ترأس عدة حكومات قبل 1952 رأسماليا أو من كبار ملاك الأراضى الزراعية لكنه كان فى قبضة أصحاب رأس المال ومن ثم لم تكن سياسات حكوماته فى خدمة العمال والفلاحين وشرائح الموظفين، وكذلك الحال بالنسبة لكل من السادات ومبارك اللذين لم يكونا أصلاً من أغنياء الريف أو المدن عند توليهما الحكم لكن سياساتهما وتوجهاتهما كانت فى صالح النظام الرأسمالى العالمى فكان ما كان. ويبدو من شخصيات الوزراء ومن أقوال رئيس الدولة ورئيس الحكومة أن الجمهورية الجديدة هى جمهورية إصلاحية وليست ثورية مما يعيد إلى الأذهان علامات الاستفهام التى أثارها البعض بشأن أن ما حدث فى 25 يناير لم يكن ثورة بالمعنى الاصطلاحى وإنما كان مجرد الإطاحة برأس النظام وبقى النظام بأشخاص آخرين وكأنه «انقلاب داخل القصر». ومن واقع تصريحات كثير من المسؤولين الجدد يتبين لنا أنهم لا يفرقون بين الثورة والإصلاح، وبين الرأى والرؤية، وبين الحرية والليبرالية (أى التحرر)، وبين اليمين واليسار، وغير ذلك من كلمات لها أصولها الاصطلاحية لكنها تجرى على شفاههم مجرى اللغة العادية دون أبعاد اصطلاحية فتزداد الحيرة أكثر وأكثر، وينطبق المثل السائر «كله عند العرب صابون». وأخشى أن يكون الفريق الرئاسى حول الرئيس من نفس النوعية خاصة أنه استهدف من إنشائه قطع الطريق على من قد يتهمه بالانفراد بالحكم، مع أن المسألة أكبر من الانفراد أو المشاركة إذ تتعلق بحقيقة التوجهات نحو تحقيق أهداف الثورة فى الكرامة والعدالة الاجتماعية وهى أهداف تتعارض مع منطق السوق الرأسمالى الذى يتوحش فى بلادنا خصوصاً فى ظل عدم حرية العمل النقابى فى الدفاع عن المصالح المتناقضة مع حكم رأس المال.. فهل ما نشهده يبشر بخير..؟
قال جرير ساخراً من الفرزدق: زعم الفرزدق أن سيقتل مِربعاً // أبشر بطول سلامة يا مربعٌ.
 
أعلى