آلبتول
أدميرال
- إنضم
- Jul 5, 2008
- المشاركات
- 10,067
- مستوى التفاعل
- 172
- المطرح
- من جزيرة العرب وبقايا بخور فرنسي !!
دخلت مدرستي
كانوا يلهون و يلعبون بنشاط و مرح
راح البصر يتمتع برؤيتهم و يتلمس السرور من عيون صغيرة صادقة
أسرع أحمد يتلقاني سعيدا في الساحة الكبيرة
رأيت ابن الثامنة يمد يده الصغيرة نحوي مصافحا
أمسكت يده المرتجفة على الدوام و مسحت رأسه الصغير و ما تعجبت ارتجاف اليد ..اعتدت ذلك منذ العام الماضي
كان ما يزال في الصف الأول..
رأيته يومها ممسكا قلم التلوين و هو حزين.. لأن رجفة اليد الدائمة تجعله يخرج باللون عن مكانه المحدد
يومها ظننت يده ترتجف خوفا من عقاب..
و حين أخبرني أحمد أنها ترتجف بشكل مستمر تغيرت نظرتي لأحمد بل للحياة جميعا
لم أكن أتصور أن هناك من تبدأ محنته منذ الصغر
أصبحت أكثر قربا من الأولاد و من أحمد بشكل خاص
كنت أقربه في حصتي و أحادثه
استأنس أحمد و بدأ يتفاعل معي بحب
طالما كنت تراه يقف بجانبي متذرعا بسؤال
و تنتهي الحصة و أحمد ما يزال ملتصقا بطاولتي متابعا رسومي
و هو يتحدث عن بيته ووالدته و إخوته و كل صغيرة و كبيرة تحصل
كان يجمع أحداث الأسبوع لينقلها إلى مسمعي في حصة أسبوعية واحدة
رأيت في عين أحمد هذا اليوم حزنا وانكسارا رغم ابتسام الشفتين
تلك اليد الصغيرة التي امتدت نحوي
كانت باردة برود الثلج
انتظرت انتهاء الفسحة و كانت الحصة تقودني إلى مكان أحمد
ما بك يا صغيري
و كأنه ينتظر مني السؤال
ينبوعا تفجر حينها من العيون
و كلمات أسى تنطق بما في الروح من عذاب
تألمت لأحمد
مجتمع الصغارالذي لا يعرف الرحمة ..
يعيروني و يقولون المرتجف
بكى أحمد و قلبي معا
مسحت الرأس الصغير و كنت أغالب تلك الدمعة التي تكاد تفضح
أحمد يا صغيري ألا تعلم أنك يوم القيامة ستحاسبهم جميعا
و سيعطيك الله القدير ما تريد من حسناتهم
أحمد أيها الغالي ألا تريد مكانا عاليا في الجنة
دهش الصغار و كأن على رؤوسهم الطير
بلى يا صغاري
سيحكم أحمد و كل من تؤذونه يوم القيامة و يأخذون منكم الحسنات
مسح أحمد عبرته الندية و قال بسرور :و كم سآخذ منهم
قلت مشجعة :قدر ما تريد
قال أحمد بقوة :إذن آخذ كل حسناتكم
انهالت العبرات من كل ناحية و صوب
بكاء و رجاء و نحيب
اقترب الأولاد من أحمد
يرجونه
يشدون يده الصغيرة بحنان
قبلوه طويلا
و كم أحسنوا الاعتذار
لا تأخذ حسناتنا يا أحمد
كان كمن ملك الدنيا
فضحتني تلك العبرة
عاهد أحمد الأولاد أن يترك لهم شيئا من الحسنات
عادوا إلى المقاعد بعد مدة
و كل منهم يقبض على حسناته و هو يخشى أن يتحكم أحمد بها مجددا
لـ عبير النحاس