mr_ops
بيلساني محترف
- إنضم
- Jan 12, 2010
- المشاركات
- 2,777
- مستوى التفاعل
- 38
- المطرح
- شامي
الجنة تحت اقدام الامهات
هذه القصة من الواقع الأليم تحكي عن معاناة ام بعد انجابها لـ اولادها وكيف عاملوها ..تقول صاحبة القصة
هل سمعتم يوماً بأولاد لا يحبون والدتهم بالرغم من تكريس حياتها لهم؟ هل سمعتم عن أولاد يهينون من قيل إن الجنة تحت أقدامها؟ ممكن أن تكونوا قد سمعتم عن ولد عاق لكن إخوانه يكونون عقلاء ويحبونها، أما أنا فالثلاثة لا يأبهون لأمري ولا أعني لهم شيئاً سوى إنني من أجهز لهم الطعام وأنفذ أوامرهم، أعذروني لأنني بدأت أشكو لكم من دون أن أخبركم عن السبب فأنا والدة مقهورة حزينة من فلذات كبدها، من أرواح خرجت من روحها، ممن سكنوا أحشاءها وسهرت عليهم الليالي، سأخبركم قصتي: قصة زوجة كأنها لم تتزوج ووالدة كأنها لم تنجب، أعود معكم قليلا إلى الوراء قبل أن أترك منزلي مطرودة مذلولة مطلقة، آثار الضرب والركل تملأ جسدي ووجهي، صغيرة ضعيفة يتيمة الأبوين لا مكان أذهب إليه، فشقيقي الوحيد الذي تبقى من عائلتي صغير في السن ويعيش مع عمي الذي لم نره سوى مرات قليلة لأنه كان يخجل بوالدي، فقد عمل بكد وأسس عملاً صغيرًا ليصبح فيما بعد شركة كبيرة وعندما توفي والديّ وأصبح شقيقي وحيداً باع المنزل وقال له ستعيش عندي لكنه لم يدعه يكمل دراسته وأرسله للعمل في شركته فيأخذ ورقة ويأتي بملف يجهز القهوة والشاي ثم ينظف المكاتب وينام في غرفة قرب المطبخ، خفت أن أذهب إليه فيطردني وتكون المرة الثانية، خاصة أنه لا يحب زوجي لأنه كان أنانياً شرس الطباع يعاملنا بتعال بسبب فقرنا وعندما حاول العمل معه رفض بشدة بحجة فقرنا وخوفه من فشل عمي فهو شقيق والدي الفقير الذي يكاد يعيلنا ووالدتي التي كانت تعمل في المنازل طباخة لتساعده، فكان يذلني حتى عندما أتناول الطعام فيقول، كلي قدر ما شئت فأنت جائعة منذ صغرك، وإن ارتديت شيئاً جديداً ابتاعه لي يقول: اذهبي إلى المرآة وتأملي نفسك في شيء يخصك ولم يكن لغيرك كان يهينني دائماً أمام أولادي وهم يجارونه فقد حفظوا كلامه من كثرة ما كان يكرره وعندما بدأوا يقولونه لي بدورهم كان يضحك ويضحك كأنه سمع دعابة وهم صغار يعتقدون أنهم إن قالوا هذا الشيء سيدخلون البهجة إلى قلب والدهم ولم يكونوا ليفكروا بقلبي الذي يتقطع حزناً وذلاً، لكن ماذا أفعل أمامهم ومعهم؟ إلى أن أصبحت أضحك من نفسي أنا الأخرى وكنت أطلق الدعابة عن طعامي ولباسي قبل أن يفعلوها هم كي لا تصلني جارحة قاسية من أفواههم . مرت علي أعوام مع هذا الرجل الذي عرف جيداً كيف يجعلني أكره حياتي، كنت كالخادمة عندهم لا احترام ولا اهتمام لا كلمة حلوة ولا شكر على عمل مهما كان، أما الضرب فكان كشرب الماء شيئاً لا يستطيع الاستغناء عنه بسبب يضربني وبلا سبب، أما أولادي فكانوا يقتلونني بتصرفاتهم، فهم مثله تماماً أنا لا ألومهم لأنهم لم يسمعوا مني احتجاجاً ولو صغيراً على كلامهم المهين سوف تقولون إنني المخطئة وكان علي أن أوقفهم عند حدهم منذ المرة الأولى التي أهانوني بها لكنني حاولت صدقوني فكان والدهم لي بالمرصاد حيث صفعني على وجهي أمامهم قائلاً: إياك أن ترفعي صوتك في وجه أولادي فهم أسيادك وسبب بقائك في هذا المنزل، وكان يأخذهم إلى المجلس وهو يقول: لا عليكم منها خلّها تولي لا تهتموا لأمرها فهي هنا لخدمتكم فقط صمتت وكتمت ألمي عضضت على جرحي لأنه قادر فعلاً على أن يحرمني من أولادي الذين وهم بالرغم من أفعالهم أولادي، إنه قادر على أن يعيدني إلى الفقر والجوع في منزل أهلي الذين مازالوا يعملون حتى يؤمنوا لقمة عيشهم أما شقيقي فلا يزال في المدرسة ووالدي يصر على أن يكمل دراسته كي لا يصبح مثله، فكيف أعود إليهم واحملهم همي وهم إطعامي وأن تكرم زوجي وأعطاني المؤخر فهو بالكاد يكفينا لعام واحد لنعود بعدها لحالنا السابقة هذا ما كان يسكتني ووالدي المسكين كان يبدو سعيداً جداً بزواجي من هذا الرجل ويتكلم عنه بفخر في القهوة مع رفاقه مع أنه لم يره إلا مرات قليلة في منزلهم بعد زواجنا ثم انقطع عن الذهاب لأنه كان يقول انه يشعر بالقرف من الجلوس عندنا على ما كان يسميه شبه أثاث وعندما أنجبت ولدي الأول منعني نهائياً من زيارتهم خوفا عليه من الحشرات والجراثيم وها أنا قد أنجبت ولدي الثالث ولم أرهم مع أنهم على بعد ساعة ونصف الساعة عني، وعندما مرض والدي ورقد في فراشه سمح لي بزيارته لكن دون أن آخذ الأولاد معي قائلاً: سأوصلك إلى تلك الخربة ويبقى الصغار معي في السيارة سأغيب لساعة وأعود لآخذك، يومها رأيت دموع والدي الغالي وهو يقول سوف أموت يا ابنتي ولم أر أولادك ولو لمرة واحدة، قلت بغصة: سامحني يالغالي لكن مشاغل زوجي تمنعه من المجيء دائماً إلى هنا، حسناً ولماذا لم تأتي بهم اليوم قلت خفت أن يزعجوك بصراخهم وأنت مريض لا تحتمل، صمت وأمسك بيدي قائلاً: أنت لست سعيدة بزواجك أليس كذلك ؟ وقبل أن أحرك شفتيّ لأجيبه وأكذب عليه شدّ على يدي قائلاً: لا داعي أن تمثلي علي فأنت من صلبي وإن لم أشعر أنا بك فمن سيفعل؟ صحيح أنني أميّ وفقير بسيط وساذج لكن عندي إحساس وشعور خاصة في ما يتعلق بك وبشقيقك لكن يا غاليتي أريدك أن تسامحيني لأنني السبب في الحزن العميق الذي أراه في عينيك، ليتني رضيت بأحد من الذين تقدموا إليك وكانوا من ثوبنا، لكنني فضلت لك رجلاً ثرياً يحميك من الزمن وغدره، أردت لك حياة عز وجاه لكن كما يبدو كنت مخطئاً، بكيت على صدره كما لم أفعل يوما كنت كأنني أحبس دموعي كل تلك الأعوام لأسكبها في مكانها المناسب وأي مكان أنسب من صدر أب حنون مثله ودّع الحياة بعدها بأشهر فودعته وودعت والدتي المسكينة التي شيعتني بنظراتها عندما ذهبت كأنها كانت تعلم بأنها لن تعيش طويلا وتراني ثانية بعد موت رفيق دربها، وفعلاً توفيت بعده بشهر واحد إثر أزمة قلبية مفاجئة عندها شعرت حقاً بالخوف من المستقبل، فالواحدة منا تجد ملجأها عند أهلها، فهم سندها لكن أنا وبالرغم من شعوري باليتم حتى قبل وفاتهما، واجهت الآن فعلاً هذا الشيء عندما طلقني ورماني في الشارع كأنني لم أكن يوما شريكة حياته وأما لأولاده، رماني كالكلب الجربان بعد أن فرغت جعبته من الإهانات والذل، بعد أن حّن إلى حياة الرفاهية مع زوجة ممن يطلق عليهن أسماء بنات النخبة وطبقته المخملية عندما أتى يوما ليقول لي: أنا سأتزوج غداً وسأغيب لأسبوعين في رحلة شهر العسل فلا تتصلي وتزعجيني بأخبارك التافهة مثل وجهك إلا إذا كان شيئاً مهماً جداً ويختص بالأولاد، والسائق سيؤمن لك احتياجاتك من السوق كالعادة كنت مصدومة بكلامه انظر إليه، لكني لا أصدق ما أسمع، كأنه يخبرني بأنه سيخلد للنوم وليس بأنه سيتزوج! لم أشعر إلا ويده تهزني من كتفي قائلاً هل سمعت ما قلته لك أم أنك كالعادة في عالم آخر قلت ستتزوج؟ لماذا وأنا؟ قال: أنت تربين الأولاد وتهتمين بهم ثم تركعين ركعتين لله وتشكرينه لأنني أبقيتك في المنزل معهم ولن آخذهم منك شعرت كأنه قد صفعني صفعة مدوية فصرخت به أنت مجنون أم ماذا؟ نظر إلي مصدوماً وقال: لمن تقولين مجنون؟ أجبته: لك أنت، كانت تلك المرة الأولى التي أرفع فيها صوتي كنت أريد أن أثأر لكرامتي المفقودة منذ أعوام، فصفعني على وجهي وقال: أنت ترفعين صوتك علي أيتها الحقيرة؟ سوف أجعلك خادمة لزوجتي الجديدة التي ستكون تاج رأسك أيتها الجاهلة الأمية يا ابنة الخادم والطباخة، أنا أشعر الآن بفداحة خطأي فقد شدني جمالك الذي كان، أما الآن فأراك دميمة لا أستطيع النظر إليك فالفتيات في الخارج كل واحدة أجمل وأشيك من الأخرى وأنت شكلك أصبح كالخادمات حتى لونك قد تغير، على كل حال من ينظر إلى الأسفل يؤلمه جيده، لقد لممتك من القمامة لكنني نادم على عدد شعر رأسي، قلت: أيها الجاحد بما أزعجتك أنا؟ وماذا فعلت لك؟ فقد كنت كما أردتني أن أكون جارية لك لا أتذمر ولا أشتكي لا أتأفف ولا أطلب، أنظف وأطبخ أكوي وأغسل لم اسمع منك يوماً كلمة شكر قل لي، بماذا قصرت معك أو مع أولادك كنت تهينني، فأبتسم لك تضربني فأعتذر أنا منك لماذا تريد أن تتزوج؟ لتكمل ما بدأت به تريد أن تأتي بواحدة أخرى لأخدمها؟ حرام عليك ألا تخاف الله يا رجل، لكن الكيل قد طفح، اسمعني جيداً إن كنت ستتزوج فعلاً فتزوج لأنني أساسا لم أشعر يوماً بأنني زوجة ولدي حقوق لم أشعر بك . هيا . . الله معك . تزوج لكن لدي شرط ولن أتراجع عنه أبدا ستسكن معها في منزل آخر وليس هنا هذا منزلي أنا وأولادي . ضحك وقال: من أنت أساساً لتضعي شروطك علي؟ أنا من أقرر وأنت ما عليك سوى الموافقة أو الرفض فإن وافقت كان بها وان رفضت فالله معك ومن هذا الباب يخرج جمل . هنا لم أعد أستطيع السيطرة على أعصابي فهجمت عليه وأخذت أصفعه فدفعني عنه بقوة وهو يشتمني ويسبني وينعتني بألفاظ مسيئة ثم خلع عقاله وأخذ يجلدني به فوقعت أرضاً ليدوسني بقدميه ويركلني إلى أن أوصلني إلى الباب ورماني خارجاً وهو يصرخ: أنت طالق، طالق، طالق ثم أقفل الباب، بقيت أرضاً ووجهي في التراب، خجلي ممن رآني أقوى من ألمي الجسدي، وبعد وقت ظننته ساعات اقتربت إحداهن مني لا اعرفها قائلة: هاتي يدك يا أختي حسبي الله ونعم الوكيل . . قومي معي قمت وأنا أتحسس قدمي ويدي خائفة من أن يكون قد كسر لي شيء ولم أشعر بعد، لكن لله الحمد لم أكن مكسورة العظام بل كنت أنزف نزيفاً داخلياً بسبب الركلات فوضعتني مشكورة في سيارتها وتوجهت بي إلى المستشفى حيث بقيت هناك لأسبوع كاملاً لم تتركني خلالها أبداً تلك السيدة الفاضلة جازاها الله ألف خير، كانت تذهب إلى منزلها لتحضر لي الطعام وتضعه في فمي بيدها، أخبرتها قصتي كاملة وانا ابكي وتبكي هي معي، إنها ملاك أرسلها الله سبحانه تعالى لتنقذني، فلا أوراق ثبوتية معي ولا شيء يثبت أنني ابنة البلد فقامت بدفع المبلغ كاملاً - لم أعرف كيف أشكرها وأرد جميلها إلى أن سألتني يوم صُرح لي بالخروج: ماذا ستفعلين الآن وقد طلقك هذا الذي لا يخاف الله؟ يجب أن تشتكي عليه وأنا سأساعدك لكن هذا لاحقاً، أما الآن فسآخذك معي إلى منزلي حيث تكونين معززة مكرمة، قلت لها: لا، لا لقد أثقلت عليك كثيراً وجميلك هذا لن أنساه في حياتي وما دفعته دين برقبتي، كثّر الله من أمثالك، لكن أن أذهب إلى منزلك فهذا ما لن أقبل به قالت: يا ابنة الحلال أين ستذهبين؟ فلا أحد لديك مقطوعة من شجرة ثم إنك ستؤنسين وحدتي فأنا أعيش وحيدة في منزل كبير فارغ بعد موت زوجي رحمه الله أربي أولادي ولا أحد يدق بابي، فأهلي يعيشون في إمارة بعيدة ولا أراهم سوى في المناسبات . . لدي ثلاثة أولاد وفتاتان أريدهم أن يبقوا في منزل والدهم حيث عاش طفولته، ستكونين نعم الصديقة والأخت التي طالما تمنيتها ما رأيك؟، هكذا تردين الجميل كما قلت فأنا والحمد لله لدي الكثير من المال ولا ينقصني إلا الونيس، وهكذا عشت مع شقيقة لي لم تلدها أمي، كنت أحب أولادها كأولادي كانوا ينادونني خالتي، تعلقوا بي كثيراً كما تعلقت بهم، كنت أقارن بينهم وبين أولادي فهؤلاء الأغراب عني يقبلونني في رأسي كل ليلة قبل رقادهم وفي الصباح يشكرونني على أي شيء أفعله لهم وهذا شيء لم أختبره يوما مع أولادي الذين هم من لحمي ودمي، يا الله كنت أموت شوقاً لرؤيتهم وكنت أحلم أن يتبدلوا ويعاملوني كما استحق أن أعامل، لكن للأسف هم لم يهتموا لأمري إن أتيت أم لا، كنت أشعر بالقهر من أين أتوا بهذا الجفاء فأنا أمهم، أستغفر الله العظيم لديهم، جينات والدهم كانوا يدفعونني عنهم بقسوة عندما اقترب منهم لأقبلهم ويرمون الهدايا التي احضرها لهم إلى أن منعني والدهم من رؤيتهم . فحسب قوله إنهم لا يريدون ذلك فهم يتوترون ويخجلون بي أمام زوجة والدهم التي كانوا ينادونها أمي . وأسفاه أمي؟ كلمة سمعتها غريبة عنهم وأنا التي تمنيت أن أسمعها منهم .
طعنة أخيرة في قلبي كادت تقضي علي، لكنني تعايشت مع الموضوع وأوكلت نفسي إلى الله عز وجل، مّر العام تلو الآخر وأنا أعيش مع عائلتي الجديدة أرى شقيقي من وقت لآخر الذي كان حظه لله الحمد أفضل من حظي بكثير، إذ إن عمي وقبل وفاته أراد أن يكفر عما فعله به وسلبه مال المنزل منه، فقد زوجه ابنته وكتب له جزءاً كبيراً من ثروته، أزوره بين الحين والآخر أحب أولاده وزوجته طيبة لكنها ليست ممن يحبون أن يدخل أحد إلى حياتها المنظمة على طريقتها وأنا لا أحب أن أضايقها، المهم أن أرى شقيقي وأطمئن عليه، أما كيف أؤمن المال لأعيش فقد اتفقت مع طيف أن أقوم بالطبخ وهي أصرت أن يكون لي راتب لتقبل بذلك، وهكذا أنا مرتاحة وهي أيضاً- إنها رائعة حبيبتي وعزائي الوحيد أنها تعاملني معاملة الشقيقة، وأنا بدوري أحبها جداً وأحب أولادها الرائعين من كل قلبي وجوارحي، أما أولادي فقد تزوج الكبير منهم وطبعاً لم يدعوني إلى الفرح، فمن أنا حتى يتذكرني ويدعوني، سامحهم الله كلهم، لا أزال أطلب لهم أن يهديهم الله ويأتوا لرؤيتي قبل أن أموت والحرقة في قلبي، أريد أن أراهم أمامي ولو لمرة واحدة، لا أريد أي اعتذار كما أرى في أحلامي بل فقط أريد أن أسمع منهم كلمة: أمي نحن نحبك .القصة من الواقع الأليم منقولة من جريدة الخليج الشباب للكاتبة مريم راشد