أي انتظار هذا..!

DE$!GNER

بيلساني محترف

إنضم
Apr 4, 2011
المشاركات
2,637
مستوى التفاعل
44
المطرح
بين الأقلام والألوان ولوحات التصميم
ماذا أقول لك أيها القادم من مسامات الغياب وأنا القابع في منعطفات الرعود والبروق؟!.. وكيف لي أن أرتب حروفي وقد افتقد الحديث بيننا أبسط مفرداته وقواعده والتي منها أن يكون الصوت مسموعاً أو أن يصار إلى الجلوس معاً وجهاً لوجه ولكن كيف لي أن أجلس إليك وأنت تتربص بي ليس إلا.. فأي انتظار هذا الذي نعيش عليه وكلانا لم يعد يقوى على الانتظار أو اللقاء تساوت عندنا النسمات مع أتون البراكين فغدا كل منا كما لو أنه لم يكن.. فأي معادلة تقوم الآن ما بين الحراك والسكينة فهل أظل أقلب كتاباً مفتوحاً لأجد حرفاً من حروف الغياب قد امتلك التعبير عن ذاته؟ في ظل سرمدية التسليم برفيف الأجنحة المتكسرة ذات حضور بعد أبدية الغياب، ولا أجد ذاك بالسهولة التي أجد غير ما أشتهي.. ‏
أيها القادم من مسامات الغياب! لحضورك ترتعد مفاصل الحروف، وترتجف أجنة الكلمات في أرحامها مع أن خريفها لما يستو على عرشه وما هذا الاصفرار إلا إحدى نتائج الانتظار.. وكيف لكائن حي أن يعيش دون ربيع أو أن يكون ربيعه خريفاً.. وكيف تمضي أيامه إن سقط فصل من فصول اعتادها.. ‏
الآن تقتلعنا الأحداث من صحوة التمتع بالوقت الضائع، مع أنه ليس للمتعة بل للقلق وللقلق وحده، الأحداث اليوم فوق طاقة أحلامنا المكبوتة وفوق ذلك التي لم نعتد على رسم ياسمينها أو برتقالها أو حتى رمادها.. ‏
أما بقاؤها على شاشة المتابعة فهذا احترام لا بد منه للفاعلين المؤثرين الذين اختصروا الحروف والكلمات وراحوا يوضحون للبعيد قبل القريب أننا قابلون للحياة، وقابلون للسير في طريق الجلجلة، ولم يعد من الجائز أبداً أن نلطم خدودنا ونلعن حظوظنا أو حضورنا في ذاك الزمن مع أنه كان قائماً قبل الآن بقليل.. ‏
وكذلك طمس الأشياء وتداخل الألوان هنا أو هناك فإنها لن تبدل من الحقائق شيئاً، الحقائق هي الحقائق والأكاذيب مهما تكررت وتعددت ألوان ثيابها لن تغدو حقائق، والمزيفون في التاريخ إلى زوال فهؤلاء في غفلة من عقولنا تمكنوا من انتزاع مقعد لهم في ذاكرة الأجيال، لكن إلى حين ونقولها بصوت جلي إلى حين.. ‏
لذلك لا تتعجب إن رأيت قطار الزمن الراهن يسير بلا عجلات، لقد مل ركاب القطارات ردهات الدرجة الممتازة أي رتبة ما فوق البشر وها هم يتخلون طواعية عن رتبهم الإلهية.. ‏
ومهما بدت الأكف متعبة وخائفة وهي تصفق للقادم من مسامات الغياب يظل شوقها يعاند الوقت فقد يلتفت الجالس خلف الحضور إليها ذات انعطافه فيمنحها ما تستحق من ازدراء.. فهل ولّى زمن التصفيق؟! ‏
تطير بك أجنحة الفراشات أيها القابع خلف قضبان الحقيقة، وسيد من تمسك بها وهزها.. ذات شوق للحياة.. لكن غبار الطلع الذي ظننته قد اندس في التربة ولم يعد صالحاً للإنجاب صار يتراقص فوق الزهور والرياحين وأعشاش الشوق في قمم الجبال وأعالي الصفصاف والسرو والصنوبر أما الأكواخ التي حسبتها مقراً ومستقراً لأولئك البائسين مدحرجي الصخرة إلى قمة الجبل، هاهي تخلع خوفها وتلقيه على ضفاف النهر قبل أن تستحم به مرتين وتنشد ألف أغنية معطرة بعرق المتعبين.. ‏
وها هي الأكواخ البائسة ترتدي صحوتها لتستر بها جوعها فليس بالخبز وحده تحيا الأكواخ، أليس في رجع صدى صوتها تراتيل ناي تعتقت ألحانه في هياكل التاريخ.. ‏
بل لقد أدركت أن الأناشيد التي تطلقها الحناجر من ألم تشق الأرض وتمطر السماء كي لا يظل في الأمصار جوع..
 
أعلى