اميرة الشام
مشرفة
- إنضم
- Jan 26, 2011
- المشاركات
- 18,166
- مستوى التفاعل
- 86
- المطرح
- الكويت
مر عام على التحاقي بكلية الطب إلا أنني حتى هذه اللحظة لم أوفَق في الانسجام مع مكونات عالمي الجديد الذي أردته لي يا والدي عام مضى و أنا أعيش حالات صراع عصيبة ما بين رفضي لإقحامك لي في عالم تتمناه لوحيدتك أكبر أولادك و بين إذعاني لرغبتك في دراسة الطب إكراما لأبوتك و تضحيتك من أجلي و أخوتي لاسيما بعد وفاة والدتي رحمها الله ثلاثمائة يوم تعاقب فيها الليل والنهار و كابوس فشلي يقض مضجعي و يؤرق تفكيري حتى غدا حقيقة لا مفر من مواجهتها أجل أنا من كنت مضرب المثل باجتهادي و تفوقي فشلت فشلت يا أبي و تعثرت في الخطوة الأولى و لم أتمكن من الانتقال إلى الصف الثاني مع زملائي في الكلية مع أني قدمت ما بوسعي لكن ولعي بالعلوم الهندسية التطبيقية طغى كل محاولاتي لتعويد فكري و نفسي على تقبل مالا يطيقانه ,نظرية التعود بمرور الوقت التي كانت حجتك لإقناعي بدراسة الطب لم تنجح معي ذلك لأني مشغوفة تماما بالحلم الذي لطالما راود مخيلتي و عاش معي حتى أصبح جزءا من مكنونات عالمي الداخلي كما أصبحت صور التصاميم التي حلمت بوضعها و تنفيذها عالمي الذي أهرب إليه طلبا للراحة و السعادة كم أغمضت عيني و تخيلت نفسي على مرسمي بعد منتصف الليل ,و القلم مزروع في شعري و آخر خلف أذني و ثالث ينساب مع أناملي و المسطرة على اللوحة لتحويل بياضها إلى مختلف الألوان و الأشكال ,لكنك لم تترك لي الخيار و ربطتني بوصية المرحومة والدتي ,كما قيدتني بحالة الغضب و الإحباط التي اعترتك يوم حاولت عبثا إقناعك بضرورة إنتسابي إلى كلية الهندسة ,ذلك أن صوت الأنا الأبوية لرغبتك كانت أقوى من كل محاولاتي و من صوت المنطق الذي قمعته أمنية أب حمل على كاهله دور الأم و الأب فكان مثال العطاء و الحنان و نبراسا للجد و الالتزام يؤلمني يا أبي أنك عودتني على الصدق و الحرية و الثقة فيما أقول و أفعل وعندما آن الأوان كي أمارس حريتي في تحديد هوية مستقبلي و لإثبات جدارتي بثقتك سلبتني هذه الحقوق و شككت في قدرتي على أن أفي بوعدي لك بأنك ستكون والد الدكتورة المهندسة مما زعزع ثقتي بنفسي و بقدراتي يؤلمني أكثر أنك ربطت حياتي العملية القادمة بحياة ابنة العم التي اختارت الطب بمحض إرادتها فدراسة الطب كان حلمها أما أنا فلا و كلماتك "من قدم و ضحى مثلي؟ يا خسارة التعب"لا تزال تفعل فعلتها في قلبي و ضميري و تجعل روحي بين نارين لأنني لست بفتاة الجاحدة و لا الابنة الناكرة و في الوقت نفسه لا أريد أن أكون الدمية المسيرة حملتني يا أبي مسؤولية ما لست مسئولة عنه و فشلي اليوم يضاعف من إحساسي بالذنب تجاه حلمك ,و لم يخطر ببالي قط أني قد أخذلك أو أخذل نفسي أمام الآخرين لكن ما العمل و عقلي يرفض مبضع السماعة و التشريح و يستنكر التعامل مع فكرة الحياة و الموت بينما ينساق للمسطرة و الحاسوب و تأسره فكرة خلق الجمال و تجسيده و تخليده ؟ سامحني يا أبي قد لا أكمل مشواري و قد لا أمتهن ما تراه عملا إنسانيا ,لأن الإنسانية أن أكون أنا ذاتي الامتداد الطبيعي الإنساني و الأخلاقي و الوجداني لشخصك ,بدلا من أن يغدو ما يجمعنا لوحة صماء عليها أسم ثلاثي خال من أي تواصل أو فائدة ,و أخيرا أقول يشفع لصراحتي أنك علمتني الصدق في قول الحق و أن محبتي لك و احترامي لا يعادلها إلا محبتك لي
وحيدتك
وحيدتك