كم تشتكي و تقول إنّك معدم 00و الأرض ملكك و السماو الأنجم ؟
و لك الحقول وزهرها و أريجها 00و نسيمها و البلبل المترنّم
و الماء حولك فضّة رقراقة 00و الشمس فوقك عسجد يتضرّم
و النور يبني في السّفوح و في الذّرى00 دورا مزخرفة و حينا يهدم
فكأنّه الفنّان يعرض عابثا 00 آياته قدّام من يتعلّم
و كأنّه لصفائه و سنائه 00 بحر تعوم به الطّيور الحوّم
هشّت لك الدّنيا فما لك واجما ؟ 00و تبسّمت فعلام لا تتبسّم
إن كنت مكتئبا لعزّ قد مضى00 هيهات يرجعه إليك تندّم
أو كنت تشفق من حلول مصيبة00 هيهات يمنع أن تحلّ تجهّم
أو كنت جاوزت الشّباب فلا تقل00 شاخ الزّمان فإنّه لا يهرم
أنظر فما تطلّ من الثّرى 00صور تكاد لحسنها تتكلّم
ما بين أشجار كأنّ غصونها 00أيد تصفّق تارة و تسلّم
و عيون ماء دافقات في الثّرى00 تشفي السقيم كأنّما هي زمزم
و مسارح فتن النسيم00 جمالها فسرى يدندن تارة و يهمهم
فكأنّه صبّ بباب حبيبة 00متوسّل ، مستعطف ، مسترحم
و الجدول الجذلان يضحك لاهيا 00و النرجس الولهان مغف يحلم
و على الصعيد ملاءه من سندس 00و على الهضاب لكلّ حسن ميسم
فهنا مكان بالأريج معطّر 00و هناك طود بالشّعاع مهمّم
صور و أيات تفيض بشاشة 00حتّى كأنّ الله فيها يبسم
فامش بعقلك فوقها متفهّما00 إنّ الملاحة ملك من يتفهّم
أتزور روحك جنّة فتفوقها 00كيما تزورك بالظنون جهنّم ؟
و ترى الحقيقة هيكلا متجسّدا00 فتعافها لوساوس تتوهّم
يا من يحنّ إلى غد في يومه 00قد بعت ما تدري بما لا تعلم
0000000
قم بادر اللّذّات فواتها 00ما كلّ يوم مثل هذا موسم
واشراب بسرّ حصن سرّ شبابه00 وارو أحاديث المروءة عنهم
المعرضين عن الخنا ، فإذا علا00 صوت يقول : "إلى المكارم" أقدموا
ألفاعلين الخير لا لطماعة 00في مغنم ، إنّ الجميل المغنّم
أنت الغنيّ إذا ظفرت بصاحب 00منهم و عندك للعواطف منجم
رفعوا لدينهم لواء عاليا 00و لهم لواء في العروبة معلم
إن حاز بعض النّاس سهما في العلى00 فلهم ضروب لا تعدّ و أسهم
لا فضل لي إن رحت أعلن فضلهم00 بقصائدي ، إنّ الضحى لا يكتم
لكنّني أخشى مقالة قائل00 هذا الذي يثني عليهم منهم
أحبابنا ما أجمل الدنيا بكم00 لا تقبح الدّنيا و فيها أنتم
فلسفة الحياة
أيّهذا الشّاكي وما بك داء00 كيف تغدو اذا غدوت عليلا؟
انّ شرّ الجناة في الأرض نفس00 تتوقّى، قبل الرّحيل ، الرّحيلا
وترى الشّوك في الورود ، وتعمى00 أن ترى فوقها النّدى إكليلا
هو عبء على الحياة ثقيل 00من يظنّ الحياة عبئا ثقيلا
والذي نفسه بغير جمال00 لا يرى في الوجود شيئا جميلا
ليس أشقى مّمن يرى العيش مرا 00ويظنّ اللّذات فيه فضولا
أحكم النّاس في الحياة أناس00 عللّوها فأحسنوا التّعليلا
فتمتّع بالصّبح ما دمت فيه 00لا تخف أن يزول حتى يزولا
وإذا ما أظلّ رأسك همّ 00قصّر البحث فيه كيلا يطولا
أدركت كنهها طيور الرّوابي 00فمن العار أن تظل جهولا
ما تراها_ والحقل ملك سواها 00تخذت فيه مسرحا ومقيلا
تتغنّى، والصّقر قد ملك الجوّ00 عليها ، ولصائدون السّبيلا
تتغنّى، وقد رأيت بعضها يؤخذ 00حيّا والبعض يقضي قتيلا
تتغنّى ، وعمرها بعض عام00 أفتبكي وقد تعيش طويلا؟
فهي فوق الغصون في الفجر تتلو00 سور الوجد والهوى ترتيلا
وهي طورا على الثرى واقعات 00تلقط الحبّ أو تجرّ الذيولا
كلّما أمسك الغصون سكون 00صفّقت الغصون حتى تميلا
فاذا ذهّب الأصيل الرّوابي 00وقفت فوقها تناجي الأصيلا
فأطلب اللّهو مثلما تطلب الأطيار 00عند الهجير ظلاّ ظليلا
وتعلّم حبّ الطلّيعة منها 00واترك القال للورى والقيلا
فالذي يتّقي العواذل يلقى 00كلّ حين في كلّ شخص عذولا
أنت للأرض أولا وأخيرا 00كنت ملكا أو كنت عبدا ذليلا
لا خلود تحت السّماء لحيّ 00فلماذا تراود المستحيلا ؟..
كلّ نجم إلى الأقوال ولكنّ00 آفة النّجم أن يخاف الأقولا
غاية الورد في الرّياض ذبول 00كن حكيما واسبق إليه الذبولا
وإذا ما وجدت في الأرض ظلاّ 00فتفيّأ به إلى أن يحولا
وتوقّع ، إذا السّماء اكفهرّت00 مطرا يحيي السهولا
قل لقوم يستنزفون المآقي 00هل شفيتم مع البكاء غليلا؟
ما أتينا إلى الحياة لنشقى 00فأريحوا ، أهل العقول، العقولا
كلّ من يجمع الهموم عليه 00أخذته الهموم أخذا وبيلا
كن هزارا في عشّه يتغنّى 00ومع الكبل لا يبالي الكبولا
لا غرابا يطارد الدّود في الأرض00 ويوما في اللّيل يبكي الطّلولا
كن غديرا يسير في الأرض رقراقا 00فيسقي من جانبيه الحقولا
تستحم النّجوم فيه ويلقى00 كلّ شخص وكلّ شيء مثيلا
لا وعاء يقيّد الماء حتى 00تستحل المياه فيه وحولا
كن مع الفجر نسمة توسع الأزهار 00شمّا وتارة تقبيلا
لا سموما من السّوافي اللّواتي 00تملأ الأرض في الظّلام عويلا
ومع اللّيل كوكبا يؤنس الغابات00 والنّهر والرّبى والسّهولا
لا دجى يكره العوالم والنّاس 00فيلقي على الجميع سدولا
أيّهذا الشّاكي وما بك داء00 كن جميلا تر الوجود جميلا
صاحب القلم
أشقى البريّة نفسا صاحب الهمم00 و أتعس الخلق حظّا صاحب القلم
عاف الزّمان بني الدنيا و قيّده 00و الطير يحبس منها جيّد النغم
و حكّمت يده الأقلام في دمه 00فلم تصنه و لم يعدل إلى حكم
فيا له عاشقا طاب الحمام له 00إن المحبّ لمجنون فلا تلم
لكلّ ذي همّة في دهره أمل00 و كلّ ذي أمل في الدهر ذو ألم
ويل اللّيالي لقد قلّدنني ذربا 00أدنى إلى مهجتي من مهجة الخصم
ما حدّثتني نفسي أن أحطّمه 00إلاّ خشيت على نفسي من الندم
فكلّما قلت زهدي طارد كلفي00 رجعت و الوجد فيه طارد سأمي
يأبى الشّقاء الذي يدعونه أدبا 00أن يضحك الطرس إلاّ إن سفكت دمي
لقد صحبت شبابي و اليراع معا00 أودى شبابي ... فهل أبقي على قلم
كأنّما الشعرات البيض طالعة 00في مفرقي ، أنجم أشرقن في الظلم
تضاحك الشيب في رأسي فعرّض بي 00ذو الشّيب عند الغواني موضع التهم
فكلّ بيضاء عند الغيد فاحمة 00و كلّ بيضاء عندي ثغر مبتسم
قل للتي ضحكت من لمّتي عجبا 00هل كان ثمّ شباب غير منصرف
أصبحت أنحل من طيف ، و أحير من 00ضيف ، و أسهر من راع على غنم
و ليلة بتّ أجني من كوكبها 00عقدا كأنّي أنال الشّهب من أمم
لا ذاق جفني الكرى تنال يدي 00ما لا يفوز به غيري من الحلم
ليس الوقوف على الأطلال من خلقي 00و لا البكاء على ما فات من شيمي
لكنّ ( مصرا ) ، و ما نفسي بناسبه 00مليكة الشّرق ذات النيل و الهرم
صرفت شطر الصّبا فيها فما خشيت00 نفسي العثار ؛ و لا نفسي من الوصم
في فتنة كالنّجوم الزهر أوجههم 00ما فيهم غير مطبوع على الكرم
لا يقبضون مع اللّاواء أيديهم 00و قلّما جاد ذو وفر مع الأزم
حسبي من الوجد همّ ما يخامرني 00إلاّ و أشرقني بالبادر الشيم
في ذمّة الغرب مشتاق ينازعه 00شوق إلى مهبط الآيات و الحكم
نا تغرب الشمس إلاّ أدمعي شفق 00تنسى العيون لديه حمرة العنم
و ما سرت نسمات نحوها سحرا 00إلاّ وددت لو أنّي كنت في النّسم
ما حال تلك المغاني بعد عاشقها 00فانّني بعدها للهمّ و السّقم
جاد الكنانة عنّي وابل غدق 00و إن يك النّيل يغنيها عن الديّم
الشرق تاج ، و مصر منه درّته 00و الشرق جيش ، و مصر حامل العلم
هيهات تطرّف فيها عين زائرها 00بغير ذي أدب أو غير ذي شمم
أحنى على الحرّ من أمّ على ولد 00فالحرّ في مصر كالورقاء في الحرك
ما زلت و الدهر تنبو عن يدي يده 00حتّى نبت ضلّة عن أرضها قدمي
أصبحت في معشر تقذي العيون بهم 00شرّ من الدّاء في الأحشاء و التّخم
ما عزّ قدر الأديب الحرّ بينهم 00إلاّ كما عزّ قدر الحيّ في الرّمم
من كلّ فظّ يريك القرد محتشما 00و يضحك القرد منه غير محتشم
إذا بصرت به لا فاته كدر 00رأيت أسمج خلق الله كلّهم
من الأعاب لكن أنشده 00جواهر الشّعر ألقاه من العجم
ما إن تحرّكه همّا و لا طربا 00كأنّما أنا أتلوها على صنم
لا عيب في منطقي لكن به صمم 00إنّ الصوادح خرس عند ذي الصّمم
حجبت عن كلّ معدوم النّهى درري00 إنّي أضنّ على الأنعام بالنعم
قوم أرى الجهل فيهم لا يزال فتى 00في عنفوان الصّبا و العلم كالهرم
(1)
أمر السلطان بالشاعر يوما فأتاه 00في كساء حائل الصّبغة واه جانباه
و حذاء أوشكت تفلت منه قدماه 00قال : صف جاهي ، ففي وصفك لي للشعر جاه
إنّ لي القصر الذي لا تبلغ الطير ذراه 00و لي الروض الذي يعبق بالمسك ثراه
و لي الجبش الذي ترشح بالموت ظباه00 و لي الغابات و الشمذ الرواسي و المياه
و لي الناس ... و بؤس الناس منّي و الرفاه00 إنّ هذا الكون ملكي ، أنا في الكون إله !
(2)
ضحك الشاعر ممّا سمعته أذناه 00و تمنّى إنّ يداجي فعصته شفتاه
قال: إنّي لا أرى كما أنت تراه 00إنّ ملكي قد طوى ملكك عنّي و محاه
***
ألقصر ينبيء عن مهارة شاعر 00لبق ، و يخبر بعده عنّكا
هو الألى يدرون كنه جماله 00فإذا مضوا فكأنّه دكّا
ستزول أنت و لا يزول جلاله 00كالفلك تبقى ، إن خلت ، فلكا
***
و الرّوض ؟ إنّ الروض صنعه شاعر 00سمح ، طروب ، رائق ، جزل
وشّى حواشيه وزيّن أرضه00 بروائع الألوان و الظلّ
لفراشة تحيا له ، و لنحلة 00تحيا به ، و لشاعر مثلي !
و لديمة تذري عليه دموعها 00كيما تقيه غوائل المحل
و لبلبل غرد يساجل بلبلا 00غردا ، و للنسمات و الطلّ
فإذا مضى زمن الربيع أضعته 00و أقام في قلبي و في عقلي !
***
و الجيش معقود لواؤك فوقه 00ما دمت تكسوه و تطعمه
للخبز طاعته و حسن ولائه 00هو " لاته " الكبرى و " برهمه "
فإذا يجوع بظلّ عرشك ليلة 00فهو الذي بيديه يحطّمه
لك منه أسيفه ، و لكن في غد00 لسواك أسيفه و أسهمه
أتراه سار إلى الوغى متعلّلا 00لولا الذي الشعراء تنظمه ؟
و إذا ترنّم هل بغير قصيدة 00من شاعر مثلي ترنّمه ؟
***
و البحر ، قد ظفرت يداك بدرّه 00و حصاه ، لكن هل ملكت هديره ؟
هو للدجى يلقي عليه خشوعه 00و الصّبح يسكب ، و هو يضحك ، نوره
أمرجت أنت مياهه ؟ أصبغت أن 00ت رماله ؟ أجبلت أنت صخوره
هو للرياح تهزّه و تثيره 00و الشهب تسمع في الظلام زئيره
للطير هائمة به مفتونة 00لا للذين يروّعون طيوره
للشاعر المفتون يخلق 00لاهيا من موجة حورا و يعشق حوره
و لمن فيه رمز كيانه 00و لمن يجيد لغيره تصويره
يا من يصيد الدرّ من أعماقه00 أخذت يداك من الجليل حقيره
لا تدّعيه ... فليس يملك ، إنّه 00كالرّوض جهدك أن تشمّ عبيره
***
و مررت بالجبل الأشمّ فما زوى00 عنّي محاسنه و لست أميرا
و مررت أنت فما رأيت صخوره00 ضحكت و لا رقصت لديك حبورا
و لقد نقلت لنملة ما تدّعي 00فتعجّبت ، ممّا حكيت ، كثيرا
قالت : صديقك ما يكون ؟ أقشعما 00أو أرقما ؟ أم ضيغما هيصورا ؟
أيحوك مثل العنكبوت بيوته 00حوكا ؟ و يبني كالنسور و كورا ؟
هل يملأ الأعوار تبرا كالضّحى 00و يردّ كالغيث الموات نضيرا ؟
أيلفّ كاللّيل الأباطح و الرّبى 00و المنزل المعمور و المهجورا ؟
فأجبتها : كلّا ! فقالت : سمّه 00في غير خوف " كائنا مغرورا ! "
(3)
فاحتدم السّلطان أيّ احتدام 00و لاح حبّ البطش في مقلتيه
وصاح بالجلّاد : هات الحسام ! 00فأسرع الجلّاد يسعى إليه
فقال: دحرج رأس هذا الغلام00 فرأسه عبء على منكبيه
***
قد طبع السّيف لحزّ الرّقاب 00و هذه رقبة ثرثار
أقتله ...و اطرح جسمه للكلاب 00و لتذهب الروح إلى النّار
***
سمعا و طوعا ، سيّدي !.. و انتضى 00عضبا يموج الموت في شفرتيه
و لم يكن إلاّ كبرق أضا 00حتّى أطار الرأس عن منكبيه
فسقط الشاعر معرورضا 00يخدّش الأرض بكلتا يديه
كأنّما يبحث عن رأسه 00فاستضحك السلطان من سجدته
ثمّ استوى يهمس في نفسه 00" ذو جنّة " أمسى بلا جنّته
***
أجل ، هكذا هلك الشاعر 00كما يهلك الآثم المذنب
فما غضّ في روضة طائر 00و لم ينطفيء في السّما كوكب
و لا جزع الشّجر الناضر 00و لا اكتأب المطرب
و كوفيء عن قتله القاتل 00بمال جزيل وخدّ أسيل
فقال له خلقه السّافل :00 ألا ليت لي كلّ يوم قتيل !
(4)
في ليلة طامسة الأنجم00 تسلّل الموت إلى القصر
بين حراب الجند و الأسهم 00و الأسيف الهنديّة الحمر
إلى سرير الملك الأعظم00 إلى أمير البرّ و البحر !!
ففارق الدنيا و لمّا تزل 00فيها خمور و أغاريد
فلم يمد حزنا عليه الجبل 00و لا ذوى في الرّوض أملود
(5)
في حومة الموت و ظلّ البلى 00قد التقى السّلطان و الشاعر
هذا بلا مجد ، و هذا بلا 00ذلّ ، فلا باغ و لا ثائر
عانقت الأسمال تلك الحلى 00واصطحب المقهور و القاهر
*
لا يجزع الشاعر أن يقتلا00 ليس وراء القبر سيف و رمح
و لا يبالي ذاك أن يعذلا 00سيّان عند الميّت ذمّ و مدح
(6)
و توالت الأجيال تطّرد 00جيل يغيب و آخر يفد
أخنت على القصر المنيف فلا 00الجدران قائمة و لا العمد
و مشت على الجيش الكثيف فلا00 خيل مسوّمة و لا زرد
ذهبت بمن صلحوا و من فسدوا 00و مضت بمن تعسوا و من سعدوا
و بمن أذاب الحبّ مهجته 00و بمن تأكّل قلبه الحسد
و طوت ملوكا ما لهم عدد 00فكأنّهم في الأرض ما وجدوا
و الشاعر المقتول باقية 00أقواله فكأنّها الأبد
ألشيخ يلمس في جوانبها00 صور الهوى و الحكمة الوله
ليس السر في السنوات
قل للذي أحصى السنين مفاخرا00يا صاح ليس السرّ في السنوات
لكنه في المرء كيف يعيشها 00في يقظة ، أم في عميق سبات
قم عدّ آلاف السنين على الحصى00 أتعدّ شبة فضيلة لحصاة؟
خير من الفلوات ، لا حدّ لها ، 00روض أغنّ يقاس بالخطوات
كن زهرة ، أو نغمة في زهرة، 00فالمجد للأزهار والنغمات
تمشي الشهور على الورود ضحوكة 00وتنام في الأشواك مكتئبات
وتموت ذي للعقم قبل مماتها 00وتعيش تلك الدهر في ساعات
تحصى على أهل الحياة دقائق 00والدهر لا يحصى على الأموات
ألعمر ، إلاّ بالمآثر، فارغ00 كالبيت مهجورا وكالمومات
جعل السنين مجيدة وجميلة00 ما في مطاويها من الحسنات
الغراب والبلبل
قال الغراب وقد رأى كلف الورى00 وهيامهم بالبلبل الصّدّاح
لم لا تهيم بي المسامع مثله00 ما الفرق بين جناحه وجناحي؟
إني أشدّ قوى وأمضي مخلبا00 فعلى م نام النّاس عن تمداحي؟
...
أمفرق الأحباب عن أحبابهم 00ومكدّر اللّذّات واالأفراح
كم في السّوائل من شبيه للطّلا 00فعلى م ليس لها مقام الرّاح؟
ليس الخطوط من الجسوم وشكلها 00السرّ كلّ السرّ في الأرواح
والصّوت من نعم السّما ولم تكن00 ترضى السّما إلاّ عن الصدَّاحِ
حَكّم القضاء فإن نقمت على القضا 00فاضرب بعنقك مدية الجراحِ
التينة الحمقاء
و تينة غضة الأفنان باسقة00 قالت لأترابها و الصيف يحتضر
" بئس القضاء الذي في الأرض أوجدني 00عندي الجمال و غيري عنده النظر "
" لأحبسنّ على نفسي عوارفها 00فلا يبين لها في غيرها أثر "
" كم ذا أكلّف نفسي فوق طاقتها00 و ليس لي بل لغيري الفيء و الثمر "
" لذي الجناح و ذي الأظفار بي وطر00 و ليس في العيش لي فيما أرى وطر "
" إنّي مفصلة ظلّي على جسدي 00فلا يكون به طول و لا قصر "
و لست مثمرة إلا على ثقة 00إن ليس يطرقني طير و لا بشر "
....
عاد الربيع إلى الدنيا بموكبه 00فازّينت واكتست بالسندس الشجر
و ظلّت التينة الحمقاء عارية 00كأنّها وتد في الأرض أو حجر
و لم يطق صاحب البستان رؤيتها ، 00فاجتثّها ، فهوت في النار تستعر
من ليس يسخو بما تسخو الحياة به 00فإنّه أحمق بالحرص ينتحر
عطش الارواح
زحزحت عن صدرها الغيم السماء 00وأطلّ النور من كهف الشتاء
فالروابي حلل من سندس 00السواقي ثرثرات وغناء
رجع الصيف ابتساما وشذّى 00فمتى يرجع للدنيا الصفاء؟
فأرى الفردوس في كلّ حمى00 ورأى الناس جميعا سعداء
زالت الحرب وولت إنما 00ليس للذعر من الحرب انقضاء
إن صحوتا فأحاديث الوغى 00في الحمى الآهل والأرض العراء
وإذا نمنا تراءت في الكرى 00صور الهول وأشباح الفناء
فهي في الأوراق حبر هائج 00وعلى ((الراديو)) فحيح الكهرباء
نتقي في يومنا شرّ غد 00وإذا الصبح انطوى خفنا المساء
عجبا ! والحرب باب للردى 00وطريق لدمار وعفاء
كيف يهواها بنو الناس فهل 00كرهوا في هذه الدنيا البقاء؟
إن يكن علم الورى يشقيهم 00يا إآلهي ردّ للناس الغباء
وليجىء طوفان نوح قياما00 تغرق الأرض بطوفان الدماء
واعصم الأسرار واحجب كنهها 00عن ذوي العلم وأرباب الذكاء
فلقد أكثرت أسباب الأذى 00عندما أكثرت فينا العلماء
كم وجدنا آفة مهلكة 00كلما زحزحت عن سر غطاء؟
قد ترقى الخلق لكن لم تزل 00شرعة الغابة شرع الأقوياء
حرم القتل، ولكن عندهم 00أهون الأشياء قتل الضعفاء
لا تقل لي هكذا اللّه قضى 00أنت لا تعرف أسرار القضاء
جاءني بالماء أروي ظمأي 00صاحب لي من صحابي الأوفياء
يا صديقي جنّب الماء فمي 00عطش الأرواح لا يروي بماء
أنا لا أشتاق كاسات الطّلالا، 00ولا أطلب مجدا أو ثراء
إنما شوقي إلى دنيا رضى00 وإلى عصر سلام وإخاء
لا تعدني بالسما ، يا صاحبي 00ألسما عندي قرب الأصدقاء
وأراني الآن في أكفانهم 00فأنا الآن كأني في السماء!
الطين
نسي الطين ساعة أنه طين حقير00 فصال تيها و عربد
و كسى الخزّ جسمه فتباهى ،00 و حوى المال كيسه فتمرّد
يا أخي لا تمل بوجهك عنّي ،00 ما أنا فحمة و لا أنت فرقد
أنت لم تصنع الحرير 00الذي تلبس و اللؤلؤ الذي تتقلّد
أنت لا تأكل النضار إذا 00جعت و لا تشرب الجمان المنضّد
أنت في البردة الموشّاة مثلي في 00كسائي الرديم تشقى و تسعد
لك في عالم النهار أماني ، 00وروءى و الظلام فوقك ممتد
و لقلبي كما لقلبك أحلا 00م حسان فإنّه غير جلمد
...
أأماني كلّها من تراب 00و أمانيك كلّها من عسجد ؟
و أمانيّ كلّها للتلاشي 00و أمانيك للخلود المؤكّد !؟
لا . فهذي و تلك تأتي و تمضي 00كذويها . و أيّ شيء يؤبد ؟
أيّها المزدهي . إذا مسّك ألا 00تشتكي ؟ ألا تتنهد ؟
و إذا راعك الحبيب بهجر 00ودعتك الذكرى ألا تتوحّد ؟
أنت مثلي يبش وجهك للنعمى 00و في حالة المصيبة يكمد
أدموعي خلّ و دمعك شهد ؟ 00و بكائي ذلّ و نوحك سؤدد ؟
وابتسامتي السراب لا ريّ فيه ؟ 00و ابتسامتك اللآلي الخرّد ؟
فلك واحد يظلّ كلينا 00حار طرفي به و طرفك أرمد
قمر واحد يطلّ علينا 00و على الكوخ و البناء الموطّد
إن يكن مشرقا لعينيك إنّي 00لا أراه من كوّة الكوخ أسود
ألنجوم الني تراها أراها 00حين تخفي و عندما تتوقّد
لست أدنى على غناك إليها 00و أنا مع خصاصتي لست أبعد
...
أنت مثلي من الثرى و إليه 00فلماذا ، يا صاحبي ، التيه و الصّد
كنت طفلا إذ كنت طفلا و تغدو 00حين أغدو شيخا كبيرا أدرد
لست أدري من أين جئت ، و لا ما00 كنت ، أو ما أكون ، يا صاح ، في غد
أفتدري ؟ إذن فخبّر و إلاّ 00فلماذا تظنّ أنّك أوحد ؟
...
ألك القصر دونه الحرس الشا كي 00و من حوله الجدار المشيّد
فامنع اللّيل أن يمدّ رواقا ف00وقه ، و الضباب أن يتلبّد
وانظر النور كيف يدخل لا ي00طلب أذنا ، فما له ليس يطرد ؟
مرقد واحد نصيبك منه أ00فتدري كم فيك للذرّ مرقد ؟
ذدتني عنه ، و العواصف تعدو00 في طلابي ، و الجوّ أقتم أربد
بينما الكلب واجد فيه مأوى 00و طعاما ، و الهرّ كالكلب يرفد
فسمعت الحياة تضحك منّي00 أترجى ، و منك تأبى و تجحد
...
ألك الروضة الجميلة فيها 00الماء و الطير و الأزاهر و النّد ؟
فازجر الريح أن تهزّ و تلوي00 شجر الروض إنّه يتأوّد
و الجم الماء في الغدير و مره00 لا يصفق إلاّ و أنت بمشهد
إنّ طير الأراك ليس يبالي 00أنت أصغيت أم أنا إن غرّد
و الأزاهير ليس تسخر من فقري ، 00و لا فيك للغنى تتودّد
...
ألك النهر ؟ إنّه للنسيم 00الرطب درب و للعصافير مورد
و هو للشهب تستحمّ به 00في الصيف ليلا كأنّها تتبرّد
تدعيه فهل بأمرك يجري 00في عروق الأشجار أو يتجعّد ؟
كان من قبل أن تجيء ؛ 00و تمضي و هو باق في الأرض للجزر و المد
...
ألك الحقل ؟ هذه النحل تجي 00الشهد من زهرة و لا تتردّد
و أرى للنمال ملكا كبيرا 00قد بنته بالكدح فيه و بالكد
أنت في شرعها دخيل على الحقل00 و لصّ جنى عليها فأفسد
لو ملكت الحقول في الأرض طرّا 00لم تكن من فراشة الحقل أسعد
أجميل ؟ ما أنت أبهى من الور 00دة ذات الشذى و لا أنت أجود
أم عزيز ؟ و للبعوضة من خدّيك قوت00 و في يديك المهند
أم غنيّ ؟ هيهات تختال لولا 00دودة القز بالحباء المبجد
أم قويّ ؟ إذن مر النوم إذ يغشاك00 و الليل عن جفونك يرتد
وامنع الشيب أن يلمّ بفوديك 00و مر تلبث النضارة في الخد
أعليم ؟ فما الخيال الذي يطرق ليلا ؟00 في أيّ دنيا يولد ؟
ما الحياة التي تبين و تخفى ؟00 ما الزمان الذي يذمّ و يحمد ؟
أيّها الطين لست أنقى و أسمى00 من تراب تدوس أو تتوسّد
سدت أو لم تسد فما أنت إلاّ00 حيوان مسيّر مستعبد
إنّ قصرا سمكته سوف يندكّ ، 00و ثوبا حبكته سوف ينقد
لايكن للخصام قلبك مأوى 00إنّ قلبي للحبّ أصبح معبد
أنا أولى بالحب منك و أحرى00 من كساء يبلى و مال ينفد
وطن النجوم
وطن النجوم ... أنا هنا 00حدّق ... أتذكر من أنا ؟
ألمحت في الماضي البعيد 00فتى غريرا أرعنا ؟
جذلان يمرح في حقولك 00كالنسيم مدندنا
ألمقتني المملوك ملعبة 00و غير المقتنى !
يتسلّق الأشجار لا ضجرا 00يحسّ و لا ونى
و يعود بالأغصان يبريها 00سيوفا أو قنا
و يخوض في وحل الشّتا 00متهلّلا متيمّنا
لا يتّقي شرّ العيون 00و لا يخاف الألسنا
و لكم تشيطن كي يقول 00الناس عنه " تشيطنا "
*
أنا ذلك الولد الذي 00دنياه كانت ههنا !
أنا من مياهك قطرة 00فاضت جداول من سنا
أنا من ترابك ذرّة 00ماجت مواكب من منى
أنا من طيورك بلبل 00غنّى بمجدك فاغتنى
حمل الطّلاقة و البشاشة 00من ربوعك للدّنى
كم عانقت روحي رباك 00وصفّقت في المنحنى ؟
للأرز يهزأ بالرياح00 و بالدهور و بالفنا
للبحر ينشره بنوك00 حضارة و تمدّنا
لليل فيك مصلّيا 00للصبح فيك مؤذّنا
للشمس تبطيء في وداع 00ذراك كيلا تحزنا
للبدر في نيسان يكحّل 00بالضّياء الأعينا
فيذوب في حدق المهى 00سحرا لطيفا ليّنا
للحقل يرتجل الرّوائع 00زنبقا أو سوسنا
للعشب أثقله النّدى ، 00للغصن أثقله الجنى
عاش الجمال متشرّدا 00في الأرض ينشد مسكنا
حتّى انكشفت له فألقى 00رحلة و توطّنا
واستعرض الفنّ الجبال 00فكنت أنت الأحسنا
لله سرّ فيك ، يا 00لبنان ، لم يعلن لنا
خلق النجوم و خاف أن 00تغوي العقول و تفتنا
فأعار أرزك مجده0000 و جلاله كي نؤمنا
زعموا سلوتك ... ليتهم نسبوا إليّ الممكنا
فالمرء قد ينسى المسيء00 المفترى ، و المحسنا
و الخمر ، و الحسناء ، و الوتر 00المرنّح ، و الغنا
و مرارة الفقر المذلّ 00بل ، و لذّات الغنى
لكنّه مهما سلا 00هيهات يسلو الموطنا
الدمعة الخرساء
سمعت عويل النائحات عشية
في الحيّ يبتعث الأسى و يثير
يبكين في جنح الظلام صبيّة
إنّ البكاء على الشباب مرير
فتجهّمت و تلفّتت مرتاعة
كالظبي أيقن أنّه مأسور
و تحيّرت في مقلتيها دمعة
خرساء لا تهمي و ليس تغور
فكأنّها بطل تكنّفه العدى
بسيوفهم و حسامه مكسور
و جمت ، فأمسى كلّ شيء واجما
ألنور ، و الأظلال ، و الديجور
ألكون أجمع ذاهل لذهولها
حتى كأنّ الأرض ليس تدور
لا شيء ممّا حولنا و أمامنا
حسن لديها و الجمال كثير
انا حبيت اشترك هون ..وقول انو بالصدفة آخر درس تعلمنا بالمدرسة كان شعر حديث لأيليا ابو ماضي ...شعر حر ..... الطلاسم ,
انا حسب ما فهمت من حكي المعلمة لألنا انو شعرو هاد بتميز بالفلسفة الزائد عن حدها والدليل انو بشكك بموضع الحياة وكيف خلق الانسان وما شابه....... الخ ... مثال كما قال في البحر ...
هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز ) للمساعدة في تخصيص المحتوى وتخصيص تجربتك والحفاظ على تسجيل دخولك إذا قمت بالتسجيل.
من خلال الاستمرار في استخدام هذا الموقع، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط.