الاماكن

Gabriel

بيلساني مجند

إنضم
Jul 15, 2010
المشاركات
1,320
مستوى التفاعل
67
المطرح
مرة هون ومرة هنيك حسب


كان صباحا شحيبا باردا مثل كل الصباحات الاخرى التي بانتظاره ..

مرت عليه ليلة البارحة كانها دهر كامل يعيشه المرء بكل التفاصيل ..


لا يدري لماذا كل هذا الهم يثقل جنبات هذا الصباح الممل ..


كأن الذاكرة فرت من بين يديه الى حيث لا يعلم .. !!


نهض من فراشه مثقلا بما لا يدري ما سببه ..


تناهى الى سمعه صوت فنان العرب و هو يصدح برائعة الاماكن ...


" كل شئ حولي يذكرني بشئ ..


حتى صوتي و ضحكتي لك فيها شئ ..


لو تغيب الدنيا عمرك ماتغيب ..


شوف حالي آه من تطري عليّ .. "


اطلت في مخيلته بسرعة صورة ( سارة ) زوجته


التي لم يجدها هذا الصباح بجواره ..


علت وجهه دلالة استغراب كبيرة بحجم ذلك الهم الذي اثقل كاهله ..


القى بالملآة بعيدا ..


اقترب من النافذة التي كانت تعانق قطرات الندى بكل خجل ..


فتحها فداعبت وجهه نسمات باردة حملت له انغام الاغنية مرة اخرى ...


" المشاعر في غيابك .. ذاب فيها الف صوت


والليالي من عـذابك .. عـذبت فيني السكوت


وصرت خايف لا تجيني لحظة يذبل فيها قلبي ..


وكل اوراقي تموت ..


اه لو تدري حبيبي كيف ايامي بدونك ..


تسرق العـمر وتفوت "


حاول ان يستعيد ذاكرته التي غادرته هذا الصباح ..


شعر ان غصة ً مرة ً تحول دون ذلك .. فكر مليا .. اين ذهبت سارة .. ؟!


و لم َ هذا الهم الجاثم على صدري .. ؟!


هرع ينوي الخروج من الغرفة ..


نظر الى صورته مع سارة ليلة زفافهما فوق الحائط


كانت تزين جدران الغرفة و كانت هي فيها رائعة


متألقة كعادتها و لكنه يفتقدها الان ..


يا ترى اين ذهبت .. ؟!


التفت يمينا ..


شاهد سجادة الصلاة و لحافها الخاص ..


كان ثوبها المنزلي المفضل لديها ملقى بجوارها ..


توقف امام التسريحة و رفع زجاجة عطر لم يبقى فيها


الا القليل نظر الى قعرها و تنشق رائحتها الشذية ..


كان محمد عبده مستمرا ..


" جيت قبل العطر يبرد ..


قبل حتى يذوب في صمت الكلام ..


و احتريتك .. "


التفت خلفه كأن خيالها مر خلفه للتو ..


شعر ببرودة غريبة تجتاح اطرافه ..


كأن شخصا نظر اليه للتو ..


خرج من الغرفة وهو ينادي : سارة .. سارة ..


لم يجبه سوى الصدى ...


توقف امام السلم الداخلي للفيلا يسمع صدى صوته يتردد في الانحاء ...


بدت الذاكرة تدب فيه من جديد كأن الدماء تضخ فيه مرة اخرى ..


عاودت تلك الرائحة الزكية تداعب انفه لمرة اخرى ..


" كنت اظن الريح جابت عطرك يسلم عليّ ..


كنت اظن الشوق جابك تجلس بجنبي شوي ..


الاماكن اللي مريت انت فيها ..


عايشة بروحي و ابيها ..


بس لكن مالقيتك ... "


القى بجسده المنهك على الاريكة القريبة


وهو يشعر بتعب غريب داهم جسده .. كأنه لم ينم البارحة ..


حاول ان يتذكر تفاصيل ليلة البارحة .. لم يخطر في باله شئ ..


الغريب ان سارة لا تلبي نداءه .. اين ذهبت .. ؟؟


اطل السؤال في باله بكل سرعة ...


بدأت تتسارع دقات قلبه ..


خشى ان يكون قد اصابها مكروه ..


تسارعت خطواته تجاه المطبخ فالمجلس فالفناء الخارجي ..


لم يجدها ..


بدأ الخوف يدب في اطرافه ..


كان يهذي كالمجنون يناديها ولكن لا مجيب ...


توقف يرقب لحظات الصمت الشحيب التي تطبق على المكان ...


" الامان وين الامان


و انا قلبي من رحلتي


ما عرف طعم الامان


وليه كل ماجيت اسال


هالمكان .. اسـمع الماضي يقول


ما هـو بـس أنا حبيبي


الاماكن كلهـا مشتاقة لك "


قطع بحثه المضني صوت بكاء طفل صغير ..


تتبع مصدر الصوت راكضا .. كان ينبعث عاليا من داخل احدى الغرف ..


دلف الى الغرفة تسبقه لهفته لرؤية سارة حبيبته التي افتقدها كثيرا هذا الصباح ...


وجد امه تحمل بيدها طفلته الصغيرة وقف امامهما ..


نظر خلفه ..


تلفت في المكان ملهوفا ..


كان شاحب الوجه رث الهيئة ..


مؤرق ...


لحظتها فقط عادت اليه ذاكرته ..


فقد كانت البارحة آخر ليالي العزاء في زوجته ســـارة ...


راقت لي فنقلتها اتمنى ان تروق لكم

 

آلبتول

أدميرال

إنضم
Jul 5, 2008
المشاركات
10,067
مستوى التفاعل
172
المطرح
من جزيرة العرب وبقايا بخور فرنسي !!
رسايل :

قد أكون ... فراشة تحلق في السماء ولكن في الحقيقة ... ألسع كالنحلة!

مكتوبة بحبكة رائعة تلامس كل اطياف الارواح

دمت بهذا التألق الجميل لمختاراتك الذواقة :24:
 

Gabriel

بيلساني مجند

إنضم
Jul 15, 2010
المشاركات
1,320
مستوى التفاعل
67
المطرح
مرة هون ومرة هنيك حسب
صمت الورود
مرورك دائما له نكهة خاصة
تحياتي
:24:

 
أعلى