البابا طلب المساعدة للشعب السوري: لماذا هذا الكم من الموت؟


إنضم
Jan 26, 2011
المشاركات
18,166
مستوى التفاعل
86
المطرح
الكويت
رسايل :

لو كنتُ يومًا سأسرق .. لسرقتُ أحزانك ..

«ربيع روحي». هكذا وصف كثيرون المناخ الذي «ضخّه» البابا بينيديكتوس السادس عشر في لبنان ومنه في الشرق بـ «جناحه» المسيحي الذي أطلّ عليه رأس الكنيسة الكاثوليكية من «الوطن الرسالة» بـ «ارشاد رسولي» ومواقف معبّرة لامست الربيع العربي وحددت «خريطة الطريق» لـ «عبورٍ آمن» الى «السلام» على ركائز ثلاث: الحوار، التسامح والتوازن على قاعدة المساواة».
في يومه الاخير في لبنان، أبت «بلاد الارز» الا ان تودّع الضيف الكبير بمشهدية مبهرة عند الواجهة البحرية لمدينة بيروت التي غمرها «بحر» من الناس «زحفوا» من مناطق لبنانية عدة وبينهم وفد تقاطرت من دول عربية وغربية ليشاركوا في القداس الذي ترأسه البابا بحضور ممثلي مختلف الكنائس ورئيس الجمهورية ميشال سليمان.
القداس، الذي لم يحضره رئيسا البرلمان والحكومة نبيه بري ونجيب ميقاتي اللذان انتدبا مَن مثّلهما، شكّل مرآة لـ «النموذج» اللبناني في التعايش المسيحي - الاسلامي والذي أعلن البابا انه يريده مثالاُ للمنطقة، من خلال الحضور الطوائفي السياسي والشعبي «المكتمل النصاب» والذي أعاد تظهير لبنان «بلد الوصْل» في لحظة محاولة وضع العالم على خط «القطْع» والصدام بين الحضارات.
بالأعلام اللبنانية وأعلام الفاتيكان لوّح «المدّ البشري» للضيف البابوي الذي بدا مندهشاً وفرحاً بالمشهد الاستثنائي في بيروت «الملتقى» التي وصل البابا الى واجهتها البحرية على متن البابا موبيلي التي شقت طريقها بصعوبة بين الحشود التي لوّح عبرها رأس الكنيسة بيده لهم بعدما تعمّد انزال الزجاج المضاد للرصاص، وهو ما فعله اكثر من مرة خلال المحطات الشعبية العدة التي لاقته على طول خط سيره من مقر السفارة البابوية في حريصا (كسروان) وصولاً الى موقع القداس.
وكما في اليومين الاولين للزيارة، شكّلت الاجراءات الأمنية التي كان الحرس الجمهوري العمود الفقري فيها «نجمة» اليوم الثالث الى جانب الترتيبات النظيمية والتغطية الاعلامية التي استوقفت الاعلام والصحافة الاجنبية ولقيت ترحيباً كبيراً من الفريق المرافق للبابا الذي كانت له بعد القداس استراحة في مقر اقامته في السفارة البابوية ثم لقاء مسكوني في مقر بطريركيّة السريان الكاثوليك في الشرفة (درعون - كسوران)، قبل ان يتوجّه عند السادسة والنصف مساءً الى مطار رفيق الحريري الدولي حيث اقيم له حفل وداع رسمي جامع تقدّمه الرؤساء سليمان وبري وميقاتي ووزراء ونواب وسفراء وشخصيات وغادر معه بعدما نجح في استنهاض مسيحيي لبنان الى حدّ قارب ما فعله سلَفه البابا يوحنا بولس الثاني العام 1997 عندما زار بيروت في زمن «الاحباط المسيحي» من «الوصاية السورية».
وكانت قرابة العاشرة صباحاً عندما بدأ القداس الالهي الذي انتظرته الوفود الشعبية لنحو ثلاث ساعات، وكانت للبابا فيه عظة اكد فيها «ان خدمة العدل والسلام، في عالمٍ لا يتوقف فيه العنف من بسط ظل الموت والدمار، هي حاجة ملحة للالتزام من أجل مجتمع أخوي، ولبناء الشركة»، مضيفاً: «أصلي للرب كي يمنح منطقة الشرق الأوسط خداماً للسلام والمصالحة فيتمكن الجميع من العيش بهدوء وكرامة، انها شهادة أساسية، على المسيحيين أن يقدموها هنا، بالتعاون مع كل الأشخاص ذوي الارادة الصالحة. اني أدعوكم جميعاً للعمل من أجل السلام. كل على مستواه وحيث يتواجد»، مضيفاً: «ليبارك الرب لبنان، وليبارك كل شعوب منطقة الشرق الأوسط الحبيبة، ويمنحها عطية سلامه».
وبعد انتهاء القداس الحبري، صافح البابا البطاركة والكرادلة والأساقفة، ثم ألقى كلمة مقتضبة قبل صلاة التبشير الملائكي، قال فيها: «نتضرع للسيدة العذراء لتساعد كل شعوب المنطقة وبخاصة الشعب السوري. تعرفون المشاكل التي تعصف في المنطقة فالآلام كثيرة، لا نزال نستمع الى صراخ الارامل والايتام والنساء والاطفال هم اول الضحايا. لماذا هذا الكم من الموت. ادعو المجتمع الدولي والدول العربية الى اقتراح الحلول التي تحترم حقوق الانسان».
واضاف: «احترام حقوق الانسان من الحقوق الضرورية وبخاصة حرية ممارسة الشعائر الدينية. وليس من السهل ان نحترم الاخر ونحبه اذا كان مختلفاً جداً، لكن هذا ضروري من اجل ان يحل السلام. اتمنى ان يحل السلام في هذه المنطقة، وان يفهم الجميع اننا اخوة العذراء، ونحن بمعية الاساقفة والكرادلة نود ان نتضرع للعذراء لحماية الشرق الاوسط». وفي أعقاب تسليمه البطاركة والاساقفة نسخا عن الارشاد الرسولي، كانت لرأس الكنيسة الكاثوليكية كلمة تمنى فيها «ان يصبح هذا الارشاد مرشدا للتقدم في الطرق المتنوعة والمعقدة حيث المسيح يتقدمكم، لتثبيت الشركة في الايمان والرجاء والمحبة في بلادكم وفي كل جماعة».
ويذكر انه في مستهلّ القداس ألقى البطريرك الماروني مار بشاره بطرس الراعي كلمة لاحظ فيها «ان زيارة البابا الرسولية الى الشرق الاوسط في زمنٍ تعيش فيه المنطقة تحولات جذرية تهدد امنها واستقرارها تحمل الكثير من الامل»، وقال: «ان زيارتكم مكملة لاعلانكم النبوي العام 2009 عن انعقاد جمعية خاصة بسينودس الاساقفة من اجل الشرق الاوسط والتي تركز على الوجود المسيحي وشهادتهم ورسالتهم في هذه المنطقة. لقد ادخلها السينودس في قلب «الربيع الروحي المسيحي»، والذي نعتبر ان العناية الالهية ارادته كمقدمة للربيع العربي المنشود». وختم: «مع قداستكم نصلي، كي تؤدي هذه الاحداث الدامية والتضحيات الى ولادة هذا الربيع. لا شك في ان الارشاد الرسولي الذي ستتسلمونه رسميا في خلال الذبيحة الافخارستية سيرسم لكنائسنا خريطة طريق نحو هذا الربيع». ولم يحجب «كرنفال» الايمان والفرح في بيروت الاصداء البالغة الاهمية التي تركتها كلمة البابا خلال لقائه مع شبيبة الشرق الاوسط مساء السبت في مقر البطريركية المارونية في بكركي حيث حيا امام اكثر من 25 الف شاب وشابة «شجاعة» الشباب السوري»، مؤكداً لهم انه لا ينسى سورية وانه «حزين لالام» شعبها وأحزانه.
وقال متوجهاً الى الشبيبة: «علمت ان بينكم شباباً قدموا من سورية. اريد ان اقول لهم كم انا معجب بشجاعتهم. قولوا لعائلاتكم واصدقائكم ان البابا لا ينساكم. قولوا ان البابا حزين بسبب آلامكم واحزانكم. انه لا ينسى سورية في صلواته واهتماماته. لا ينسى الشرق اوسطيون الذين يعانون».
واذ اعتبر ان «الوقت حان لكي يتحد المسيحيون والمسلمون من اجل وضع حد للعنف والحروب»، حيا الشباب اللبنانيين المسلمين الذين شاركوا في اللقاء، شاكرا اياهم على «حضورهم المهم جدا»، وقال: «انكم مع مسيحيي لبنان تشكلون مستقبل هذه البلاد الرائعة ومجمل الشرق الاوسط. اسعوا الى ان تبنوه معاً»، مضيفاً: «يجب ان يدرك الشرق الاوسط، عندما يتطلع اليكم، ان المسلمين والمسيحيين (...) يمكنهم ان يعيشوا معا من دون حقد ومع احترام معتقدات الجميع من اجل بناء مجتمع حر وانساني معاً».
 
أعلى