ايضا نقلتها لكم من كتاب مختص .. عسى ربي أن ينفعنا بها
مقدمة:
من المسلَّم به أن الكلام يتألف من كلمات أو أجزاء , وليس من الممكن النطق بأجزاء أي كلام دفعة واحدة. من أجل ذلك كان لا بد عند النطق بالكلام من تقديم بعضه وتأخير بعضه الآخر. وليس شيء من أجزاء الكلام في حد ذاته أولى بالتقديم من الآخر. لأن جميع الألفاظ من حيث هي ألفاظ تشترك في درجة الاعتبار, هذا بعد مراعاة ما تجب له الصدارة كألفاظ الشرط والاستفهام. وعلى هذا فتقديم جزء من الكلام أو تأخيره لا يرد اعتباطاً في نظم الكلام, وتأليفه وإنما يكون عملاً مقصوداً يقتضيه غرض بلاغي أو داع من دواعيها .
إن ما يدعو بلاغياً إلى تقديم جزء من الكلام هو ذاته ما يدعو بلاغياً إلى تأخير الجزء الآخر. وإذا كان الأمر كذلك فإنه لا يكون هناك مبرر لاختصاص كل من المسند إليه والمسند بدواع خاصة عند تقديم أحدهما أو تأخيره عن الآخر, لأنه إذا تقدم أحد ركني الجملة تأخر الآخر, فهما متلازمان[1](1).
إن تقديم الألفاظ بعضها على بعض له أسباب عديدة يقتضيها المقام وسياق القول، يجمعها قولهم: إن التقديم إنما يكون للعناية والاهتمام. فما كانت به عنايتك أكبر قدمته في الكلام. والعناية باللفظة لا تكون من حيث أنها لفظة معينة بل قد تكون العناية بحسب مقتضى الحال. ولذا كان عليك أن تقدم كلمة في موضع ثم تؤخرها في موضع آخر لأن مراعاة مقتضى الحال تقتضي ذاك. والقرآن أعلى مثل في ذلك فإنا نراه يقدم لفظة مرة ويؤخرها مرة أخرى على حسب المقام. فنراه مثلاً يقدم السماء على الأرض ومرة يقدم الأرض على السماء ومرة يقدم الإنس على الجن ومرة يقدم الجن على الإنس ومرة يقدم الضر على النفع ومرة يقدم النفع على الضر كل ذلك بحسب ما يقتضيه القول وسياق التعبير.
فإذا قيل لك مثلاً: لماذا قدم السماء على الأرض هنا؟ قلت: لأن الاهتمام بالسماء أكبر, ثم إذا قيل لك ولماذا قدم الأرض على السماء في هذه الآية قلت لأن الاهتمام بالأرض هنا أكبر، فإذا قيل: ولماذا كان الاهتمام بالسماء هناك أكبر وكان الاهتمام بالأرض هنا أكبر؟ وجب عليك أن تبين سبب ذلك وبيان الاختلاف بين الموطنين بحيث تبين أنه لا يصح أو لا يحسن تقديم الأرض على السماء فيما قدمت فيه السماء أو تقديم السماء على الأرض فيما قدمت فيه الأرض بياناً شافياً. وكذلك بقية المواطن الأخرى, ولم يكتف القرآن الكريم بمراعاة السياق الذي وردت فيه فحسب بل راعى جميع المواضع التي وردت فيها اللفظة ونظر إليها نظرة واحدة شاملة في القرآن الكريم كله. فنرى التعبير متسقاً متناسقاً مع غيره من التعبيرات[2](2) .
http://www.albailassan.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=67#_ftnref1
http://www.albailassan.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=67#_ftnref2
مقدمة:
من المسلَّم به أن الكلام يتألف من كلمات أو أجزاء , وليس من الممكن النطق بأجزاء أي كلام دفعة واحدة. من أجل ذلك كان لا بد عند النطق بالكلام من تقديم بعضه وتأخير بعضه الآخر. وليس شيء من أجزاء الكلام في حد ذاته أولى بالتقديم من الآخر. لأن جميع الألفاظ من حيث هي ألفاظ تشترك في درجة الاعتبار, هذا بعد مراعاة ما تجب له الصدارة كألفاظ الشرط والاستفهام. وعلى هذا فتقديم جزء من الكلام أو تأخيره لا يرد اعتباطاً في نظم الكلام, وتأليفه وإنما يكون عملاً مقصوداً يقتضيه غرض بلاغي أو داع من دواعيها .
إن ما يدعو بلاغياً إلى تقديم جزء من الكلام هو ذاته ما يدعو بلاغياً إلى تأخير الجزء الآخر. وإذا كان الأمر كذلك فإنه لا يكون هناك مبرر لاختصاص كل من المسند إليه والمسند بدواع خاصة عند تقديم أحدهما أو تأخيره عن الآخر, لأنه إذا تقدم أحد ركني الجملة تأخر الآخر, فهما متلازمان[1](1).
إن تقديم الألفاظ بعضها على بعض له أسباب عديدة يقتضيها المقام وسياق القول، يجمعها قولهم: إن التقديم إنما يكون للعناية والاهتمام. فما كانت به عنايتك أكبر قدمته في الكلام. والعناية باللفظة لا تكون من حيث أنها لفظة معينة بل قد تكون العناية بحسب مقتضى الحال. ولذا كان عليك أن تقدم كلمة في موضع ثم تؤخرها في موضع آخر لأن مراعاة مقتضى الحال تقتضي ذاك. والقرآن أعلى مثل في ذلك فإنا نراه يقدم لفظة مرة ويؤخرها مرة أخرى على حسب المقام. فنراه مثلاً يقدم السماء على الأرض ومرة يقدم الأرض على السماء ومرة يقدم الإنس على الجن ومرة يقدم الجن على الإنس ومرة يقدم الضر على النفع ومرة يقدم النفع على الضر كل ذلك بحسب ما يقتضيه القول وسياق التعبير.
فإذا قيل لك مثلاً: لماذا قدم السماء على الأرض هنا؟ قلت: لأن الاهتمام بالسماء أكبر, ثم إذا قيل لك ولماذا قدم الأرض على السماء في هذه الآية قلت لأن الاهتمام بالأرض هنا أكبر، فإذا قيل: ولماذا كان الاهتمام بالسماء هناك أكبر وكان الاهتمام بالأرض هنا أكبر؟ وجب عليك أن تبين سبب ذلك وبيان الاختلاف بين الموطنين بحيث تبين أنه لا يصح أو لا يحسن تقديم الأرض على السماء فيما قدمت فيه السماء أو تقديم السماء على الأرض فيما قدمت فيه الأرض بياناً شافياً. وكذلك بقية المواطن الأخرى, ولم يكتف القرآن الكريم بمراعاة السياق الذي وردت فيه فحسب بل راعى جميع المواضع التي وردت فيها اللفظة ونظر إليها نظرة واحدة شاملة في القرآن الكريم كله. فنرى التعبير متسقاً متناسقاً مع غيره من التعبيرات[2](2) .
http://www.albailassan.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=67#_ftnref1
http://www.albailassan.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=67#_ftnref2