التلفزيون يلحق بالسينما في تكوين الصورة التشكيلية وتطويرها

{*B*A*T*M*A*N*}

مشرف

إنضم
Sep 21, 2011
المشاركات
23,222
مستوى التفاعل
80
المطرح
دمشق
[h=3]تعيش البشرية منذ بداية القرن الحاضر ثورة عالية سريعة ومتطورة، وعلى وجه الخصوص في مجال الاتصال والتخاطب ونقل الأخبار والمعرفة على سطح هذا الكوكب بل إن العلم قد مد يده إلى غزو الفضاء وسخره لهذه الغاية فأصبح الاتصال ميسوراً ومتطوراً، هذه الثورة التقنية لم تكن وليدة الصدفة، ونتاجها الذي نتداوله بكل يسر، سواءً أكان السينما أو الفيديو أو التلفزيون، وكثيراً من التقنيات الأخرى ليس في الواقع إلا ثمرة جهد وبحث طويلين.[/h] [h=3]الرسوم البدائية التي رسمت على جدران الكهوف تظهر كيف أن الإنسان البدائي بفهمه الفطري أراد أن يمنح رسومه الحياة، فرسمها في حالة الحركة.[/h] [h=3]ولا بد من الإشارة إلى المنعطف الكبير الذي حصل في مجال العلم والفن، هذه الثورة التقنية التي ولّدت هذا الانعطاف هو اكتشاف آلة التصوير (الكاميرا) الفوتوغرافية والسينمائية.[/h] [h=3]لقد فتحت آلة التصوير الآفاق واسعة أمام الفنانين والمبدعين لتحقيق أحلامهم في تحريك الصورة وتخليدها ومنحها الحياة والحركة وإغنائها بالصوت والموسيقى. وقد سعى الإنسان منذ أقدم العصور إلى تصوير ما هو حوله فمن الرسوم البدائية التي وصلتنا والتي رسمت على جدران الكهوف، نرى كيف أن الإنسان بدائي بفهمه الفطري أراد أن يضفي على رسومه الحياة، فرسمها في حالة الحركة. بل في كثير من الأحيان زاد عدد الأطراف للحيوانات ليزيد من شعورنا بأنها حية تركض وتتحرك، فالبحث عن الحركة وأحياء الرسوم كان منذ أقدم العصور محور الأعمال الفنية بالإضافة إلى وظائفها الأولى، وإذا تجاوزنا دراسة المراحل الفنية المتعاقبة مروراً بكل الحضارات لرأينا أن أهم ما يميز أعمال الفنانين جميعاً هو بحثهم في أسلوب منح الحياة للصورة الفنية وذلك عن طريق إيجاد الحركة المعبرة فيها.[/h] [h=3]ولقد واكب التطور الفني كل مراحل التطور العلمي منذ بداية القرن الماضي وقدمت الفنون المختلفة كل ما عندها للتقنية الوليدة آنذاك وبهذا الاندماج بين العلم والفن ولدت السينما بعد ولادة الكاميرا.[/h] [h=3]وهكذا فقد أخذت السينما من الفنون والآداب كل مادتها بدءاً من القصة إلى السيناريو، الموسيقى، والمؤثرات الأخرى بالإضافة إلى الممثلين، ووضع المسرح كل ما عنده أمام السينما تختار ما يلائمها لأخذه إلى عالمها الجديد وأخذت الفنون التشكيلية دورها في مجال السينما فقدمت الحلول التشكيلية للكادر الفني والديكور والألبسة بالإضافة إلى الإضاءة.[/h] [h=3]وقد استطاعت السينما أن تجمع كل هذه العناصر الفنية وتكونها تكويناً فنياً سينمائياً متميزاً، وذلك بالاعتماد على الأصول الفنية العريقة للفن التشكيلي، وهكذا يمكن القول بأن السينما أخذت من الفنون لغتها السينمائية التي أصبحت فيما بعد لغة متميزة ومتطورة.[/h] [h=3]صار المشهد السينمائي يتألف من مجموعة كبيرة جداً من اللقطات السينمائية والتي يطلق عليها مصطلح (الكادر السينمائي) ولكل لقطة مواصفات تختلف عن سابقتها بمقدار بسيط من الحركة، فنحن ندرس هذا الكادر وكأن الكاميرا توقفت فجأة عنده، أي أن تكوين الكادر في وضعه المستقل يجب أن يدرس ويحمل بعض مواصفات اللوحة التشكيلية من ناحية العناصر الفنية المكونة لها، فالتكوين هنا هو أحد العناصر الفنية الهامة لأن وجوده في الكادر الفني ضروري ولأنه فن ملء الفراغ وترتيب الكتل وخلق التوازن الحجمي واللوني في اللوحة أو في تكوين الصورة.[/h] [h=3]وقد لا تكون هناك معايير ومقاييس نهائية وثابتة في مجال التكوين إلا أن هناك بعض الأمور الهامة والأساسية التي تم استنباطها من الأعمال الفنية الخالدة والتي قام برسمها كثير من الفنانين في حقب زمنية وفنية متباعدة ووضعوا بحسهم النظري أسساً ومبادئ في أسلوب تكوين الصورة ليس في اللوحة التشكيلية فحسب، بل في تكوين الفراغ والكتلة داخل الصورة الفوتوغرافية ثم السينمائية والتلفزيونية، أو قد أخذنا عن أساتذة الفن في تكوينهم لأعمالهم بالتكوين الهرمي والتكوين الدائري والبيضوي المغلق، وهي التكوينات التي توحي بالاستقرار والسكون، إلا أن بعض الفنانين المعاصرين قدموا التكوينات الحرة الحلزونية والحركية والتكوين المفتوح ثم المزج بين العديد من المؤثرات الخاصة والخدع التصويرية ، وكذلك بين لقطات الشخوص بحجوم متفاوتة وبقع ضوئية متقدمة. ونشاهد هذه التقنيات اليوم في اللقطات الإخبارية لبعض المحطات التلفزيونية الشريكة في سفك دماء السوريين والتي تقوم على تزييف الحقائق واستئجار شهود زور مكشوفين سواء بكذبهم أو بإدخال أصوات بديلة على صورهم (دوبلاج) كما اتبعت سينما الخيال العلمي هذه التقنيات مع اختلاف أهدافها وأشكالها.[/h] [h=3] المهم إذن في تكوين اللوحة التشكيلية أو الصورة السينمائية هو الهدف المرسوم أو الوظيفة التي تقوم بها، ولا يخلو أي تكوين من الوظيفة التي يؤديها كل جزء من أجزائه ويوجد لدينا دائماً عنصر أساسي وحوله مجموعة من العناصر التي تخلق التوازن بينه وبينها، بحيث يجب مراعاة توظيف الكادر وصياغته بأسلوب لا يتعارض والأسس الأولية للتكوين، ومن هنا نأتي إلى القول بأن في العمل الفني نقطة محورية قد تكون واقعية أو خيالية، وحول هذه النقطة تتوزع السطوح والكتل والخطوط والألوان، بالشكل الذي يكفل لهم جميعاً أن يستقروا في حالة توازن كامل. وعند الحديث عن التكوين الفني في الصورة التشكيلية لا بد من استعراض سريع لأهم العناصر التي تتكون فيها هذه الصورة، وهنا تجدر الإشارة إلى الخط، وحجم الكتل والفراغ، والظل والنور، واللون.[/h] [h=3]وقد بدأ الفن التشكيلي بالرغبة في رسم الخط، وما زال الطفل بفطرته يبدأ به عند ما يرسم. فالشكل مهما كان بسيطاً لا بد وأن يتحدد عن طريق الخط وهو في الواقع ليس إلا استمراراً للنقطة التي نعتبرها البداية في كل عمل. وينساب هذا الخط بشكل مميز وله إيقاع خاص به يتميز كل فنان بأسلوبه في رسم الخط القاسي المنكسر ، إلى الخط اللين الرشيق ، وهذا بالطبع يتعلق بطبيعة العمل الفني الذي يقوم برسمه الفنان وبأسلوبه الخاص، ويعتقد البعض من الفنانين أن الخط هو المرحلة التمهيدية لبناء الصورة التشكيلية ويقتصر دوره على وضع التكوين الأولي للرسم إلا أن دور الخط لا يقتصر على هذه البداية فحسب في رسم العمل الفني، وليس من الضروري أن يختفي في الطريق من الرسم إلى التصوير، فالخط هو أحد وسائل التصوير، وبه يمكن التعبير عن الشكل والكتلة والحركة، تلك الحركة الذاتية التي تجعل الخط يرقص ويقدم إحساساً إيقاعياً جميلاً والخط وسيلة مختصرة ومجردة من العمل الفني إنه نوع من الاختزال التصويري المجرد القادر على التعبير بشكل متميز وقد ظل واحداً من أكثر العناصر أساسية في الفنون المرئية، ويتحدد حجم الأشكال في الفراغ بالتكوين الأساسي والعلاقة القائمة بين الكتلة والفراغ المحيط بها، فالفراغ عكس الكتلة لذا يجب أن يكون هناك توازن معين بينهما، وقد تؤثر الإضاءة والظل في هذا التوازن لأنهما من تأثيرات الكتلة بالنسبة للفراغ وهما على علاقة وثيقة بينهما بالإضافة إلى اللون الذي يلعب دوراً أيضاً في تكوين الكتلة والفراغ معاً وهو تكوين لا ينطبق على الرسم والنحت فحسب بل على الصورة السينمائية والتلفزيونية المتطورة، التي اعتمدت ومازالت تعتمد على مبادئ وأسس تكوين الصورة التشكيلية كما حاولت السينما وكما يحاول التلفزيون اللحاق بها، دون نجاحات تذكر في صدقيته لدى المتلقي بسبب تبعية برامجه السياسية لأصحاب الفضائيات وأعماله الدرامية للمنافسات التجارية والترويج للأفكار وللسلع الاستهلاكية المستوردة من الغرب الذي يطمع في الهيمنة على الشعوب.[/h] [h=3]
[/h]
 
أعلى