التهكم في القصة بين فن السخرية والسماجة!

DE$!GNER

بيلساني محترف

إنضم
Apr 4, 2011
المشاركات
2,637
مستوى التفاعل
44
المطرح
بين الأقلام والألوان ولوحات التصميم

يعتقد البعض ممّن يكتبون القصة أو شيئاً آخر يشبه القصة أنهم لمجرد امتلاكهم بعض العبارات الساخرة والمفردات الأدبية التي تدعو للضحك أحياناً وقدرتهم على إيلاجها في نصٍ ما قد يبدو للوهلة الأولى متماسكاً أنهم بذلك العمل قد دخلوا حديقة القص الساخر أو الأدب الساخر من بابه العريض! ويبدؤون في البحث عن صفات وألقاب لبعض أدباء الأدب الساخر يحاولون من خلال بعض الذين تربطهم بهم علاقات ما أن يجيروها لأنفسهم.
وأكثر من هذا قد يدّعون أنّ أسماء لها باعها الطويل في الأدب قد أعطتهم اعترافاً بما يكتبون. ‏
منذ مدّة ليست بالقصيرة أصرّ بعضهم على تقديم مجموعته القصصية / على حد زعمه / الساخرة لي وطلب مني قراءتها وتمنى لو يرى رأياً فيها. حاولت أن أتجاوز المقدمة لعدّة مرّات لكنني لم أوفق، ليس لعلّة في قدرتي على القراءة / والحمد لله / ولا لعلّة في الوقت الكافي لذلك بل لأن تلك المقدّمة قد أدخلتني في عوالم تخييلية حيث وجدت نفسي مرغماً على تخيّل كاتب المجموعة كما جاءت المقدمة على وصفه وكأنه من فطاحل كتاب القصة ومن فحول الأدب الساخر الذين لا يشق لهم غبار. ‏
بعد كثير من التجلد والصبر قرأت عدداً من القصص التي يشبه بعضها القصة إذ حاول الكاتب من خلال بعض السرديات حول أمور عادية وبسيطة تحدث معه في المنزل أو مع بعض الجيران أن يكتب عن هذه الأحداث ليصل في النهاية إلى ضخ موقف ما قد يدعو للضحك أحياناً وقد تصاب باليأس من المتابعة في بعض القصص. ‏
وعلى ذكر العوالم التخييليّة فقد أرى أنه من المفيد أن استعرض بعض ما ورد في كتاب الدكتور قاسم المقداد « عوالم تخييليّة» الصادر عن اتحاد الكتاب العرب فيما يتعلق بالتهكّم في القصة حيث يورد الدكتور المقداد في الفصل السابع ص 139 ما يلي: ‏
« والتهكّم موقف عقلي،لأنه صادر عن نفس متشبثة بمقولتي النظام والعدالة فتثور النفس حينما تنقلب العلاقات الطبيعية والعادية والذكية والأخلاقية إلى نقيضها فتحدو المتهكّم رغبة في الضحك الذي يحتقر هذا الانقلاب الذي يعبر عن الخطأ أو العجز فيقوم بفضحه/ أي الانقلاب عليه/ أو التنديد به كاللجوء إلى استخدام الجمل المضادة أو القيام بوصف حالة مناقضة تماماً للحالة الطبيعية وهذا ما لم ألحظه عند صاحب المجموعة الساخرة / على حدّ زعمه/..إلى أن يضيف الدكتور المقداد في نفس الصفحة: يبرز التهكّم في حالة الطلاق بين الحالة وبين اللغة التي ترتبط بتلك الحالة والمعبرة عنها. وهذا الطلاق هو الذي يضطر المستمع أو القارئ إلى فلك العلاقة بين العلامة وبين الشيء الموضوع عن طريق التهكم،وإلا بقيت الجملة مفصولة عن الواقع وغير واضحة. ‏
أما الدكتور رضوان القضماني فقد رأى في مقالته المنشورة في مجلة دراسات اشتراكية ص 44 بعد أن تحدث عن أنواع القصة الساخرة / الفكاهة، الهزل ،التهكّم ،السخرية / أن الأدب الساخر ما هو إلاّ محاولة في سبيل إعادة إنتاج للواقع تكشف عمّا فيه من باطل وابتذال ولا معقولية وخواء داخلي: ‏
« ...أما النوع الرابع من أنواع الأدب الساخر فهو السخرية satire يعيد تشكيل موضوعه ليجعل من السخرية وسيلة فنية لإعادة إنتاج الواقع ويجعل من هذا الموضوع أنموذجاً فيرسم صورته مستخدماً آلة تصوير- تبدّل النسب بين عناصر الصورة وكأن عدستها تنظر إلى الموضوع من خلال موشور يكسر الحدود الحقيقية فيكبّر بعض الزوايا ويجعل بعضها حاداً. ‏
أما شيلر فقد عرّف الأدب الساخر بأنه مقولة جمالية يظهر فيها الواقع وكأنه لما يكتمل بعد، في مقابل الأنموذج الأسمى الذي يشكل الحقيقة العليا. ‏
الأديب الساخر هوالذي لا يشكل نموذجه من خلال مثُل افلاطونية، بل من خلال نقيضها،أي من خلال غيابه الصارخ عن الموضوع حيث تنبع وظيفة النموذج الجمالية من العين التسجيلية التي تصوره بحيث لا تنقل الغريب والمدهش والطريف إلاّ لتبني منه تقابلاً لا من اجل محاكمته أو إدانته بل من أجل فهمه !! ‏


رمضان إبراهيم
 
أعلى