التوسع الرأسي في المساكن حل غير مجدٍ في أحياء جدة

{*B*A*T*M*A*N*}

مشرف

إنضم
Sep 21, 2011
المشاركات
23,222
مستوى التفاعل
80
المطرح
دمشق
في الوقت الذي تشهد المدن الرئيسية هجرة سنوية عالية تقدر 8 في المائة, توجهت الأمانات إلى التوسع الرأسي في الأحياء لتغطية الطلب على الوحدات السكنية, ولكن بقدر الحل الإيجابي الذي طرحته الأمانة واعتبر فرصة استثمارية لأصحاب الملاك، إلا أنه خلق مشكلات عدة في الأحياء السكنية في ظل عدم كفاءة البنى التحتية والمرافق الخدمية في المنطقة.
من جهته، حذر المهندس طلال سمرقندي عضو مؤسس شعبة العمارة في هيئة المهندسين السعوديين من استمرار التوسع الرأسي في أحياء مدينة جدة في ظل عدم وجود أي تطوير وتحسين للبنى التحتية في الأحياء والمرافق الخدمية, وأوضح أن التوسع العمودي كان أحد الحلول لرفع الطاقة الاستيعابية للسكان، خاصة مع ارتفاع معدل الهجرة للمدن الرئيسية، حيث تسجل الهجرة من المناطق للمدن الرئيسية في المملكة 8 في المائة سنويا، ما جعل أكثر من 80 في المائة من الكتلة السكانية في المملكة يستقرون في المدن الرئيسية, وهذا الأمر تطلب حلولا عاجلة لرفع الطاقة الاستيعابية للمدن الرئيسية، فكان التوسع العمودي الحل الأفضل والأقل كلفة مقارنة باعتماد المخططات التي تعتبر مكلفة, ولكن مع التوسع الرأسي الذي سمحت به أمانة جدة لجميع الأحياء السكنية بجدة عدا منطقة القصور, فأكثر من 90 في المائة من الأحياء السكنية في مدينة جدة تم السماح لها بالتوسع الرأسي, بات يؤثر تأثيرا سلبيا على المدنية، خاصة أن البنى التحتية والمرافق الخدمية لم تعد تستوعب الارتفاعات العمودية التي زادت من التكدسات السكنية بالأحياء بشكل كبير أثر في البنى التحتية المتهالكة.
استدل عضو مؤسس شعبة العمارة في هيئة المهندسين السعوديين بتجربة مكة المكرمة قبل 20 عاما عندما سمحت بالتوسع الرأسي بغرض توفير مساكن للحجاج وكان الحل عبارة عن اجتهادات لبعض المهندسين لم تكن مبينة على دراسات وإحصائيات, ولكن مع تزايد التوسع العمودي طالبنا أمين مكة بدراسة التوسع العمودي وأثره على الأحياء والاختناقات المرورية والسكانية في أحياء مكة, وبنفس النهج سارت مدينة جدة، فبعد أن أظهرت الإحصائيات النقص الكبير بالوحدات السكنية في جدة, سمحت أمانة جدة بالتوسع العمودي، الأمر الذي ساعد على توفير وحدات سكنية لتغطية الطلب ولكن خلق مشكلات أخرى، الآن بدأت الأحياء تلتمسها سواء من البنى التحتية التي أنهت عمرها الافتراضي والخدمات التي إلى الآن لم تصل لأغلب الأحياء، إضافة إلى المرافق الخدمية سواء المدارس والمساجد والمواقف والحدائق التي باتت تشهد تكدسات كبيرة أضرت بالواجهة الجمالية لهذه الإحياء.
وشدد سمرقندي على ضرورة إعادة دراسة كفاءة الأحياء على التوسع العمودي, والعمل على إعادة تأهيل البنى التحية والمرافق الخدمية بما يتناسب مع التوسعات العمودية, فالتوسعات العمودية أصبحت كبيرة وعملت على زيادة وحدات سكنية بقدر 250 في المائة حتى تستوعب الأعداد الكبيرة، وهو الأمر الذي يتطلب إعادة الدراسة ووفق التوسع العمودي إلى أن تتضح رؤية الدراسة واستراتيجيتها ويعاد تأهيل وصيانة البنى التحتية التي أنهت العمر الافتراضي لها، فعلى سبيل المثال المياه التي ارتفعت نسب تسربها لأكثر من 60 في المائة، وهو الأمر الذي يتطلب صيانتها خاصة مع ارتفاع الطلب بالأحياء على المياه, كما طالب بضرورة تفعيل الصرف الصحي بأسرع وقت وطرح وسائل النقل العام, وقال "التوسع العمودي كان يستلزم دراسة منهجية تشترك بها جميع الجهات والمرافق الخدمية حتى نطهر أحياء سكنية نموذجية تستوعب الكتلة السكانية" لافتا إلى أن استمرار التوسع العمودي يؤثر على اقتصاد البلاد بشكل عام وعلى واجهة المدن. أما المهندس أنس صيرفي رئيس فرع جمعية علوم العمران في جدة فقد بين أن أغلب أحياء جدة تعاني القصور في المرافق الخدمية، وبعضها لم تتوافر فيه أي خدمات, فالسماح بالتوسع الرأسي في ظل الأوضاع التي تعانيها الأحياء زاد الأمر تعقيدا وأصبح التوسع عبئا على الأحياء، حيث ولد مشكلات أخرى، بينما حل مشكلة السكن, وأوضح أن المعايير الرئيسية لا تتناسب مع التوسع الرأسي بالأحياء في ظل الافتقار إلى المرافق الخدمية وعدم تطويرها, فتحويل المناطق السكنية إلى عمائر بالتوسع الرأسي كان أحد الحلول التي ترفع الطاقة الاستيعابية، خاصة أن أغلب الأحياء عمرها الافتراضي انتهى وتحتاج إلى إعادة بناء، ولكن السماح بالتوسع الرأسي بدون إعادة تأهيل البنى التحتية ورفع طاقتها الاستيعابية أثر في الأحياء, مشيرا إلى أن التوسع الرأسي حل إيجابي، ولكن غير مناسب بالأوضاع الحالية للأحياء في جدة, مستدلا بالتوسع الرأسي بالكورنيش الذي يعتبر إيجابيا، حيث اعتمدت التوسع بالشكل الذي يناسب البنى التحتية بالمنطقة, لافتا إلى أن الأبراج تبنى وفق أنظمة ومعايير تكفل كفاءتها مع البنى التحتية، إضافة إلى أن أغلب الأبراج تخدم نفسها بنفسها مثل معالجة المياه وتوفيرها للطاقة الذاتية للمباني, وهذه المشاريع تناسب البنى التحتية وهي تؤمن خدماتها لنفس المشروع بتخصيص ميزانيتها لخدمة النبى التحتية لها بخلاف الأحياء التي اعتمدت على التوسع بدون إدخال أي تحسينات وتطوير للبنى التحتية.
وأبان صيرفي أن إعادة بناء الأحياء مجددا هو الأمر الأفضل خاصة لمدينة جدة والبعد عن العمل الفردي الذي يضر بالأحياء السكنية, مشيرا إلى ضرورة أن يتم تطوير الأحياء القديمة عبر شركات تطوير لعمل بنى تحتية تتناسب مع التوسعات المدرجة للمنطقة وعمل بنايات تتجانس وتتناسب مع بعضها, حتى تكون المرحلة الانتقالية مبنية على استرتيجية وبنى تحتية تكفل استمرار الأحياء وتطويرها عشرات السنوات والحد من الخسائر التي قد تعتبر أموالا مهدرة في ظل عدم تطوير المرافق والبنى التحتية. هذا وتعكف وزارة الشؤون البلدية والقروية على إعداد استراتيجية متكاملة، تتضمن التوسع في الرأسي في المباني بتعدد الأدوار، والعمل على تخفيض أسعار الأراضي والمساكن في مختلف مناطق المملكة من أجل الإسهام في حل أزمة الإسكان، وذلك من خلال التطبيق الصارم لنظامي النطاق العمراني، واستخدامات الأراضي، وتشجيع التوجه نحو التنمية الرأسية في المدن، بما يتوازن مع إمكانات المرافق كالمياه والصرف الصحي داخل المدن، وتوفير نظام متكامل وحديث للنقل العام في المدن الرئيسة وضواحيها. إضافة إلى تطوير الأحياء السكنية والقديمة. ويأتي ذلك في إطار التحرك الرسمي على مختلف الأصعدة للحد من أزمة السكن وتوفير المساكن المناسبة للمواطنين في مختلف المواقع، خصوصًا أن خطة التنمية تستهدف إنشاء مليون وحدة سكنية خلال الخمس سنوات المقبلة.
 
أعلى