الحدود اللبنانية مع سورية «ملعب نار» لنظام الأسد


إنضم
Jan 26, 2011
المشاركات
18,166
مستوى التفاعل
86
المطرح
الكويت
رسايل :

لو كنتُ يومًا سأسرق .. لسرقتُ أحزانك ..

رغم ملامح الارتياح النسبي الذي أثارته الاوضاع الهادئة في مدينة طرابلس منذ اسبوع تقريباً والتي يجري العمل سياسياً وامنياً على ترسيخها، لايزال الوضع القائم على الحدود اللبنانية - السورية الشمالية يشكل مبعث قلق ومخاوف متنامية خصوصاً في ظل التطورات التي شهدتها هذه الحدود في الايام الثلاثة الاخيرة.
وتتوقف اوساط متابعة عن كثب لهذه التطورات عند القصف السوري المركز لبلدات وقرى في منطقة عكار والذي تكرر في شكل يومي اخيراً، مثيرة تساؤلات عما يمكن ان ينطوي عليه هذا القصف من خلفيات امنية وسياسية وخصوصاً لجهة تزامنه مع احتدام المناخ السياسي الداخلي في شأن ملف العلاقات الرسمية بين لبنان ودمشق.
وتقول هذه الاوساط ان ثمة غموضاً واسعاً يكتنف طبيعة هذه الانتهاكات السورية للحدود اللبنانية يعود الى تعذر اطلاق أحكام وتفسيرات دقيقة حيالها، اذ ان هذا القصف يأتي من جهة وسط ظاهرة اتساع التدهور العسكري على مختلف حدود سورية مع دول الجوار، كما انه يأتي وسط تصاعد الاحتقان السياسي والاعلامي بين النظام السوري وجهات لبنانية. وبرز هذا البُعد من خلال تساقط عشرات القذائف السورية ايضاً قبل يومين على الحدود السورية - الاردنية مثلاً في وقت بدا معه اتساع المعارك ينذر بأزمة جديدة بين دمشق وعمان.
وتقول الاوساط نفسها ان ثمة اقتناعاً سياسياً لدى جهات معارضة في لبنان كما لدى بعض الدوائر الرسمية فيه وإن كانت لا تفصح عنه بان القصف المتكرر لعكار لا يرتبط بعوامل ميدانية مباشرة بمقدار ارتباطه بخلفيات سياسية. وقد تعزز هذا الاقتناع لدى هذه الجهات في ظل مؤشرات عدة كان من ابرزها ان حالة الجفاء الناشئة بين النظام السوري ورئيس الجمهورية
ميشال سليمان تُرجمت ضمناً في قمة دول عدم الانحياز في طهران حيث لم يحصل اي لقاء او اي مصافحة بين سليمان والوفد السوري برئاسة وزير الخارجية السوري وليد المعلم، في حين سُجل في المقابل لقاء منفرد بين المعلم ونظيره اللبناني وزير الخارجية عدنان منصور الذي يتعرض لحملة عنيفة على يد قوى «14 آذار» ترجمتها تظاهرة القوى الطالبية في هذا الفريق الى وزارة الخارجية للمطالبة بطرد السفير السوري. كما ان ثمة مؤشراً آخر اتسم بغرابة شديدة وتمثل في حصول جولة قصف جديدة مساء السبت لقرى مسيحية في عكار بعد اقل من ساعتين على صدور بيان عن رئاسة الجمهورية افيد منه ان الرئيس سليمان تبلغ من قائد الجيش العماد جان قهوجي ان المسؤولين السوريين اعتذروا عن قصف سابق لعكار بذريعة ان قيادات ميدانية قامت به من دون علم القيادة السورية، لكن القصف تكرَّر فوراً.
وتضيف الاوساط المتابعة نفسها انها تخشى ان تصبح هذه الحالة الغامضة على الحدود والانتهاكات المتواصلة عليها بمثابة ساحة ضمنية لتصفية حسابات النظام السوري مع العديد من القوى اللبنانية تحت ستار «فوضى» مزعومة في القرار الميداني العسكري السوري على الحدود.
وتعتقد هذه الاوساط ان هذا الوضع سيشكل احراجاً شديداً للجيش اللبناني وقيادته وايضاً للحكومة والحكم على المستوى السياسي. فمعلوم ان هناك قراراً اتخذه مجلس الوزراء منذ اشهر بتعزيز انتشار الجيش على الحدود الشمالية والشرقية مع سورية. وقد بوشر بتنفيذ خطة في هذا السياق واستعان الجيش بكتائب عسكرية اضافية استقدمها من بقعة انتشاره في الجنوب بالاتفاق مع قيادة «اليونيفيل».
وفي ضوء التطورات الحاصلة سيتعين على الجيش استكمال هذه الخطة وتفعيلها بقوة، لان وضع اهالي قرى عكار بات ضاغطاً جداً وتشهد القرى المتاخمة وحتى البعيدة عن الحدود نزوحاً ومخاوف واسعة، وهو امر سرعان ما سيشعل موجة احتقان سياسي جديد لدى نواب المنطقة وفاعلياتها وقواها خصوصاً اذا لم تنجح قنوات الاتصال المحدودة الجارية مع دمشق في وقف هذه الانتهاكات.
وكانت ساعات صباح امس حملت سقوط عدد كبير من القذائف من الجانب السوري على القرى والبلدات الحدودية المحاذية للنهر الكبير وتحديدا منجز والدبابية الشرقي (ذو الغالبية المسيحية) والنورة وخراج بلدات الكواشرة، ونتج عن ذلك حركة نزوح كبيرة للسكان الذين قصدوا اماكن اكثر اماناً.
وفي حين تركز القصف في بلدة منجز في محيط دير سيدة القلعة التابع للرهبنة اللبنانية المارونية، كرر الاهالي مناشدتهم كبار المسؤولين العمل على حمايتهم من الاعتداءات السورية والانتهاكات للسيادة اللبنانية.
وكانت القوات السورية النظامية قصفت ليل السبت عكار وتساقطت القذائف في كل من البيره وفريديس ومنجز والدبابية، في تطور جاء بعد صدور بيان عن القصر الجمهوري حول الاتصالات التي أجراها الرئيس سليمان في شأن القصف الذي تعرضت له مناطق لبنانية محاذية للحدود السورية الجمعة، معلناً ان «المسؤولين السوريين تعهدوا عبر المراجعات التي اجريت معهم محاسبة من قام بالقصف واعتذروا عن الخطأ الذي حصل من دون علم القيادات المختصة متعهدين ايضاً عدم تكراره».
كما أعقب هذا القصف الموقف العنيف لرئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع من النظام السوري وحلفائه في لبنان، والذي دعا فيه الى «التحضير لإزالة آثار العدوان الأسدي على العلاقات اللبنانية - السورية»، معتبراً المجلس الأعلى اللبناني - السوري ومعاهدة التعاون والأخوة والتنسيق وكل المعاهدات والاتفاقات والمجالس والهيئات المشتركة التي أقرت في مرحلة الوصاية «باطلة وكأنها لم تكن».
 
أعلى