الحساسيات الطائفية تتأجج في حلب

{*B*A*T*M*A*N*}

مشرف

إنضم
Sep 21, 2011
المشاركات
23,222
مستوى التفاعل
80
المطرح
دمشق
فيما جلس المقاتل السوري الكردي المعارض الذي بدا عليه الملل وهو يتسلى بكلاشنيكوفه بدأ رفيقه فجأة يصيح "الله اكبر" فيما تتالى دوي انفجارات من الجبهة.
"اهدأ، اهدأ، لا يستطيع سماعك" قال المعارض الكردي الجالس قرب كومة من الزجاج المكسر في الشارع فيما طوى طرفا بنطاله ليبدو دونهما حذاءه الرياضي الاسود الذي يحمل علامة "برادا".من موقعه حيث يدقق في هويات المدنيين الذين يعبرون خط الجبهة في حلب يمكنه رؤية حاجز الميليشيا الكردية المكروهة من الكثير من زملائه في الجيش السوري الحر حيث الاكثرية من العرب السنة.لكن بالرغم من تأكيده وزملائه انهم اخوة سلاح يقاتلون معا لاسقاط الرئيس السوري بشار الاسد في موقعهم في محيط بستان الباشا فانهم يختلفون على ما ستبدو عليه سوريا الجديدة.وقال معتصم البالغ 20 عاما بلحيته الخفيفة وقلنسوة الصلاة التي اعتمرها "نريد حكومة اسلامية"، قبل ان يعمد الى التكبير مجددا.لكن زميله الكردي الذي رفض الكشف عن اسمه اكد انه انضم الى الثوار لتجنب الخدمة العسكرية في جيش النظام، لا ليكون "مجاهدا" كمعتصم.وردا على سؤال حول ما اذا كان يريد حكومة اسلامية اجاب ب"لا" قاطعة.واضاف "نحتاج الى حكومة للجميع". بعد مزيد من الدردشة صرخ قائده من الجهة الاخرى من الشارع آمرا اياه بالعودة الى حاجزه. لكنه لم يتحرك.في اليوم السابق اندلعت مواجهات بين الجيش السوري الحر وعناصر ميليشيا كردية في عيد الاضحى، سقط فيها بحسب منظمة غير حكومية 30 قتيلا.وكانت المعارك الجمعة في حي الاشرفية الاكثر دموية بين الاكراد والمعارضة المسلحة منذ انطلاق الانتفاضة قبل 19 شهرا ضد الاسد ووقعت بعد يوم على تحرك مسلحي المعارضة باتجاه المنطقة المختلطة.وحزب الاتحاد الكردي الديموقراطي الذي يشكل الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني اليساري العلماني التركي، يؤكد حياده في النزاع ويحمل النظام والجيش السوري الحر معا مسؤولية العنف.ويسود توتر كبير بين الاتحاد الكردي الذي يعتبر انه يقوم بعمل النظام والمعارضين الذين يعتبرهم الاكراد متأثرين باجندة اسلامية.لكن الجيش السوري الحر الذي يعمل باكثر من طاقته وبغياب السلاح الكافي عاجز عن مواجهة الاكراد، مهما طالب مقاتلوه بالانتقام.واكد يوسف عبود القيادي في كتيبة التوحيد في الجيش السوري الحر ان المشكلة انتهت بعد ان ارسل الاكراد وسطاء سلام.وقال لفرانس برس في مكتبه الواقع بعيدا خلف خط الجبهة "لا نريد هذه المشاكل مجددا لانها ستزيد من صعوبة الاوضاع الى حد كبير".واكد عبود ان الاكراد اخوة لكنه حذر من ان الاوضاع قد تتغير في سوريا ما بعد الاسد. وقال "ربما في المستقبل، ان بقي حزب العمال الكردستاني على حاله فسنقاتله بعد الانتهاء من الاسد وجيشه، الا اذا اصلح اخطاءه".واعتبر المحلل في مجموعة الازمات الدولية بيتر هارلينغ ان هذه التصريحات نظرية الى حد كبير نظرا الى ان امكانية هزيمة الاسد ما زالت بعيدة المنال.وحلب ثاني كبرى المدن السورية تعتبر مكان اختلاط لمختلف الطوائف والاعراق والاديان التي تعايشت في سوريا لعقود من الزمن بسلام.ويقول المعارضون المسلحون انهم يمثلون جميع السوريين لكن لم يتواجد ما يذكر من المقاتلين المسيحيين او الشيعة او العلويين في حلب.واكثرية المناطق الخاضعة للجيش السوري الحر طابعها سني محافظ حيث لا تخرج النساء الى الشارع الا بلباس شرعي وحجاب او نقاب.وفر الكثيرون من السكان الى مناطق خاضعة للنظام حيث يقل خطر التعرض لغارات الطائرات المقاتلة او لقصف الهاون المكثف.ومقابل حاجز بستان الباشا تقع دار عجزة ارمنية مسيحية تم اخلاؤها منذ فترة طويلة وباتت هدفا لقناصة النظام.وفي شارع جانبي مقفر كتبت عبارات اسلامية على حائط الطابق الارضي لمبنى يقيم فيه طبيب اسنان وطبيب اطفال ارمنيان.ولا تبدو في الشارع الذي كان مختلطا بين السنة والمسيحيين الا غسيل المعارضين المسلحين الذين وضع الكثيرون منهم على راسهم عصبة كتب عليها "لا اله الا الله محمد رسول الله".وردا على سؤال حول ما قد يتغير في سوريا ما بعد الاسد غالبا ما يقول المسلحون المعارضون في حلب انهم يريدون حكومة اسلامية وتطبيق الشريعة الاسلامية قانونا.وبالنسبة الى ابو ماهر، الذي اكد انه يقود حوالى 200 مقاتل، فان كل الحساسيات الطائفية سببها مروجو دعاية النظام، لكنه اتهم المسيحيين بانهم ليسوا سوريين فعليين.وقال لفرانس برس في قاعة رياضة حولت الى قاعدة للمعارضة في منطقة اخرى من المدينة "المسيحيون ليست لديهم روابط بالبلاد".وتابع "كلنا نحب سوريا، لكن عندما يحدث شيء سيفرون لان الغرب والنظام يقولان لهم انه في حال سيطر الثوار فسيقتلونهم".لكن هارلينغ نصح بالحذر، معتبرا ان العلاقات بين المعارضة والمسيحيين ما زالت مقبولة حتى الساعة.وقال لفرانس برس في اتصال هاتفي "كان يمكن ان تكون اسوأ بكثير مما هي. هذه ليست حربا اهلية طائفية بالكامل. هذا ليس لبنان حتى الآن. قد يتغير الامر، لكنني اعتقد انهما مجتمعان مختلفان تماما".وعلى حاجز بستان الباشا يشدد قتيبة البالغ 20 عاما على عدم التناقض بين حكومة اسلامية والنسيج الغني من الاقليات في سوريا.وقال "كلا، لا اعتقد انهم (الاقليات) سيكونون سعداء (بحكومة اسلامية)، لكن هذا ما سيحدث. لن نؤذيهم".
 
أعلى