الحقوق من السيرة النبوية 3 - حقوق الطفل

عمر رزوق

بيلساني مجند

إنضم
Nov 12, 2008
المشاركات
1,395
مستوى التفاعل
45
3 - حقوق الطفل




الأطفال في الإسلام هم زهرة الحياة الدنيا وزينتها، وهم بهجة النفوس وقرَّة الأعين، وقد نالت هذه المرحلة من عناية رسول الله صلى الله عليه وسلّم النصيب الأوفى، فأوجب رسول الله صلى الله عليه وسلّم حقوقًا عظيمة للطفل، أعظم ما فيها أنها اهتمَّت به قبل ولادته، وقبل أن يصير جنينًا؛ فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلّم الرجلَ المُقْدِم على الزواج باختيار الزوجة الصالحة ذات الدين، فقال: "تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ".

كما أمر صلى الله عليه وسلّم الزوجة باختيار زوجها على نفس المعيار والأساس، فقال: "إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلاَّ تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ".وقد اعتُبر اختيار الزوجة الصالحة (الأمّ) من حقوق الطفل على أبيه.
ولا ريب في أن هذا الاختيار وذاك الأساس من شأنه أن يعود بالنفع التامِّ والمصلحة المباشرة على الطفل، الذي يكون ثمرة هذين الزوجين الصالحين؛ لينشأ بعد ذلك في أسرة ودودة متحابَّة، تعيش في ظلِّ تعاليم الإسلام.

ثم إنه إذا حملت الأمُّ بالطفل، فقد أجاز لها رسول الله صلى الله عليه وسلّم الفطر في نهار رمضان رحمة بها وبه. وإذا ما وُلد الطفل فقد سنَّ رسول الله ا صلى الله عليه وسلّم الأذان في أُذُنه اليمنى والإقامة في أُذُنه اليسرى؛ لتكون الشهادة بالكبرياء والوحدانيَّة لله صلى الله عليه وسلّم أوَّل ما يقرع سمع الطفل في الحياة.

اختيار الاسم الحسن للطفل
وقد أوجب رسول الله صلى الله عليه وسلّم التسمية الحسنة والاسم الحسن للطفل عند ولادته، بما تحمل صفة حسنة، أو معنًى محمودًا يبعث الراحة في النفس والطمأنينة في القلب؛ وذلك من شأنه أن يُوقظ في وجدان الطفل بعد ذلك المعاني السامية والمشاعر النبيلة، ويُشعره بالعزَّة والفخار باسمه واحترام ذاته، وكذلك يُبْعِدُه عن سخرية الناس واستهزائهم، وفي ذلك قال رسول الله : "تَسَمَّوْا بِأَسْمَاءِ الأَنْبِيَاءِ، وَأَحَبُّ الأَسْمَاءِ إِلَى اللَّهِ: عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَأَصْدَقُهَا: حَارِثٌ وَهَمَّامٌ، وَأَقْبَحُهَا: حَرْبٌ وَمُرَّةُ".

سنة العقيقة عن المولود
وسنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم للطفل المولود أيضًا العقيقة، وهي نوع من الفرح والسرور بالمولود الجديد، فقال رسول الله : "مَنْ وُلِدَ لَهُ مَوْلُودٌ فَأَحَبَّ أَنْ يَنْسُكَ عَنْهُ فَلْيَفْعَلْ عَنِ الْغُلاَمِ شَاتَانِ مُكَافِئَتَانِ وَعَنِ الْجَارِيَةِ شَاةٌ". وكأنَّ المجتمع الإسلامي كله يشارك الوالدين فرحتهما بالمولود الجديد.

حق الرضاعة
وقد تنزَّلت آيات القرآن بحقوق الطفل في الرضاعة، فقال الله : {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 233].

ولا يخفى أن الرضاعة عمليَّة لها أثرها البعيد في التكوين الجسدي، والعاطفي، والاجتماعي في حياة الإنسان.

العدل في المعاملة بين الأبناء
وقد حثَّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم تحرِّي العدل في المعاملة بين الأبناء، فقال : "اعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلاَدِكُمْ فِي الْعَطِيَّةِ...". وكذلك كان صلى الله عليه وسلّم ينصح الآباء بقوله: "...وَلاَ تَدْعُوا عَلَى أَوْلاَدِكُمْ..." ؛ وذلك لأنه قد تصاحب هذه الدعوة ساعة إجابة، فتكون سببًا في شقاء الولد طيلة حياته.

حق الميراث والوصية
كما تمتَّع الطفل في الإسلام منذ ولاته بأهليَّة كاملة، يكون له بموجبها الحقُّ في الميراث والوصيَّة والوقف والهبة، وغير ذلك، وهذه الأهليَّة تثبت له فور اكتمال كيانه الإنساني بانفصاله عن أُمِّه حيًّا؛ لقول رسول الله : "إِذَا اسْتَهَلَّ الْمَوْلُودُ وُرِّثَ".

حق الرعاية الوجدانية
كذلك سنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم رعاية الطفل من الناحية الوجدانيَّة؛ وذلك بالإحسان إليه ورحمته وملاعبته وإدخال السرور عليه، كما ذكرنا سابقًا في تعاملاته مع أطفال المسلمين، وكذلك سنَّ رعايته علميًّا وتعبُّديًّا، واحترامه وتشجيعه على الصراحة، وحُسن اختيار صُحبته، والدعاء له، إضافةً إلى رعايته من الناحية السلوكيَّة والاجتماعيَّة.

وبهذه المبادئ والقيم يكون الطفل أكثر تكيُّفًا مع وسطه الاجتماعي، فهذا عمر بن الخطاب يصحب ابنه عبد الله إلى مجلس رسول الله ؛ صلى الله عليه وسلّم ليتعلَّم في واقع عملي الأدب واحترام الآخرين؛ فعن عبد الله بن عمر أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: "إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً لاَ يَسْقُطُ وَرَقُهَا، وَهِيَ مَثَلُ الْمُسْلِمِ، حَدِّثُونِي مَا هِيَ". فوقع الناس في شجر البادية، ووقع في نفسي أنها النخلة. قال عبد الله: فاستحييت. فقالوا: يا رسول الله، أخبرنا بها. فقال رسول الله : "هِيَ النَّخْلَةُ". قال عبد الله: فحدَّثت أبي بما وقع في نفسي، فقال: لأن تكون قُلْتَهَا أحبُّ إليَّ من أن يكون لي كذا وكذا

هكذا يجب أن يتعلَّم أطفالنا القيم الإسلاميَّة الحاكمة للمجتمع تعلُّمًا تدريجيًّا، فيتهيَّأ لهم رويدًا رويدًا الدخول فيه.

ولا نجد أجمل من قول غلامٍ تربَّى على يدي رسول الله صلى الله عليه وسلّم لنختم به؛ حيث قال: كنت غلامًا في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وكانت يدي تطيش في الصحفة، فقال لي رسول الله : "يَا غُلاَمُ، سَمِّ اللَّهَ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ". فما زالت تلك طِعْمَتِي بَعْدُ.

فها هو ذا رسول الله صلى الله عليه وسلّم يُعَلِّم أطفالَ اليوم ورجال المستقبل القيمَ والأخلاق بحبٍّ ورأفة ورحمة.




ما أعظمك يا رسول الله
 

خُـزآمىَ ..~

بيلساني قوي

إنضم
Mar 21, 2010
المشاركات
1,596
مستوى التفاعل
41
رسايل :

بِإنتظـــآر الربيـعَ...!

صلوات الله وسلامه على نبينا محمد
:24:
 
أعلى