الحقوق من السيرة النبوية 5 - حقوق المرضى وذوي الاحتياجات الخاصة

عمر رزوق

بيلساني مجند

إنضم
Nov 12, 2008
المشاركات
1,395
مستوى التفاعل
45
5 - حقوق المرضى وذوي الاحتياجات الخاصة





نظرة الإسلام ورعايته للمرضى وذوي الاحتياجات نظرة خاصَّة، بداية من تخفيفه عليهم في بعض الالتزامات الشرعيَّة؛ لقول الله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ} [النور: 61]. وانتهاء ببثِّ الأمل في نفوسهم، ومراعاة حقوقهم الجسمانيَّة والنفسيَّة.

رسول الله وعنايته بالمرضى
فها هو ذا رسول الله صلى الله عليه وسلّم كان إذا سمع بمريض أسرع لعيادته في بيته، مع كثرة همومه ومشاغله، ولم تكن زيارته هذه مُتكلَّفة أو اضطراريَّة، وإنما كان يَشعر بواجبه ناحية هذا المريض.. كيف لا؟! وهو الذي جعل زيارة المريض حقًّا من حقوقه؟! فقال رسول الله : "حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ خَمْسٌ... وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ...".

فكان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يهوِّن على المريض أزمته ومرضه، ويُظهِر له -دون تَكَلُّف- مُوَاساته له، وحرصه عليه، وحُبَّه له، فيُسعد ذلك المريضَ وأهلَه، وفي ذلك يروي عبد الله بن عمر فيقول: اشتكى سعد بن عبادة شكوى له، فأتاه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلّم يعوده مع عبد الرحمن بن عوفٍ، وسعد بن أبي وقَّاصٍ، وعبد الله بن مسعودٍ ، فلمَّا دخل عليه فوجده في غاشية أهله، فقال: "قَدْ قَضَى؟". قالوا: لا يا رسول الله. فبكى النبي صلى الله عليه وسلّم ، فلمَّا رأى القوم بكاء النبي صلى الله عليه وسلّم بَكَوْا، فقال: "أَلاَ تَسْمَعُونَ؟! إِنَّ اللهَ لاَ يُعَذِّبُ بِدَمْعِ الْعَيْنِ وَلاَ بِحُزْنِ الْقَلْبِ؛ وَلَكِنْ يُعَذِّبُ بِهَذَا -وأشار إلى لسانه- أَوْ يَرْحَمُ".

كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يدعو للمريض ويُبشِّره بالأجر والمثوبة نتيجة المرض الذي لحق به؛ فيهوِّن بذلك عليه الأمر، ويُرْضيه به؛ تروي أُمُّ العلاء فتقول: عادني رسول الله صلى الله عليه وسلّم وأنا مريضة، فقال: "أَبْشِرِي يَا أُمَّ الْعَلاَءِ، فَإِنَّ مَرَضَ الْمُسْلِمِ يُذْهِبُ اللهُ بِهِ خَطَايَاهُ كَمَا تُذْهِبُ النَّارُ خَبَثَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ".

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلّم حريصًا على أن يخفِّف عن المريض وألاَّ يشقَّ عليه، وقد روى في ذلك جابر بن عبد الله فقال: خرجنا في سفر فأصاب رجلاً مِنَّا حجرٌ، فشجَّه في رأسه، ثم احتلم، فسأل أصحابه، فقال: هل تجدون لي رخصة في التيمُّم؟ فقالوا: ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء. فاغتسل فمات؛ فلمَّا قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلّم أُخبِرَ بذلك، فقال: "قَتَلُوهُ قَتَلَهُمُ اللهُ، أَلاَ سَأَلُوا إِذْ لَمْ يَعْلَمُوا؛ فَإِنَّمَا شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالُ، إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيَعْصِرَ أَوْ يَعْصِبَ -شَكَّ أحد رواة الحديث- عَلَى جُرْحِهِ خِرْقَةً، ثُمَّ يَمْسَحَ عَلَيْهَا وَيَغْسِلَ سَائِرَ جَسَدِهِ".

بل إن رسول الله صلى الله عليه وسلّم كان يلبِّي حاجة المريض ويسير معه حتى يقضي حاجته، ولقد جاءته ذات مرَّة امرأة في عقلها شيء، فقالت: يا رسول الله، إن لي إليك حاجة. فقال: "يَا أُمَّ فُلانٍ، انْظُرِي أَيَّ السِّكَكِ شِئْتِ؛ حَتَّى أَقْضِيَ لَكِ حَاجَتَكِ". فخلا معها في بعض الطرق حتى فرغت من حاجتها.

كما جعل النبي صلى الله عليه وسلّم للمرضى وذوي الاحتياجات الخاصَّة الحقَّ في التداوي؛ لأن سلامةَ البدن ظاهرًا وباطنًا مقصدٌ من مقاصد الإسلام؛ لذلك قال صلى الله عليه وسلّم للأعراب عندما سألوه عن التداوي: "تَدَاوَوْا عِبَادَ اللهِ، فَإِنَّ اللهَ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلا وَضَعَ لَهُ دَوَاءً إِلا الْهَرَمَ...". كذلك لم يكن يمانع أن تعالِج المرأةُ المسلمة رجلاً من المسلمين؛ حيث جعل رسول الله صلى الله عليه وسلّم رُفيدة -وهي امرأة من قبيلة أسلم- تُعَالِج سعد بن معاذ حين أصابه سهمٌ بالخندق، وكانت -رضي الله عنها- تداوي الجرحى، وتَحْتَسِبُ بنفسها على خدمة من كانت به ضَيْعَةٌ من المسلمين.

رسول الله وعنايته بذوي الاحتياجات الخاصة
ثم ها هو رسول الله صلى الله عليه وسلّم يتعامل مع عمرو بن الجموح تعاملاً راقيًا؛ رغم كونه من ذوي الاحتياجات الخاصَّة، إلاَّ أن ذلك لم يكن مانعًا له من وصوله إلى أعلى درجات التكريم؛ لهمَّته العالية، وبذله الواسع في سبيل الله، وكان عمرو بن الجموح رجلاً أعرج شديد العَرَج، وكان له بنون أربعة - مثل الأُسد - يشهدون المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم ، فلمَّا كان يوم أُحُد أرادوا حبسه، فأتى عمرو بن الجموح رسولَ الله صلى الله عليه وسلّم فقال: إن بنيَّ يريدون أن يحبسوني عن هذا الوجه، والخروج معك فيه، فوالله إني لأرجو أن أطأ بعرجتي هذه في الجنة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم مخاطبًا عَمْرًا: "أَمَّا أَنْتَ فَقَدْ عَذرَكَ اللهُ فَلا جِهَادَ عَلَيْكَ". وقال لبنيه: "مَا عَلَيْكُمْ أَلاَّ تَمْنَعُوهُ، لَعَلَّ اللهُ يَرْزُقُهُ شَهَادَةً". فخرج مع النبي صلى الله عليه وسلّم فقُتِلَ يوم أُحُد، ثم قال صلى الله عليه وسلّم عنه: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! إِنَّ مِنْكُمْ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لأَبَرَّهُ، مِنْهُمْ: عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ، وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَطَأُ فِي الْجَنَّة بِعَرْجَتِهِ".

فكان رسول الله صلى الله عليه وسلّم قدوة وأسوة للمسلمين في تعامله مع المرضى وذوي الاحتياجات الخاصَّة؛ لذلك قال عنه عثمان بن عفان : "إنا -والله- قد صَحِبْنَا رسول الله صلى الله عليه وسلّم في السفر والحضر، وكان يعود مرضانا ويتبع جنائزنا، ويغزو معنا، ويواسينا بالقليل والكثير".





ما أعظمك يا رسول الله
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:

خُـزآمىَ ..~

بيلساني قوي

إنضم
Mar 21, 2010
المشاركات
1,596
مستوى التفاعل
41
رسايل :

بِإنتظـــآر الربيـعَ...!

اللهم صل ِ وسلم على نبينا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم



:24:
 

Queen

مشرفة

إنضم
Nov 28, 2009
المشاركات
3,344
مستوى التفاعل
34
المطرح
In my dreams
جزاك الله جنة الفردوس الاعلى
 
أعلى