الحكومة اللبنانية «تلملم» أزماتها والمعارضة تتظاهر لطرد السفير السوري


إنضم
Jan 26, 2011
المشاركات
18,166
مستوى التفاعل
86
المطرح
الكويت
رسايل :

لو كنتُ يومًا سأسرق .. لسرقتُ أحزانك ..

عكست الوقائع السياسية في بيروت «الحال السورية» التي تشكل حلبة صراع داخلية بين معسكري 8 و 14 آذار، نظراً لانعكاسات مجريات الصراع في سورية وعليها على الواقع اللبناني الحالي ومستقبله والتوازنات فيه، وعلى المكانة الاقليمية للوطن الذي تحول منذ زمن عربة يشدها حصانان في اتجاهين متعاكسين.
وبدت قوى «8 آذار» تعاني مأزقاً متعاظماً نتيجة ادراكها العميق بان النظام السوري لن ينجح باعادة العقارب الى الوراء، فرغم ان الرئيس بشار الاسد اعتبر في اطلالته امس ان الحسم العسكري يحتاج الى مزيد من الوقت، يسود انطباع داخل الغرف المقفلة لحلفائه بان الوقت يلعب ضده لا معه.
وما زاد من مأزق القوى الحليفة لسورية في بيروت انكشاف مخطط النظام السوري لتفجير الاوضاع في شمال لبنان عبر مهمة اوكلت الى الوزير والنائب السابق ميشال سماحة، اضافة الى «الموت السريري» الذي تعانيه الحكومة الممسوكة من «8 آذار» والابتعاد التدريجي لـ «الكتلة الوسطية» فيها عن خيارات هذا الفريق.
فبعدما اعلن الزعيم الدرزي وليد جنبلاط افتراقاً مبكراً عن حلفاء سورية عندما تحول «رأس حربة» في مهاجمة نظام الاسد، عبّر رئيس الجمهورية
ميشال سليمان عن مواقف متمايزة جعلته «وجهاً لوجه» مع النظام السوري وحلفائه المحليين، اضافة الى «التململ» الذي يبديه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وغالباً ما يعبر عنه من خلال تلويحه بالاستقالة.
هذا الواقع المستجد لا يعني ان قوى «8 آذار» فقدت القدرة على التأثير في مجريات اللعبة الداخلية، بل يؤشر الى مصاعب تواجهها في التحكم بمسارات هذه اللعبة، من دون التقليل من قدرة «حزب الله» على قلب الطاولة في اللحظة التي يختارها تبعاً لاجندته الداخلية - الاقليمية، وهو الذي يرى الاولوية الآن في التركيز على تعزيز قدرة نظام الاسد على الصمود.
وبدا من خلال جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت امس للمرة الاولى بعد عيد الفطر ان مأزق الاكثرية الحاكمة كان على الطاولة من زاويتين: الاولى تتصل بالحاجة الى اطفاء الحرائق التي تُظهر الحكومة عاجزة عن ادارة شؤون البلاد، والثانية ترتبط بالحاجة ايضاً الى تقديم تفاهمات بين اطراف الحكومة تجنباً لانفراطها، خصوصاً في ضوء النكسات التي دهمت العلاقة بين تلك الاطراف في المدة الاخيرة.
وتوقفت الدوائر المراقبة في بيروت امام اشارات ذات مغزى انطلقت اخيراً من اطراف قيل الكثير عن تموضعاتها. فزعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون، حليف النظام السوري والذي كان توقع نجاحه في «تكنيس المسلحين» قبل اشهر، تجنب في لقاء تلفزيوني اول من امس الاجابة عما اذا كان الحل في سورية ما زال في ان يبقى الرئيس الاسد، قائلاً: «لا اريد ان احدد (...) لكن بالنتيجة الحكم يرتبط بالشعب السوري»، متحدثاً عن ان «هناك انتفاضة شعبية في سورية ونحن لسنا ضد هذه الانتفاضة».
ومن يدقق في هذا السياق، بالمواقف التي يعلنها البطريرك الماروني مار بشاره بطرس الراعي يجد تعديلاً في اللهجة والوجهة، ولم يتم التأكد في هذا الاطار من معلومات عن ان البطريرك، الذي احدث نقزة لدى تيار عون، اجرى تعديلاً على الفريق المحيط به بعد انكشاف امر ميشال سماحة، نتيجة لـ «بصمات» سماحة على بعض هذا الفريق.
والسؤال الذي تردد في بيروت في الايام الاخيرة هو: هل قررت «14 آذار» الافادة من مأزق حلفاء سورية عبر استرداد زمام المبادرة ورفع لهجة خطابها السياسي؟
هذا السؤال ترافق مع التظاهرة الشبابية لإئتلاف «14 آذار» التي شقت طريقها امس من الجامعة اليسوعية في اتجاه مقر وزارة الخارجية تنديداً بمواقف وزير الخارجية عدنان منصور و«دفاعه المستميت» عن النظام السوري، بحسب تلك القوى، ومطالبة بطرد السفير السوري علي عبد الكريم علي بسبب ما تعتبره «14 اذار» تورطاً سورياً مباشراً في عمليات التخريب والخطف وخرق السيادة اللبنانية.
والاكثر اثارة للانتباه بان هذه التظاهرة التي جمعت المنظمات الشبابية لـ «14 اذار» و»الجماعة الاسلامية» ضمت نواباً وشخصيات في اول تحرك من نوعه على الارض، وهو تزامن مع موقف لافت لـ «كتلة المستقبل» البرلمانية برئاسة رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، دعا الى الاستعانة بقوات «اليونيفيل» العاملة في جنوب لبنان لمساندة الجيش اللبناني في ضبط الحدود مع سورية.
وكانت «كتلة المستقبل» تبنت الدعوة الى طرد السفير السوري «لانه يثبت كل يوم مشاركته في الجرائم المرتكبة وتغطية الاعمال الاجرامية»، مطالبة بتجميد المجلس الاعلى اللبناني ـ السوري وبتقديم شكوى الى مجلس الامن والجامعة العربية بعدما انكشف الدور المباشر للنظام السوري في العمل على تفجير لبنان.
اما السفير علي الذي استقبل وفداً من الاحزاب اللبنانية الموالية لسورية، فعلق على المطالبة بطرده قائلاً: «ما عبر عنه جزء بسيط من القوى عبر تشكيل طلابي أمام وزارة الخارجية مطالبة برحيل السفير السوري هو جزء من الانقسام الحاصل في البلد»، وهم «لا يستندون الا الى احباط يشعر به من يوجهون هذا الحراك وهو يعبر عن الفعالية التي واجهتها سورية والتي تعاون فيها المال والاعلام والاستخبارات الاميركية والخليجية والاوروبية والارهابيون وفاجأتهم سورية بجيشها وشعبها وقيادتها والبيئة الاجتماعية الرافضة لكل الصيغ التي تريد تأجير موقع سورية لمآرب غربية وبقيت حاضنة لمعاني السيادة والكرامة. ولذلك ما يستهدف سورية كان بسبب مواقفها وهي واثقة من انتصارها على الحرب وقدرة شعبها على مواجهة كل صنوف التآمر وما نشهده هو تعبير عن يأس وافلاس لا سيما أن الغالبية الكبرى من القيادات هي مع التكامل السوري اللبناني واحتضان المقاومة والتفريط في السيادة».
واللافت ان الحراك الميداني ـ السياسي المستجد لـ «14 آذار» اقترن بالكلام عن امكان القيام بتحركات متدحرجة في اطار الضغط على الخارجية اللبنانية لطرد السفير السوري، الامر الذي قابلته قوى «8 آذار» بالتلويح بامكان القيام بتحركات مماثلة ضد سفارات اخرى (كالسفارة الاميركية)، اذا ما اقتضى الامر.
في توصيف لاحد اقطاب «14 آذار» للحال الراهنة في لبنان، كان قال لـ «الراي» ان «افضل شيء يمكن ان تفعله المعارضة هو ألا تفعل اي شيء فـ «حزب الله» المأزوم هو الآن كالتنين الذي يصارع ظله. علينا تركه يصارع ظله، وعدم الاقتراب منه لانه من شأن استفزازه او الاقتراب منه دفعه الى البطش بالبلد».
هل تغيرت هذه المقاربة مع نزول المنظمات الشبابية لـ «14 آذار» الى الشارع، وذهاب قوى اساسية في العارضة الى المطالبة بدور لـ «اليونيفيل» على الحدود اللبناني ـ السورية؟ انه سؤال سيتم اختباره في الايام المقبلة.
 
أعلى