الحياة في بلدة مارع التي يسيطر عليها الجيش السوري الحر

{*B*A*T*M*A*N*}

مشرف

إنضم
Sep 21, 2011
المشاركات
23,222
مستوى التفاعل
80
المطرح
دمشق
توقفت الجنازة فجأة، وتفرق المشيعون حول المقابر بسرعة، ونسوا النعش الذي يحمل أحد قتلاهم، والذي قتل برصاص مروحية سورية، وتحولت كل الأنظار إلى السماء بعد سماع صوت مروحيات قادمة.
وهناك بعيدا، ومع تلاشى ضوء المساء، يمكننا سماع أزيز إحدى المروحيات تقترب ببطئ نحونا.​
وشعرنا لبضعة دقائق، أن احتمالية موتنا أصبحت أكثر واقعية كموت الشخص الذين أتينا لدفنه، لكن بعد أن رحلت المروحيات، شعرنا بالارتياح، واستأنفنا مراسم الدفن.​
فمن المألوف أن يلقى المرء حتفه خلال جنازة لدفن الموتى في سوريا، وخاصة في بلدة مارع الصغيرة التي تقع شمال مدينة حلب، ثاني أكبر المدن السورية.​
هنا، وفي جميع المناطق الريفية الشاسعة المجاورة للحدود التركية، يسيطر أعضاء الجيش السوري الحر على الأرض، لكن طائرات الرئيس السوري بشار الأسد تسيطر على السماء بشكل شبه يومي، ويمطرون البلدة بالموت والدمار.​
لقد وصلنا إلى هنا بعد أن أحدثت إحدى القنابل حفرة كبيرة في حقل بالقرب من موقع السوق الأسبوعي بالبلدة.الإرهاب على أرض الواقع
وقد فقد كل من قابلناه هنا أحد أفراد عائلته تقريبا من خلال الهجمات الجوية التي تشنها قوات الجيش النظامي، وهنا قتل طفل رميا بالرصاص القادم من الطائرات وهو يركب دراجته البخارية.​
وهناك تم تفجير مجموعة من الصبية في سن المراهقة إلى أشلاء متناثرة عن طريق قنبلة أسقطتها مقاتلة من طراز ميغ، بينما كان الصبية يحملون البطاطس فوق إحدى الحافلات.​
ويبدو أنه لا توجد هناك أهداف لهذا القصف العشوائي سوى نشر الرعب بين أبناء البلدة.​
وقال ياسر الحاجي، وهو رجل أعمال عاد من الخارج العام الماضي لينضم إلى الثورة "إنه انتقام، ومدينة مارع هي من أول المدن التي تظهر ذلك."​
وأضاف الحاجي "كما أنها حرب اقتصادية أيضا، فقبل كل شيء هم يريدون اذلالنا لأننا انتفضنا ضد دكتاتورية بشار الأسد."​
وتشتهر مدينة مارع، والتي يقطنها نحو 30 ألف شخص من المزارعين والتجار، بأنها موطن لأحد أشهر قادة التمرد في المعارك الجارية في حلب، وهو رجل الأعمال السابق عبد القادر الصالح.​
والصالح هو مؤسس لواء التوحيد، المجموعة المسلحة التي حاولت توحيد العديد من الجماعات المقاتلة في حلب.​
ويشمل هذا اللواء كتائب الجيش السوري الحر التي تسيطر على بلدة مارع.​
وتتكون هذه الكتائب من العديد من الأشخاص من الفقراء ومن متوسطي الحال، من المزارعين والمعلمين والحدادين، والتجار، وهم يكرهون نظام الأسد وحزب البعث، وذلك بسبب المحسوبية والفساد الذي انتشر في كل مكان.​
وقال أبو رائد ذو اللحية السوداء والذي يعمل كهربائيا ويقود الكتيبة التي تتولى الدفاع عن البلدة "سوريا الجديدة ستكون سوريا بلا فساد، وبلا رشوة، ولن يكون لدينا نظاما لحزب البعث الذي يوصم كل من فيه بالفساد، ونحن نريد العدالة."عبور جبهة القتال
وبشكل غير معقول، لا يزال مسؤول حزب البعث محمد محمود النجار هو عمدة مدينة مارع وحتى بعد أن غادرتها القوات التابعة للحكومة.​
ولا يخفي النجار إعجابه بالرجل الذي يدمر مدينته بالقنابل، ويقول "بشار الأسد رجل ديمقراطي".​
وأضاف "إنه يحب شعبه، على الرغم من أنه قد تغير الآن."​
ويسمح لعمدة المدينة بالبقاء في الوقت الراهن، وذلك بسبب علاقاته، فهو يستطيع من خلال حديثه بالهاتف إلى السلطات الحكومية في حلب أن يجلب الرواتب أو الوقود عبر خط المواجهة.​
وكانت لدينا في مارع فرصة نادرة لتصوير محكمة يديرها المتمردون، من خلال لجنة ثورية من المحامين المدنيين وخبراء الشريعة الإسلامية، وهي تحاكم ثلاثة من الرجال يشتبه في قيامهم بسرقة الشاي وتهريبه إلى تركيا، والذين ألقى القبض عليهم من قبل احد عناصر الجيش السوري الحر.​
وفي النهاية أطلق سراحهم بعد أن أقسموا على المصحف، وكثير من الخلافات والمشاكل يتم التعامل معها على هذا النحو في سوريا، لكن البعض يعتقد أن الشريعة الإسلامية سوف تصبح أكثر أهمية.​
ويقول محمود صالح، وهو زعيم محلي والذي كان يدير هذه المحاكمة "يجب أن تأتي الشريعة أولا، لأنها نوع من العدالة التي أثبتت نفسها عبر 1400 عام، ولكن علينا أيضا أن نضع بعض القوانين الأخرى لنجعلها تناسب كل المجتمعات، وحتى الأقليات."​
وترفض العديد من القوى الغربية تقديم السلاح للجيش السوري الحر لأسباب يتعلق بعضها بالخوف من أن تسقط الأسلحة في أيدي متطرفين.قادة المستقبل
وقلل أبو رائد، قائد كتيبة الدفاع عن بلدة مارع، من هذه المخاوف، ويقول إنه ورجاله معتدلون وسوف يحمون حقوق الأقليات بعد سقوط النظام.​
ويضيف "لدينا في سوريا علويون، ولدينا مسيحيون، ولدينا دروز، وقبل ذلك لم تكن لدينا مطلقا أيه مشاكل بين السنة والعلويين."​
ويصر أبو رائد أن أناس مثله سوف يكونون في موقع المسؤولية في المستقبل، وليس جماعات المعارضة السياسية في الغرب التي تتحدث كثيرا من وجهة نظره.​
وأضاف "ستتشكل القيادة من الناس من داخل سوريا، ولن نقبل بشخص ما من المعارضة في المنفى يجلس في فنادق الخمس نجوم، بينما يقاتل الناس هنا على الأرض."​
"لقد فقدنا الأخوة والأعمام، فهل تعتقد أن نترك أشخاصا يعيشون في الخارج يعودون ليحكموننا؟ بالطبع لا، وسيكون لنا قول هنا، فالأرض لهؤلاء الذين يعملون عليها."
 
أعلى