"الذهب الرنان في وحدة الصفات بين الإنسان والحيوان "

عمر رزوق

بيلساني مجند

إنضم
Nov 12, 2008
المشاركات
1,395
مستوى التفاعل
45
قراءة جديدة لكتاب



"الذهب الرنان في وحدة الصفات بين الإنسان والحيوان "


عندما يتبع قطّي خطواتي وأنا غارق في التفكير , أجوب غرفتي جيئة وذهابا محاولا إيجاد حل لمعادلة ذات مجاهيل متعددة, فليس معنى هذا أن " القطي " هو حجة زمانه في العلم والفلسفة , وقد قرر تكرّما منه أن يساعدني في حل هذه المعضلة .
حتى وإن اشتركنا ظاهرا في نفس الحركات , إلا أن قطي ليس سوى قطّ , ومثل غيره من القطط يضل همّه الوحيد هو اللعب والإمساك بالخيط المتدلي من ملابسي القديمة التي أكل الدهر عليها ولم تعد تصلح حتى كمنشفة منزلية .
ربما ميولي العلمية المثيرة للسخرية أحيانا وللشفقة أحيانا أخرى , تجعلني أحاول دائما إخضاع كل ما يقع تحت ناظري من ظواهر إلى الملاحظة والتجربة العلمية , متيقنا هذه المرة أن " القطي " هو هبة إلهية ستفتح لي بابا لاكتشاف علمي غير مسبوق , كما حدث ذات يوم لنيوتن عندما سقطت تفاحة على رأسه فاكتشف بالصدفة كما يقولون , مبدأ الجاذبية الذي مكّن الإنسان من الصعود للقمر لاحقا .
أو ربما زاد من قناعتي بذلك تلك الصورة التي تدغدغ مخيلتي دائما عن أرخميدس الذي غطس ذات يوم في حوض الحمّام فخرج عاريا يصيح " وجدتها "
وفعلا اكتشف مبدأ فيزيائي لا يزال يسمى باسمه حتى اليوم وهو"دافعة أرخميدس ".
يعلم الله أنني جلست تحت عشرات أشجار التفاح في قريتي وفي الجبل وغطست في الحمام مئات المرات ولم أكتشف شيئا حتى الآن . ربما في بعض الأحيان أتسرّع كثيرا في بناء قصور من الرمل على شاطئ مخيلتي , سرعان ما تأتي عليها أمواج الواقع فتذروها قاعا صفصفا . فمحاولتي أيجاد علاقة بين ظاهرة التفكير وما يلازمها من الحركات وردّات الفعل اللاإرادية من حكّ للرأس وإسراع الخطى ذهابا وإيابا والإمساك بطرف اللحية أو حلمة الأذن وغيرها من الحركات الأخرى , ومحاولة إسقاط كل هذا على عالم الحيوان مسألة فيها نظر , وربما كثير من السذاجة أيضا . ذلك إننا لو سلّمنا أن هذه الحركات هي انعكاس للحالة التي يكون فيها الواحد منّا مركّزا في التفكير على شئ ما , فإن قطي كان سيفوز بمكانة مرموقة بين كبار المفكرين لكثرة ما يمضيه من الوقت في حك رأسه وإكثار الخطى ذهابا وإيابا في أرجاء المنزل ( لا أظنه إلا مفكرا في ردّ قوي على الطير المهاجر أو شيخنا أبو الأطفال ) , وربما لو صحّت هذه الفرضية لكانت القردة أكثر الحيوانات استعمالا لعقولها لكثرة ما تمضيه من الوقت في حك رؤوسها هي أيضا .
محاولات إسقاط بعض الظواهر الإنسانية على عالم الحيوان هي محاولات غير مؤسسة علميا , هذا ما توصلت إليه حتى الآن . لكن ماذا لو عكسنا الآية وحاولنا إسقاط تصرفات الحيوان على عالم الإنسان ؟
النتائج ستكون مذهلة .
خذ مثالا على ذلك ما يحدث هنا : كم من القطط تسير على خطى العظماء ويُلقَ عليها ألقاب الأبطال والنضال والقتال والسجال أصحاب الأقوال والأفعال والأعمال وهي مجرد قطط تلعب دور " الصوري " جهلا وقد عمّمها الجهل عِمّة البطل النطل .
خذ مثالا آخر : قرد يحك ويهرش رأسه ساعة فخرج علينا من بين الرمال بكتاب أخضر ونظرية عالمية ثالثة , بل أنه حكّ رأسه ذات مرّة فخرج لنا بتفسير رسمي للقرآن الكريم يحذف بموجبه كلمة " قل " من السور والآيات التي تبدأ بها .
المشكلة أنه ما زال يحك رأسه حتى الآن , فينضح بإفرازات مرضية يسميها أفكارا .
أترككم تكملون هذه التجارب العلمية المسلية لوحدكم شرط أن يكون ذاك " المفكر " من بيئتكم , ستضحكون .
وكي يزيد حظكم بالنجاح , ووصية أخ محبّ , اختاروا رأسا من الرؤوس الكبيرة لتكون النتائج مثيرة .
 

المرفقات

  • iojhuijho.jpg
    iojhuijho.jpg
    20.9 KB · المشاهدات: 0

إنضم
Jul 18, 2011
المشاركات
22
مستوى التفاعل
1
المطرح
aleppo
جميل .........
مشكور اخي احب القراءة وهذه الاخيلة
استمتعت بهوردة*وردة*
 
أعلى