من الحقائق الطبية والثابت علميا ان الانسان مبرمج بالفطرة للقيام بالمهام الاكثر صعوبة ودقة خلال الفترة الصباحية التي تلي النوم الهادئ الا ان الكثيرين يخرجون عن هذا المبدأ إذا استيقظوا متأخرين وهم يشعرون بالكل ولا يستعيدون نشاطهم الا بعد ساعات.
وهؤلاء يضعون اللوم في الغالب على ضغوطات الحياة او حال الطقس او سواها من المسببات غير المنظورة.
ورغم الدراسات التي تأخذ بعين الاعتبار هذه الحالة الشائعة وما يرافقها من تأرجح بين الشعور بالكسل والخمول من جهة والنشاط والحيوية من جهة اخرى فان التقارير اكدت على ان في داخل كل منا ساعة بيولوجية او نظاما اليا خفيا يضبط ايقاع يومنا بالتزامن مع تأرجح مستوى الهرمونات التي تفرزها اجسامنا خلال اليوم.
ونظرية الساعة البيولوجية او ما يعرف بالايقاع النمطي لليوم اكتشفت في اواخر السبعينات وذلك من قبل فريق من العلماء في جامعة مانسيتر الاميركية بقيادة الدكتور جيم واترهوس.
وتعلن هذه الساعة بداية اليوم ما بين الخامسة والسادسة والسابعة صباحا وذلك مع ارتفاع هرمون الكورتيزون المحفز للنشاط ويترافق ذلك مع زيادة افراز الجلوكوز «سكر الدم» ما يؤدي إلى شحن الجسم بالطاقة وينبه الوعي.
هنا تختلف الآراء في تحديد توقيت مراحل النشاط والكسل اثناء النوم هذا مع العلم بان النظرية التي اسفرت عنها الدراسات اثبتت ان النشاطين الجسدي والفكري يبلغان اوجهما خلال ساعات الصباح الاولى ولا يلبثان ان يتدنيا ما بين الواحدة والرابعة عصرا ليرتفع مجددا وصولا إلى القمة مرة اخرى نحو السادسة مساء بعدها تبدأ الغدة الصنوبرية التي تقع في وسط المخ بافراز هرمون الميلاتونين الذي يزودنا بالنعاس تدريجيا وذلك بين التاسعة والعاشرة ليلا.
واكتشف علماء البيولوجيا الزمنية وجود مركزين في المخ مسؤولين عن تنظيم هذه الساعة وهما النواة فوق التصالب البصري والغدة الصنوبرية.
النواة فوق التصالب البصري هي ساعة الجسم الرئيسية وصانعة الايقاع اليومي وهي عبارة عن مجموعة من الخلايا العصبية بالمخ ويبلغ عددها نحو عشرة آلاف خلية وتقع في منطقة ما تحت المهاد «هيبوثلامس - hypathalamus» فوق الكيازما البصرية «التصالب البصري - optic chyasma»، خلف العينين بنحو ثلاثة سنتيمترات وتلف هذه النواة يتسبب في فقدان الايقاع اليومي للنوم والاستيقاظ.
أما الغدة الصنوبرية فهي مركز انتاج الميلاتونين ذلك الهرمون الذي يلعب دورا مهما في وظائف أنشطة الجسم المختلفة وخصوصا تنظيم الدورة الليل نهارية ويفرز اثناء الليل والانسان نائم.
وترتبط النواة فوق التصالبية بالغدة الصنوبرية عن طريق ممر من شبكية العين إلى غدة ما تحت المهاد تسمى القناة الشبكية تحت المهادية يوصل المعلومات عن دورة الضوء والظلام إلى النوة فوق التصالبية ومنها تدخل الاشارات العصبية إلى الغدة الصنوبرية وهذه الاشارات توقف انتاج الميلاتونين.
وحينما تتوقف هذه الاشارات في المساء يزول التثبيط عن الغذة الصنوبرية ما يجعلها تعاود افراز الميلاتونين الذي يبدأ تدريجيا في جلب النوم والاسترخاء مع حلول الظلام.
ومن خلال هذا الشرح لكيفية عمل ساعتنا البيولوجية أمكن التعرف على افضل اوقات المذاكرة والمراجعة خصوصا في فترة الامتحانات.
فمع ارتفاع الهرمونات الصباحية المنشطة اضافة إلى ارتفاع سكر الدم وهرمون الاندروفين المسكن للألم يوصي الخبراء والاطباء القيام بالانشطة الفكرية والجسدية المعقدة خلال هذه الفترة للاستفادة من معطياتها.
إلى ذلك ينصح الاطباء بالاستفادة من الساعات الاولى التي تعقب الاستيقاظ من النوم لحفظ المعلومات السريعة ففي خلال هذه الفترة تكون الذاكرة القصيرة المدى مؤهلة لاستقبال المعلومات السريعة الجديدة اكثر من اي وقت اخر وانحدار مستوى النشاط بعد الثانية عشرة ظهرا يعني اننا مهيأون بالفطرة للاستفادة من قيلولة او استراحة بعد الظهر.
لذا فان مخالفة هذه القاعدة الطبية تعرضنا لمشاكل ضعف التركيز ونقص اليقظة وانخفاض الوعي اضافة إلى مخاطر صحية محدودة.
وبعد الساعة الرابعة عصرا يرتفع مستوى الهرمونات المنشطة ليصل إلى الذروة نحو السادسة مساء لذا ينصح بالاستفادة من هذا التوقيت قدر المستطاع قبل بداية افراز هرمون الميلاتونين الذي يجلب النعاس.
إلى ذلك يزداد نشاط عمل الذاكرة بعيدة المدى اذ ينصح باجراء الابحاث والتركيز على حفظ المعلومات عند المساء.
هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز ) للمساعدة في تخصيص المحتوى وتخصيص تجربتك والحفاظ على تسجيل دخولك إذا قمت بالتسجيل.
من خلال الاستمرار في استخدام هذا الموقع، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط.
.gif "وردة وردة*")
