DE$!GNER
بيلساني محترف
- إنضم
- Apr 4, 2011
- المشاركات
- 2,637
- مستوى التفاعل
- 44
- المطرح
- بين الأقلام والألوان ولوحات التصميم
تقرأ الدكتورة حُسن عبود في كتابها (السيدة مريم في القرآن الكريم) قصة السيدة مريم الواردة في سورتين رئيسيتين: هما سورة مريم، وسورة آل عمران،.
في البنية
بدأت عبود بحثها بدراسة شكل سورة مريم، وبتقسيم السورة بنيوياً ومحورياً إلى وحدات للكشف عن موقع القصة بين القصص الأخرى، لتكون مدخلاً لدراستها الأدبية التي بدت في قسمين اثنين: أولهما على مستوى الحرف والكلمة والتعبير، وهو ما يعّد جزءاً من النظم المُنجز والمُحكم في علاقته بين البناء ومعاني الآيات، فلجأت إلى رصد المادة اللغوية من الأفعال والفواعل والفواصل والكلمة المفتاح وغريب القرآن، وثانيهما على مستوى الأسلوبية الصوتية التي تظهر في تكرار الأحرف والكلمات والتعبيرات الجاهزة لإحداث هذا التناغم بين الآيات والوحدات كاشفة عن التوافق المتبادل بين الشكل والتعبير، وهي في كل هذا تعتمد على نظرية النظم عند الجرجاني.
في الأسلوب
وبمقارنة صورة السيدة مريم في القرآن الكريم والأناجيل وجدت عبود أن الأسلوب الأدبي في النصين ينزاح نحو المزج بين الليترجيا المسيحية والشعرية الدينية العربية، وهذا الذوبان المدهش حسب عبود- لايمكن أن يولد إلا في محيط ثقافي يعتمد على الشفاهية مصدراً للوحي والمعرفة. وفي الميزات الأسلوبية الشكلية وجدت ظاهرة التكرار في الجناس الاستهلالي للقسم السردي، والتناسب في حجم الوحدات القصصية والوحدات الحجاجية، والمحافظة في معظم الآيات على وحدة الفاصلة، وكذلك كلمة المفتاح (الرحمن)، مما يعني أن السورة تتمتع بالوحدة الموضوعية والشعورية. وهي في الوقت نفسه لا تعتبر شكلاً نموذجياً للسور في القرآن الكريم، لأن الأسلوب السردي القصصي القرآني أساساً لا يسعى إلى الغاية الفنية غير الهادفة، إنما هو وسيلة من وسائل القرآن الكثيرة للوصول إلى أغراضه الكلامية والعقائدية. كما وتشير المؤلفة إلى الموقع المركزي لقصة مريم بين قصص الأنبياء، وخاصة، فيما يتعلق بالخطاب السردي، وقد ساهمت مريم قولاً بصوتها، وفعلاً برحلتها إلى الصحراء في الميثي الأسطوري، ودوره كأداة منطقية تجمع بين التناقضات حول قلق الوجود وجدلية الموت- والحياة، لتذيبها في سياق أدبي جديد.
قراءة أدبية
أما لغة مريم فهي قائمة على قوة الاستجابة والتلقّي والتفاعل(مع الرسول) والمشاعر القلقة (وجودها في مكان مقفر) والمتألمة (ألم المخاض)، هذا ما عبرت عنه المؤلفة من خلال قراءتها الأدبية لسورة مريم، أما في سورة آل عمران، فقد وجدت عبود تنوعاً في الأشكال الأدبية التي سيقت نثرياً بسبب طبيعة التأويل في الآية، لتؤول قضية المُحكم والمتشابه من الآيات، وردّالمتشابه منه إلى المُحكم، والتأويل بطبيعته يُلزم بسرد نثري لا بسرد شعري، كما برز شكل أدبي مميز- في الحوارات المشهدية بين الشخصيات- معروف عند العرب، وهو الخطبة (إلقاء امرأة عمران خطبة بمناسبة نذرها وتسمية ابنتها، خطبة عيسى إلى بني إسرائيل).
الاعتراف الاجتماعي الثقافي بالنساء
في تحليلها اللغوي لجملة نفي تشبيه الذكر بالأنثى في النذر (وليس الذكر كالأنثى) مشيرة إلى موقف الخطاب القرآني من المساواة بين الذكر والأنثى في حقوق العبادات والمساواة في التكليف، وتنطبق المساواة على دخول مريم المحراب، وعن استخدام مصطلح التواقف تشير المؤلفة إلى أنه وبالعودة إلى النص القرآني والنص الإنجيلي للحديث عن مريم وجدت أن النصوص تتواقف بعضها على بعض، وتحيل على بعضها بشبكة من العلاقات تنسجم مع التناص الذي لايخرج عن سياق خطاب التنزيل في الآية السابعة من سورة آل عمران، التي أكدت على الأصل الواحد للتوراة والإنجيل والقرآن.
وتختم الدكتورة عبود كتابها بالإشارة إلى الحجج التي تؤكد نبوة مريم في عصرها، وهي بذلك تؤكد أولاً، على مقام مريم الرفيع في الإسلام. وثانياً، الكشف عن المواقف المؤيدة /المتحيّزة مع/ ضد تكليف الشرع بالأنثى على أعلى مستوى، مما يشكّل صورة جديدة تؤكد على حقوق المرأة الدينية في الإسلام، وأخيراً، تشارك المرأة مفسّرة في نقاش علماء التفاسير في مسألة المساواة في الحقوق والواجبات (التكليف) الدينية مما يعطي النساء المسلمات ثقة بالنفس، وحقاً أكبر للمطالبة بمشاركة أفضل في المعرفة الإسلامية التي تعزّز حقوق المرأة الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، والتي تنسجم كليّاً مع المساواة في الاستخلاف.
