العالم يشاهد سوريا تنزف ولا يكترث

{*B*A*T*M*A*N*}

مشرف

إنضم
Sep 21, 2011
المشاركات
23,222
مستوى التفاعل
80
المطرح
دمشق
بيروت 23 سبتمبر أيلول (رويترز) - قبل 30 عاما قطع الرئيس
السوري السابق حافظ الأسد خطوط الهاتف عن بلدة حماة لمنع انتشار اي​
انباء عن حملته الدموية ضد انتفاضة تشهدها المدينة لضمان سحق​
ثورتها عام 1982 ومقتل عدة الاف من الاشخاص حتى قبل ان يعرف العالم​
عنها شيئا.​
وبعد مرور ثلاثة عقود بدأ ابنه حملة عسكرية مستمرة منذ 18 شهرا​
ضد انتفاضة مماثلة ورغم تسليط وسائل الاعلام العالمية الضوء عليها​
إلا ان بشار يستطيع الاستفادة من الانقسامات بين القوى العالمية​
التي تعود الى الحرب الباردة ومن احساس متزايد بالعجز وعدم​
الاكتراث لتجنب التدخل الاجنبي المسلح.​
ويعتقد كثير من المراقبين ان سوريا ينتظرها شتاء دموي مع فشل​
اي من الجانبين في توجيه ضربة قاضية للطرف الاخر وعدم ظهور اي​
دلالة تذكر على ضبط النفس.​
ويقول ناشطون يستقون تقاريرهم من مصادر مختلفة ان اكثر من الف​
شخص يقتلون في سوريا كل اسبوع بعضهم من مقاتلي المعارضة والبعض من​
الموالين للحكومة والكثير منهم من المدنيين.​
وبدلا من ان يثير العنف غضبا عارما اكثر من اي وقت مضى فإنه​
اصاب على ما يبدو العالم الخارجي بحالة من الشلل لم يستطع معها​
تقديم حلول للازمة السورية مما أطلق العنان للأسد لزيادة الاعتماد​
على القوة العسكرية ضد معارضيه الذين بدأوا ثورتهم باحتجاجات في​
الشوارع وباتوا يقاتلون الان حربا اهلية غير متكافئة.​
واصبحت الغارات باستخدام القاذفات وعمليات التمشيط التي تقوم​
بها طائرات الهليكوبتر فوق الاحياء السكنية اجراء يوميا في حين ان​
الانباء التي أفادت بمقتل مئات الاشخاص في بلدة داريا قبل ثلاثة​
اسابيع لم تثر اكثر من مجرد ادانة رمزية في الخارج.​
وقال جوليان بارنز داسي من المجلس الاوروبي للعلاقات الخارجية​
"هناك تراجع في مدى التفاعل العام مع القضية خارج سوريا وهذا يعكس​
العنف الشديد في الصراع." وأضاف أن "(الازمة) لا تعبيء المجتمعات​
الغربية للضغط على حكوماتها للتحرك."​
وحتى اذا شعرت القوى الغربية بضغوط متزايدة للتحرك فسوف تشل​
حركتها المخاوف من اثارة صراع اقليمي اوسع نطاقا والعزوف عن تسليح​
خصوم الأسد والخلافات داخل الامم المتحدة حيث تعرقل روسيا والصين​
اي خطوات ضد الرئيس السوري.​
والحالة الواحدة التي وصفتها الولايات المتحدة بانها "خط احمر"​
وقد تؤدي إلى تدخل عسكري هي في حالة ما اذا نشر الأسد صواريخ مزودة​
برؤوس حربية كيماوية لكن ذلك لم يؤد إلا لتشجيع الرئيس السوري اكثر​
وأكثر.​
وقال بارنز داسي "قالوا (القوى العالمية) على نحو مؤكد لن​
نتدخل ما لم يستخدم الاسلحة الكيماوية." وتابع "شعر الأسد بالحرية​
في استخدام المزيد من العنف."​
وأضاف "زادت وحشية الحكومة والعنف الذي تقوده الحكومة ولم يسفر​
ذلك عن اي رد فعل."​
ومما يعكس شعور الحكومة السورية بأن التقاعس الدولي منحها رخصة​
للتحرك قال متحدث باسم إحدى جماعات المعارضة ان السلطات السورية​
احتجزت لفترة قصيرة ثلاثة اعضاء من جماعته المعتدلة التي تعمل​
بتصريح رسمي بعد عودتهم من بكين بوعد بدعم الصين لهم.​
وتشير تقديرات المرصد السوري لحقوق الانسان ومقره بريطانيا ان​
اكثر من 27 الف سوري قتلوا منذ مارس اذار العام الماضي . وقال​
المرصد ان 250 شخصا قتلوا يوم الخميس الماضي منهم 30 على الاقل في​
هجوم جوي على محطة للوقود. وأضاف ان 46 جنديا قتلوا في هجمات​
لمقاتلي المعارضة وخلال اشتباكات.​
وقال ناشط بالمعارضة عرف نفسه باسم يعقوب متحدثا من حي اليرموك​
بجنوب دمشق حيث يشكو السكان من القصف المتكرر "لا توجد استجابة من​
المجتمع الدولي. فقدنا الامل في ان يهب الناس لمساعدتنا."​
ولا يضمن الاستخدام المتزايد للقوة العسكرية لواحد من اكبر​
الجيوش في الشرق الاوسط تحقيق الانتصار للأسد (47 عاما) الذي فقد​
السيطرة على معابر حدودية مع تركيا والعراق ومناطق كبيرة في الشمال​
واجزاء في معظم المدن السورية.​
ولكن بعد اغتيال اربعة من كبار القادة الامنيين في 18 يوليو​
تموز استعاد الأسد السيطرة على معظم انحاء العاصمة ولا توجد​
امكانية تذكر في ان يتمكن مقاتلو المعارضة من الاطاحة به بفضل​
تفوقه العسكري الساحق لا سيما القوة الجوية.​
وأدى لجوء الأسد إلى الضربات الجوية في مناطق خارج نطاق سيطرته​
إلى حدوث موجات جديدة من اللاجئين ودفع تركيا إلى المطالبة مجددا​
باقامة "ملاذات آمنة" داخل سوريا وهي الفكرة التي سرعان ما تلاشت​
لعدم استعداد اي حكومة على ما يبدو لحماية هذه المناطق.​
ويمثل البعد الطائفي للانتفاضة التي تقودها الأغلبية السنية ضد​
الأسد المنتمي للاقلية العلوية الشيعية ووجود مقاتلين اسلاميين في​
صفوفهم مبعث قلق اخر للقوى الغربية.​
وقال فولكر بيرثيس مدير المعد الألماني للشؤون الدولية​
والامنية "لا أحد يريد المخاطرة بظهور افغانستان اخرى ويدعم​
المتمردين الذين يتحولون بعد ذلك إلى جهاديين" في اشارة إلى الدعم​
الغربي للمجاهدين الافغان الذين حاربوا المحتلين السوفيت في​
الثمانينات ثم انقلبوا بعد ذلك على الغرب.​
والقت ايضا ادلة على ارتكاب مقاتلي المعارضة السورية لاعمال​
وحشية بظلالها على الحديث الغربي عن المساعدات وقال بيرثيس "إذا​
قدمت دعما..حتى لو كان دعما لوجستيا وغير عسكري وانساني فانك لا​
تستطيع تجاهل الأمر اذا بدأت الحركة التي تدعمها في التصرف بنفس​
طريقة النظام الذي تحاول هي اسقاطه."​
وقال الامين العام للجامعة العربية نبيل العربي هذا الاسبوع ان​
الازمة السورية لا تزال تحتل مكانة بارزة على جدول الاعمال الدولي​
لكن الخلافات داخل الامم المتحدة تصيب القوى العالمية بالشلل.​
وقال العربي للصحفيين في القاهرة "لا ..لا أقول أن العالم فقد​
الاهتمام..العالم كله لا يعرف ماذا يفعل بالضبط وهذا مخز بالتأكيد​
لأن الناس يموتون كل يوم.".​
ومن جهتها تقاوم روسيا بدعم من الصين الجهود الرامية لاتخاذ اي​
اجراء في الامم المتحدة ضد الأسد. وتقول موسكو وبكين ان اي تحرك​
سيكون غطاء للتدخل الغربي في الشؤون السورية.​
وانحازت القوى الاقليمية إلى احد طرفي الصراع مما يعكس مواجهة​
اوسع نطاقا بين إيران الشيعية الداعم الرئيسي للأسد وزعماء دول​
عربية سنية وتركيا الذين يقدمون للمعارضة السورية مساعدات وبعض​
الاسلحة.​
ورغم كل الخسائر البشرية فإن نطاق الاضطرابات والعنف الطائفي​
الذي اعقب الاحتلال الأمريكي للعراق المجاور يجعل اي زعيم اوروبي​
أو أمريكي يفكر مليا قبل اي تدخل في سوريا.​
لكن بعض المنتقدين يقولون ان الوقوف موقف المتفرج يجب الا يكون​
خيارا للحكومات الغربية. وقال اندرو تابلر الخبير في الشؤون​
السورية في معهد واشنطن لسياسة الشرق الادنى "أسوأ شيء في هذه​
المرحلة هو عدم اتخاذ اي اجراء.. سيؤكد ذلك ان اسوأ كابوس نتوقعه​
يتحقق."​
وقال ان الاحجام الأمريكي عن مساعدة مقاتلي المعارضة في الوقت​
الذي بدأت تتخذ فيه الانتفاضة شكلا عسكريا منذ عدة اشهر حرم واشنطن​
من اي نفوذ على الجماعات المسلحة واصبحت غير قادرة على منع وصول​
الاسلحة إلى العناصر الاسلامية المتشددة.​
وأضاف ان ذلك قد يزيد من مخاطر تحول سوريا من دولة يسيطر عليها​
حلفاء إيران عدوة أمريكا إلى دولة يديرها اسلاميون مناهضون للغرب​
ولو ان ذلك لن يحدث إلا بعد قتال طويل الأمد.​
وقال تابلر "النظام لن يسقط بسهولة... سيكون شتاء دمويا​
للغاية."
 
أعلى