museumoflove
مطرود من ارض البيلسان
- إنضم
- Nov 14, 2008
- المشاركات
- 7,749
- مستوى التفاعل
- 75
- المطرح
- alex
اشتهر أهل دمشق بالوداعة واللطافة والرقة والدماثة، وتفوقت النساء علي الرجال في امتلاك هذه الصفات
بعد تنقيحها وصقلها.
واشتهر أهل دمشق بترحيبهم بالغريب إذا لم يكن غازياً، ومعاملته كأنه صديق قديم يعرفونه قبل عشرات
السنين، وقد التقيت مصادفة في القطار من أوكسفورد إلي لندن عجوزاً بريطانية محبة للأسفار، فحكت لي
عن زيارتها لدمشق، وكيف أنها استأجرت سيارة تاكسي لتطوف بها في شوارع دمشق والمناطق المحيطة
بها، وكان الصيف شديد الحرارة، وقد لاحظ السائق أن السائحة العجوز متضايقة من الحر، ولم تعد تحتمل
المزيد منه، فدعاها إلي بيته القريب حيث بادرت زوجته إلي قطف الليمون من شجرة منتصبة في حديقة
البيت، وعصرته وأضافت إليه السكر وقطعاً من الثلج، وأقسمت العجوز أنها طوال حياتها لم تتذوق ألّذ من
الشراب الذي قدم لها، واستغربت أن الجميع كانوا يعاملونها بود شديد علي الرغم من عدم وجود لغة
مشتركة فيما بينهم، وطلبت منها زوجة السائق بإلحاح البقاء للغداء ريثما ينتهي طهوها للطعام الذي تعده،
وقالت لي العجوز مدهوشة متعجبة إنها عندما تزور أقرب أقربائها يكتفون بأن يقدموا لها فنجان شاي،
وحسدت أهل دمشق علي هذه المقدرة العفوية الخارقة علي حب الآخرين من غير تصنع أو تكلف.
وعندما تحدثت الأخبار عن طرد القنصل الأمريكي من مطعم دمشقي اعتاد التردد إليه، فهي تعني أن اللطافة
الدمشقية العريقة قد واجهت ما أرغمها علي أن تتح ول فظاظة، ومن المدهش أن من طرد القنصل الأمريكي
لم يكن صاحب المطعم بل زوجته الفنانة التشكيلية التي قالت إن المطعم يرحب بالأمريكيين العاديين، ولكنها
لم تحتمل أن تري في المطعم أمريكياً ممثلاً للحكومة التي تدعم إسرائيل بالسلاح والمال، وتعادي
الفلسطينيين.
ومن المؤكد أن سلوك تلك المرأة السورية ليس مجرد سلوك شخصي خاضع للأهواء والنزوات، بل هو
سلوك معبر عن موقف شعب ويلخصه ببلاغة.
ولا بد من أن القنصل الأمريكي المطرود قد تنبه أول مرة إلي أن الدولار ليس مرحباً به في كل الأزمنة
والأمكنة، وينبغي له ألا يدهش لطرده، فالشعب الذي طرد الجيش الفرنسي المحتل ليس عسيراً علي نسائه
أن يطردن أمريكياً ساذجاً أراد العشاء في مطعم دمشقي من دون أن يطلب من قوات بلده مساندته عسكرياً
في البر والبحر والجو.
مـــــنــــقووووول
بعد تنقيحها وصقلها.
واشتهر أهل دمشق بترحيبهم بالغريب إذا لم يكن غازياً، ومعاملته كأنه صديق قديم يعرفونه قبل عشرات
السنين، وقد التقيت مصادفة في القطار من أوكسفورد إلي لندن عجوزاً بريطانية محبة للأسفار، فحكت لي
عن زيارتها لدمشق، وكيف أنها استأجرت سيارة تاكسي لتطوف بها في شوارع دمشق والمناطق المحيطة
بها، وكان الصيف شديد الحرارة، وقد لاحظ السائق أن السائحة العجوز متضايقة من الحر، ولم تعد تحتمل
المزيد منه، فدعاها إلي بيته القريب حيث بادرت زوجته إلي قطف الليمون من شجرة منتصبة في حديقة
البيت، وعصرته وأضافت إليه السكر وقطعاً من الثلج، وأقسمت العجوز أنها طوال حياتها لم تتذوق ألّذ من
الشراب الذي قدم لها، واستغربت أن الجميع كانوا يعاملونها بود شديد علي الرغم من عدم وجود لغة
مشتركة فيما بينهم، وطلبت منها زوجة السائق بإلحاح البقاء للغداء ريثما ينتهي طهوها للطعام الذي تعده،
وقالت لي العجوز مدهوشة متعجبة إنها عندما تزور أقرب أقربائها يكتفون بأن يقدموا لها فنجان شاي،
وحسدت أهل دمشق علي هذه المقدرة العفوية الخارقة علي حب الآخرين من غير تصنع أو تكلف.
وعندما تحدثت الأخبار عن طرد القنصل الأمريكي من مطعم دمشقي اعتاد التردد إليه، فهي تعني أن اللطافة
الدمشقية العريقة قد واجهت ما أرغمها علي أن تتح ول فظاظة، ومن المدهش أن من طرد القنصل الأمريكي
لم يكن صاحب المطعم بل زوجته الفنانة التشكيلية التي قالت إن المطعم يرحب بالأمريكيين العاديين، ولكنها
لم تحتمل أن تري في المطعم أمريكياً ممثلاً للحكومة التي تدعم إسرائيل بالسلاح والمال، وتعادي
الفلسطينيين.
ومن المؤكد أن سلوك تلك المرأة السورية ليس مجرد سلوك شخصي خاضع للأهواء والنزوات، بل هو
سلوك معبر عن موقف شعب ويلخصه ببلاغة.
ولا بد من أن القنصل الأمريكي المطرود قد تنبه أول مرة إلي أن الدولار ليس مرحباً به في كل الأزمنة
والأمكنة، وينبغي له ألا يدهش لطرده، فالشعب الذي طرد الجيش الفرنسي المحتل ليس عسيراً علي نسائه
أن يطردن أمريكياً ساذجاً أراد العشاء في مطعم دمشقي من دون أن يطلب من قوات بلده مساندته عسكرياً
في البر والبحر والجو.
مـــــنــــقووووول