الفيتو الأميركي على سوريا

{*B*A*T*M*A*N*}

مشرف

إنضم
Sep 21, 2011
المشاركات
23,222
مستوى التفاعل
80
المطرح
دمشق
قبل الحديث عن الاستثناء الأمريكي إزاء ثورة الشعب السوري ينبغي استذكار مقدمات ضرورية، حول الموقف الأمريكي العام من الربيع العربي، الذي قدحت تونس شرارته الأولى، ثم أضرمت مصر ناره المتوقدة!!


فالغربيون بعامة والأمريكيون بخاصة، كانوا يعيشون شهر عسل مديد، مع نظم القمع المستبدة بالشعوب العربية، التي كانت تنفذ إملاءات الغرب تنفيذًا مطلقًا، وتتنافس في خدمة مصالحه وحماية ربيبته دولة الغصب والظلم فوق أراضي فلسطين المحتلة. وكانت هذه النظم تستبيح حرمات مواطنيها، وتنهب خيرات أوطانها، بمباركة غربيَّة لا لبس فيها. لكن نجاح التونسيين في إزالة العميل بن علي، أيقظ الغرب من سباته، واضطره إلى مراجعة رهانه على كلاب حراسته الذين كان يتوهم أنهم في مأمن واستقرار لا يهدده شيء!! ولذلك بادر تجار الديمقراطية هؤلاء بمغازلة موجة التغيير الشعبية في مصر، لما استشعروا عجزهم عن وأدها!! ثم تحركوا بعد مماطلة في ليبيا، وبدرجة أبطأ في اليمن!! لكن الموقف الأمريكي من تمرد السوريين يظل استثناء مريبًا..!! فبشار الاسد ارتكب من الجرائم في حق شعبه ما لم يرتكب عُشْرَه مبارك وزين العابدين والقذافي وعلي صالح مجتمعين!! ومع ذلك تواصل واشنطن محاباته، بصورة شبه مكشوفة، وتتخفى وراء غباء الروس وهوس الصينيين؛ لمنع صدور قرار إدانة لا غير من مجلس الأمن الدولي!! وها هو عضو كونجرس أمريكي عن الحزب الديمقراطي -حزب الرئيس أوباما!!- يزور دمشق بعد 100 يوم من المجازر والفظائع، ومن المفارقات المثيرة للاهتمام أن جون ماكين كان في القاهرة في حين كان زميله يغازل نظام الأسد
وفي عاصمة مصر وصف رجل الكونجرس الشهير الأسد بأنه سفاح وجزار!! وفي دمشق جرى لقاء تشاوري لعشرات من المثقفين المعارضين للنظام من غير المنتمين لأحزاب المعارضة، فلقي الاجتماع انتقادًا شديدًا من قُوى المعارضة في الداخل والخارج، وقوبل بغضب شديد من تنسيقيات الثورة التي تعبِّر عن حراك الشارع الثائر، الذي يعترف له الجميع بأنه سبقهم في الحركة، كما في سقف مطالبه!! العم سام بدا كأنه يتلقى هدية ثمينة كان يحلم بها، فقد سارع إلى الترحيب بالخطوة ترحيبًا مبالغًا فيه، وليته وقف هنا!! وإنما تجاوز الثناء المفرط الممجوج إلى اعتباره علامة طيبة في سجل النظام الدموي الهمجي!! هذا مع علم سدنة البيت الأبيض أن هذه الخطوة الرمزية المتواضعة لم تكن مبادرة من نظام استمر في قتل شعبه واعتقل 1000 شخص آخرين عشية المؤتمر. ولا يصح لعاقل أن ينسى إقرار المؤتمرين أنفسهم أنهم لا يمثلون الشارع السوري ولا قوى المعارضة، وأنهم لا يمثلون أنفسهم!! فكيف أجاز دهاقنة الخارجية الأمريكية لأنفسهم أن يتعاملوا مع خطوة شديدة التواضع كأنه فتح الفتوح؟! وإذا كان هذا "الإنجاز" يستحق شيئًا من التقدير، فإن أهل الفضل فيه هم حشود السوريين الشجعان الذين يتصدون بصدورهم العارية للدبابات، وسائر صنوف القتل الوحشية، وبخاصة لهؤلاء الأبطال الذين قضوا نَحْبَهم في مظاهراتهم السلمية على أيدي رعاع النظام!! فهؤلاء البواسل خرقوا بدمائهم ثغرة في جدران بطش النظام، واضطروه إلى التغاضي عن تجمع رمزي كهذا، من دون أن يستغله للتسويق لأكذوبة إصلاحه المزعوم ولشق صفوف معارضيه، وتخفيف ضغوط المنظمات الحقوقية السورية والأجنبية، التي تقاتل وحيدة حتى بحَّ صوتها، في ظل قوى غربية تتظاهر بالصمم والعمى معًا. وهنا، ربما جاز لنا تصديق أنصار نظرية المؤامرة، الذين يقولون: إن الغرب الذي ما زال يرعى بقاء النظام الطائفي الهمجي المتسلط على سوريا، هو الذي أوحى لعملائه في دمشق بضرورة غض النظر عن لقاء شكلي لا يسمن ولا يغني من جوع؛ لكي يتولى الأمريكيون تضخيم الأمر وتصويره للرأي العام العالمي، كعلامة على قابلية النظام للإصلاح!! أليس أوباما يصر حتى الآن على تخيير بشار الأسد بين الإصلاح والتنحي؟! ومتى كان الذئب يصلح راعيًا؟! لكنها مخاريق الدجل الأمريكي الذي يمقت الشعب السوري؛ لأن ثورته تفردت بتعرية واشنطن وطهران ونصر الله
وعصابة الأربعين حرامي في دمشق!!! أفليس مدهشًا أن تلتقي على مؤازرة هذا النظام الرهيب واشنطن وتل أبيب وطهران؟!! وكيف يكون لهذا النظام أدنى صلة بأي إصلاح، ودباباته ما زالت تلاحق مواطنيه حتى الحدود بين سوريا وكل من تركيا ولبنان والأردن؟!
 
أعلى