الكلام في ماهية الحب

ربيــــــع

بيلساني سنة رابعة

إنضم
Jul 29, 2010
المشاركات
744
مستوى التفاعل
29
" الحب أعزك الله أوله هزلٌ و آخره جد. دقت معانيه عن أن توصف فلا تدرك حقيقتها إلا بالمعاناة و ليس بمنكر في الديانة و لا محظور في الشريعة،إذ القلوب بيد الله.و قد اختلف الناس في ماهيته و قالوا أنه اتصالٌ بين أجزاء النفوس المقسومة في هذه الخليقة في أصل عنصرها الرفيع .و قد علمنا أن سر التمازج و التباين في المخلوقات أنما هو الاتصال و الانفصال و الشكل دأباً يستدعي شكله و المثل إلى مثله ساكن، وللمجانسة عمل محسوس و تأثير مشاهد....و التنافر في الأضداد و الموافقة في الأنداد و النزاع فيما تشابه موجود فيما بيننا، فكيف بالنفس و عالُمها العالم الصافي الرفيع الخفيف، و جوهرها الجوهر الصعّاد المعتدل و أصلها المهيأ لقبول الاتفاق و الميل و التوق و لانحراف و الشهوة و النفار. كل ذلك معلوم بالفطرة في أحوال تصرف الإنسان فيسكن إليها، و الله عز و جل يقول" هو الذي خلقكم من نفسٍ واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها " فجعل علة السكون أنها منه..


و لو كان علَّة الحب حسن الصورة الجسدية لوجب ألا يستحسن الأنقصُ من الصورة و نحن نجد كثيراً ممن يؤثر الأدنى و يعلم فضل غيره، و لا يجد محيداً لقلبه عنه. و لو كان للموافقة في الأخلاق لما أحب المرء من لا يساعده و لا يوافقه. فعلمنا أنه شيءٌ في ذات النفس، و ربما كانت المحبة لسبب من الأسباب، و تلك تفنى بفناء سببها، فمن ودّك لأمر ولى مع انقضائه...


و في هذا أقول ..


ودادي لك الباقي على حسب كونه


تناهى فلم ينقص بشيءٍ و لم يزد


و ليست له غير الإرادة علة نفسه


و لا سبب حاشاه يعلمه أحد


أذا ما وجدنا الشيء علة نفسه


فذاك وجود ليس يفنى على الأبد


و إما وجدناه لشيء خلافه


فإعدامه في عُدمنا ماله وُجد




و مما يؤكد هذا القول أننا علمنا أن المحبة ضروب : فأفضلها محبة المتحابين في الله عز و جل، أما لاجتهاد في العمل، و إما لاتفاق في أصل النحلة و المذهب ، و إما لفضل علم بمنحه الإنسان. و محبة القرابة و محبة الألفة و الاشتراك في المطالب، ة محبة التصاحب و المعرفة، و محبة البر يضعه المرء عند أخيه، و محبة الطمع في جاه المحبوب، و محبة المتحابان لسر يجتمعان عليه يلزمهما ستره، و محبة بلوغ اللذة و قضاء الوطر، ة محبة العشق التي لا علة لها ألا ما ذكرنا من اتصال النفوس ...


و كل هذه الأجناس منقضية مع انقضاء عللها و زائدة بزيادتها و ناقة بنقصانها متأكدة بدنوها فاترة ببعدها حاشى محبة العشق الصحيح الممكن من النفس، فهي لا فناء لها إلا بالموت...


و من الدليل على أن كل متحابين ألا و بينهما مشاكلة ، و اتفاق الصفات الطبيعية، لا بد من هذا و إن قل، و كلما كثرت الأشباه زادت المجانسة ، و تأكدت المودة، فانظر هذا تراه عيانا، و قول رسول الله صلى الله عليه و سلم يؤكده:


" الأرواح جنودٌ مجندة ما تعارف منها ائتلف، و ما تناكر منها اختلف"


و الحب أعزك الله داءٌ عياء، و فيه الدواء منه على قدر المعاملة، و مقام مستلذ، و علة مشتهاة ، لا يود سليمها البرء، و لا يتمنى عليلها الإفاقة.


يزين للمرء ما كان يأنف منه، و يسهل عليه ما كان يصعب عنده، حتى يحيل الطبائع المركبة، و الجبلّة المخلوقة.


و أستلذ بلائي فيك يا أملي


و لست عندك مدى الأيام أنصرف


أن قيل لي تتسلى عن مودته


فما جوابي ألا الام و الألف





" عن كتاب طوق الحمامة للإمام ابن حزم الأندلسي"
 

دموع الورد

رئيس وزارء البيلسان

إنضم
Dec 19, 2009
المشاركات
13,384
مستوى التفاعل
139
المطرح
هنْآگ حيثّ تقيأت موُآجعيّ بألوُآنْ آلطيفّ..
رسايل :

يااارب انا في قمة ضعي وفي عز احتياجي اليك فكن معي

رائع جدا هالكلام

انتقاء مميز جدا

يسلموووووو وردة*

 

إلهام

بيلساني لواء

إنضم
Jul 20, 2010
المشاركات
4,850
مستوى التفاعل
97
المطرح
على مد البصر اتواجد
رسايل :

كان بعض مني ..... بعض من افكاري ...... بعض من حنيني ...... واصبح بعض من ذاكرتي المشوشة ....

كلام رائع
اختيار ذهبي المعنى والمضمون
بوركت
وردة*وردة*
 

ربيــــــع

بيلساني سنة رابعة

إنضم
Jul 29, 2010
المشاركات
744
مستوى التفاعل
29
أهلا و سهلا فيكي وردتنا ....نورتي
 
أعلى