المرأة بين الوضع الشرعي و"الشرع " الوضعي القسم الأول

عمر رزوق

بيلساني مجند

إنضم
Nov 12, 2008
المشاركات
1,395
مستوى التفاعل
45
المرأة بين الوضع الشرعي و"الشرع " الوضعي

القسم الأول



السؤال الكبير الذي يلحّ على منطقة الاستفهام ومساحات التفكير , تساؤل مفترق طرق يقف عندها إنسان ليقرر اختياره ويخطط مساره , هل ينتهج الأوامر الشرعية أم يحتكم للقوانين الوضعية ؟ ومن أقدر على استيعاب الإنسان توصيفا وتوظيفا , هذا أم تلك ؟ حيرة تقبض على معاصمنا ولا تكاد تفارقنا , إنها أسئلة تراودنا , والمرأة أكثر تعرضا لهذه التساؤلات ومن حيرتها أكثر تأرجحا , فلقد عانت المرأة من ويلات كثيرة , والتجاذبات التي أصابتها وفيرة , والمرأة اليوم كالمرأة بالأمس , هذا يطالبها بالهمود وذاك يطالبها بالجمود وآخر يُباهي بها , عفوا بصورتها وشكلها, القريب والبعيد , ودنيء يستغلها فيمنع القعود , وأفّاك يعدها بمستقبل أفضل من سالف العهود , وفحل يظلمها بتبرير نصوص ديننا المجيد , ومستفحل يغرقها بالروايات الموضوعة وكأنها من الدين ,ورجل ومسترجل وغيرهم فيكاد العدّ لا ينتهي .

إن فصل الخطاب , عندما نسمع منكِ الجواب , فالفصل فيك ولك , والحكم عليك لا يكون إلا منك , وما كتّاب الدراسات والمقالات إلا عارضون للأفكار , فاختاري بنفسك لنفسك ولراحتك براحتك , ولتعلمي معي أن الطريق في الحياة اختيار مستند وقائم على اختيار , فإن الله سبحانه اختارك للحياة , فاختاري نفسك بنفسك لما اختارك ربك له , حياة كريمة آمنة بها تَسعَدين ومنها تُسَرّين , ولكن قبل الاختيار يجب تحرير العقل والأفكار .

عقل يجب أن يتحرر .....

لقد منّ الله سبحانه علينا بنعمة العقل وأراده أساسا في بناء علاقتنا معه سبحانه ومع سِواه ومَن سَوّاه , ولكي يكون العقل منتجا , لا بد أن يكون حرّا . وما هي حرية العقل ؟ حرية العقل انعتاقه من العادات المعادية والعواطف الجامحة الضارة والأهواء الضاربة وأثقال كوّنتها الأوهام , وأساطير من نسج الخيال والخرافات , وتراني أجد نفسي مجبرا على التساؤل , حتمَ ستبقى عقولنا مقيدة بكبل أحكام الروايات والأساطير والمغلوط من الأفكار , والسلطة المرعبة , والشهوة الفاجرة , والنزوة الغادرة ؟ إلامَ سنبقى شكائين من ضعف التفكير , والإنتاج اليسير , وهزل العطاء , واللهاث خلف سراب وهواء , وفراغ لا يحوي إلا هباء ؟ لماذا نرفض الفعل وتكفينا ردّة الفعل , نفاخر بالشكليات ونهين المضامين , نقبل الصورة والشكل ونأبى الحقيقة ؟
قبل معالجة أي قضية , يجب التأكد من صحة وصلاحية وحرية وسيلة العلاج , العقل , " وفي أنفسهم أفلا ينظرون..." لنجرّي عقولنا وندرّبها من قبل سماع التذكير ولنحرر تفكيرنا من قبل تلقّي التكليف .

قواعد إسلامية , لا شرقية ولا غربية .....

خلق الله سبحانه الرجل والمرأة من أصل واحد , لا خلاف . قال تعالى : " يا أيها الناس اتقوا ربكم ألذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء " ( النساء 1 ) , وقل الرسول صلى الله عليه وسلّم : " إنما النساء شقائق الرجال " , فما فرّق في أصلهما مفرّق إلا دلل على قلة فهمه , ومن لم يكن عارفا موضوع الحكم , رُفض حكمه وفسد رأيه .

للمرأة شخصيتها المستقلة , فلا دمج ولا درج , المرأة كائن مستقل , والمرأة ندّا للجنس الآخر ورديفا , مثل حال الرجل بالنسبة لها , قال تعالى :" إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات " ( الأحزاب 35 ) . والواو عاطفة مغايرة بين المعطوف والمعطوف عليه وتعني استقلالية كلٍّ وكينونة متفرّدة لكلًّ . وقال تعالى : ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة "( النساء 124 ).
روى البخاري أن امرأة من ولد جعفر تخوّفت أن يزوجها وليّها وهي كارهة , فأرسلت إلى شيخين من الأنصار فقالا : لا تخشين , فإن خنساء بنت خدام أنكحها أبوها وهي كارهة , فردّ النبي ذلك , صلى الله عليه وسلم . وما التأكيد على الاستقلالية إلا ما ورد في الحديث الشريف , يقول فيه الراوي , لعن رسول الله (صلى الله عليه وسلم )المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء . أخرجه البخاري. فلا اندماج ولا اندراج ولا التحاق ولا تبعية عمياء ولا تقليد يلغي تفرّد الكينونة .
وهذه ميمونة بنت الحارث زوج النبي (صلى الله عليه وسلم ) تخبر النبي (صلى الله عليه وسلم ) أنها أعتقت وليدة ولم تستأذنه , فأقرها النبي (صلى الله عليه وسلم ) على هذا . أخرجه البخاري .

المرأة مشاركة فعالة ومساهمة كبيرة في الحياة الاجتماعية , فهي تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر داعية للخير ولصلاح المجتمع وهي الناقدة وهي المُصلحة وهي الوطنية ذات الغيرة , المرأة في الإسلام صانعة ثقافة وتقوم وترعى المنتديات الثقافية والأدبية , فيروي الأمام مسلم عن فاطمة بنت قيس قالت : قال لي رسول الله(صلى الله عليه وسلم ) : انتقلي إلى أم شريك , قالت : سأفعل , قال : لا تفعلي إن أم شريك كثيرة الضيفان يأتيها المهاجرون الأولون . عندما يأتي المهاجرون فإن في الساحة حوار وتدارس وتبادل الآراء ووجهات النظر . المرأة في المجتمع الإسلامي ناشطة عاملة , تتعلم المهنة وتمارسها , وللمرأة الحق في أن تزور وتزار وتدعو وتدعى وتهدي ويهدى إليها وتعود وتعاد ولا يمنعها أي مانع من ممارسة ومزاولة كافة النشاطات الاجتماعية , وهيهات أن تخلد لركود وهمود .

المرأة في الإسلام مثقفة متعلمة ومرشدة , فالتاريخ الإسلامي يزخر كعباب البحر بمثل تلكم النسوة اللواتي أثرين التاريخ الإسلامي وحركة العلوم في تاريخ الدولة الإسلامية والإنسانية جمعاء .

حق للمرأة المشاركة في النشاط والعمل السياسي , فإياكم ومنعها . من منظور إسلامي لم تكن المرأة بمعزل عن ميادين السياسة , وكيف يمكن لها أن تتجنب السياسة وهو شأن من شؤون الإسلام الملتزمة بتعاليمه وإرشاداته حين تقرأ قول الله سبحانه " يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا فبايعهن واستغفر لهن إن الله غفور رحيم " ( الممتحنة 12) إن البيعة والهجرة والجهاد من المصطلحات ذات العلاقة بالسياسة والحياة العامة , أو ما يطلق عليه اليوم بالقانون العام الشامل الدستوري والدولي .تقول الرُّبيِّع بنت معوّذ :" كنا نغزو مع الرسول (صلى الله عليه وسلم ) فنسقي القوم ونخدمهم , ونداوي الجرحى ونرد الجرحى والقتلى إلى المدينة " أخرجه البخاري . إن المرأة , من منظور إسلامي مسؤولة مسؤولية عامة ولا فرق بين طبيعة مسؤوليتها وبين الرجل , فإن رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) قال :" كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته "متفق عليه . فلا فرقق بين الذكر والأنثى في توجيه الخطاب , وأما الخلاف والاختلاف في مسؤولية الناس إنما يكون بالمساحة والموضوع .

أهلية المرأة كاملة , لا خلاف , ما كانت الأنوثة في الإسلام يوما سببا أو عارضا على الأهلية , فالمرأة كالرجل من حيث الحقوق والواجبات , ألا يكفي قول الله تعالى :" للرجال نصيب مما كسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن " (النساء32 ) , ومن مظاهر أهلية المرأة , إعطاء الإسلام للمرأة الحق والحرية باختيار زوجها , ويغنينا عن تتبع أمثلة الحقوق وجزئياتها المنبعثة من تمتع المرأة بالأهلية الكاملة ما امتلأت به كتب التاريخ والفقه والاجتماع بها .

لا شك أن الإسلام دعا وقرر المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات , وهذا لا يعني التطابق والتماثل وإنما القصد منه رعاية الكفاءات وتقديرها وإعطاؤها حقها بغض النظر عن مصدرها , فليس حق العالم مساويا لحق الجاهل , فإن حق العالم يرتكز على صفة كفائية أو اقتدارية معينة , أما القضية في أمر الرعاية , فإنها محسومة لصالح أصحاب الكفاءات في امتلاك مقومات ميدان ومجال هذه الرعاية . فللمرأة حق التصرف اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وذلك بحسب امتلاكها للكفاءة المطلوبة لكل مجال , كالرجل تماما . وللمرأة الولاية إذا امتلكت مقوماتها ولا يمكن حال من الأحوال أن تفقدها صفة الأنوثة أحقيتها بالولاية , والمقصود بالولاية هنا , الولاية بشكل عام وصار المراد منها الرئاسة , وإلا فماذا يعني الحديث الشريف :" إنما النساء شقائق الرجال ".




مهلا , لم أُنهي , يلي القسم الثاني .




عمر رزوق

أبوسنان
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:

خُـزآمىَ ..~

بيلساني قوي

إنضم
Mar 21, 2010
المشاركات
1,596
مستوى التفاعل
41
رسايل :

بِإنتظـــآر الربيـعَ...!

لا يوجد دين أعز المرأة وأكرمها في جميع شوؤنها أكثر من ديننا الإسلامي

عمر رزوق...تعجز الكلمات عن وصف كلماتك..
دمت ودآم قلمك
:24:
(أخي.... أود أن الفت أنتبهك الي ان الصلاة والسلام على الرسول بمجرد وضع حرف الصاد ذلك لاتجوزاتمنى ان تحرص عليها المرات القادمه )
 
أعلى