المسنّون وقدرتهم على صيام رمضان


إنضم
Jan 26, 2011
المشاركات
18,166
مستوى التفاعل
86
المطرح
الكويت
رسايل :

لو كنتُ يومًا سأسرق .. لسرقتُ أحزانك ..

المفهوم الشامل للمرض الذي يعنيه الأطباء في وقتنا الحالي ويسيرون على مبادئ هذا المفهوم يطول ضمن إطاره العام مرحلة الشيخوخة من العمر التي قد يصل كل مكلف بأداء فريضة الصيام الى مشارفها أو يخوض في أعماقها.
وفي عصرنا الحديث أصبح المسنون يشكلون شريحة واسعة في معظم المجتمعات البشرية وفي بلادنا الاسلامية كذلك.
فإن معدلات متوسط العمر قد طرأ عليها تقدم ملحوظ في السنوات الأخيرة.
الأمر الذي يجعلنا نشاهد في كثير من الأقطار الاسلامية مجموعة كبيرة من المسنين الذين لايزالون على قيد الحياة كما أن عدداً كبيراً لا يزال يحتفظ بقدرات عالية من الوعي الذهني لا يسقط عنهم التكليف بأداء فريضة الصيام.
الشيخوخة في إطارها العام حالة صحية تستدعي الاهتمام والرعاية لذلك كان من المهم مناقشة قدرتهم على صيام شهر رمضان وبحث التغيرات الفسيولوجية «الطبيعية والوظائفية» للصوم على أجسامهم وصحتهم.
علاقة الصيام بالشيخوخة
ونحن نبحث عن علاقة الصيام بالشيخوخة فإننا نركز على ما تتميز به الشيخوخة من الوجهة التكوينية والفسيولوجية من نقص مستمر في القوى العضوية بصورة عامة ومن فقدان متواصل لإمكاناتها الوظيفية على مستوى الأجهزة الجسمانية كافة.
وتنجم عنه بالتالي درجة عالية من الوهن العضوي والشامل الذي يؤدي كما هو طبيعي الى عدم تمكين هذه الأجهزة من أداء وظائفها بالكفاءة المطلوبة وبالسرعة الكافية كما هي الحال عادة في سنوات الشباب.
ولذلك كانت علاقة الشيخوخة بالصيام محال بحث واهتمام من الاطباء في كل أنحاء العالم.
فالأطباء يمنعون المسنين من القيام بأي جهد مهني أو فكري يفوق طاقاتهم العضوية نظراً لكونها أصبحت تعاني من تدن متزايد في مستوياتها العادية.
ويطلب الأطباء من المسنين التقيد بنظام معيشي وغذائي خاص يتماشى الى حد كبير مع قدراتهم الوظيفية المحددة في هذه الفترة المتقدمة من العمر.
يفرض الصيام على المسنين مواعيد محددة للافطار والسحور وهذا التقيد بمواعيد محددة للافطار والسحور في رمضان يتناقض مع ما يوصي به الاطباء المسنين في طريقة معيشتهم وطريقة الاطعام.
وقد يقبل معظم المسنين على الافطار بعد انتهاء الصيام بكثير من النهم والشراهة لتناول اكبر كمية ممكنة من الطعام والشراب خلال فترة قصيرة وذلك تحت ضغط مشاعر الحرمان والجوع والعطش وهذا لا يتناسب مع قدراتهم الوظيفية والجسمانية.
الشيخوخة والجهاز الهضمي
على صعيد الجهاز الهضمي بصورة خاصة فان اولئك الاشخاص الذين يتسنى لهم الوصول إلى مراحل متقدمة من العمر نجد ان اكثرهم يصابون بتلف واسع في الخلايا الغدية «glands» لاعضاء الجهاز الهضمي وهي التي تعمل من خلال تكوينها وطبيعتها الفسيولوجية على افراز مستمر لمجموعة من الخمائر «انزيمات» الهضمية.
وهذه الخمائر «الانزيمات» كما هو معروف عنها هي المسؤولة عن تحويل وهضم كل انواع الاطعمة المتناولة في الوجبات اليومية كما ان هذا التلف الحادث في خلايا الغدد يؤدي حسب ما قررته الابحاث العلمية والدراسات الطبية الى نقص واضح في قدرة المسنين على اتمام عملية الهضم الكافية لعدد من المواد الغذائية نتيجة لنقص هذه الخمائر الهضمية.
وفي الوقت نفسه، نجدهم مصابين بضعف عام في النسيج العضلي لمعظم اعضاء الجهاز الهضمي وهذا النسيج العضلي هو المسؤول عن عجن الاطعمة في داخل اجزاء الهضمي ثم القيام بدفعها تدريجيا لاستغلالها بصورة نهائية ثم امتصاص موادها الغذائية وطرح ما تبقى منها إلى الخارج كفضلات يومية.
لذلك ينتج عن هذا كله لدى هؤلاء المسنين اضطرابات هضمية متعددة قد تسبب عند البعض تبدلات وظيفية على درجة عالية من الحدة وبأعراض سوء التغذية في كل اعضاء الاجهزة البنيوية.
استشارة الاطباء قبل الصوم
على الطبيب اولا واجب تقييم امكانات المسنين الصحية وتحديد قدراتهم الوظيفية العضوية لاداء هذه الفريضة الكريمة طوال شهر رمضان.
كما ان عليه الاخذ بعين الاعتبار الاحتمالات الصحية كافة التي يمكن ان تنشأ عند هؤلاء المسنين خلال ادائهم فريضة الصيام وكذلك المضاعفات السيئة والخطيرة التي قد تحدث نتيجة التغير الحاصل في توقيت تناول الـــــــوجـــبــــات وفــــي مــقــــاديــــرهــــا فــــي رمــــضــــان.
ومن جهة اخرى، على الطبيب الا يهمل امكان حدوث التنشف النسيجي الذي قد يصاب به فريق من المسنين طوال ساعات الصيام وعلى الاخص اثناء الايام الحارة وما قد ينشأ من مضاعفات سيئة على معظم البنية الجسمانية وبشكل مباشر الجهاز الدوري والبولي.
ويجب ان يضع الطبيب نصب عينيه النقص الطبيعي الحاصل بصورة مستمرة للخمائر «الانزيمات» الـــــهــــضـــــــمـــيـــة عـــلــــى اخـــتــــلاف انــــواعــهـــا ومــصـــادرهـــا.
وكذلك القدرة على افرازها عند المسنين من قبل الخلايا الغدية المختصة وانعكاسات هذا النقص المتزايد على صعيد عملية الهضم برمتها.
وقد اظهرت الابحاث الكثيرة في هذا المجال ان هؤلاء المسنين لا يستطيعون اتمام عملية الهضم برمتها بصورة كافية وعلى الاخص عند تناول كمية وافرة من الاطعمة دفعة واحدة كما يحدث الامر عند الافطار عند كثير من الصائمين.
 
أعلى