الناجحون في الاختبار

سبارتاكوس

بيلساني سنة ثالثة

إنضم
Sep 8, 2008
المشاركات
661
مستوى التفاعل
6
المطرح
محل مافي بنت حلوة
الناجحون في الاختبار

دخل إلى غرفة الطبيب ثلاثة رجال وممرضة، فرحّب الطبيب بالرجال، ورجاهم الجلوس مشيرًا إلى المقاعد القريبة من الطاولة التي كان يجلس وراءها، وطلب إلى الممرضة أن تحضر لهم القهوة، فبادرت إلى الخروج من الغرفة بخطى مسرعة.
قال الطبيب للرجال الثلاثة: (أرجو ألاّ تَعُدُّوا هذه الجلسة جلسة طبيب مع مرضاه، بل عُدُّوها جلسة تسلية ومزيد من التعارف خاصة وأنّكم شفيتم وستغادرون المستشفى في وقت قريب بعد أن أنجز كتابة تقريري عن أحوالكم).
لم يتفوه المرضى الثلاثة بأي كلمة، فقال الطبيب لهم: (أنا محتار، ولا أعرف كيف أبدأ حديثي معكم لأنّي تعوّدت الأسئلة الطبية، وصرت أجهل الأحاديث العادية. سأسألكم: مَنْ مِنكم رأى بحرًا).
فظلّ المرضى الثلاثة صامتين واجمين. فقال الطبيب لأحدهم: (تكلّم يا أنور.. ألم تر في حياتك بحرًا).
فهزّ أنور رأسه هزة تعني أنّه رأى البحر، فسأله الطبيب: (ومتى رأيته).
قال أنور: (رأيته قبل ثلاثة أيام عندما عرض التلفزيون فيلمًا تدور حوادثه في باخرة بحجم بناية وتغرق).
قال الطبيب: (وكيف غرقت الباخرة).
قال أنور: (لا أدري، وغرقتُ من دون أن أعلم السبب).
قال الطبيب: (لو كنتَ تجيد السباحة لما غرقت).
قال أنور: (كنت أجيد السباحة، ولكنّ الماء المالح الذي دخل فمي كان أثقل مني وشدّني إلى قاع البحر).
فأشار الطبيب بيده إلى مريض آخر، وسأله: (وأنت يا أمجد .. ألم تر البحر).
فقال أمجَد: (أنا أيضًا كنت في هذه الباخرة التي غرقت، وكنت بحّارًا من بحّارتها).
قال الطبيب: (وهل غرقتَ كما غرق أنور).
قال أمجد: (قتلتُ قبل أن أغرق، وسقطت كتلة حديدية على رأسي وحطّمته).
قال الطبيب بأسف: (لا حول ولا قوة إلاّ بالله).
قال أمجد: (والباخرة لم تغرق مصادفة، بل أنا الذي ثقبها وأغرقها!).
قال الطبيب: (ولماذا أغرقتها).
قال أمجد: (ما هذا السؤال أغرقتُها لأنّ على سطحها كمية كبيرة من الناس الفاسدين).
قال الطبيب: (وبالطبع مات الأبرياء ومات المذنبون).
قال أمجد: (إذا كان قتل مليون بريء يؤدي إلى قتل مذنب واحد، فهو قتل مفيد، ويجب أن يتكرر كلّما سنحت الفرصة).
قال الطبيب: (ولكنّك كنت تقول كلامًا مختلفًا قبل أن تأتي إلى مستشفانا. أنسيتَه).
قال أمجد: (لم أنسه، وما زلت أتذكّره وأسخر من بلاهتي. كنتُ أقول إنّ قتل مليون مذنب لا يسوِّغ قتل بريء واحد).
فابتسم الطبيب، وقال للمريض الثالث: (وأنت يا سالم).
قال سالم: (أنا الوحيد الذي يستحق أن يسأل عن البحر، لأنّي ولدتُ في بيت قريب من البحر، وتعوّدت كلّ يوم أن أمشي فوقه اختصارًا للمسافة بين البيت والمدرسة).
قال الطبيب: (أكنت تمشي على وجه البحر).
قال سالم: (أحيانًا كنت أمشي على قدمي، وأحيانًا كنت أمرّ فوقه راكبًا دراجتي).
في تلك اللحظة، عادت الممرضة إلى الغرفة حاملة صينية عليها ثلاثة فناجين من القهوة، وأعطت كلّ رجل من الرجال الثلاثة فنجانه، فراح الثلاثة يحتسون قهوتهم على مهل غير مبالين بالطبيب الذي كان يحملق إليهم بدهشة ممتزجة بكثير من الغبطة والفخر

 
أعلى