النار

§ أبو المر §

بيلساني فعال

إنضم
Jun 28, 2008
المشاركات
110
مستوى التفاعل
87
المطرح
مع احلى قمر بلبلد
النار

حكى أصحاب التواريخ في حدوث النار أن آدم عليه السلام لما هبط إلى الأرض وحج، ونزل جبل أبي قبيس. فأنزل الله إليه مرختين من السماء، فحك إحداهما بالأخرى فأوريا نارا، فلهذا سمي الجبل بأبي قبيس.
ويدل على أن النار من الشجر، وقوله عز وجل: "الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون". والعرب تقول: في كل شجر نار، واستمجد المرخ والعفار. لأنهما أسرع اقتداحا.
قال الله عز وجل: "أفرأيتم النار التي توقدون أأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشئون".
وقال أصحاب الكلام في الطبائع: إن الله عز وجل جمع من النار الحركة، والحرارة، واليبوسة، واللطافة، والنور. وهي تفعل بكل صورة من هذه الصور خلاف ما تفعل بالأخرى.
فبالحركة تعلي الأجسام؛ وبالحرارة تسخن؛ وباليبوسة تجفف؛ وباللطافة تنفذ؛ وبالنور تضيء ما حولها. ومنفعة النار تختص بالإنسان دون سائر الحيوان. فلا يحتاج إليها شيء سواه، وليس به عنها غني في حال من الأحوال.
ولهذا عظمتها المجوس، وقالوا: إذ أفردتنا بنفعها، فنفردها بتعظيمها. على أنهم يعظمون جميع ما فيه منعة على العباد، فلا يدفنون موتاهم في الأرض، ولا يستنجون في الأنهار.

أسماء النار

أما أسماؤها، فمنها: النار، والصلاء، والسكن، والضرمة، والحرق، والحمدة "وهو صوت التهابها"، والحدمة،والجحيم، والسعير، والوحى.


أحوالها ومعالجتها وترتيبها
إذا لم يخرج النار عن القدح، قيل: كبا يكبو.
فإذا صوت ولم يخرج، قيل: صلد يصد.
فإذا أخرج النار، قيل: ورى يرى.
فإذا ألقى الإنسان عليها ما يحفظها ويذكيها، تقول: شيعتها وأثقبتها.
فإذا عالجها لتلهب، قال: حضأتها وأرثتها.
فإذا جعل لها مذهباً تحت القدر، قال: سخوتها.
فإذا زاد في إيقادها وإشعالها، قال: أحجبتها.
فإذا اشتد تأججها، فهي جاحمة.
فإذا طفئت البتة، فهي هامدة.
فإذا صارت رماداً، فهي هابية.
والله تعالى أعلم.

عباد النار
"وسبب عبادتها وبيوت النيران"
أول من عبد النار قابيل بن آدم. وذلك أنه لما قتل أخاه هابيل هرب من أبيه إلى اليمن، فجاءه إبليس لعنه الله، وقال له: إنما قبل قربان هابيل وأكلته النار لأنه كان يخدمها ويعبدها. فانصب أنت أيضا نارا تكون لك ولعقبك، فبنى بيت نار. فهو أول من نصب النار وعبدها.
وأول من عظمها من ملوك الفرس، جم. وهو أحد ملوك الفرس الأول، عظمه ودعا الناس إلى تعظيمها، وقال: إنها تشبه ضوء الشمس والكواكب، لأن النور عنده أفضل من الظلمة.
ثم عبدت النار بالعراق، وأرض فارس، وكرمان، وسجستان،وخراسان، وطبرستان، والجبال، وأذربيجان، وأران، وفي بلاد الهند، والسند، والصين.
وبنى في جميع هذه الأماكن بيوت للنيران ثم انقطعت عبادة النيران من أكثر هذه الأماكن إلا الهند. فإنهم يعبدونها إلى يومنا هذا. وهم طائفة تدعى الإكنواطرية.
زعموا أن النار أعظم العناصرجرما، وأوسعها حيزا، وأعلاها مكانا، وأشرفها جوهرا، وأنورها ضياء وإشراقا، وألطفها جسما وكيانا، وأن الاحتياج إليها أكثر من الاحتياج إلى سائر الطبائع؛ ولا نور في العالم إلا بها، ولا نمو ولا انعقاد إلا بممازجتها.
وعبادتهم لها أن يحفروا أخدودا مربعا في الأرض ويحشوا النار فيه، وثم لا يدعون طعاماً لذيذاً، ولا شراباً لطيفاً، ولا ثوباً فاخراً، ولا عطراً فائحاً، ولا جوهراً نفيساً، إلا طرحوه فيها: تقرباً إليها، وتبركاً بها، وحرموا إلقاء النفوس فيها، وإحراق الأبدان بها، خلافاً لجماعة أخرى من زهاد الهند.
وعلى هذا المذهب أكثر ملوك الهند وعظمائها. يعظمون النار لجوهرها تعظيماً بالغاً، ويقدمونها على الموجودات كلها. ومنهم زهاد وعباد يجلسون حول النار صاغين، يسدون منافسهم حتى لا يصل إليها أنفاسهم نفس صدر عن صدر مجرم. وسنتهم الحث على الأخلاق الحسنة، والمنع من أضدادها، وهي الكذب، والحسد، والحقد، والكفاح، والحرص، والبغي، والبطر. فإذا تجرد الإنسان عنها، تقرب من النار.

وأما بيوت النيران، ومن رسمها من ملوك الفرس
أول ما حكى ذلك عنه أفريدون الملك. وذلك أنه وجد نارا يعظمها أهلها، و"هم" معتكفون على عبادتها. "فسألهم عن خبرها ووجه الحكمة منهم في عبادتها. فأخبروه بأشياء اجتذبت نفسه إلى عبادتها" وأنها واسطة بين الله تعالى وبين خلقه، وأنها من جنس الآلهة النورية، وأشياء ذكروها له. وجعلوا للنور مراتب وقوانين "وفرقوا بين طبع النار والنور" وزعموا أن الحيوان يجتذبه النور، فيحرق نفسه : كالفراش الطائر بالليل فما لطف جسمه، ويطرح نفسه في السراج فيحرقها. وغير ذلك مما يقع في صيد الليل من الغزلان، والوحش، والطير، وكظهور الحيتان في الماء إذا قربت من السراج في الزوارق كما يصاد السمك ببلاد البصرة في الليل، فإنهم يجعلون السرج حوالي المركب، فيثب السمك من الماء إليها؛ وان النور صلاح هذا العالم، وشرف النار على الظلمة إلى غير ذلك. فلما أخبروا أفريدون بذلك أمر أن تحمل جمرة منها إلى خراسان، فحملت.
فاتخذ لها بيتا بطوس. "واتخذ بيتا آخر بمدينة بخارا يقال له برد سورة".
وبيتا آخر بسجستان كواكر، كان اتخذه بهمن بن إسفنديار بن يستاسف بن يهراسف.
وبيت آخر ببلاد الشير والران، كانت فيه أصنام أخرجها منه أنوشروان، وقيل إنه صادف هذا البيت، وفيه نار معظمة فنقلها إلى الموضع المعروف بالبركة.
وبيت آخر للنار يقال له كوسجة: بناه كيخسرو الملك. وقد كان بقومس بيت نار معظم لا يدرى من بناه، ويقال له حريش. ويقال أن الإسكندرلما غلب عليها. تركها ولم يطفئها.
وبيت نار آخر يسمى كنكدز، بناه سياوش بن كاوس الجبار، وذلك في زمن لبثه بشرق الصين مما يلي البركة.
وبيت نار بمدينة أرجان من ارض فارس، بناه قمار. وبيت بأرض فارس أتخذ في أيام يهراسف.
فهذه البيوت كانت زرادشت بعد ذلك بيوتا للنيران. فكان مما اتخذ بيت بمدينة نيسابور من بلاد خراسان، وبيت بمدينة نسا والبيضاء من أرض فارس.
وقد كان زرادشت أمر يستاسف الملك بطلب نار كان يعظمها جم فطلبت، فوجدت بمدينة خوارزم. فنقلها يستاسف الملك إلى مدينة دار بجرد من أرض فارس
والمجوس تعظم هذه النار مالا تعظم غيرها من النيران والبيوت وللفرس بيت نار بإصطخر فارس، يعظمه المجوس. كان في قديم الزمان للأصنام، فأخرجتها جمان بنت بهمن بن اسبنديار وجعلته بيت نار. ثم نقلت عنه النار فجرب وفي مدينة سابور من أرض فارس بيت معظم عندهم اتخذه دارا بن دارا. وفي مدينة جور من أرض فارس بيت بناه أردشير بن بابك وقد كان أردشير بني بيت نار
يقال له بارنوا في اليوم الثاني من غلبته على فارس. وبيت نار على خليج القسطنطينية من بلاد الروم بناه سابور الجنود ابن أردشير بن بابك حين نزل على هذا الخليج وحاصر القسطنطينية. ولم يزل هذا البيت إلى خلافة المهدي.
وكان سابور اشترط على الروم بقاء هذا البيت وبأرض العراق بين نار بالقرب من مدينة السلام. بنته بوران بنت كسرى ابرويز، الملكة، بالموضع المعروف بأسنيبا. وبيوت النيران كثيرة تعظمها المجوس. والذي ذكرناه هو المشهور منها.

نيران العرب
ونيران العرب أربعة عشر نارا.
نار المزدلفة : توقد حتى يراها من دفع من عرفة. وأول من أوقدها قصي بن كلاب.
نار الاستسقاء: كانت الجاهلية الأولى ، إذا تتابعت عليهم الأزمات، واشتد الجدب، واحتاجوا إلى الأمطار. يجمعون لها بقراً، في أذنابها وعراقيبها السلع والعشر، ويصعدون بها إلى جبل وعر، ويشعلون فيها النار، ويضجون بالدعاء والتضرع. وكانوا يرون ذلك من الأسباب المتوصل بها إلى نزول الغيث.
نار الزائر والمسافر: ويسمونها نار الطرد. وذلك أنهم كانوا إذا لم يحبوا رجوع شخص، أوقدوا خلفه نارا ودعوا عليه. ويقولون في الدعاء. أبعد الله وأسحقه! وأوقدوا نار إثره.
نار التحاليف : كانوا لا يعقدون حلفهم إلا عليها، فيذكرون منافعها، ويدعون الله بالحرمان والمنع من منافعها على الذي ينقض العهد، ويطرحون فيها الكبريت والملح. فإذ فرقعت هول على الحالف.
نار الغدر : كانت العرب إذا غدر الرحل بجاره، أوقدوا له نارا بمنى، أيام الحج على الأخشب "وهو الجبل المطل على منى". ثم صاحوا: هذه غدرة فلان.
نار السلامة : وهي نار توقد للقادم من سفره، إذا قدم بالسلامة والغنيمة.
نار الحرب : وتسمى نار الأهبة والإنذار. توقد على يفاعٍ، فتكون إعلاما لمن بعد.
نار الصيد : يوقدونها لصيد الظباء، لتعشى أبصارها.
نار الأسد : كانت العرب توقدها إذا خافوه؛ فإن الأسد إذا عاين النار حدق إليها وتأملها.
نار السليم : توقد للملدوغ، والمجروح، ومن عضه الكلب حتى لا يناموا فيشتد بهم الألم.
نار الفداء : وذلك أن ملوكهم كانوا إذا سبوا قبيلة وخرجت إليهم السادات في الفداء وفي الاستهياب، كرهوا أن يعرضوا النساء نهارا فيفتضحن. وأما في الظلمة فيخفى قدر ما يحسبون من الصفي لأنفسهم، وقدر ما يجودون به، وما يأخذون عليه الفداء. فيوقدون لذلك النار.
نار الوسم: كانوا يقولون للرجل: ما نارك؟ "في الاستخبار عن الإبل" أو ما سمتك؟
"فيقول": حياط، أو علاط، أو حلقة، أو كذا، أوكذا. حكي أن بعض اللصوص قرب إبلا كان قد أغار عليها وسلبها من قبائل شتى إلى بعض الأسواق، فقال له بعض: ما نراك؟ وإنما سأله عن ذلك، لأنهم كانوا يعرفون ميسم كل قوم وكرم إبلهم من لؤمها.
نار القرى: وهي من أعظم مفاخر العرب. كانوا يوقدونها في ليالي الشتاء، ويرفعونها لمن يلتمس القرى. فكلما كانت أضخم وموضعها أرفع، كان أفخر، وهم يتمادحون بها.
نار الحرتين: وكانت نار عظمى للعرب وهي التي أطفأها الله تعالى بخالد بن سنان العبسي.
وكانت حرة ببلاد عبس، وتسمى حرة الحدثان.
النيران المجازية
ومن النيران، نيران مجازية لا حقيقة. فمنها:
نار البرق.
نار المعدة.
ونار الغريزة.
نار الحمى.
وقد قيل: النيران ثلاثة:
نار لا تأكل ولا تشرب، وهي نار الآخرة
ونار تأكل وتشرب، وهي نار الحمى،تأكل اللحم وتشرب الدم
ونار تأكل ولا تشرب، وهي نار الدنيا.
ومن النيران المجازية:
نار الشوق، نار الشره، نار الشباب، نار الشراب.
نيران يضرب المثل بها
يضرب المثل:
بنار الحباحب. وهي نار لبخيل كان يوقدها.
نار الغضى، يضرب بها المثل في الحرارة. وهي جمر أبيض لا يصلح إلا للوقود.
نار العرفج. وهي نار تتقد سريعاً.
نار الحلفاء. يضرب بها المثل في سرعة الاتقاد،

وفي النهاية نسأل الله أن يجيرنا من نار جهنم
! آمين !
 

إنضم
Oct 3, 2008
المشاركات
6,719
مستوى التفاعل
69
المطرح
دمشق باب توما
يعطيك ألف عافية عل الموضوع المميز
 
أعلى