النـارنـج..زهرة الشام .. التي عطرت بيوت دمشق العتيقة

نبيل 73

بيلساني شهم

إنضم
Aug 20, 2009
المشاركات
212
مستوى التفاعل
6
المطرح
اللاذقية بضيعة اسما الهنادي
هل تعرفون معنى أن يسكن الإنسان في قارورة عطر؟.

بيتنا كان تلك القارورة.. إنني لا أحاول رشوتكم بتشبيه بليغ ولكن ثقوا أنني بهذا التشبيه لا أظلم قارورة العطر وإنما أظلم دارنا..‏



nar1.jpg


فشجرة النارنج تحتضن ثمارها والدالية حامل والياسمينة ولدت ألف قمر أبيض وعلقتهم على قضبان النوافذ.. والورد البلدي سجاد أحمر ممدود والليلكة تمشط شعرها البنفسجي وألوف النباتات الدمشقية لاتزال تتسلق على أصابعي كلما أردت أن أكتب.‏

نزار قباني‏

من أصابع نزارالتي عرشت عليها أزهار النارنج والياسمين ومن باحات البيوت الدمشقية القديمة ومن بين أسوار الأبنية الحديثة تطل أشجار النارنج بأزهارها البيضاء تنتظر أن يرخي الليل سدوله على الأجفان المتعبة من صخب المدينة وتفتح النوافذ المغلقة التي أرهقها برد الشتاء ليفوح شذا عبيرها فيمتزج بنسمات ليالي دمشق الربيعية فيريح الأنفاس المتثاقلة وينعشها.‏

ومن دمشق إلى الساحل السوري، الذي تملأ جنباته أشجار النارنج إلى جانب بساتين الحمضيات.‏



nar2.jpg
النارنج أو «البرتقال المر»‏

يؤكد المؤرخون أن موطنه الأصلي هوالصين، انتقل منها إلى بقية البلدان في آسيا ثم إفريقيا وأدخله العرب الأمويون إلى إسبانيا فيما نقله الصينيون إلى فرنسا وإيطاليا.‏

ترمز شجرة النارنج عند الصينيين إلى الوحدة والكمال وأوراقها الصغيرة ترمز إلى الثروة فيما ترمز ثمارها إلى الوحدة وجلب النارنج عند زيارة أسرة ما أو أصدقاء خلال احتفالات السنة الصينية الجديدة التي تمتد لأسبوعين هو شيء أساسي وتقليد اجتماعي مهم.‏

ويقول المؤرخ المقريزي: إن أقباط مصر كانوا يخرجون من الكنيسة في عيدي الغطاس والميلاد بمظاهر احتفالية مميزة ويتجهون إلى ضفاف النيل حيث كان المسلمون يقومون بمشاركتهم احتفالاتهم حتى ساعات الفجرالأولى وبهذه المناسبات كان الخلفاء آنذاك يقومون بتوزيع النارنج وسمك البوري للتعبيرعن احتفائهم بهذه المناسبات.‏

أما في مسجد قرطبة الكبير باسبانيا فإن أشجار النارنج تزين صحن المسجد الذي يعتبر تحفة فنية فريدة فهو محاط بسور تتخلله سبعة أبواب‏



nar3.jpg
وقد أخذ اسمه من النارنج وأصبح يعرف «الصحن النارنج» ويقول المؤرخون إن المصلين كانوا يسارعون للتمركز في صحن المسجد أثناء الصلاة لتنسم عبق النارنج الذي كان يملأ المكان بعطره الأخاذ.‏

ولكن للنارنج قصة مختلفة وحب أزلي ازدادت أواصره قوة مع مرور الزمن مع أقدم عاصمة مأهولة ارتبط اسمها دائماً بالأزهار والرياحين إنها دمشق التي كان النارنج يحتل مكاناً مهماً وموقعاً مميزاً في صحن بيوتاتها القديمة فكانت السهرات و ليالي السمر لاتحلو إلا بتنسم عبير أزهار وجلسات القهوة. والشاي لاتكتمل إلا بظل شجيراتها.. حتى ارتبط النارنج كغيره من الياسمين والوردة الشامية باسم دمشق عبر التاريخ.‏

nar4.jpg
سيرتها الذاتية‏

شجيرة النارنج هي شجيرة معمرة دائمة الخضرة يصل ارتفاعها إلى عشرة أمتار، أوراقها جلدية غامقة اللون وأزهارها بيضاء ذات رائحة عطرية لطيفة وفواحة منعشة،‏



أما ثمارها فهي كبيرة كروية الشكل لونها برتقالي محمر، خشنة الملمس وطعمها حامض تختلف عن البرتقال بشدة مرارة قشرتها لذلك تسمى «بالبرتقال المر» وشجرتها تزرع بين أشجار البرتقال وفي حدائق المنازل الخاصة ورائحة أزهارها أشد وأقوى من رائحة زهر البرتقال لذا يطبخ زهرها ويقطر والنارنج يعرف علمياً باسم Citrus Aurantium» من الفصيلة السذابية.‏

nar5.jpg
المحتويات الكيميائية لثمار النارنج وأزهاره‏

تقول المصادر الطبية إن قشور ثمار النارنج تحتوي على زيت طيار والهسيبرين والأيسوهيبرين وتستخدم هذه المركبات في علاج حالات شلل الأطفال والحمى الرماتيزيمية والإجهاض، كما يحصل منها أيضاً على البكتين المستعمل في صناعة الأدوية ومساحيق التجميل بينماتحوي الثمار غير الناضجة على مركب يسمى سيزانتين والذي له تأثير مضاد للحمل إضافة لحمض الليمونيك، فيما تحوي البذور على نوع من الزيوت يدخل في صناعة الصابون، أما الأزهار فهي ذات أهمية اقتصادية مميزة، إذ يعد زهر النارنج المصدر الرئيسي لزيت «النيرولي» الذي يتراوح سعر الكيلو غرام الواحد منه مابين (3500-4500) دولار في الأسواق العالمية والمستخدم في صناعة أجود أنواع العطور في العالم إضافة لفوائد طبية.‏



ولانغفل أيضاً أن أزهار النارنج هي المصدر الرئيسي لإنتاج، «روح ماء الزهر» الذي تتجلى فوائده في تهدئة الأعصاب، حيث إنه يدخل في تركيب العديد من الأدوية التي تقدم النشاط والصحة لمرضى القلب والشرايين ومرضى الجهاز العصبي كما أن هذا المنتج يمد الجسم بالفيتامينات والأملاح إذا ما استخدم مع الخضار والسلطات إضافة لفوائده التجميلية في ترطيب الوجه والعينين.‏

فوائد طبية لاحصر لها انطلاقاً من تخفيف الصداع ومجابهة البكتريا بتقوية جهاز المناعة لدى الإنسان مروراً بتهدئة سرعة القلب والحث على النوم مروراً بتلطيف انفعالات الجهاز العصبي ومقاومته السموم القاتلة هي غيض من فيض استعمالات وفوائد النارنج.‏

nar6.jpg




حركة اقتصادية واجتماعية وثقافية‏



تعد شجرة النارنج التي يعود تاريخ أول وحدة تقطير الأزهار إلى أوائل القرن التاسع عشر ذات بعد ثقافي اجتماعي واقتصادي مهم في مدينة نابل التونسية فمع استقرار حالة وتواصل الأيام المشرقة للربيع تتحول مدينة نابل إلى ورشة مترامية الأطراف انطلاقاً من الحدائق ووصولاً إلى الشوارع التي تزدان بأشكال متنوعة لتقنيات جمع أزهار النارنج التي ما إن تنضج ويكتحل زهرها حتى تسارع العائلات النابلية بقطفها وتجميعها قبل أن تتفتح وتفقد قيمتها، وخاصة أن موسم الأزهار لايتواصل إلا لفترة تتراوح بين ثلاثة وأربعة أسابيع، إذ يعد الزهر المصدر الرئيسي لزيت النيرولي الذي يتم تصديره إلى الأسواق الخارجية ولاسيما إلى مدينة «غراس الفرنسية ليتم استعماله في تركيب أرقى وأفخر أنواع العطور العالمية و يوفر هذا القطاع عائدات سنوية لسكان المدينة تصل إلى خمسة ملايين دولار، حيث يعطي كل طن من زهر النارنج (1كغ) من زيت النيرولي الذي يتراوح سعره بين 4-5 آلاف دولار ويوجد في مدينة نابل حوالي 108 آلاف شجرة نارنج على مساحة390 هكتاراً.‏

ناهيك عن إنتاج مئات اليترات من روح ماء الزهر ذي الاستخدامات المتعددة.‏

وبالرغم من التقصير الواضح الذي طال أشجار النارنج كغيرها من النباتات الدمشقية إلا أننا لحظنا مؤخراً اهتماماً واضحاً من الجهات المعنية بمحاولة إعادة هذه الشجرة إلى سابق ألقها، فقد قامت محافظة دمشق مؤخراً بإطلاق حملة المليون شجرة لإعادة الاهتمام بزراعة عدد من النباتات والأشجار في شوارع وحدائق المدينة وعلى رأسها الياسمين والنارنج والوردة الشامية.‏

«زهرة الشام» الاسم الذي يطلقه مصنعو العطور في دمشق على العطر المستخلص من أزهار النارنج ولكن للأسف وحسب هؤلاء المصنعين فإن الزيت الذي تركب منه عطور أزهار النارنج يستورد من خارج سورية، وكم تحدونا الأمنيات أن ينتج عطر «زهرة الشام» من داخل الوطن حتى تزداد رائحته عبقاً وروعة بامتزاجها بمحبة وألفة الأرض والإنسان.‏

النـــارنج .. والشـــــعر‏

لقد عرف العرب النارنج منذ القدم فتغنى بوصفه شعراؤهم، منهم السري الرفاء القائل في وصف نارنجة:‏

حلت عقال نسيمها وتوشحت‏

بالأرجوان وشددت أزرارها‏

فكأنها في الكف وجنة عاشق‏

عبث الحياء بها فأضرم نارها‏

ما أحسب النارنج إلا فتنة‏

هتك الزمان لناظر أستارها‏

عشقت في سنه العيون فلو رنت‏

أبداً إليه ماقضت أوطارها‏

فيما وصف الحكم بن أبي الصلت النارنج بكثير من الإعجاب والحب:‏

وحبذا قضب النارنج مثمرة‏

بين الزبرجد من أوراقها ذهبا‏

وحبذا الورق فوق القضب ساجعة‏

والماء في خلل الأشجار منسربا‏

صفا ورقَّ فكاد الجو يشبهه‏

لو أن جوا جرى في الروض وانسكبا‏

حتى لو جهلت للبعد عاصرها‏

وأنسيت لتراخي عهدها العنبا‏

ولم تكد تخلو أشعار نزار قباني تلك التي تصف دمشق وحاراتها من وصف للنارنج وتغزل بجماله كامرأة فاتنة:‏

النارنج بيتي وبيت أبي وبيدرنا‏

وشجيرة النارنج تحتضنني‏

تاهت بعينها وماعلمت‏

أني عبدت بعينها وطني‏


:8:


:8:

:8:
 

إنضم
Oct 3, 2008
المشاركات
6,719
مستوى التفاعل
69
المطرح
دمشق باب توما
النارنج زهرة رائعة جدا يعطيكي الف عافية
 

نبيل 73

بيلساني شهم

إنضم
Aug 20, 2009
المشاركات
212
مستوى التفاعل
6
المطرح
اللاذقية بضيعة اسما الهنادي
ولسا ماشفت شي يعطيك العافية اخي العزيز حسام :24: :24: :24:
 

المرفقات

  • هنادي 5.jpg
    هنادي 5.jpg
    14.2 KB · المشاهدات: 0

روح الشام

رئيس وزارء البيلسان

إنضم
Dec 4, 2008
المشاركات
13,083
مستوى التفاعل
93
المطرح
iN FaNtAsTiC wOrLd
بس ريحتو مو حلوة :80:

ثانكس
 
أعلى