"اليوم السابع" تكشف أسرار دولة التعذيب داخل "أمن الدولة".. ضابطان بالجهاز احتجزا شقيقين وعذباهما قبل الثورة.. و"الداخلية" نقل

{*B*A*T*M*A*N*}

مشرف

إنضم
Sep 21, 2011
المشاركات
23,222
مستوى التفاعل
80
المطرح
دمشق
"اليوم السابع" تكشف أسرار دولة التعذيب داخل "أمن الدولة".. ضابطان بالجهاز احتجزا شقيقين وعذباهما قبل الثورة.. و"الداخلية" نقل

لم يدفع عدد من ضباط جهاز أمن الدولة المنحل فاتورة ما ارتكبوه من جرائم فى حق الإنسانية بل إن بعضهم ما زال يتمتع بكامل صلاحياته وسلطاته فى ذات الجهاز المسمى "الأمن الوطنى" بعد ثورة يناير التى كان أحد أبرز أسباب اندلاعها ممارسات بعض رجال الشرطة.

من بين هؤلاء ضابط اسمه الحركى "أحمد حازم" عذب قبل الثورة شقيقين ملتحيين أحدهما يعمل مهندسا بالمطار والثانى محاسب، دون حق أثناء عمله بجهاز أمن الدولة.

وعلمت "اليوم السابع" أن عدم إبعاده من جهاز الأمن الوطنى راجع لكونه ابن لواء سابق بـ"أمن الدولة" بدليل نقل زميله المتهم معه فى ذات القضية واسمه الحركى "سيف جلال" إلى إدارة المطافئ.

أما الدليل الأكبر فى مجاملة هذا الضابط كان بتقاعس جهاز الأمن الوطنى فى تقديمه وشريكه- المنقول إلى المطافئ- إلى المحاكمة من خلال تضليل النيابة العامة، عندما أرسل إليها إفادتين معنونتين بـ"سرى للغاية"، يحويان معلومات متناقضة، حيث أكد فى الأولى إن الشقيقين اعتقلا بناء على قرار صادر من وزير الداخلية، وأكد فى الثانية عدم اعتقالهما.

المستندات التى حصلت عليها "اليوم السابع" تؤكد أن مأساة الشقيقين بدأت فى فبراير 2010، عندما كان "أ.ف" المهندس بالمطار متجها من المسجد إلى منزله بمصر الجديدة، وفوجئ بشخص نزل من سيارة ميكروباص، واقتاده داخلها إلى قسم شرطة مصر الجديدة حيث مقر ضابط أمن الدولة "أحمد حازم" وهناك تم احتجازه قبل مداهمة ذات الضابط منزله دون إذن النيابة واستيلائه على الأوراق وجهاز الحاسب الآلى الخاصين به مع القبض على شقيقه "م.ف" - المحاسب - واقتياده إلى حيث يوجد أخيه دون إعلام ذويهما بمكان احتجازهما.

وقتها تقدمت شقيقة الشاكيين "م.م" - محامية - باستغاثة إلى النائب العام ووزير الداخلية دون جدوى وبعد محاولات مستميتة وصل إلى علم أسرتها بأنهما محتجزين بقسم شرطة ألماظة، والحقيقة أنهما كانا بمقر لأمن الدولة داخل السجن الحربى خلف القسم ورفض رجال الأمن السماح لأفراد أسرتهما بزيارتهما، مؤكدين أنهما رهن استجوابات عادية ونصحوهم بعدم أخبار أحد حتى لا يضارا فى عمليهما.

لم تتجاوز مدة احتجاز الشقيقين الـ4 أيام من 3 إلى 9 فبراير 2010 - لكنها بالنسبة لهما كانت تساوى أربعين عاما من شدة ما تعرضا له من تعذيب وإهانة لفظية وصعق بالكهرباء فى معظم مناطق جسديهما على أيدى وتحت إشراف الضابطين "أحمد حازم" و"سيف جلال" لإجبارهما على الاعتراف بالانتماء إلى جماعة إرهابية بينما كانت كل جريمتهما آنذاك أنهما ملتحيان.

بعد أربعة أيام أفرج الضابطان عنهما، وقالا لهما إن ما حدث معهما هو إجراءات عادية وعليهما نسيان هذه الفترة وألا يتحدثا عنها مع أحد إذا كانا لا يريدان العودة إلى هذا المكان ثانية، وبالفعل عادا إلى منزلهما وظلا أشهرا يواظبان على زيارة مكتب "أحمد حازم" للمتابعة الإجبارية حيث كان يوجه لهما أسئلة شخصية عادية.

عندما أطاحت الثورة بالنظام وجهاز أمن الدولة وجد الشقيقان الفرصة سانحة لنيل حقهما من المتهمين فتقدما ببلاغ إلى نيابة مصر الجديدة برئاسة المستشار إبراهيم صالح تمكنت - بعد محاولات مضنية من التوصل لهوية المتهمين وتبين أن اسميهما الحقيقيين "محمد.ر" و"أحمد.ع" وباستجوابهما أنكرا احتجاز أو تعذيب الشاكيين.

وعندما استمع عمر عبدالله وكيل نيابة مصر الجديدة إلى أقوال مامور قسم شرطة ألماظة فى القضية التى حملت رقم 2585 لسنة 2012 - أرشد عن اسم مجند بمقر أمن الدولة فى القسم كان شاهدا على وقائع التعذيب فاستدعته النيابة وأدلى باعترافات تفصيلية عن التعذيب تراجع عنها بعد تعرضه لضغوط من المتهمين.

وقال المجند "محمود.م" فى اعترافاته الأولية إن دوره كان قاصرا على إحضار المحتجزين من حجز أمن الدولة، و"يعصب" أعينهما قبل دخولهما على الضابط وأحيانا يقيدهما بواسطة قطع من القماش أو "فانلات" المحتجزين.

وبسؤاله عن سبب احتجاز الأشخاص بمقر أمن الدولة، أشار المجند إلى أنه كان يسمع بأنهم يفكرون فى السفر للحرب بفلسطين وباكستان وأشياء من هذا القبيل نافيا علمه بمن كان يضبط المتهمين لأن الحملات تتم ليلا لكنه عندما كان يسأل يرد عليه بأن سيف جلال وأحمد حازم هما من يقبضان عليهم.

وعن الوسائل التى كان يستخدمها الضباط أثناء استجواب المحتجزين قال "كانوا يبتدوا معاهم بالشتيمة بالأب والأم واحيانا يطلبوا منى الف فردتين سلك يكهربوا بيهم الناس" واستطرد "ساعات كانوا يطلبوا منى لف السلك حول أصبع المتهمين الصغير أو أصبع الأرجل الكبير ويوصلوا التيار".

وأكد أنه رأى المحاسب "م.ف" أحد الشقيقين الشاكيين - أثناء احتجازه بمقر أمن الدولة وبسؤاله عن تعرضه وشقيقه للتعذيب قال "طالما كانا محتجزين يبقى أكيد اتعذبوا" وعن إصابته بالأنفلونزا وقت احتجازه قال المجند إنه كان مريضا حتى إن مأمور القسم "المقدم شهاب" قال لى "فى واحد تعبان وبيموت" الضابط "أحمد.ع" طلب منى احضار دواء له من الخارج.

انصرف المجند من النيابة بعد الإدلاء بشهادته وبعد فترة عاد وتراجع عن أقواله بزعم أنه أدلى بها بعد تعرضه لضغوط من الشاكيين ومأمور قسم شرطة ألماظة لكن النيابة لم تأخذ بهذه الشهادة خاصة بعد ثبوت احتجاز الشقيقين دون حق أو سند قانونى.

لكن الفضيحة المدوية كانت فى محاولة وزارة الداخلية حماية المتهمين أثناء تحقيقات النيابة معهما بإشراف مصطفى خاطر المحامى العام الأول لنيابات شرق القاهرة حيث أرسل جهاز الأمن الوطنى إفادة للنيابة تؤكد احتجاز المجنى عليهما فى الفترة من 3 إلى 9 فبراير 2010 بسجن ألماظة العسكرى إثر صدور قرار من وزير الداخلية باعتقالهما لممارستهما بعض الأنشطة الضارة بالبلاد وأنه يتعذر إرسال صورة ضوئية للنيابة من قرار الاعتقال بسبب اقتحام الثوار لمقر أمن الدولة والاستيلاء على بعض مستندات وإتلاف أخرى، وفى إفادة ثانية - بعد شهر من الأولى وتحديدا فى يونيو الماضى - أرسل الجهاز خطابا إلى النيابة معنونا بـ"سرى للغاية" ذكر فيه أنه فى ضوء حالة الارتباك وعدم سيطرة القطاع على كامل قاعدة بياناته ومعلوماته تبين عقب إعادة الفحص عدم صدور أى قرارات اعتقال بشأن الشقيقين.

وبعد ثبوت إدانة الضابطين قررت النيابة إحالتهما إلى محكمة الجنايات بتهم التعذيب وهتك العرض واقتحام منزل دون إذن النيابة واحتجاز أشخاص دون وجه حق، ورفعت بالإحالة مذكرة إلى مكتب النائب العام، لكن المكتب الفنى للنائب العام قبل تظلم المتهمين وقرر إحالتهما إلى محكمة الجنح بدلا من الجنايات بعد أن استبعد تهمتى التعذيب وهتك العرض وأجلت محكمة جنح مصر الجديدة القضية إلى جلسة 26 نوفمبر الجارى لإعلان المتهمين بالدعوى المدنية المقامة ضدهما ويطالبهما فيها المجنى عليهما بتعويض مدنى مؤقت قدره ألف وواحد جنيه.
 
أعلى