انتشار الإسلام في الأندلس (1) جغرافية المكان.. والفتوحات الإسلامية

The Hero

الأســــــــــــــطورة

إنضم
Jun 29, 2008
المشاركات
20,104
مستوى التفاعل
69
المطرح
في ضحكة عيون حبيبي
رسايل :

شكرًا للأشواك علَّمتني الكثيرَ

كلمة «الأندلس» تعني شِبْهَ الجزيرة الإيبيرية (الأندلسية)؛ أي إسبانيا والبرتغال، حيث لم يكن للبرتغال وجود أيام الفتح الإسلامي للأندلس، وكانت البرتغال تمثل الجزء الغربي منها ونشأت بعد ذلك.

وأما مدلول مصطلح «الأندلس» (ANDALUSIA=Espana Musulmana, Muslim Spain) فهو يشمل كُلَّ شِبْه الجزيرة الإيبيريَّة؛ عبارة عن تدوير وتحوير لكلمة «فاندلسيا» Vandalusia أي: بلاد «الوَنْدال» Vandals، القوم الذين احتلوها لقرون قبل «القُوط» Goths, Godos، أي: قبل الفتح الإسلامي العظيم للأندلس بعدة قرون.

«ألفونسو» الثاني :

وكان ابتداء المراحل الأولى مِنْ تَكوُّنه بيد «ألفونسو» (ألفُنْش) الثاني Alfonso II ملك البرتغال، حفيد «ألفونسو إنريكث» Alfonso Enriquez ( أواخر 581هـ = 6/12/1185م)، مؤسس مملكة البرتغال ومحقق نشأتها، ابتداءً من سنة 564هـ (1168م)، الذي يُعْرَفُ في المصادر الأندلسية: «ابن الرِّيق، ابن الرَّنق، ابن الرَّنك»، يوصف بأنه صاحب قُلُمْرِية (قُلُمُورية) أو قُلُنْبريَة (قُلُنْبِيرة) Coimbra شَمال لِشْبُونَة Lisboa Lisbon(1). البحر الأخضر وتقع الأندلس (إسبانيا) جَنوبي القارة الأوروبية، بين البحر المتوسط شرقاً والمحيط الأطلسي غرباً، اللذَيْن يَلتقيان جَنُوبيّ الجزيرة الأندلسية في مضيق «جبل طارق» Gibraltar، الفاصل بين القارتين الأوروبية شَمالاً والأفريقية جَنوباً، الجزيرة الإيبيرية الأندلسية تَتَحاذَى شَمالاً مع فرنسا، تفصل بينهما جبالُ «البُرْت» Pyenees, Pirineos الباب والبوابة Gate= Puerta، جَمْعُها البُرْتات: الشاهقة الوَعْرة المُصْخِرة، البُرْتات كلمة لاتينية تعني: البَوَّابات (الدُّرُوب، المَعابِر)، تخترق تلك الجبالَ، بين إسبانيا وفرنسا.. البُرْتات: الأرض الوحيدة التي تلتحم بها هذه الجزيرةُ الأندلسية مع فرنسا جَنوباً (بلاد الغال = guale)، حيث ابتداءُ الأرض الكبيرة في عُرْف الجغرافيين الأندلسيين (Eng.The Vast Land, Esp. La Gran Tierra = Tierra Major, Lat. Tere Major(2).

وتُطِلّ هذه الجبالُ الشاهقةُ شرقاً على البحر المتوسط وغرباً على خليج «بَسْكَاي» (Bay of Biscay)، المعروف أندلسياً: البحر الأخضر. بلاط الشهداء وقد غَدَتْ هذه «الأرض الكبيرة» مَسْرَحاً للفتوحات الإسلامية الأندلسية العامرة بالبطولات والفِداء العجيب، عالي الاستجابة الإيمانية والإقدام والتسابق للاستشهاد، مِنْ قِمَمِها الجهادية الشهيرة وهي معركة «بَلاط الشهداء»، شعبان - رمضان 114هـ/ 732م.

دولة إسلامية جنوب فرنسا:

وقد قامت في جَنوب شرقي فرنسا حكومة (دولة) إسلامية عُرِفَتْ باسم «سِبتمانيا» Septimania (ذات المدن السَّبْع)، عاصمتُها مدينةُ أُرْبُونَة Narbonne(3)، استمرت هذه الدولة عقوداً من السنين، كانت قاعدةَ الفتوحات البارعة الفارعة الهادفة، ويبدو أن الإسلام انتشر هناك بين أهل تلك البلاد، حيث توافرت مدنٌ إسلامية كبيرة فيها، احتوت مساجدَ جامعة.

وصدر سنة 1965م كتاب باللغة الفرنسية، يقول مؤلفه مدير متاحف «أُربونة»: «إنه ما يزال حتى اليوم بقايا جِدار سُور مسجدها الجامع قائماً»(4).

الشهيد عقبة بن الحجاج :

وقد انتشر الإسلام فيما وراء جبال «البُرْت»، في أرض فرنسا، وقامت للمسلمين فيها سلطة في المنطقة الجَنوبية.. اتبع الولاة الفاتحون طُـرُقاً رائعة في دعوة الناس إلى الإسلام، ذلك أن الوالي الأندلسي الشهيد عُقْبة بن الحَجَّاج السَلولي، الذي استُشْهِد هناك (صفر 123هـ/ يناير 740م)، دخل من أهل تلك البلاد الإسلام على يديه، نحو ألفين، نساءً ورجالاً وأطفالاً، ومساحة شبه الجزيرة الإيبيرية الأندلسية تكاد تعدلُ إسبانيا والبرتغال نحو 600 ألف كيلومتر مربع.

أوروبا قبل الفتح الإسلامي وبعده :

وكانت أوروبا، ومنها إسبانيا، تعيش حياة بائسة الحال غائبة البال - قبل الفتح الإسلامي للأندلس وبعده - إسبانيا كذلك كانت حتى مَقْدم هذا الفتح الحضاري العظيم الذي رفع عن كاهل إسبانيا أولاً، ثم بقية أوروبا بعد انتقال جوانب من الحضارة الإسلامية إليها، كلّ عوامل التخلف والانحراف والهمجية، رغم القوة العسكرية التي تَدَرّعت بها.

وهكذا يفعل دوماً الخُلوُّ من القِيَم، حيث كانت تَحْيَا مُـتَـرَدِّيَـةً - باعتراف الكثير من مؤرخيها(5) - في همجية بالغة، حتى عصورها الوسطى المظلمة، لم تَفِق من ذلك وتتدارك حالَها إلا فقط بعد اتصالها بالعالم الإسلامي(6)، غدا ذلك بديهياً، أَمَّا بالنسبة لشِبْه الجزيرة الإيبيرية الأندلسية (إسبانيا والبرتغال اليوم)، كانت كذلك قبل الفتح الإسلامي لها، يؤيد هذا كثير ممن ألَّفَ فيه من الأوروبيين، الذين كتبوا عن هذا الموضوع(7).

وتقع هذه الجزيرة الإيبيرية جنوبي القارة الأوروبية، تفصل بينها وبين فرنسا شَمالاً جبالُ «البُرْت»، حيث تتصل الأندلس بالأرض الكبيرة(8)، وراء البُرْت، تقع الجزيرة جَنوباً على مضيق جبل طارق Gibraltar.

أيام الحياة الأندلسية :

- بعد الفتح بمدة - تكوّنت في الشريط الشَّمالي للجزيرة الإيبيريَّة الأندلسية مواقعُ نصرانية، نَمَتْ خلال قرون، بأقوامٍ ومساعدات مستمرة من وراء جبال «البُرت»، وبرعاية البابوية المترادفة، هكذا استمرت هذه الظروف الخارجية مع أخرى داخلية، حتى كانت النهاية المعروفة بعد قرون مِنَ المُواجَهَات.

وأشار شهود عِيان من الرحّالة المسلمين إلى العديد من البلدان الأوروبية - شرقيها وغربيها - أخبارٌ تتعَلَّق بوصفِ حالِ الناسِ هناك، حيث توافرت في هذه المصادر شروحٌ كثيرة ومعلومات وثيقة مهمة اعتمدها الأوروبيون ببالغ الاهتمام، واعتبروها كَنْزاً من المصادر التاريخية الأساس، لثقتهم بإتقان المسلمين وموثوقية كُتَّابِهم وأمانتهم(9)، وكُلُّها تُشِيرُ إلى الحياة المتخلفة في كل شيء، المتردية الخُلُق، بَعيدةً عن المعاني الإنسانية والحياة العلمية، ولو بالحد الأدنى، مما يُسْتَغْرَبُ أشَدَّ الاستغراب، لا يمكن تصديقُه. الإسلام.. طريق الحضارة إلى إسبانيا ولم تَعرف إسبانيا - ولا أوروبا جميعاً - أياً مِنْ مَعاني الحضارة الإنسانية، مِثْلَ الجِوار الأوروبي، إلا بعد مَقْدم الإسلام إليها، حَمَلَه أولئك الفاتحون الكرام البَرَرَة، ذلك وَحْدَهُ كان هدفَهم من المجيء إلى هذا البلد وغيره، مما يُشير دوماً ويُعرِّف طبيعةَ الفتح الإسلامي وهدفَه والقصدَ الوحيد له، فعلاً وعملاً وتطبيقاً..

التاريخُ خيرُ شاهدٍ:

يتبين ذلك في بعضٍ محتويات مضامين الحياة الأندلسية وحضارتها.

د / عبد الرحمن علي الحجي
 
أعلى