انتشار الإسلام في الأندلس (5) «المسالمة» وأبناؤهم عزَّزوا الوجود الإسلامي عدة قرون

The Hero

الأســــــــــــــطورة

إنضم
Jun 29, 2008
المشاركات
20,104
مستوى التفاعل
69
المطرح
في ضحكة عيون حبيبي
رسايل :

شكرًا للأشواك علَّمتني الكثيرَ

في العدد الماضي من دراسة «انتشار الإسلام في الأندلس»، تناولنا دور البربر في انتشار الإسلام، وكيف أن ذلك الشعب ضحى بالكثير من الأموال والأنفس في سبيل إعلاء كلمة الله على تلك الأراضي، والذين خرج منهم العلماء والفقهاء وكتَّاب الحديث، وكذلك المتبحرون في علوم الفلك وغيرها من العلوم. وهنا نتناول في الحلقة الخامسة دور المصاهرات مع أهالي تلك البلاد والتي عززت من الوجود الإسلامي في تلك البلاد، وكذلك إلقاء الضوء على تجارب ناصعة جاءت من رحم تلك المصاهرات. مصاهرات «المسالمة» فتلك المصاهرات مع أهل البلاد عززت الوجود الإسلامي هناك وهؤلاء عُرفوا بـ«الـمَـسـالـِمــة» أو المسلمون الأوائل، وأول قاضٍ أندلسي منهم منذ أيام الفتح الأولى، في ولاية عُـقْـبَـة بن الحَجَّاج السَّلولي الذي اسْـتُـشْـهِـدَ (121هـ/ 738م)، مجاهداً في الأرض الكبيرة جنوبي فرنسا.

فقد كان منهم مهدي بن مُسْلِم، الذي عينه الوالي عُقْبَةُ، قاضي الجماعة بقرطبة (قاضي القضاة) وربما نائباً عنه - في إدارة الأندلس - مدة ذهابه للجهاد، في أرض فرنسا، حيث اسْتُشْهِدَ هناك كما أُشِيرَ إليه، وهذا القاضي مهدي، وضع وثيقة القضاء التي اعتمدها القضاءُ الأندلسي: «كان من أهل العلم والورع والدين المتين»(1).

هذه الوثيقة غَدَتْ دُستوراً للقضاء في الأندلس، شبيهة برسالة الخليفة عمر بن الخطاب ] في القضاء التي أرسلها إلى أبي موسى الأشعري قاضي البصرة يومها.

زواج المسلمين بالنصرانيات :

وقد شاع موضوع زواج المسلمين حتى الجُدد منهم بالنصرانيات - كلهن أسلموا على ما يبدو - شاع ذلك حتى إن كثيراً من الأمراء والحكام والخلفاء وعموم المسؤولين ولدوا من هذه الزيجات وتزوجوا من هؤلاء. ويرد الآن مثل غريب عجيب مفاجئ يتعلق بالخليفة الأندلسي عبدالرحمن (الثالث) (350هـ/ 961م) بن محمد، الناصر لدين الله، وكان هذا الخليفة ابن جارية مسيحية (أَسلَمَت) من الشمال الإسباني اسمها «مُزْنَة».

وتَكْمُن الطرافةُ أن هذا الخليفةَ نفسه يَكُونُ ابنَ أخي ملكة مملكة «نَبَارّه طُوطَة» (349هـ/ 960م) وصية ابنها «غَرْسِيَه سَانْشِث الأول «I Garcia Sanchez على عرش «نَبارَّه» Navarre, Navarra، بذلك تكون عمتَه مِنْ جهة الأُمُومَة(2)، ذُكِرَتْ وِفادَتُها على الناصر سنة 347هـ/ 958م، مع ابنها هذا طُوطَة Toda، ملكة مملكة نَبارّه، وحفيدها «شَانْجُهْ» الأول السَّمين Sanco I, El Gordo. احتفى بهم الناصر واحتفل بمقدمهم واستقبلهم في القصر الخليفي في مدينة الزهراء في قاعة السفراء المسماة المجلس المُؤْنِس، وَدَّعها ووفدَها بالحَفاوَة.

علماء وقادة :

ومِنْ ثِمارِ حَرَكة المَسَالِمة هؤلاء ما أنجبوه من نسل - بنين وبنات - سُمّوا في البداية «المُوَلّدون»(3)، هذا يُبْطِلُ قَوْلَ مَنْ يقول بأن العرب المسلمين احتكروا كُلَّ المناصب دون غيرهم، لا يقول به - في أقل تقدير - إلا جاهل بالتاريخ الإسلامي، حيث المجتمع الإسلامي مجتمع عقيدة وشريعة والتزام، فلا يُعيَّن في المُهِمّات إلا مَنْ كان مُؤَهَّلاً لذلك. ومَنْ كان اسْمُهُ يَدُلّ على ذلك وبَقِيَ يُعْرَفُ به بعد إسلامه، مثل «قُومِس» Comes بن أَنْتُنْيَان أسلم بعد سنة 246هـ/ 860م، وُصِفَ أنه السَّجّاد العَبَّاد حمامة هذا المسجد مسجد قرطبة الجامع، ذُكِرَ له ابنٌ اسمُه عمر.

هذا يشير إلى أن الدخول في الإسلام كان مستمراً، وأنهم تمتعوا بكامل الحرية يُسْلِمون عند اقتناعهم الكامل، دون أَيَّ إغراء، كما يُلْحَظ من هؤلاء الذين أسلموا باختيارهم التام، ومن غيرهم جميعاً، أنهم كانوا بأعلى درجات الإخلاص، لذلك ترونهم بارعين مؤدين عاملين في عباداتهم والتزامهم بالمنهج وفقههم.

ويكاد يبدو أن الكُتّاب والدارسين والمؤرخين الأولين، لم يركزوا على ذكر كل مَنْ أسلم، ليقولوا مدونين عبارةً أو إشارة لهذا الأمر، حيث إما لكثرة الداخلين في الإسلام اقتناعاً به، أو الأغلب أن ذلك الأمر جِدُّ طبيعي، مما لا يَدعُوهم للتوقف عنده طويلاً، إلا إذا اقتضت الحالُ، هذا أمْرٌ وحالٌ ووَضْعٌ شامل، حتى إن من كان يأتي إلى الأندلس مقيماً نجده في الأغلب الأعم الأكثر أنه يُسْلِمُ بشكل طبيعي، نساءً ورجالاً وأطفالاً، بذلك لا يَجِدُ الدارسُ التفاصيلَ في هذا الموضوع، إنما تدلنا عليه الخبرة والتجربة والمقتضى اللازم للحديث.

وُيضافُ لذلك ما جرى من الاستدلال والاستعانة بطريقة جديدة استدعتْ جَرْدَ جميعَ كتبِ الأعلام الأندلسية، للبحث في تَراجِمِها من خلال النَسَب، للتعرف على مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أهل البلاد الأندلسية، حين ينتهي نَسَبُه إلى أصل نصراني أو يهودي أو غيره إن توافر.. وُجِدَ - الحمد لله تعالى - من ذلك الكثير، ويتبين منه أن أكثرية المسلمين في الأندلس - كثرة عالية متسعة - من أهل البلاد الأصليين، الذين اعتنقوا الإسلام أفراداً أو أُسراً أو جماعات، أذكر منهم مثلاً المؤرخ واللغوي والفقيه المعروف أبو بكر محمد بن عمر بن القُوطِيّة (367هـ/ 977م)، من أصل قُوطِي. مكانة علمية وكذلك بنو قُومِس وبنو لُبابة وآخرون، مِن هؤلاء مَن تميزوا بمكانتهم العلمية والفقهية والسياسية، تولوا زعاماتٍ متنوعة كالبَرْجَوْن الفقيه المُقدَّم.

ومن بعد بنو قومس يأتي بنو فُطَيْس الذين تولى منهم عبدُالرحمن بن فُطَيْس (403هـ/ 1012م)، قاضي الجماعة بقرطبة، حيث تزَوَّج تَمَّام بن عامر بن عَلْقَمة (283هـ/ 896م)، الذي تولى الوزارة للأمير محمد ابن عبدالرحمن الأوسط (273هـ/ 886م)، ولابنيه الأميرين المنذر (275هـ/ 888م)، وعبدالله (300هـ/ 912م)، تزوج تَمَّام من أُمَّ الوليد بنت خلف بن رومان النصرانية، التي لعلها أسلمت فيما بعد، كان من أحفادهما العلماء والوزراء والقضاة، تَزَوّج تَمَّام بن عامر هذا الوزيرُ أُمَّ الوليد بنتَ خَلَف بن رُومان النصرانية، فجاء مِنْ نسلها الوزيرُ الكاتبُ عيسى بن فُطَيْس، فتَمَّام جَدُّه لأُمِّه»، ثُمَّ جاء مِنْ نَسْلِهما أيضاً أبو المُطرِّف عبدالرحمن بن عيسى بن فُطَيْس (402هـ/ 1011م) المحدث المؤلف قاضي الجماعة بقرطبة (394 - 395هـ/ 1003 - 1004م)(4).
 

دموع الورد

رئيس وزارء البيلسان

إنضم
Dec 19, 2009
المشاركات
13,384
مستوى التفاعل
139
المطرح
هنْآگ حيثّ تقيأت موُآجعيّ بألوُآنْ آلطيفّ..
رسايل :

يااارب انا في قمة ضعي وفي عز احتياجي اليك فكن معي

يعطيك العافية :24:
 
أعلى