انواع بشر تتساقط من اعين بشر ومن قلوبهم

✿منى قلبي✿

بيلساني محترف

إنضم
Jan 18, 2010
المشاركات
2,656
مستوى التفاعل
36
المطرح
في بستان ورد منسية
رسايل :

شو واثق بحالو.. شو قلبو قوي قلبي من جمالو دايب مستوي كانت , صارت , كانت , صارت كانت قصة اعجاب صارت حب وعزاب تاري شيخ الشباب حبو بيكوي كوي ...


وجدتُني صباح ذات خميس أستيقظ باكرا... وبينما كنت أنظف قاعة الاستقبال وجدتُني دونما تدبير مسبق أفتح النافذة التي تطل على حديقة البيت.. فنظرت نظرة مختلفة إلى "شجرة التين"


*************

كانت السماء في ذانك الليل قد جادت على الأرض بالمطر الذي يغسلها.. من الغبار.. ومن خطايا البشر..

كان تراب الحديقة قد تحول إلى مسرحية من الطين.. ومن بقايا الأوراق المتساقطة... كما يتساقط البشر من أعين البشر ومن قلوب البشر.. كما تتساقط أحلامهم وأمانيهم.. و"أعمارهم"

****
لم تكن شجرة الحديقة هي شجرة التين الوحيدة في البيت.. فقد كانت جارتها الأكبر منها سنا وقدرا تقابلها في الفِناء.. حيث الظل يحيط المكان صيفا.. وحيث حبات التين العفنة تسّاقط فوق رؤوس البشر دونما إنذار.. وكذلك حيث الأوراق تتساقط في فصل الخريف...لكن شجرة الفِناء قد اغتصب منها حق الحرية الذاتية.. فاختلط التراب بالاسمنت.. أما شجرة الحديقة فقد كانت أرضها ترابا لا يخالطه بلاط.. وكانت أوراقها تتساقط بنعومة على حبات التراب الدافئة وكان ذلك ما "لفت انتباهي على غير العادة".


سرحت بعيني.. بل بخيالي.. في ذلك العالم الذي يسمى عالم الأشجار.. عالم الأوراق... ذلك العالم الذي يضرب ببطلته المثل في عدم القدرة على التحكم في الحياة....


****



إنها الورقة التي تترك قرار تحديد مصيرها للريح.. دونما اهتداء.. دونما قدرة على أن تقول لا.. "إنني أرغب في أن أستمر فوق الشجرة"...

هكذا تتخاذل الورقة بكل سهولة.. وتترك وظيفتها... وتترك مكانها دونما تشبث.. وورقة تلو الورقة.. تسّاقط .. فيتحول التراب إلى مسرح لحفلة "التساقط".. بل يغدو مسرحا لجريمة "التخاذل"...


وبنو البشر.. في لحظات قوتهم -أو هكذا يبدو لهم- يصرخ الواحد منهم مستنكرا وصفَه بالضعيف "أنا لست ورقة.. أنا لست ورقة خريف"!!!

****


ولقد مررت كثيرا بالآية الكريمة: ﴿وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا﴾ (سورة الأنعام - الآية 59)

آية عظيمة المعنى.. تذكرنا باسم الله المحصي.. آية تكمن عظمتها في تطييب خاطر الضعفاء الذين تضيع حقوقهم.. أن حقهم محفوظ عند الحي الذي لا يموت.. عند الذي أحصى كل شيء.. وتتجلى عظمتها في أنها تحذّر كل ظالم من أن يظلم خلقا من خلق الله.. ﴿لَّقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً﴾ (سورة مريم - الآية 93)


ولكنني اليوم نظرت للآية على غير ما اعتدت أن أنظر به إليها...


كيف يكرّم الله الورقة ويخلُد اسمُها في سورة مليئة بالمعجزات ثم يطلق بنو البشر اسم الورقة على كل ما يرادف الفوضى والتبعثر والانقياد والاستسلام؟؟!!!



****

وكأن الإنسان لا تكفيه أوزار ظلمه لأخيه الإنسان... وكأنه لا يكتفي بما له من رصيد المظالم من بني جلدته حتى يبحث عن المزيد من المظالم.. فيظلم بني الحيوان.. ويظلم بني النبات.. حتى الورقة في سقوطها!!!



...


رحت أتأمل في تلك الألوان التي ازدانت بها شجرة التين.. وبعيدا عن دروس علم النبات المعقدة.. رحت أستذكر ما شاء الله لي أن أستذكره مما درسته في علوم الطبيعة من دورة حياة النبات العجيبة.. تلك التي تزرع الحياة في رئات بني البشر وفي قلوبهم وعقولهم...


إن الأوراق لا تكتفي بأن تمدنا بالأوكسجين لتحيا أجسادنا.. بل تزدان بالألوان لتمتع أنظارنا.. وتمتد عظمتها إلى أبعد من ذلك فتعلمنا كيف تحيا أرواحنا...


عظيمة هي الأوراق.. عظيمة هي في جمالها...


عظيمة في عطائها اللا محدود.. عظيمة حتى في تساقطها!!!


في أثناء حياتها.. تتكرم بإطعام إخوانها الأغصان... وتتكرم على بني الإنسان والحيوان بالظل والثمار...


وحين تؤدي رسالتها في الحياة لا تتشبث بالأغصان كما يتشبث بنو الإنسان بمناصب الدنيا.. بل تسقط لتترك الفرصة للجيل القادم ليحيا بدوره حياة العطاء.. تسقط سقوطا عظيما يليق بعظمة حياتها.. تسقط لتختلط عناصرها بعناصر التراب فتشكل لحنا جديدا من العطاء..


لا تعرف هي الأنانية.. لا تعرف سوى العطاء السخي.. لا تعرف سوى الجود والكرم.. لا تعرف سوى العظمة..ولأجل تلك العظمة كان لها شرف أن تخلد.. فتحيا من جديد بعدما اختلطت العناصر القديمة بالعناصر الجديدة...


****

حبست دمعة وأنا أتأمل تلك الحياة الغامرة بروح النظام والرؤية الواضحة والعطاء اللا محدود



ولكنني لم أستطع أن أحبس دمعة أخرى زارتني حين كتبت هذه الأسطر.. ولعل الثانية ابنة الأولى...




هل لنا أن نتعلم من حياة الأوراق.. من نظام الأوراق.. من سحر الأوراق....



من عظمة الأوراق حتى في سقوطها؟؟!!!




اللهم اجعلنا من أولي الألباب





رآق لي






سؤالي للجميع هل تحب ان تكون كورقة الخريف ؟

 
أعلى