بين الثورة والثروة، المشهد بعد عامين على ثورة تونس

{*B*A*T*M*A*N*}

مشرف

إنضم
Sep 21, 2011
المشاركات
23,222
مستوى التفاعل
80
المطرح
دمشق
"عيشة مصر كيما تونس ..كيف كيف،" هكذا يقول عصام بائع الخضروات في "باب سويقة" أحد أبواب مدينة تونس العتيقة.
هو يرى أن الأوضاع الاقتصادية المتدهورة في مصر وتونس سواء، بالرغم من مرور سنتين على ثورتين طالبتا ببسط العدالة الاجتماعية. والسبب في رأيه الفساد وغياب الأمن.​
وعلى عربته التي تبعد أمتاراً عن زاوية "سيدي محرز" التي شهدت تظاهرات مناهضة للنظام السابق والحالي يقف عصام يومياً يبيع الخضروات ساعات طويلة. لم يفكر أن يشارك في التظاهرات القريبة منه التي كانت في جانب كبير منها اقتصادية، فهو يقول إنه مشغول بالسعي للإنفاق على أولاده الثلاثة والمنزل الذي يستأجره، حيث يحصل شهرياً على نحو 500 دينار أي ما يعادل 380 دولاراً، وهو ما اعتبره غير كاف.​
"رجعولنا ليلى والزين" أما جارته سوسن ذات الثلاثين عاماً بائعة الخضار والفاكهة فظلت تردد تلك الجملة خلال حديثي معها، حيث تقول إنها لم تشهد هكذا نقص في دخلها بسبب تراجع القدرة الشرائية نتيجة غلاء الأسعار حتى في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي على حد تعبيرها.. فهي تبيع البرتقال الآن بدينارين أي بزيادة قدرها 800 مليم تونسي عن الأشهر السابقة.​
على الجانب الآخر من جامع "سيدي محرز" يوجد السوق الذي ينتشر على جوانب أزقته بائعو الملابس والأحذية. على مدخله استقبلنا أحمد بابتسامته، وبألوان حلوى الزفاف الحمراء والبرتقالية والصفراء والخضراء التي يبيعها.​
وعلى خلاف عصام وسوسن، بدا أحمد متفائلاً بما حققته الثورة التونسية بعد عامين على اندلاعها، ويقول إنه لم يتأثر كثيراً اقتصادياً، لأن مواسم حفلات الزفاف التي يعتمد عليها لم تتغير ولم تقل.​
على طول السوق الضيق تختلط روائح العطور مع البهارات التونسية، وتمتزج أصوات الباعة في النداء على بضاعتهم مع المشترين حين يحاول بعضهم الشراء بأسعار أقل.​
وعلى امتداده تجد "السوق الجديد" وشكله لم يختلف كثيراً عن سوق محرز، وإن كان يهتم أكثر قليلاً بمقتنيات النساء. فهذا البائع للعطور النسائية يقف عند طرف السوق ينادي "بدينار" للترويج لبضاعته على أنها رخيصة ومع ذلك لم يلق اقبالا كبيراً، وهذا آخر يبيع الحلي على عربة وسط السوق تمتد أيادي النساء تبحث في حليه ولا تشتري إلا القليل.​
على الناحية الأخرى تماثيل بلاستيكية تحمل تشكلات لملابس نسائية داخلية. عنده تقف سيدة وابنتها حوالي عشر دقائق تحاولان الوصول إلى أسعار مخفضة لما تريدان شراءه ثم تمضيان دون شراء أي شيء. وتتحدث سيدة أخرى عن أنها قد تلجأ لسوق الملابس المستعملة لشراء حاجاتها وأولادها في ظل غلاء الأسعار حالياً.​
خارج السوق، يجلس رجل عجوز في الشارع بحقائب بلاستيكية تقليدية الصنع في تونس ومعروفة باسم "القفة". يقول إنه يعيش في حي فقير.. لم يشكو غلاء الأسعار أو تراجع القدرة الشرائية بقدر ما شكا من قطاع الرعاية الصحية بتونس الذي لا يوفر له العلاج. ثم أمسك بركبته وقال إنه لم يعد يستطيع الإنفاق على أولاده الذين اضطروا للخروج من المدارس ليساعدوه في الحصول على لقمة العيش.سيدي بو سعيد
"أنا حزب سياحي".. همه الأساسي بعد عامين على الثورة ليس السياسة وإنما إنعاش قطاع السياحة.​
منوبي الدرديري صاحب متجر لبيع المشغولات اليدوية التقليدية في ضاحية "سيدي بو سعيد" السياحية يقول إن أعداد السائحين الذين يزورون تلك المدنية التي تبعد 18 كيلومترا عن العاصمة انخفضت بعد الثورة بسبب الاعتصامات والإضرابات التي تشهدها البلاد مؤخراً.​
ووسط القطع الفنية التي يبيعها، يجلس الدرديري ينتظر الزبائن من السائحين، الذين يقول إن جنسياتهم تغيرت كذلك بسبب الاضطرابات الأمنية.​
أمامه وعلى بعد أمتار قليلة يجلس رضوان يبيع الحلي النسائية. وعلى خلاف منوبي، بدا رضوان متفائلاً بالأوضاع الأمنية وبأن قطاع السياحة سيتحسن إذا أعطيت الحكومة الفرصة لذلك، معتبراً أن المخاوف الأمنية هي "هواجس إعلامية".​
وقفنا هناك لنطالع المشهد من ضاحية "سيدي بوسعيد" التى ترتفع أكثر من مائة وعشرين متراً عن سطح البحر.. وعلى مد البصر ترى البيوت والمحال والمقاهي ملونة باللونين الأبيض والأزرق في لوحة فنية قليلا ما تراها العين.​
مها الجمل​
موفدة بي بي سي إلى تونس​
ويعتبر قطاع السياحة من اهم قطاعات الدخل القومي ضمن الاقتصاد التونسي، وتحديداً مناطق الساحل الشرقي للبلاد كسوسة وجربة، فضلاً عن العاصمة.
 
أعلى