عمر رزوق
بيلساني مجند
- إنضم
- Nov 12, 2008
- المشاركات
- 1,395
- مستوى التفاعل
- 45
تجاذب و تنافر
ترى الإنسان مركز كبير للتنافر والتجاذب , فمن ناحية يجذبه القمر إليه وتأبى الأرض إلا أن يبقى عليها , فتجذبه هي الأخرى مسمّرة إياه عليها , أو أن جسم الإنسان عبارة عن مغناطيس , اجتمع به قطبين , سالب على سالب فوقع التنافر , قد أكون مخطئا فيكون السبب هو الخوف والارتعاب الذي يعيش في القلوب ويتجمل بعيون الشباب . إني أبحث عن السبب لوقوف شعر الشباب وانزلاق البنطال بنفس الوقت والأوان , هل جاذبية القمر تشد الشعر للأعلى وجاذبية الأرض تسحّل البنطلون للأسفل ؟ أم الخوف الذي يوقّف الشعر ويقشط البنطلون ؟ يحتمل الوجهين !
عندما أسير في الأماكن العامة بكل أشكالها وتنوعاتها , تعتريني رغبة ملحة لمساعدة الشباب لرفع الكثير من بناطيلهم وتقعيد شعورهم , وأظل أراقب تلك البناطيل خشية أن تقع عن خاصرة كثير منهم .
إن صرخة الموضة مدوية , فلا يرتاعنَّ أحد من جيلي أو الجيل الذي يكبرني , حينما يرى شابا يسير ويكاد بنطاله ويوشك أن يقع على الأرض , أو أن شعره وقف من خوف أو رعب , فالموضة تقتضي ذلك بل أكثر , فلا تقلق وتضطرب .
لكل شئ أسبابه وأشراطه , كذلك لبس الشاب المتحذلق للبنطال المتزحلق , ومن أهم شروط لبسه, ظهور الملابس الداخلية , ولذلك تجد وترى كما حدائق متعددة الألوان في خلفيات الشباب , فكل شاب يختار من الملابس الداخلية الفاقع لونها ليظهره أكثر تمشيا مع الموضة على أرض الواقع , من غير وازع أو رادع , وبالطبع استجاب البائعون لهذه الموضة ومتطلباتها , وغدا البحث عن البنطال الذي يقف عند الحدود العليا للحوض ,من المهمات الشاقة التي لا تخلو من تعب ولا نصب . كذلك " تجليل " الشعر فإنك تحتاج لمهارات خاصة وخبرات مميزة , وبدون الإبداع لن تستطيع أن تجعل مظهر شعرك لافتا للنظر, وليس مهماً الوقت الذي تحتاجه لتنفيذ المهمة وتحقيق الهدف , فإن لدينا من الوقت الكثير وعملنا ليس بالعسير . إن صرعة البنطال السائب أو المحلول أول ما ظهرت في سجون ( النقر ) الأمريكية وعُرفت هناك باسم ثوق Thug وخرجت للشارع كفعل مرفوض وتصرف مردود , إلا أن مروجي الموضة اقتنصوا هذا الفعل المرفوض ورأوا به فرصة للكسب والنهب فحوّلوه إلى موضة وصرعة يتهافت عليها شباب العالم , وفي البداية كانت هذه الموضة مقتصرة على الرجال , إلا أن الدعوة " للمساواة بين الرجل والمرأة " تبعتها دعوة لتوحيد الزيّ بين الرجل والمرأة فجعلت الفتيات يسرعنَ للاقتداء بالشباب والمنافسة على ارتداء البنطال المسلوت أو المُلَوْسَت أو ما يعرف ب " لوو وست " ( الخصر المنخفض ) .
إن ما يزعج بالموضوع , تقبُّل صرعات الموضة من غير الوقوف والتحقق من دلالات تلك الموضة وعمقها الثقافي , مما يجعل فاعليها محل التندّر أو الشك , والأمر المزعج الآخر هو تعميم تلك الموضة حتى أن كثيراً ممن يفعلونها يتحولون إلى أضحوكة مكتومة بين الناس , ففي الأماكن العامة تجد هذه الموضة معممة بشكل يدعو للرثاء خاصة من قِبل أولئك الذين لا يحملون جمالا جسميا يمكّنهم من ارتداء مثل هذه البناطيل فيتحوّل من ( صاحب صرعة ) لضحكة تجري على الأفواه , وهناك فتيات ممن لحقنَ بهذه الموضة ولم تكن أجسادهن رحيمة بهن حيث تظهر عيوب أجسادهن بشكل قد يكون مسببا للضحك أو مثيرا للشفقة , فبدلا من انسلال البنطال على خصرها , تجد أن شحومها ألقيت على قارعة الطريق لتكون نكتة دسمة سمجة لكلاب السكك , أنا لا أخشى مثل هذه الصرعات والموديلات , لأنها تأتي وتمضي فكل جيل يستنكر على الجيل الذي يأتي بعده ما يفعله بنفسه , وكما قلت فإن مروجي صرعات الموضة لا يكتفون ولا يقفون عند مرحلة , وإنما على الشاب أن يختار الموضة التي لا تحوّله إلى بؤرة شك أو نكتة على ألسنة المشاهدين .
يا شباب قبل أن تتبعوا الموضة اعرفوا مصدرها ومعناها .
كفانا ترديد وتقليد دون وعي وتفكير
كفانا ترديد وتقليد دون وعي وتفكير
عمر رزوق
أبوسنان
عكا
الجليل